التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم 07/14

التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم 07/14

رابط التحميل اسفل التقديم

______________________

تقديم

يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور .

مما يفيد الحق الذي شرعه المولى عز وجل إذ سخر الأرض لعباده وذللها لهم وجعلها سهلة لينة قابلة للاستقرار عليها، لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال وفجر فيها من الينابيع وشق الطرق وهيأ المنافع وأثبت فيها الزروع وأخرج الثمار ليسيروا في جوانبها وأقطارها وأرجائها حيث شاءوا بحثا عن المكاسب والتجارات والأرزاق، لدى قال عز وجل وكلوا من رزقه أي مما رزقكم وخلقه لكم في الأرض ومكنكم من الانتفاع 2

وعلى هذا النهج فقد سعت البشرية منذ القديم إلى خلق قواعد وقوانين منش أنها حماية الملكية العقارية وتطهيرها

ومن هنا جاءت فكرة من القواعد القانونية، بحيث أننا نجد أن جل التشريعات القديمة منها والحديثة قد أولت للعقار أهمية خاصة، واعتبار المغرب بدوره يعد من الدول التي

تعمل جاهدة على تطوير نظامها العقاري الذي يعد الوسيلة الفعالة لصيانة الثروة العقارية وتثبيتها وفق نموذج يؤسس لملكية عقارية مستقرة ويحميها من كل تسلط.

وبناءا عليه، فالتحفيظ العقاري هو الوعاء القانوني والهندسي الذي يؤطر الحقوق العينية والارتفاقات العقارية الواقعة عليه بالشكل الذي يحفظها ويمنعها من كل إدعاء أو منازعة، وهو أيضا يطهر العقار من جميع الحقوق السابقة وغير المدلى بها أثناء مسطرة التحفيظ، ويعتبر قرار المحافظ بإنشاء الرسم العقاري ذا صفة نهائية وغير قابلة للطعن.

أي أن التحفيظ يمنح للعقار حصانة قانونية لها حجة مطلقة تمنع من أية مطالبة.

ولا شك أنه من أجل أن يحقق العقار دوره في تأسيس المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وجلب الاستثمارات الداخلية والخارجية، أن يكون على قدر كبير من الثبات

والاستقرار، والخلو من الشوائب والنزاعات، إذ يجعل صاحبه في منأى من أية مطالبة أو منازعة، وهو ما يتحقق من خلال نظام العقارات المحفظة التي تتميز بنوع من الاستقرار في الملكية والثبات في المعاملات، الأمر الذي يشجع المؤسسات المالية وغيرها على التعامل مع هذا النوع من الأملاك بشتى أنواع المعاملات المالية نتيجة القوة القانونية والحجية الإثباتية التي يتميز بها العقار المحفظ من خلال الرسم العقاري النهائي وغير القابل للطعن والخالي من جميع الحقوق غير المضمنة بفعل قاعدة التطهير هذه الأخيرة باعتبارها

الخاصية الأساس التي تترتب عن التحفيظ العقاري والمنظمة من خلال الفصلين 1 و 62 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 14.07. وهي

التي ستكون محور الدراسة في هذا البحث.

وتعني قاعدة التطهير : تطهير العقار من جميع الحقوق التي كانت عالقة به قبل التحفيظ ولم يطالب بها أثناء مسطرة التحفيظ" " إذ بتحفيظ العقار يتم تأسيس الرسم العقاري الذي يبطل ما عداه من الرسوم من جهة، ويطهر الملك من جميع الحقوق التي

لم تضمن به من جهة أخرى

وأشير أن قاعدة التطهير في سياقها التاريخي لم تكن محل أي تعديل أو إلغاء منذ أن تم وضعها ضمن مقتضيات قانون التحفيظ العقاري (12) غشت (1913).

.....

