العقوبات الجنائية التي تطبق في حق مسيري المقاولات

العقوبات الجنائية التي تطبق في حق مسيري المقاولات

العقوبات الجنائية التي تطبق في حق مسيري المقاولات

العقوبات الجنائية التي تطبق في حق مسيري المقاولات

بالإضافة إلى العقوبات المالية والمهنية التي جاء بها القانون المغربي بمقتضى الكتاب الخامس من مدونة التجارة لسنة 1996، Anchorوالمتخذة ضد مسيري المقاولات المسؤولين عن أخطاء التسيير أو الإدارة أو من بعض الأفعال المعاقب عليها قانونا، حافظ هذا الأخير على جرائم التفالس كعقوبة جنائية في نظام صعوبات المقاولة، لبعض التصرفات التدليسية التي يقوم بها مسيرو مقاولة خاضعة لمسطرة المعالجة أو مسطرة  التصفية القضائية  و إذا كان التفالس يأخذ هذا المعنى المتجسد في اعتباره جزاء ذو طبيعة جنائية، فتجب الإشارة ونحن بصدد الحديث عن هذا الجزاء أن مدونة التجارة أعادت تنظيمه بشكل مغاير لما كان عليه الأمر في ظل القانون التجاري الملغى لسنة 1913، بحيث نجد أن المشرع المغربي لم يعد يحيل بخصوص هذا الجزاء على مقتضيات القانون الجنائي كما كان عليه الأمر سابقا، كما أصبحت المتابعة من أجل الإدانة بجريمة التفالس متوقفة على صدور حكم المحكمة التجارية لفتح المسطرة القضائية  فالمقتضيات الجديدة لم تكتف خلافا لسابقتها بتوفر حالة التوقف عن الدفع، بل اشترطت قيام مسطرة المعالجة ومن الناحية العملية فهذا يؤدي إلى نفس النتيجة لأن المحكمة التجارية لكي تفتح مسطرة المعالجة لا بد أن تثبت لديها صفة المدين وقيام حالة التوقف عن الدفع.

و تأسيسا على ذلك، سنتطرق إلى الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس ( أولا )، ثم إلى الأفعال المبررة للإدانة بالتفالس ( ثانيا ).

أولا : الأشخاص الممكن إدانتهم بجريمة التفالس.

حسب الفقرة الأولى من المادة 721 من مدونة التجارة، فإن الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس هم أولئك المشار إليهم في المادة 702 من هذه المدونة.

وتنص المادة 702 من م.ت والتي أحالت عليها المادة 721 بشأن تحديد الأشخاص الممكن إدانتهم بجريمة التفالس على م يلي : " تطبيق مقتضيات هذا القسم على مسيري المقاولة الفردية أو ذات شكل شركة و التي كانت موضوع فتح المسطرة، سواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين، يتقاضون أجرا أم لا "، وتطبيقا لذلك، فالإدانة بالتفالس تشمل التاجر الشخص الطبيعي ومسيري الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري، سواء كانوا مسيرين قانونيين أم فعليين وسواء كذلك أكانوا يتقاضون أجرا أم لا يتقاضون أي أجر عن مزاولتهم لمهام التسيير

و إذا كان تطبيق عقوبة التفالس على مسير المقاولة الفردية يجد مبرره في كونه صاحب المشروع، و بالتالي فهو يعد مسؤولا عن الأفعال الصادرة عنه، فإن تطبيقها على مسير الشركة له مبررات أخرى، منها أن الشركات وخاصة شركات المساهمة، تمثل قوة اقتصادية هامة سيتأثر الاقتصاد الوطني بكل ما يصيبها من أضرار، لهذا ارتأى المشرع المغربي تقرير مسؤوليته، وذلك بهدف تجنب الغش في الإدارة وحفظ حقوق الدائنين

هذا ويدان بالتفالس ليس فقط الأشخاص الذين لهم صفة تاجر أو صفة مسير لشركة تجارية أو لمجموعة ذات نفع اقتصادي و التي لها غرض تجاري، وإنما أيضا الأشخاص الذين لا يتوفرون على هذه الصفة، ولكن ثبتت مشاركتهم في الأفعال التي تبرر الإدانة بالتفالس، وهذا يقتضي إنزال نفس العقوبة على الفاعل الأصلي

ومن نماذج المشاركين في التفالس، هناك البنكي الذي يقوم بتقديم قروض لإحدى الشركات تفوق إمكانياتها المالية، وهو على علم أنها تسعى فقط إلى تأخير فتح المسطرة، و نجد أيضا الخبير المحاسب بإضفائه الحجية على بعض الوثائق الوهمية من أجل الحصول على قروض بنكية لفائدة الفاعل الأصلي

و يعاقب المتفالس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 10,000 إلى 100,000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.

