أثار الطلاق في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية
تترتب على الطلاق عدة آثار، منها مثلا حلول كالِئ الصداق و وجوب نفقة الأطفال، وظهور مقتضيات الحضانة، بل إن تنوع الطلاق نفسه إلى رجعي و بائن هو أثر من آثار الطلاق. لكن نكتفي هنا بذكر الآثار المتعلقة بمستحقات الزوجة وهما: العدة والمتعة .أما كالئ الصداق فإن وضعيته قد بيناها بالإشارة إليها في آثار الطلاق البائن.
I - العدة :
1- تعريف العدة : هي "المدة المعينة شرعا لمنع المطلقة المدخول بها والمتوفى عنها من الزواج".
2- حكم العدة : العدة واجبة بنص القرآن لقوله تعالى﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن و أحصوا لعدة واتقوا الله ربكم ﴾[1] و قوله عز وجل﴿ و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾[2] .
و الأسباب الموجبة للعدة هي :
- الطلاق بكل أنواعه
- موت الزوج
- الفسخ أو المفارقة في الزواج الفاسد سواء لعقده أو لصداقه.
وأما المحكمة من تشريعها، فهو أصالة للدلالة على براءة الرحم واجبة مهما كان الزواج، لكن تتحقق بها مصالح أخرى ، منها :
- الحفاظ على الأنساب من الاختلاط.
- إمكانية تراجع الزوجين على الطلاق.
- عدم الإساءة لذكرى الزوج المتوفى أو أقاربه.
3- وقت وجوب العدة :
نصت المادة 129 من المدونة أن العدة تبتدئ من تاريخ الطلاق أو التطليق أو الفسخ أو الوفاة.
4- أنواع العدة
تتنوع العدة من حالة لأخرى، غير أنه تنوع مؤثر في مدة العدة. و الفقهاء عموما يقسمون العِدَد إلى ثلاثة أنواع :عدة الإقراء – عدة الأشهر – عدة وضع الحمل.
وقد ارتأت المدونة بتنويعها منهجيا إلى فرعين فقط هما ؛ عدة الوفاة( المادة 132 ) وعدة الحامل ( المواد 133-134-135) على أنها ألحقت بهذا الفرع الأخير عدة غير الحامل بأنواعها ( المادة 136)
- عدة الوفاة : تعتد المرأة غير الحامل المتوفى عنها زوجها مدة أربعة أشهر قمرية و عشرة أيام كاملة من تاريخ الوفاة حقيقة أو من تاريخ الحكم بالوفاة حالة صدور حكم بذلك .
- عدة الحامل : تنتهي عدة الحامل بوضع حملها أو سقوطه، وقد نصت المادة 135 أن أقصى أمد الحمل هو سنة كاملة من تاريخ الطلاق أو الوفاة،فلا يقبل ادعاء بقاء الحمل بعد السنة من الطلاق أو الوفاة، ولكن إذا أثير نزاع بوجود حمل أو نفيه داخل السنة فإن الأمر يرفع إلى المحكمة لتبت فيه بالنفي أو الإثبات ولتحديد تاريخ نشوئه، مستعينة في ذلك بذوي الاختصاص، كما تقرر استمرار العدة أو انتهاءها.
- عدة غير الحامل : وهي 3 أنواع أيضا:
- غير الحامل التي تحيض: عدتها ثلاثة أطهار، وقد اختارت لمدونة رأي جمهور الفقهاء في تفسير القرء بالطهر في قوله تعالى﴿ و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾[3]
- غير الحامل التي لا تحيض أصلا أو اليائسة من المحيض: عدة كل واحدة منهما ثلاثة أشهر .
- غير الحامل متأخرة الحيض أو التي يختلط عليها دم الحيض و دم المرض: عدتها الانتظار تسعة أشهر، ثم تعتد بعدها بثلاثة أطهار.
5- تداخل العدد:
يقصد به تداخل عدة الوفاة وعدة الطلاق، وهي الحالة التي يتوفى فيها زوج المطلقة من طلاق رجعي أثناء فترة العدة، فهذه تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة.
6 – مكان قضاء العدة :
أوجبت الشريعة للمعتدة أن تبقى في بيت الزوجية إلى تنقضي عدتها ﴿ لا تخرجوهن مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾[4] ، لكن العرف حوّر هذا المقصد وصارت المرأة تخرج من بيت الزوجية بمجرد الطلاق، لذلك أراد المشرع أن يعيد الأمور إلى مقاصدها، بالتنصيص بمقتضى المادة 131 على قضاء العدة في بيت الزوجية، وإذا تعذر ذلك أمكن تخصيص منزل آخر لقضاء فترة العدة. و أضافت المادة 84 أنه " وإذا تعذر ذلك حددت المحكمة تكاليف السكن في مبلغ يودع كذلك ضمن المستحقات بكتابة ضبط المحكمة "
II – المتعة :
المتعة " عبارة عن مبلغ من المال يبذله الزوج إلى مطلقته في أحوال معينة"، جبرا لخاطرها و تخفيفا من الضرر المعنوي الملازم عادة للطلاق. و سندها الشرعي قوله تعالى ﴿ و للمطلقات متاع بالمعروف﴾[5] وقوله سبحانه ﴿ ومتعوهن على الموسع قدره و المقتر قدره متاعا بالمعروف﴾[6] وكذلك قوله عز وجل﴿ فمتعوهن و سرحوهن سراحا جميلا﴾[7]
- استحقاق المتعة:
يستنبط من نصوص المدونة، وخاصة المادة 84 ، أن المطلقة تستحق المتعة في جميع الحالات التي يقع فيها الطلاق بعد الدخول، لكن لا دليل يمنع من بقاء الاستثناءات التي تفهم بدلالة المخالفة في الفصل 52 مكرر من المدونة الملغاة، وهي أن المتعة لا تستحق في حالات : الطلاق قبل الدخول، و الطلاق للشقاق، و طلاق الخلع و الاتفاق، و اللعان، و التطليق للعيب، و حالة التمليك .
- تقدير المتعة :
تقدير المتعة داخل في نطاق السلطة التقديرية للمحكمة ولا يخضع لرقابة المجلس الأعلى إلا من حيث التعليل، ولقد رأت المدونة في المادة 84 أن يدخل في اعتبار المتعة فترة الزواج والوضعية المادة للزوج، وكذا أسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه.
وهذا يعني أن المشرع وضع القضاء أمام اعتبارين: أحدهما الوضعية المادية للزوج، والثاني مقدار الإضرار بالزوجة ؛ بحيث أن هذا الاعتبار الثاني يعد مقتضى زجريا يرفع من مبلغ المتعة بحسب مدة الزوجية ومدى تعسف الزوج في إيقاع الطلاق.
[1] سورة الطلاق، آية 1
[2] سورة البقرة، آية 228
[3] سورة البقرة، آية 228
[4] سورة الطلاق، آية: 1 .
[5] سورة البقرة ، آية 240
[6] سورة البقرة، آية 236
[7] سورة الأحزاب ، آية 49