القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية بالمغرب تحليل و تقييم)
أضحت الحماية الاجتماعية اليوم حقاً من حقوق الإنسان الأساسية، وهي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها العقد الاجتماعي وروابط الأخذ والعطاء والتضامن التي لا يمكن للمجتمعات من دونها، أيا كان مستوى تنميتها أن تضمن تماسكها وازدهارها، وأن تصون كرامة مواطنيها.
رابط التحميل اسفل التقديم
______________________
المقدمة
أضحت الحماية الاجتماعية اليوم حقاً من حقوق الإنسان الأساسية، وهي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها العقد الاجتماعي وروابط الأخذ والعطاء والتضامن التي لا يمكن للمجتمعات من دونها، أيا كان مستوى تنميتها أن تضمن تماسكها وازدهارها، وأن تصون كرامة مواطنيها.
كما شكلت الحماية الاجتماعية أيضا موضوع نقاش دولي انبثقت عنه فكرة الدخل الأساسي المعمم وغير المشروط، وترتكز هذه الفكرة على مبدأ مفاده أنه بما أن الحماية الاجتماعية حق أساسي من حقوق الإنسان، وأن لكل شخص حقوق على المجتمع، فيجب أن يُوَفِّر لكل مواطن وسيلة العيش النقدية و ذلك دون مقابل . 1
ولقد عملت مجموعة من الدول النامية و المتقدمة منها الى اقرار الحماية الاجتماعية التي تحمل في طياتها انظمة تقاعد والتغطية الصحية و التربية والتكوين أو ما يصطلح عليه بالوضعيات التبعية 2، وتعرف الحماية الاجتماعية بانها " مجموع السياسات والبرامج التي تهدف إلى تقليص الفقر والهشاشة من خلال دعم سوق العمل، وتقليص تعرض الأفراد للمخاطر، وتعزيز قدرتهم على حماية أنفسهم من احتمالات فقدان الدخل، أو أنها مجموع الآليات التي تروم إلى مساعدة الأفراد على مواجهة آثار المخاطر الاجتماعية الشيخوخة والمرض وعدم القدرة عن العمل والبطالة والأعباء العائلية ... الخ) خاصة في جوانبها المالية " 3 ، و تحظى الحماية الاجتماعية بالرعاية الدولية فهي كما سبقت الاشارة حق دولي و هذا ما نجده مرتكزا في اعلان فيلادلفيا لعام 1944 الذي دعا الى توسيع تدابير التضامن
الاجتماعي لتوفير دخل اساسي لجميع الاشخاص المحتاجين لهذه الحماية و ادراج الضمان الاجتماعي حق معترف به من حقوق الإنسان في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان
و المغرب عرف الحماية الاجتماعية قبل الاستعمار و كانت تجد مصدرها في التقاليد و الاعراف و ايضا الدين الاسلامي الذي يعبر عن قيم التعاون والتضامن 5
و بعد فرض الحماية على المغرب سعت سلطات الاستعمار إلى إقرار بعض القوانين التي تضمنت ولو في جزء منها الحماية الاجتماعية بغية تشجيع المعمرين على الاستقرار في المغرب، ومن بين هاته القوانين على سبيل المثال، ظهير 1917 المتعلق بإحداث صندوق الاحتياط المغربي، والظهيرين الصادرين 1930 المتعلقين بنظام المعاشات المدنية، و بإحداث الصندوق المغربي للتقاعد والظهير الصادر سنة 1927 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل و الظهير الصادر سنة 1943 المتعلق بالتعويض عن الأمراض المهنية وبحصول المغرب على الاستقلال بادر إلى إدخال مجموعة من الإصلاحات التشريعية التي تهم بالأساس نظام الحماية الاجتماعية، كإحداث الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سنة 1959 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1961 والذي عدل سنة 1972. بصدور ظهير جديد الذي دخل جيز التنفيذ فاتح اكتوبر 1972 ، و ادخلت عليه العديد من تعديلات اخيرها القانون رقم 11.84 الذي وسع نطاق الاجتماعي ليشمل العاملين غير الاجراء بقطاع نقل الطرقي الحاملين لبطاقة السائق المهني أما بخصوص حوادث الشغل فقد صدر ظهير 1967 والذي تم تعويضه بموجب قانون 18.12 ، أما فيما يتعلق بالصحة فقد صدرت مدونة التغطية الصحية 65.00 و اليوم نشهد الوجود القانوني للقانون الاطار 09.21 المتعلق بالحماية
......