و يتعرض المشاركون في التفالس لنفس العقوبتين، و إن لم تكن لهما صفة مسير لمقاولة فردية أو لمقاولة في شكل شركة تجارية أو مجموعة ذات النفع الاقتصادي لها غرض تجاري.

هذا وعندما يكون المتفالس مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات أسهم مسعرة ببورصة القيم، تضاعف العقوبتان المذكورتان آنفا حيث تصل العقوبة الحبسية إلى عشر سنوات كحد أقصى في حين تصل العقوبة بالغرامة إلى 20,000 درهم كحد أقصى كذلك.

ثانيا : الحالات التي تستوجب إدانة المسير بعقوبة التفالس.

يدان بالتفالس في حالة الحكم بفتح مسطرة  المعالجة الأشخاص المشار إليهم أعلاه الذين  تبين أنهم  ارتكبوا الأفعال التالية:

1)    قاموا إما بعمليات شراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري، أو لجئوا إلى وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب، أو تأخير فتح مسطرة المعالجة، يقصد بعمليات الشراء بقصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري، تلك العمليات التي ترمي إلى اقتناء كميات غالبا ما تكون كبير من السلع و البضائع وذلك بنية بيعها حالا، وبسعر أقل من سعرها في السوق، بقصد الحصول على السيولة التي تمكن الشركة من مواجهة الديون الحالة، و بالتالي تحقيق استمرارية مصطنعة للمقاولة

و لعل الحكمة من تجريم هذا النشاط هي منع المسير من التحايل لتوفير قدر من السيولة لديه، عن طريق اللجوء إلى وسائل من شأنها أن تسيء إلى المركز المالي للمقاولة أكثر من ذي قبل، أما بخصوص الوسيلة الثانية، وهي استعمال وسائل مجحفة، فهي تشمل كافة الأساليب والخطط والعمليات التي ترمي إلى الحصول على أموال لتحقيق استمرارية المقاولة، ففي عملية الاقتراض يعاقب المسير الذي يقترض بفوائد جد مرتفعة لأن هذا التصرف تم الالتجاء إليه كوسيلة لحل أزمة المقاولة

2)    اختلسوا أو أخفوا كلا أو جزءا من أصول المدين.

الاختلاس في التفالس له معنى مختلف عن معناه المعروف في سائر جرائم الأموال، فلا يقصد به الاستيلاء على مال الغير كما هو الحال في السرقة والنصب وخيانة الأمانة، لأن المال في التفالس ملك المدين، إلا أنه يضمن وفاء جميع الديون، وهذا الضمان العام يأخذ من الناحية الجنائية في حالة الإخلال به حكم الضمان الخاص في القانون المدني، والاختلاس في التفالس يقصد به تحويل أموال أصول المدين عن الغاية التي خصصت لها، ولما كانت هذه الغاية هي دائنو المدين فكل فعل يرتكب يريد به أن يبعد أموال المدين عن متناول دائنيه يعتبره القانون اختلاسا

وغالبا ما يكون الاختلاس في صورة استئثار المسير بأموال الشركة لأغراضه الشخصية، أو تحويله لها لفائدة شركات أخرى، أو أشخاص آخرين لهم فيها مصلحة.

و أفعال الاختلاس لا يمكن أن تقع تحت حصر ومن الأمثلة عنها، استعمال المسير لسيارات الشركة لقضاء أغراضه الشخصية، أو شرائه سيارة من سيارات الشركة دون أداء ثمنها و دون تسجيلها في محاسبة الشركة

أما الإخفاء فيقصد به كل فعل يرمي إلى إخفاء أصول المدين حتى لا تضيع عليه إذا ما تركت لدائنيه يستوفون حقهم منها، و لا يشترط لكي تتحقق جريمة التفالس أن يكون الإخفاء إيجابيا، بل من الممكن أن يتحقق الفعل السلبي كما في حالة الامتناع عن إعطاء بيانات تتعلق بعقار يدخل في أصول المدين

