كان أهم مرجع للسياسة العمرانية الجزائرية هو التشريع المطبق في فرنسا منذ سنة 1919حيث ظهر التخطيط العمراني في فرنسا ومستعمراا بعد الحرب العالمية الأولى بموجب قانون cornudet) 1919-1924 (الذي يمثل ظهور النمط العمراني البيروقراطي الفرنسي الذي أسس مخططات التهيئة والتوسع وأحدث تحولا منهجيا عميقا. (1 ) طبقت هذه الأخيرة في الجزائر في ظل الاستعمار بموجب المرسوم الصادر في05/01/1922 مع بعض التغيرات الطفيفة لحصر المدينة القديمة و للقضاء على كل ماله علاقة مع الوجود الحضاري الجزائري حيث تميزت سياسة تطوير المدن في الجزائر بنفس الأساليب المتبعة في فرنسا مع بعض التكييفات مع ظروف البلاد مما نتج عنه عدة تناقضـات. في سنة 1958 ظهر مخطط شالم للتنمية سمي بمشروع قسنطينة لجلب انتباه اتمع بأن فرنسا تسعى لحل كافة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها خاصة في مجال السكن.
وقد صمم بسرعة وبصورة سطحية بعد أزمة الهياكل الاستعمارية غداة الحرب العالمية الثانية وعرفت نفس السنة صدور القانون العام الجديد للتعمير بفرنسا ليشمل الجزائر سنة 1960 فوسع إشكالية التهيئة الحضرية إلى شمولية الإقليم، ذلك ما رجع بصدى ايجابي على التخطيط وتضمن ما يلي: (plan d'urbanisme directeur):الرئيسي العمراني المخطط.
1 يحــدد المنـاطق الحضرية المـزمع تهيئـتها أو تعميرها لضـمان التحـكم في تـوسع المـدينة وتوجـيهها. تضمن هذا المخطط صورتين معماريتين من شأما تحقيق مجال عمراني منظم والإسهام في دفع ديناميكية المدينة (2 )و تطويرها في بعديها الزماني والمكاني هما:منطقة السكن الحضري الجديدة (جماعية) والتجزئة (فردية) وهو كأداة لم يواكب الديناميكية العمرانية لتطور اال كما لم يسمح بالتحكم في النمو العمراني و لا في مراقبة التعمير الفوضوي. (plan d'urbanisme de détails):زأا العمراني المخطط.
2 هو عبـارة عن الوسيـلة التطبيـقية للإجـراءات الـتي يشـملها المخـطط الـعمراني الرئيـسي. (3 (كانت مردوديته سلبية لعدم مراعاة خصوصيات اتمع الجزائري .
3.برنامج التعمير:(urbanisme'd programme le (هو أداة وسيطة بين التخطيط والتدخل أي التنفيذ. تضمنت هذه المخططات ثلاثة أبعاد هي:اقتراح تنظيم المدينة وأجزائها الموجودة والممتدة، تحديد قواعد استعمال (4 (الأراضي والأحكام المؤقتة المتعلقة بمراحل التوسع العمراني .
إن التعمير ارتبط منذ البداية بالاحتلال الفرنسي وأدوات التعمير التي عرفناها خلال الفترة الاستعمارية استمرت في التأثير على أدوات التعمير بعد الاستقلال حيث تم تمديد العمل بالقوانين ذات الأصول الاستعمارية إلا ما يتعارض منها مع السيادة الوطنية. فيما يخص أدوات التهيئة والتعمير صدر مرسوم سنة1960سمح بتطبيق المرسوم رقم58-1463المؤرخ في31/12/1958المتعلق بمخططات التعمير التوجيهية ومخططات التعمير ازأة كما مدد العمل بالهياكل الموجودة Caisse Algérienne d'Aménagement du Territoire الإقليم لتهيئة الجزائري كالصنـدوق (CADAT)وأحــدثت الجزائر أدوات أخرى جديدة سنة 1967 مثل المكـتب المركـزي للدراسات التقنية و الاقتصادية Techniques et Economiques Etudes) ECOTEC (والمكتب المركزي للهندسة Etudes de Travaux Publics d'Architecture et d'Urbanisme والتعمير المعمارية (ETAU )وهو أول مكتب تطرق إلى مسلأة منهجية إعداد مخططات التعمير (1) . مع بداية السبعينات التزمت كافة المؤسسـات بتحرير نصوص جديدة لاستبدال القـديمة، ذلك مـا أصبح فعـلي سنة 1975 .
