كتاب العدد
كتاب العدد
ِ وَيُتَوَجَّهُ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا إذَا كَانَ الْحُرُّ يَلِيهَا أَنْ لَا تَجِبَ الْأَقْرَاءُ فَإِنَّ تَكْمِيلَ الْقُرُوءِ مِنْ الْأَمَةِ إنَّمَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ فَيُؤْخَذُ لِلْمُعْتَقِ
بَعْضُهَا بِحِسَابِ الْأَصْلِ وَيُكَمَّلُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِذَا ادَّعَتْ الْمُعْتَدَّةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْوِلَادَةِ قُبِلَ قَوْلِهَا إذَا كَانَ مُمْكِنًا إلَّا أَنْ تَدَّعِيَهُ بِالْحَيْضِ فِي شَهْرٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَبِلَهُ الْخِرَقِيِّ مُطْلَقًا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ أَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ مَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ كُلِّفَتْ الْبَيِّنَةَ وَإِذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِحَيْضِهَا فَقَالَتْ حِضْت فَإِنَّ التُّهْمَةَ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْعِدَّةِ كَالتُّهْمَةِ فِي الْخَلَاصِ مِنْ النِّكَاحِ فَيُتَوَجَّهُ أَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كُلِّفَتْ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ بِالْوِلَادَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ
ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْوِلَادَةِ وَفِيهَا وَجْهَانِ وَإِذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى الْعِدَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الَّتِي فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ عَدْلًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا فَلَمَّا حَضَرَ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ مُدَّةِ كَذَا وَكَذَا.
فَهَلْ الْعِدَّةُ حِينَ بَلَغَهَا الْخَبَرُ إذْ لَمْ تَقُمْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ؟ كَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ هُوَ الثَّانِي.
وَالصَّوَابُ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَهُوَ أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا ثُمَّ إذَا قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ مَهْرِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يُعْتَبَرُ
الْحَاكِمُ فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ تَزَوَّجَتْ بِلَا حُكْمٍ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكُنْت أَقُولُ إنَّ هَذَا شَبَهُ اللُّقَطَةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَقِيلٍ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَمِثْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَجْهُولَ فِي الشَّرْعِ كَالْمَعْدُومِ وَإِذَا عُلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ التَّصَرُّفُ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِهِ وَوَقْفُ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ عَلَى إذْنِهِ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ عِنْدَنَا بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا يَجُوزُ
التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ لِصَاحِبِهَا فَإِذَا جَاءَ الْمَالِكُ كَانَ تَصَرُّفُ الْمُلْتَقِطِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ وَكَانَ تَرَبُّصُ أَرْبَعِ سِنِينَ كَالْحَوْلِ فِي اللُّقَطَةِ وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ صُورَةٍ فُرِّقَ فِيهَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ بِسَبَبٍ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ثُمَّ تَبَيَّنَ انْتِفَاءُ ذَلِكَ السَّبَبِ فَهُوَ شَبِيهُ الْمَفْقُودِ، وَالتَّخْيِيرُ فِيهِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَهْرِ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ.
وَلَوْ ظَنَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَنَّتْ مَوْتَهُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا كَتَمَتْ الزَّوْجَ فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ حَتَّى دَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَهُنَا الزَّوْجَانِ مَشْهُورَانِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لَكِنْ إذَا اعْتَقَدَتْ جَوَازَ ذَلِكَ بِأَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ حَقِّهَا أَوْ مُفَرِّطٌ فِيهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْفَسْخُ وَالتَّزْوِيجُ بِغَيْرِهِ فَتُشْبِهُ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَتْ
التَّحْرِيمَ فَهِيَ زَانِيَةٌ لَكِنَّ الْمُتَزَوِّجَ بِهَا كَالْمُتَزَوِّجِ بِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَكَأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَهُ وَإِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ امْرَأَتَيْهِ مُبْهَمَةً وَمَاتَ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ فَأَحَدُهُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْأُخْرَى عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَالْأَظْهَرُ هُنَا وُجُوبُ الْعِدَّتَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْوَاجِبُ أَنَّ الشُّبْهَةَ إنْ كَانَتْ شُبْهَةَ نِكَاحٍ فَتَعْتَدُّ الْمَوْطُوءَةُ عِدَّةَ الْمُزَوَّجَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً
وَإِنْ كَانَتْ شُبْهَةَ مِلْكٍ فَعِدَّةُ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ، وَأَمَّا الزِّنَا فَالْعِبْرَةُ بِالْمَحَلِّ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ وَتَعْتَدُّ الْمَزْنِيُّ بِهَا بِحَيْضَةٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمُخْتَلِعَةُ يَكْفِيهَا الِاعْتِدَادُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَغَيْرِهِ وَالْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا كَذَلِكَ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ
وَاحِدَةٌ.
قُلْت: عَلَّقَ أَبُو الْعَبَّاسِ مِنْ " الْفَوَائِدِ " بِذَلِكَ عَنْ ابْنِ اللَّبَّانِ وَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ عَوْدِهِ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ وَالْمُطَلَّقَةُ الْبَائِنُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا إنْ شَاءَ أَسْكَنَهَا فِي مَسْكَنِهِ وَغَيْرِهِ إنْ صَلُحَ لَهَا وَلَا مَحْذُورَ تَحْصِينًا لِمَائِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا
يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ نَفَقَتُهَا إنْ قُلْنَا بِالنَّفَقَةِ لَهَا إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَنْزِلٍ يَلِيقُ بِهَا تَحْصِينًا لِمَائِهِ فَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.