مقدمة
يعتبر الشغل وسيلة ضرورية الندماج الفرد داخل المجتمع،لانهيمنح له الحد الادنى من العيش الكريم، ونظرا لأهمية العمل داخل المجتمعات، عملت جل التشريعات على حمايته عن طريق وضع عدة مقتضيات قانونية تنظم وتحمي عالقات الشغل سواء الفردية منها أو الجماعية. والمغرب بدوره لطالما شكل فيه الشغل شأنا مجتمعيا جديرا بالحماية التشريعية، فمنذ عقود طويلة صدرت مجموعة من القوانين لحماية العالقات الشغلية وتحقيق التوازن بين استقرار المعامالت واستمرار المقاوالت، ولعل أبرز هذه القوانين الصادرة في المغرب والمتعلقة بميدان الشغل نجد مدونة الشغل لسنة 3002 ،هذه الاخيرة جاءت محملة بالعديد من المقتضيات الجنائية سعيا منها إلى تحسين ظروف العمل والقضاء على كل أشكال العمل الجبري وحماية النساء والاطفال من الاعمال الشاقة، وبصفة عامة تحقيق الردع في كل ما يخالف تشريع 1 الشغل، ومن هنا تصاعدت لنا تسمية القانون الجنائي للشغل في المغرب .
غير أن تفعيل النصوص الجنائية المرتبطة بالشغل لا يكفي إذا لم تكن هذه النصوص الجنائية الموضوعية مصحوبة بإجراءات مسطرية صلبة ودقيقة في كل جزئياتها، من أجل ضبط جرائم الشغل وتحريك المتابعات بشأنها إلى حين الحكم فيها، فهذه الاجراءات المسطرية هي التي تحرك المقتضيات الجنائية لمدونة الشغل من جمودها. وتجدر الاشارة أن المشرع المغربي لم ينص في مدونة الشغل، على إجراءات خاصة بجرائم الشغل، إذ تخضع هذه الاخيرة لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، مع تسجيل بعد الخصوصيات التي تتعلق بجهاز تفتيش الشغل الذي أوكل له المشرع مهمة ضبط جرائم الشغل التي لا تمس كيان المجتمع،لانهوالحالة هذه عند وجود جرائم تمس المجتمع وجب تدخل جهاز الشرطة القضائية ولو ارتكبت هذه الجرائم داخل المقاوالت مثل السرقة وخيانة الامانة.
أهمية الموضوع تتجلى أهمية الموضوع في بسط الخصوصية التي تميز المسطرة في جرائم الشغل عن غيرها من الجرائم الاخرى , إبتداءا من وقوع الجريمة إلى غاية صدور الحكم بشأنها، و تبرز هذه الاهمية في عدة نواحي: الاهمية الاجتماعية: تتجلى في الحد من انتشار الجريمة داخل المقاولة او المؤسسة سواء الجرائم التي يرتكبها الاجراء او المشغلون. الاهمية القانونية: تكمن الاهمية القانونية لهذا الموضوع في كونه اضافة نوعية في البحث العلمي لهذا المجال نظرا لقلة الابحاث التي تتعلق بالاجراءات المسطرية لجرائم الشغل التي جاءت بها مدونة الشغل.
إشكال الموضوع
من خلال ما سبق لا بد من التساؤل عن دور الاجراءات المسطرية في جرائم الشغل وماهي الخصوصيات التي تميزها عن القانون الجنائي العام وأيضا عن قانون المسطرة الجنائية سواء من حيث ضبط الجرائم أو إقامة الدعاوى بشأنها وسير المحاكمات المرتبطة بها؟
وتتفرع عن هذا الاشكال مجموعة من الاسئلة:
- ما دور كل من جهاز تفتيش الشغل والشرطة القضائية في ضبط جرائم الشغل؟ وماهي اآلليات المعتمدة في سبيل ذلك و كذلك دور بعض الاجهزة الاخرى كمفتشي الضمان الاجتماعي و مفتشي المالحة البحرية؟
- هل تحريك الدعوى العمومية يخضع لنفس قواعد المسطرة الجنائية؟ وكيف يتم البث في هذه الدعوى؟ - هل يمكننا الحديث عن دعوى مدنية تابعة في جرائم الشغل؟ وما هم أطرافها وموضوعها؟
- ما هو مآل عقد الشغل في ظل تحريك دعاوى المتابعة في جرائم الشغل؟
المنهج المتبع
فيما يخص المنهج المتبع سنعتمد على المنهج الوصفي الذي من خلاله سنذكر أهم النصوص التي تؤطر الموضوع، بالاضافة إلى المنهج التحليلي الذي يرتكز دوره على تحليل هذه النصوص ومناقشتها.
خطة البحث: لمحاولة الاحاطة بهذا الموضوع سنعتمد التصميم اآلتي:
- المبحث الاول: ضبط جرائم الشغل
- المبحث الثاني: تحريك المتابعات في جرائم الشغل