3)  قاموا تدليسيا بالزيادة في خصوم الشركة عن طريق التدليس بتضخيم مديونيتها وإثقالها بديون غير حقيقية

وهكذا يقوم تدليسيا بالزيادة في خصوم المدين، المسير الذي يتجاهل قرار المحكمة القاضي باستمرار نشاط المقاولة فقط لتصفية المخزون و يقوم بشراء بضائع لم يسدد ثمنها

ولا تختلف الحكمة من وراء تجريم مثل هذه الأفعال عما سبقت الإشارة إليه بالنسبة للحالة السابقة ذلك أن الإقرار بدين وهمي من شأنه أن يؤدي إلى تضخيم مديونية الشركة، وبالتالي تعريض الدائنين الحقيقيين لمزاحمة دائنين وهميين فتتضاءل الحصة التي يحصل عليها كل دائن، هذا فضلا على أن تضخيم المديونية يقلل من حظوظ استمرارية الشركة.

4- قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة، أو الشركة  أو امتنعوا عن مسك أية حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك.

تعد المحاسبة مرآة تعكس الوضعية الاقتصادية للمقاولة، ولهذا جعل المشرع مسكها التزاما أساسيا من الالتزامات الملقاة على عاتق التاجر، وتترتب بالتالي جزاءات مدنية عند مخالفتها، و من هذه الجزاءات التفالس، ذلك بالنسبة لبعض الاختلالات التي قد تشوب المحاسبة.

انطلاقا من مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 721 من مدونة التجارة يتضح أن هذه الإختلالات تتمثل في مسك محاسبة وهمية، إخفاء وثائق محاسبية، عدم مسك أية محاسبة.

و يقصد بالمحاسبة الوهمية استعمال ( خدع محاسبية ) بقصد إخفاء حقيقة حجم النشاط التجاري للمقاولة، وذلك عن طريق نشر بعض العمليات المنجزة أو التصرف بالزيادة أو النقصان في مفردات أو بيانات هذه العملية.

ونظرا لخطورة هذا الفعل الذي ينطوي على إيهام الغير بغير الحقيقة سواء بتضخيم أصول الشركة ورفع أرباحها لإيهام الزبناء أو الشركاء بنمو الشركة وازدهارها، أو عن طريق تضخيم خصومها وإظهارها بمظهر الشركة التي تحصد الخسائر للتهرب من أداء الضرائب، وما لكلا التصرفين من آثار سلبية على الشركة نفسها وعلى المتعاملين معها، فقد اعتبر المشرع مسك محاسبة وهمية حالة من حالات التفالس

و أما بخصوص إخفاء وثائق محاسبية فهذا الفعل ينطوي على قدر كبير من الخطورة، إذ تترتب عليه إزالة الأدلة التي تثبت الالتزامات التي يتحملها المسير وبالتالي إخفاء جميع الوثائق التي تدل على وضعية المقاولة.

و يقصد بالإخفاء مواراة الوثائق، أو إبعادها عن اطلاع الغير، وخاصة الدائنين سواء عن طريق وضعها في مكان لا تصل إليه مراقبتهم، أو عن طريق تمزيقها أو إتلافها

وأما بخصوص عدم مسك أية محاسبة، فقد انقسم القضاء الفرنسي بخصوص تفسير الالتزام القانوني لمسك المحاسبة إلى اتجاهين، أحدهما يقول بالتفسير الضيق للنص، والذي يعتبر أن الجريمة لا تقوم في هذه الحالة إلا عند الغياب التام للمحاسبة، كما أكدت محكمة الجنايات بباريس، التي اعتبرت أن جنحة التفالس تقوم في حالة ما إذا لم يتم العثور على أية محاسبة، و الذي ذهب إلى القول بقيام جنحة التفالس كلما ثبت في حق المسير عدم مسكه لأية محاسبة، أو أن هذه الأخيرة ممسوكة بشكل مخالف للمقتضيات القانونية في مدونة التجارة، بل اعتبرت بمثابة عدم مسك المحاسبة كون هذه الأخيرة رغم وجودها غير مفيدة وغير مجدية، أو أن الوثائق غير قابلة للاستعمال

و قد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها أن عدم مسك محاسبة يماثل إخفاء الوثائق المحاسبية

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0