الوجه الرابع والاربعون انك اعتمدت في كون الكلام معنى واحدا قديما
الوجه الرابع والاربعون انك اعتمدت في كون الكلام معنى واحدا قديما
عَلَى قِيَاسِهِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فَلَمَّا قِيلَ لَك كَيْفَ يُعْقَلُ كَلَامٌ وَاحِدٌ يَجْمَعُ أَوْصَافًا مُخْتَلِفَةً حَتَّى يَكُونَ أَمْرًا وَنَهْيًا، خَبَرًا وَاسْتِخْبَارًا، وَعْدًا
وَوَعِيدًا قُلْت يُعْقَلُ ذَلِكَ بِالدَّلِيلِ الْمُوجِبِ لِقِدَمِهِ الْمَانِعِ مِنْ كَوْنِهِ مُتَغَايِرًا مُخْتَلِفًا عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ كَمَا يُعْقَلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِذِي أَبْعَاضٍ وَلَا أَجْزَاءٍ وَلَا آلَاتٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْقَلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا يَتَجَزَّأُ فِي الْمُحْدَثَاتِ فَقَوْلُك كَمَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ مُتَكَلِّمٌ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي
الْمُحْدَثَاتِ أَيْ كَمَا يُعْقَلُ هَذَا فِي الْمَوْصُوفِ فَلْيُعْقَلْ فِي صِفَتِهِ ذَلِكَ فَيُقَالُ لَك لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الْحَقُّ قَدْ دَلَّ عَلَى هَذِهِ الْوَحْدَةِ الَّتِي أَثْبَتَهَا لِلْمُتَكَلِّمِ أَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا كُنْت قَائِسًا لِدَعْوَى عَلَى دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ وَكَانَتْ الْمُطَالَبَةُ لَك وَاحِدَةً فَصَارَتْ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهَا فَيُقَالُ لَك وَحْدَةُ الْمَوْصُوفِ عَلِمْت بِذَلِكَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ
عَلَيْهَا فَمِنْ أَيْنَ يَجِبُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ وَاحِدٌ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مَعْنًى وَاحِدًا، مَعَ أَنَّ هَذَا الْمَوْصُوفَ الْوَاحِدَ مَوْصُوفٌ عِنْدَك وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمُثْبِتَةِ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ وَحْدَتِهِ فِي نَفْسِهِ وَحْدَةُ صِفَتِهِ فَلِمَ لَزِمَ مِنْ وَحْدَتِهِ وَحْدَةُ كَلَامِهِ بِلَا حُجَّةٍ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: إنَّ مَا ذَكَرْته فِي هَذَا الْجَوَابِ إمَّا أَنْ تَذْكُرَهُ لِإِثْبَاتِ كَوْنِ الْكَلَامِ مَعْنًى وَاحِدًا أَوْ لِإِمْكَانِ أَنَّ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ يَكُونُ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً قِيَاسًا عَلَى الْمَوْصُوفِ فَإِنْ كَانَ لِإِثْبَاتِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَجَّةٍ أَصْلًا إذْ مُجَرَّدُ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ وَاحِدًا لَا يُفِيدُ أَنْ تَكُونَ صِفَتُهُ مَعْنًى وَاحِدًا وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ وَالِاتِّفَاقُ وَهُوَ يُسْلَمُ
ذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ لَا تُفِيدُ إمْكَانَ ذَلِكَ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فَإِنَّ مَنْ لَا يُفِيدُ ثُبُوتَ ذَلِكَ وَوُجُودَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ لِبَيَانِ إمْكَانِ ذَلِكَ فَيُقَالُ لَك لَيْسَ كُلَّمَا أَمْكَنَ فِي الْمَوْصُوفِ أَمْكَنَ فِي الصِّفَةِ وَلَا كُلَّمَا يَمْتَنِعُ فِي الصِّفَةِ يَمْتَنِعُ فِي الْمَوْصُوفِ وَهَذَا مَعْلُومٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ وَاحِدًا بِهَذِهِ الْوَحْدَةِ الَّتِي أُثْبِتهَا أَنْ
تَكُونَ صِفَتَهُ يُمْكِنُ فِيهَا مَا أُثْبِتهُ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْته كَلَامًا مُفِيدًا وَلَا قَوْلًا سَدِيدًا.