الجنح الجمركية من الطبقة الثانية - جريمة التهريب و أثرها على الإقتصاد الوطني

وقد نظم المشرع المغربي تصنيف الجرائم الجمركية من الفصل 279 إلى 299 وتطرق فيها لطبقتين من الجنح وأربع طبقات من المخالفات عكس المشرع الفرنسي الذي قسمها إلى خمس طبقات من المخالفات وثلاث أنواع من الجنح

الجنح الجمركية من الطبقة الثانية - جريمة التهريب و أثرها على الإقتصاد الوطني

ينص الفصل 281 على أنه تشكل جنحا جمركية من الطبقة الثانية:

1 – التهريب المعرف به في الفصل 282 بعده

2 – كل زيادة غير مبررة في الطرود وبصفة عامة كل زيادة في العدد تثبت عند القيام بإحصاء في المستودع الصناعي الحر.

3 – وجود بضائع في المستودع لا تستفيد من نظام المستودع لسبب غير سبب عدم صلاحيتها للحفظ.

4 – خرق مقتضيات الجزء الثامن هذه المدونة والمتعلقة بالضرائب غير المباشرة.

5- خرق مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 46 من مدونة الجمارك.

6- خرق مقتضيات الفصل 56 من مدونة الجمارك.

7- كل عمل أو مناورة تنجز بطرق معلوماتية أو إلكترونية ترمي إلى إتلاف واحد أو أكثر من المعلومات المختزنة في النظم المعلوماتية للإدارة. عندما يكون الغرض من هذا الإتلاف

هو التملص من رسم أو مكس أو الحصول بصفة غير قانونية على امتياز معين.

8 – استيراد أو تصدير البضائع المحضورة أو أنجزت عن طريق مكتب الجمرك إما بدون تصريح أو بحكم تصريح مرور أو غير مطابق للبضائع المقدمة.

9 – وجود بضائع في مخازن وساحات الاستخلاص الجمركي الواقعة خارج الحظائر الجمركية للموانئ أو المطارات والتي تقصى من هذه المخازن والساحات الجمركية طبقا لأحكام الفقرة 3 من الفصل 62 من مدونة الجمارك.

و نظرا لتعدد هذه الجرائم وتركيبتها و سنقتصر على دراسة جريمة أو جنحة التهريب نظرا لكثرة صورها من جهة وتأثيرها على الاقتصاد الوطني من جهة أخرى.

الفقرة الأولى: مفهوم التهريب

يقصد بالتهريب حسب الفصل 282 من مدونة الجمارك:

1 – الاستيراد أو التصدير خارج مكاتب الجمرك وبوجه خاص الشحن والتفريغ والنقل من سفينة إلى أخرى أو من طائرة إلى أخرى خارج نطاق الموانئ والمطارات حيث تتواجد مكاتب الجمرك (الفصول 52 و 58 (1) و 60 (2) من مدونة الجمارك).

2 – كل خرق لأحكام هذه المدونة المتعلقة بحركة أو حيازة البضائع داخل المنطقين البرية والبحرية لدائرة الجمارك.

3 – حيازة البضائع الخاضعة لأحكام الفصل 181 عندما تكون هذه الحيازة غير مبررة أو عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل الإثبات مزورة أو غير صحيحة أو غير تامة أو غير مطابقة.

4 – الاستيراد والتصدير بدون تصريح عندما تكون البضائع المارة من مكتب جمركي قد وقع التستر عنها عند إجراء المعاينة من طرف الإدارة بإخفائها في مخابئ أعدت خصيصا لذلك أو بأماكن غير معدة عادة لتلقي هذه البضائع.

انطلاقا من هذه الحالات السابقة يلاحظ فيما يخص الحالة الأولى أن المشرع لم يشترط طرق غير مشروعة في الإدخال أو الإخراج للبضاعة لتحقق هذه الجريمة.

وتدخل هذه الجريمة ضمن المفهوم العام للتهريب حيث صدر في إحدى قرارات محكمة النقض الفرنسية أن التهريب "هو كل عمل منشئ لمخالفة جمركية بالتهريب عن طريق الاستيراد أو التصدير خارج المكاتب الجمركية ويتميز بعبور الحدود ببضاعة خارج كل مراقبة جمركية"[1] وعرفه المشرع الفرنسي في الفقرة الأولى من المادة 417 بأنه "يقصد بالتهريب الواردات أو الصادرات التي تتم خارج المكاتب وكذلك كل مخالفة للمقتضيات

القانونية أو التنظيمية الخاصة بحيازة أو نقل البضائع داخل الأراضي الجمركية[2].