إن الانشغالات العـمرانية بدأ الاهتمام ا في ديباجة المخطط الرباعي الأول(1970 -1973 .( في هذا السياق تم الإعلان عن دراسات مخطط التعمير الذي يغطي التجمعات الكبرى وكل المدن التي يتجاوز عدد سكاا000.10ساكنا،ثم ظهرت مخططات العصرنة الحضرية بالنسبة للمدن الكبرى de Plan . (PMU) Modernisation Urbaine مع المخطط الرباعي الثاني(1974-1977(ازداد انشغال الدولة بمجال التعمير بإعلاا عن سياسة إنجاز الكتلة للسكنات بإنشاء مناطق السكن الحضري الجديدةNouvelles Urbaines Habitat'd Zones (Z I) Zone Industrielleالصناعية المناطق إلى إضافة) ZHUN) (2) .
إن هذا الانشغال بمجال التعمير كان بسبب تركيز مجهودات الدولة على القطاع الصناعي خاصة منذ سنة 1967 لأولويته حيث عرفت هذه المرحلة تعمير قوي للأقطاب الصناعية. إن السياسة العمرانية الجزائرية كانت دائما خاضعة لوضعية أزمة لا منتهية من خلال إعطاء الأولوية للكم على (3 (حساب الطابع النوعي والجمالي مما أفرز نتائج جد سلبية و أدى إلى ظهور أزمات متعددة الأبعاد . في سنة 1968 أحدث المخـطط التنظـيمي الـشامـلGénéral Organisation'd Plan) POG الخاص بالجزائر العاصمة حيث أسند إعداده للجنة الدائمة للدراسات، التنمية والتنظيم ويئة تجمع الجزائر Comité Permanent d'Etudes, de Développement, d'Organisation et d'Aménagement .Alger'd Agglomération'l de) COMEDOR (لحصر كل عمليات التمدين في إطار تقني (1 (وقانوني إلا أنه لم يصل إلى أهدافه . تم إلغاؤه بموجب قرار مجلس الوزراء في 29/09/1979مما أدى إلى نتائج غير محسوبة وبالتالي إحداث قطيعة مع إستراتيجية طموحة. (2 (فهو من المخططات النادرة يهدف إلى التحكم في التعمير في العاصمة وإحداث تنمية شالمة ا . تميز التخطيط العمراني في العشريتين الأولتين للاستقلال بقصر مداه ،فهو تخطيط قصير وليس تخطيط مجالي طويل المدى،طبع باهودات الموجهة نحو الاستثمار وباقترابه القطاعي. لما أصبحت الوسائل القديمة للتخطيط العمراني غير صالحة ظهرت وسائل جديدة موجهة نحو عقلنة شغل الأراضي، وليس نحو برمجة الاستثمارات وذلك من أجل ضمان التحكم االي للتهيئة على مستوى البلدية أو أي تجمع. إن حجر الزاوية لأدوات التعمير الجديدة هو التسيير الأكثر اقتصادا للأراضي عن طريق تدعيم التشريعات العمرانية.
لقد كان الهدف في إطار التوجه الجديد للتعمير منذ التسعينيات هوالبحث عن التوازن ودمج مختلف الوظائف الحضرية (سكن، تجارة،صناعة) من أجل الحفاظ على البيئة والثروات الطبيعية خاصة الأراضي الزراعيـة المهددة بالبناء عليها. ترجمت هذه التوجهات عمليا بصدور قانون90-29 الذي أنشأ المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير الذي يلعب دورا تقديريا على المدى الطويل ومخطط شغل الأراضي الذي يلعب دورا تنظيميا متوسط الأجل. (3 (تعتبر هاتان الوسيلتان كالحلقتين الأخيرتين من سلسلة وسائل التخطيط الاقتصادي و االي . وعليه فالإطار القانوني للتعمير يعتبر حديثا بالنسبة للمجتمع.فقد طرحت تطبيقاته عدة إشكاليات من الناحيتين القانونية والاجتماعية نظرا للتراكمات الناجمة عن غياب سياسة عمرانية صارمة. على الرغم من وجود هذا الإطار القانوني والتقني و المؤهلات البشرية للتعمير إلا أن البناء غير الشرعي وتشويه النسيج (4 (العمراني يتفاقم يوما بعد يوم على حساب النواحي الفنية والجمالية للمدينة ومقوماا ،وحتى على حساب المناطق المحمية من الإقليم مثل السواحل والأراضي الجيدة الخصوبة.
لهذا ارتأينا أن نتطرق إلى الأدوات القانونية للتهيئة والتخطيط العمراني التي تطبق على الأقاليم العادية وأدوات أخرى نوعية تطبق على أقاليم ذات خصوصية وحساسة جدا تشكل في مجملها هذا الإطار القانوني وعليه نقسم هذا الفصل إلى مبحثين كالآتي: المبحث الأول:التخطيط االي كأداة قانونية لتسيير مستديم للفضاء العمـراني. المبحث الثاني:آليات التخطيط النوعية لتسيير فضاءات حساسة من الإقليــم.