المسلك الخامس قال الله بعد الطلاق مرتان وبعد الخلع فان طلقها

المسلك الخامس قال الله بعد الطلاق مرتان وبعد الخلع فان طلقها

المسلك الخامس قال الله بعد الطلاق مرتان وبعد الخلع فان طلقها
الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ وَبَعْدَ ذِكْرِ الْخُلْعِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: 230] ، وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُتْعَةِ لَيْسَ بِنِكَاحٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ الْمُحَلِّلُ وَالْمُتَمَتِّعُ بِزَوْجٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي اللُّغَةِ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ عَلَى أَتَمِّ الْوُجُوهِ، فَإِنْ كَانَ اجْتِمَاعًا بِالْأَبْدَانِ فَهُوَ الْإِيلَاجُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ غَايَةٌ فِي اجْتِمَاعِ الْبَدَنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ اجْتِمَاعًا بِالْعُقُودِ فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ وَاللُّزُومِ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ اسْتَنْكَحَهُ الْمَذْيُ إذَا لَازَمَهُ وَدَاوَمَهُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَةِ وَكَانَ يُبِيحُهَا أَنِكَاحٌ هِيَ أَمْ سِفَاحٌ فَقَالَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ وَلَا سِفَاحٍ وَلَكِنَّهَا مُتْعَةٌ، فَأَخْبَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ لِمَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهَا الدَّوَامَ وَاللُّزُومَ. وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ يَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ النِّكَاحِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْعَقْدِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا كَانَ يَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْوَطْءِ وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ نَسَخَ الْمُتْعَةَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَمْتِعُ الَّذِي لَهُ قَصْدٌ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا إلَى أَجَلٍ لَيْسَ بِنَاكِحٍ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ دَوَامَ الِاسْتِمْتَاعِ وَلُزُومَهُ، فَالْمُحَلِّلُ الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ نَاكِحًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا نَكَحْت أَوْ تَزَوَّجْت وَهُوَ يَقْصِدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ سَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا غَرَضٌ أَنْ تَدُومَ مَعَهُ وَلَا تَبْقَى، كَذِبٌ مِنْهُ وَخِدَاعٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْوَلِيِّ لَهُ زَوَّجْتُك أَوْ أَنْكَحْتُك وَقَدْ شَارَطَهُ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا إذَا وَطِئَهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ سُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ، ذَلِكَ السِّفَاحُ لَوْ أَدْرَكَكُمْ عُمَرُ لَنَكَّلَ بِكُمْ، وَقَالَ لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، إذَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمَا أَرَادَا أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ لَوْ أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتهمَا، وَبَيَّنَ هَذَا أَنَّ الزَّوْجَ الْمُطَلِّقَ فِي الْخِطَابِ إنَّمَا يُعْقَلُ مِنْهُ الرَّجُلُ الَّذِي يَقْصِدُ مَقَامَهُ وَدَوَامَهُ مَعَ الْمَرْأَةِ، بِحَيْثُ نَرْضَى مُصَاهَرَتَهُ وَتُعْتَبَرُ كَفَاءَتُهُ وَتُطِيقُ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا أَنْ يَمْلِكَهَا، وَهَذَا الْمُحَلِّلُ الَّذِي جِيءَ بِهِ لِلتَّحْلِيلِ لَيْسَ بِزَوْجٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَيْسٌ اُسْتُعِيرَ لِضِرَابِهِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَلِمَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَهُ زَوْجًا فَإِذَا أَظْهَرُوا فِي الْعَقْدِ قَوْلَهُمْ زَوَّجْنَاك وَأَنْكَحْنَاك وَهُمْ غَيْرُ رَاضِينَ بِكَوْنِهِ زَوْجًا. كَانَ هَذَا خِدَاعًا وَاسْتِهْزَاءً بِآيَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. يُؤَيِّدُ هَذَا: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَالنِّكَاحُ الْمَفْهُومُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْخِطَابِ إنَّمَا هُوَ نِكَاحُ الرَّغْبَةِ، لَا يَعْقِلُونَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا هَذَا، وَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ لِابْنِهِ اذْهَبْ فَانْكِحْ فَصَارَ مُحَلِّلًا لَعَدَّهُ أَهْلُ الْعُرْفِ غَيْرَ مُمْتَثِلٍ لِأَمْرِ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى مَا دُونَ هَذَا نِكَاحًا بِالتَّقْيِيدِ، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ كَمَا يُقَالُ بَيْعُ الْخَمْرِ وَبَيْعُ الْخِنْزِيرِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ اللَّفْظِ وَمَا يَقْتَضِيهِ مَعَ التَّقْيِيدِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ قَالَ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: 230] ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ كُلَّ مَا يُسَمَّى نِكَاحًا مَعَ الْإِطْلَاقِ أَوْ التَّقْيِيدِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ نِكَاحُ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي عُرْفِ الْمُسْلِمِينَ. يُقَوِّي هَذَا: أَنَّ التَّحْرِيمَ قَبْلَ هَذَا النِّكَاحِ ثَابِتٌ بِلَا رَيْبٍ، وَنِكَاحُ الرَّغْبَةِ رَافِعٌ لِهَذَا التَّحْرِيمِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ فَلَمْ نَعْلَمْهُ مُرَادًا مِنْ هَذَا الْخِطَابِ وَلَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَيَبْقَى التَّحْرِيمُ ثَابِتًا حَتَّى يَقُولَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ نِكَاحٌ مُبَاحٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَذْكُرَ نَصًّا يُحِلُّ هَذَا النِّكَاحَ، وَلَمْ يَثْبُتْ دُخُولُهُ فِي اسْمِ النِّكَاحِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يُمْكِنُ حِلُّهُ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حِلِّ نِكَاحِ الرَّغْبَةِ حِلُّ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ، كَمَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ الرَّاغِبَ مُرِيدٌ لِلنِّكَاحِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُبَاحَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُحَلِّلُ فَلَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي النِّكَاحِ، وَلَا إرَادَةٌ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُبَاحَ لَهُ مَا لَا رَغْبَةَ لَهُ فِيهِ، إذْ الْإِرَادَةُ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ الشَّيْءِ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، أَوْ لِمَنْ هُوَ فِي مَظِنَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ إبَاحَتُهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا إرَادَةَ لَهُ، وَلَا قَصْدَ فِي ذَلِكَ، بَلْ هُوَ رَاغِبٌ عَنْهُ زَاهِدٌ فِيهِ، لَوْلَا تَطْلِيقُ ذَلِكَ الْمُطَلِّقِ الْأَوَّلِ وَإِعَادَتُهَا إلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي أَنْ يَنْكِحَ، وَحِلُّ الْمَرْأَةِ لِلْمُطَلِّقِ الْأَوَّلِ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى يَقُولَ هَذِهِ حَاجَةٌ لِلنَّاكِحِ، وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ هُنَا لِلْمُطَلِّقِ، وَذَلِكَ قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ هَذَا، ثُمَّ إنَّ تِلْكَ الْحَاجَةَ لَا تَحْصُلُ بِالنِّكَاحِ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِرَفْعِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِي النِّكَاحِ وَلَا فِيمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ زَائِلٍ، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ نِكَاحٌ زَائِلٌ، وَالنِّكَاحُ لَيْسَ مِمَّا يُقْصَدُ بِعَقْدِهِ الِانْتِفَاعُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ كَعَقْدِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا مَنْفَعَتُهُ مَنُوطَةٌ بِوُجُودِهِ فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إلَّا أَنْ يُزِيلَهُ لِمَنْفَعَةِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ عَاقِدًا لِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ، فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ لِمَقَاصِدِهِ أَوْ بَعْضِهَا. يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا هُوَ مَحْظُورٌ فِي الْأَصْلِ لَا يُبَاحُ مِنْهُ إلَّا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ، كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الْقَتْلِ مُحَرَّمٌ وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِثْلُهُ لِمَنْفَعَةِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا قُتِلَ لَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَانَ ذَلِكَ الْقَتْلُ مُحَرَّمًا، وَكَذَلِكَ الْإِبْضَاعُ حَرَامٌ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأُبِيحَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لِلِانْتِفَاعِ بِمَقَاصِدِ النِّكَاحِ وَالنَّفْعِ بِهَا فَإِذَا عَقَدَ لِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَبَثًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَصَدَ بِهَذَا تَحْلِيلَهَا لِمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ التَّحْلِيلَ فَرْعٌ لِزَوَالِ النِّكَاحِ، وَزَوَالَ النِّكَاحِ فَرْعٌ لِحُصُولِ النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحَ فَرْعٌ لِإِرَادَةِ مَقَاصِدِهِ، فَإِذَا جَعَلَ مَقْصُودَهُ التَّحْلِيلَ الَّذِي هُوَ فَرْعُ فَرْعِهِ صَارَ فَرْعُ فَرْعِ الْفَرْعِيِّ أَصْلًا، وَصَارَ هَذَا كَرَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَتَّى تُذْبَحَ هَذِهِ الشَّاةُ، أَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى تُذْبَحَ هَذِهِ الشَّاةُ، فَقَامَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَذَبَحَهَا لِغَيْرِ الْأَكْلِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا التَّذْكِيَةَ الْمُبِيحَةَ لِلَّحْمِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ مُجَرَّدَ حَلِّ الْيَمِينِ، فَإِنَّ هَذَا الذَّبْحَ لَا يُبِيحُ اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ إنَّمَا أَبَاحَهُ الشَّارِعُ لِمَقْصُودِ حِلِّ اللَّحْمِ، ثُمَّ قَدْ يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ حِلُّ يَمِينٍ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ لَمْ يَثْبُتْ الْحِلُّ بِحَالٍ وَإِنْ قُصِدَ شَيْءٌ آخَرُ كَذَلِكَ هَذَا النِّكَاحُ لَهُ مَقْصُودٌ فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ كَانَ الْفَرْجُ حَرَامًا وَإِنْ قُصِدَ بِاسْتِحْلَالِ الْفَرْجِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ سَوَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الْفُرُوجِ وَالذَّبَائِحِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة: 5] . وَكَذَلِكَ سَوَّتْ السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ الْقَدِيمُ بَيْنَهُمَا فِي تَحْرِيمِهِمَا مِنْ الْمَجُوسِ وَنَحْوِهِمْ، وَفِي الِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا إذَا اشْتَبَهَ مُبَاحُ أَحَدِهِمَا بِمَحْظُورِهِ أَوْ اشْتَبَهَ السَّبَبُ الْمُبِيحُ بِغَيْرِهِ، أَوْ اخْتَلَطَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ، بَلْ مَسْأَلَةُ التَّحْلِيلِ أَقْبَحُ مِنْ هَذَا فَإِنَّ الذَّبَائِحَ هُنَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْصِدَ الذَّبْحَ الْمَشْرُوعَ، وَيَحْصُلُ فِي ضِمْنِهِ حَلُّ الْيَمِينِ، وَحَيْثُ لَمْ تُقْصَدْ التَّذْكِيَةُ الْمُبِيحَةُ فَلَمْ يَقْصِدْ بِالذَّبْحِ أَنْ يُزِيلَ التَّذْكِيَةَ بَعْدَ هَذَا، وَالْمُحَلِّلُ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ، بَلْ قَصَدَ رَفْعَ النِّكَاحِ وَإِزَالَتَهُ. يُقَرِّرُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَطْلَقَ النِّكَاحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنُ مُرَادَهُ بِأَنَّ النِّكَاحَ التَّامَّ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ، وَهُوَ الْجِمَاعُ الْمُتَضَمِّنُ ذَوْقَ الْعُسَيْلَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِمُجَرَّدِ مَا يُسَمَّى نِكَاحًا مَعَ التَّقْيِيدِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا هُوَ النِّكَاحُ الْمَعْرُوفُ، الَّذِي يُفْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ نِكَاحُ الرَّغْبَةِ الْمُتَضَمِّنِ ذَوْقَ الْعُسَيْلَةِ، وَهَذَا بَيِّنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنِكَاحٍ ثَبَتَ أَنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ حَرَامٌ إلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَثَبَتَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْمُطَلِّقِ إذْ اللَّهُ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0