هذا وليس خافيا ما لنظام التحفيظ العقاري من أهمية قصوى تبرز على الخصوص في القيمة والقوة الثبوتية التي تتمتع بها التقييدات المضمنة بالرسم العقاري بالصورة التي تكفل الاطمئنان والاستقرار الضروريين لتحفيز وتنمية وازدهار الائتمان العقاري وتأمين الاستثمارات العقارية في شتى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فالأمن العقاري يعتبر الضمان الأول للحصول على القروض الضرورية لتمويل المشاريع العقارية، فالمقرض سواء - كان مؤسسة مصرفية، أو أصحاب رؤوس الأموال أو الدولة نفسها لا يمنح القرض إذا لم يكن يتوفر في الأساس على ضمانة صلبة لحق الملكية. ومن جهة أخرى فان ارتكاز الملكية العقارية على أساس صلب ومتين يؤدي إلى تعزيز ارتباط المالك بعقاره ما دام أن الشخص المعين بالرسم العقاري يعتبر فعلا هو

صاحب الحقوق المعينة به، وكما يقول Charles Beaurepaire من المعلوم أن المالك المطمئن على حقه هو مرتبط أو متمسك أكثر بملكه ويعمل ما في وسعه ليحصل منه على

أحسن مردودية مع المحافظة على إنتاجيته في المستقبل"

وإيمانا منا بأهمية نظام التحفيظ العقاري نظرا لما يرتكز عليه من مبادئ وأسس تهدف إلى تأمين الاستقرار في الملكية العقارية بإضفائه على الرسم العقاري قوة مطهرة تدفع عنها الريب والنزاع كما أسلفنا. فقد اختار الباحث بوشعيب الإدريسي موضوعا

بعنوان" التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون 14/07 ولست في حاجة أن أشير إلى صعوبة البحث بسبب قلة المراجع إذ أن الصعوبة تبدو

أشد وضوحا مع كثرة المراجع والأبحاث العامة مما يفرض على الباحث أن يلم بها جميعا.

والصعوبة التي واجهت الباحث خلال إعداد هذه الرسالة إنما تكمن في كثرة الآراء الفقهية وتضاربها حينا وغموض بعضها حينا آخر الشيء الذي عرف - ولا زال - عدة

انعطافات في توجهاته بخصوص هذا الموضوع.

كما حاول من خلال هذا البحث جهد المستطاع أن لا يبقى أسير الأفكار النظرية فسعى إلى تطعيم الموضوع باجتهادات وأحكام قضائية قديمها وحديثها، محاولا ربطها بالنصوص القانونية المتعلقة بها، مشيرا في نفس الوقت إلى ما تتسم به هذه النصوص من دقة ووضوح أحيانا ومن غموض وخلل أحيانا أخرى مسترشدا في ذلك بآراء

ومواقف الفقهاء.

واعتبارا لأهمية الموضوع في ظهير التحفيظ العقاري والذي تم اختياره كموضوع الرسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العقاري بكلية الحقوق بمدينة الدار البيضاء، فقد تم البحث في مختلف المراجع التي لها علاقة بالموضوع وتم العمل على جمع الأحكام والاجتهادات

القضائية سعيا إلى مقاربة الموضوع من مختلف جوانبه النظرية والعملية.

فالكتاب يشكل مرجعا غنيا سيفيد الباحثين الجامعيين والمهتمين على السواء لاحتوائه على الإجراءات والمساطر التي تكتنف مسطرة التحفيظ عموما وقاعدة التطهير على وجه الخصوص والأجوبة الشافية عن الإشكاليات التي تعترض تطبيقها. وقد تم تعزيز هذا البحث بعدد من النوازل والقضايا التي عرضت على أنظار القضاء مما أضفى على الكتاب لمسة تطبيقية جعلت منه دليلا عمليا سيساعد الممارسين على حسن تطبيق

هذه المسطرة.

كما وقفنا عند مكامن الخلل التي تعتري قاعدة التطهير في نظام التحفيظ العقاري ببلادنا وختمناه بتقديم عدد من المقترحات التي من شأن الأخذ بها التطبيق السليم لهذه

القاعدة.

....

_________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1Ir3izdrwshh5N8z2yiHOEgHJ70AhvnFS/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0