كتاب الذكاة

كتاب الذكاة

كتاب الذكاة
ِ وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُذَكِّي الْأَكْلَ بَلْ قَصَدَ مُجَرَّدَ حِلِّ مَيْتَةٍ لَمْ تُبَحْ الذَّبِيحَةُ وَمَا أَصَابَهُ بِسَبَبِ الْمَوْتِ كَأَكِيلَةِ السَّبْعِ وَنَحْوِهَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَّقِيَ مَوْتَهَا بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ أَنْ يَبْقَى مُعْظَمَ الْيَوْمِ أَوْ أَنْ يَبْقَى فِيهَا حَيَاةً بِقَدْرِ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ حَيَاتِهِ أَوْ يُمْكِنُ أَنْ يَزِيدَ؛ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مَتَى ذُبِحَ فَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ الْأَحْمَرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْمُذَكَّى الْمَذْبُوحِ فِي الْعَادَةِ لَيْسَ هُوَ دَمَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. وَتُقْطَعُ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَالْوَدَجَانِ، وَالْأَقْوَى أَنَّ قَطْعَ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ يُبِيحُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا الْحُلْقُومُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ قَطْعَ الْوَدَجَيْنِ أَبْلُغُ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَأَبْلُغُ مِنْ إنْهَارِ الدَّمِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ هُمْ مَنْ كَانَ أَبُوهُ وَأَجْدَادُهُ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ بَلْ الْمَقْطُوعُ بِهِ بِأَنَّ كَوْنَ الرَّجُلِ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ هُوَ حُكْمٌ يَسْتَفِيدُهُ بِنَفْسِهِ لَا بِنَسَبِهِ فَكُلُّ مَنْ تَدَيَّنَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ قَدْ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُهُ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْ أَحْمَدَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ الثَّابِتُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ قَدِيمٌ وَالْمَأْخَذُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي تَحْرِيمِ ذَبَائِحِ بَنِي تَغْلِبَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَدَيَّنُوا بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي وَاجِبَاتِهِمْ وَمَحْظُورَاتِهِمْ بَلْ أَخَذُوا مِنْهُمْ حِلَّ الْمُحَرَّمَاتِ فَقَطْ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ إنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ لَا أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّ آبَاءَهُمْ دَخَلُوا فِي دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، فَإِذَا شَكَكْنَا فِيهِمْ هَلْ كَانَ أَجْدَادُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَمْ لَا، فَأَخَذْنَا بِالِاحْتِيَاطِ فَحَقَنَّا دِمَاءَهُمْ بِالْجِزْيَةِ وَحَرَّمْنَا ذَبِيحَتَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ احْتِيَاطًا. وَهَذَا مَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةِ وَإِذَا ذَبَحَتْهُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ» . وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِحْسَانَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَتَّى فِي إزْهَاقِ النَّفْسِ نَاطِقِهَا وَبَهِيمِهَا فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُحْسِنَ الْقِتْلَةَ لِلْآدَمِيِّينَ وَالذَّبِيحَةَ لِلْبَهَائِمِ وَيَحْرُمُ مَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ لِعِيدِهِ أَوْ لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى شَيْءٍ يُعَظِّمُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَالذَّبِيحِ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَذَلِكَ أَمْرٌ قَطْعِيٌّ.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0