ويمكن القول ان هذا القانون جاء من اجل استكمال منظومة الحماية الاجتماعية، فبعدما قام المغرب بعدة برامج الاجتماعية في مقدمتها المبادرة الوطنية للتنمية، التي انطلقت في 2005 وهي ان صح القول من العمليات اكثر ارتباطا بالإنسان و تعنى بالتنمية البشرية ، بحيث تدعم اربع عمليات اساسية وهي دعم الولوج الى التجهيزات و الخدمات الاجتماعية الاساسية، دعم الانشطة المدرة للدخل، وتنشيط الاجتماعي و الثقافي و الرياضي و الديني و تعزيز الحكامة وتقوية القدرات المحلية، وفي سنة 2018 بدا الحديث عن المرحلة الثالثة 2023/2019 من المبادرة التنمية البشرية في الخطاب الملكي السامي لعيد العرش سنة 2018، ولقد تضمنت المرحلة الثالثة لمبادرة التنمية البشرية برامج مهمة في مجال الحماية الاجتماعية نذكر بعضها، مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، وما الى ذلك من برامج، وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى نظام المساعدة الطبية، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وبرامج دعم تمدرس الأطفال مثل برنامج تيسير وبرنامج دعم الأرامل و قد مكنت هذه البرامج، على اختلاف أشكالها، من التقليص من نسبة الفقر والهشاشة والهدر المدرسي، ومن ولوج فئة واسعة من المواطنات والمواطنين إلى الخدمات الاجتماعية الاساسية وكما سبقت الاشارة لقد جاء القانون الاطار 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية في سياق استكمال هذه البرامج تحت رعاية ملكية خاصة، ففي الخطاب السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية بتاريخ 9 اكتوبر 2020 اهداف هذا القانون الاطار وهي توسيع نطاق التغطية الصحية الاجبارية بحلول نهاية سنة 2022، وتعميم تعويضات العائلية، وتوسيع قاعدة انخراط في انظمة التقاعد ثم تعميم التعويض عن فقدان الشغل.
على هذا الاساس يمكن القول ان القانون الاطار 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية جاء في سياق وطني يعبر عن الارادة السياسية على مستوى جلالة الملك في خطاباته السامية حيث ركز على اطلاق تعميم شامل لتنزيل اصلاحات مرتبطة بالتغطية الاجتماعية ثم تفكير في اصلاحات العميقة لأنظمة برامج الحماية الاجتماعية عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد.
وعلى العموم تظهر اهمية الموضوع من الناحية العلمية على ان اعتبار القانون الاطار مشروع مجتمعي، يحظى بمتابعة واهتمام خاص من طرف جلالة الملك من خلال الخطب الملكية سواء في خطاب ، ثورة اجتماعية حقيقية، و اهمية من الناحية العملية لما سيكون له من آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامة جميع المغاربة، وتحصين الفئات الهشة، لاسيما في وقت التقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية والطوارئ المختلفة.
ومما سبق يمكن طرح اشكالية مفادها :
إلى أي حد يمكن القول أن القانون الإطار 09.21 يؤسس لإصلاح منظومة الحماية
الاجتماعية ببلادنا تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية ؟
النقسم دراسة الى خطة البحث التالي:
المبحث الأول : قراءة في مقتضيات القانون الاطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية
المبحث الثاني : إيجابيات و معيقات تنزيل القانون الاطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية
________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1DLEJ9u3-IGjWxQ5lH60wZNMXpTFk1RRp/view?usp=drivesdk