أما بالنسبة للحالة الثانية فالمجال الجمركي يشمل المنطقة البحرية التي تضم المياه

الإقليمية المغربية المنطقة المتاخمة، بينما تمتد المنطقة البرية على الحدود البحرية فيما بين الساحل وخط مرسوم في الداخل على بعد عشرين كيلومتر من شاطئ البحر وتمتد المنطقة البرية على الحدود البرية فيما بين حد التراب الجمركي، وخط مرسوم في الداخل على بعد عشرين كيلومتر كما تعتبر داخلة في الدائرة الجمركية الطرق والسكك الحديدية ومجاري المياه التي تحدها إضاقة إلى مجموع أجزاء كل مكان آهل يمر به خط الدائرة المذكورة كما تحسب المسافات على خط مستقيم.

وفيما يتعلق بالصورة الثالثة فالحيازة عرفت بأنها حالة تتمثل في سيطرة شخص ماديا أو فعليا على شيء سواء في ذلك أن يكون صاحب الحق أو لم يكن وقد تستند الحيازة إلى حق الملكية أو أي حق عيني آخر.

ويعد إذن تهريب كل حيازة غير مبررة أو عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل الإثبات مزورة أو غير صحيحة أو غير تامة أو غير مطابقة، أما بالنسبة للحالة الرابعة والأخيرة من صور التهريب فالتصريح المفصل يعد بمثابة عقد بين طرفين (الإدارة والملزم) يتعهد بموجبه هذا الأخير التصريح بالبضاعة مع القيام بالإجراءات المفروضة من إدارة الجمارك. لذلك فقد خُول لإدارة الجمارك حق معاينة البضائع ووسائل النقل لاكتشاف العديد من حالات الغش وهكذا تشدد المشرع في سياسته الجنائية إلى حد اعتبار الأشخاص الحائزين لهاته البضائع في إحدى حالات التهريب المنصوص عليها في الفصل 282.                                                                                                                                                                

 الفقرة الثانية: آثار التهريب على الاقتصاد الوطني

يشكل التهريب أخطر الجرائم التي تهدد المقاولة المغربية نظرا لوجود بضائع أجنبية داخل التراب الوطني بشكل غير قانوني. فالتهريب أضحى ظاهرة معقدة نظرا لازدياد وثيرته داخل النسيج الاقتصادي المغربي، وقد ساعدت مجموعة من العوامل على تفاقم هذه الظاهرة كاقتناء البضائع المهربة من مناطق معفاة وإفلاتها من الرسوم المستحقة على الواردات وهذه الظاهرة ليست من احتكار الشرائح الاجتماعية الضعيفة، بل هناك محترفين من ذوي رؤوس الأموال الذين يمارسون هذا النشاط، كما أن إقبال المستهلك المغربي على المنتوجات الأجنبية يساهم في ازدياد الظاهرة، إضافة إلى تعداد أبواب وقنوات التهريب[3].

فالتهريب إذن يعد سرطان النسيج الاقتصادي حسب تعبير أحد الباحثين[4] وعواقبه وخيمة على الاقتصاد والمجتمع، فهو ينافس المنتوجات والمصنوعات المحلية بصفة غير قانونية مما يتسبب في إغلاق وحدات الإنتاج وخسائر في المبيعات ويؤثر على الأرباح وازدياد  البطالة وعلى الاستثمارات المحلية، كما انه يلحق أضرار فادحة بالنمو الاقتصادي

إضافة إلى كل هذا فعواقب التهريب تساهم في تفقير الميزانية المخصصة للمصاريف العمومية وذلك عن طريق التهريب الجبائي سواء على مستوى المداخيل الجمركية أو على مستوى الضرائب وينال من سمعة البلاد من جهة ويهدد صحة المواطن من جهة أخرى[5].



[1]              -   Cass crim 28/3/1966 douane . C Cortoba et autre doc. Com N° 1429.

[2]               -  La contrebande s’entend des importations ou exportations  réglementaire en dehors du bureaux ainsi que de toute violation des dispositions légal ou  relatives a la détention et au transport des marchandises à l’intérieur du territoire douanier.

[3]               -  عبد الرزاق بلقسح: النزاعات الجمركية الزجرية ، مجلة المحاكم المغربية، عدد 87  مارس- ابريل الجزء الأول، 2001  ، ص: 118.

[4]               - هناك عدة قنوات التي تعتبر مزود أساسي ومعبر للمواد المهربة وأهمها البحر الأبيض المتوسط -  سبنة - ومليلية – تطوان – الناظور  الحدود مع الجزائر، لاس بالماس.

[5]               عبد الرزاق بلقسح: المنازعات الجمركية الزجرية، مجلة المحاكم المغربية، عدد 87 ، مارس- أبريل، الجزء الأول، 2000 ، ص 119.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0