سكنى المحضون في القانون المغربي
عرفة مدونة الاسرة المغربية الحضانة ووضعت لها شروط وأحكام يجب على الأبوية الإلنزام بها. الحضانة في القانون المغربي، الحضانة في المغرب، شروط الحضانة في المغرب، نفقة الحضانة، السفر بالمحضون، نفقة المحضون، نفقة الحاضن، أجرة المحضون، انتقال الحضانة في المغرب، سقوط الحضانة
.
.
".
وتنص المادة 168 من نفس المدونة على ما يلي : " تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما.
يجب على الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم، أو أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه، مراعية في ذلك أحكام المادة 191 بعده.
لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية، إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون.
على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه".
فالمشرع المغربي جعل تكاليف سكنى المحضون منفصلة من حيث تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وعن غيرها من التكاليف، فهي التزام مستقل بذاته.
فمن الواجب على محكمة الأسرة ألا تخلط بين الالتزام بالنفقة والالتزام بالسكنى، إنما عليها أن تحدد في حكمها كلا منهما باستقلال عن الآخر.
جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بمراكش : " وحيث إن المحكمة تلزم كذلك بتحري نفقة الأبناء التي تراعي فيها عناصر المادة 189 من مدونة الأسرة من وجوب شمولها الكسوة والتمريض والغذاء.
.
.
وحيث إن سكنى المحضون مستقلة من حيث تقديرها عن نفقة الشيء الذي جعل المحكمة تحددها في مبلغ 500 درهم .
.
".
كما ورد في حكم للمحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة ما يلي : " وحيث عملا بمقتضيات المادة 168 من مدونة الأسرة تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما، يجب على الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم أو يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه .
.
.
وتبعا لذلك تقرر تحديد واجبات سكنى المحضون في مبلغ 600 درهم ابتداء من تاريخ انتهاء العدة مع استمرار الأداء إلى حين سقوط الفرض شرعا .
.
.
".
بخصوص أسباب جعل تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما فقد صدر حكم عن ابتدائية سطات جاء فيه ما يلي : " ولعل المشرع المغربي بتنصيصه في المادة المذكورة أعلاه على تكاليف سكن المحضون واعتبارها مستقلة في تقديرها عن واجب النفقة وأجرة الحضانة إنما أملته عليه اعتبارات نجملها فيما يلي : أ- الحفاظ على حقوق الطفل باتخاذ كل التدابير الممكنة لنموه الطبيعي والحرص على سلامته الجسدية والنفسية والحرص على حماية حياته وصحته.
ب- لتقوية حقوق الطفل استجابة لمقتضيات الاتفاقيات الدولية.
ج- أقرار استقلالية حقوق الطفل عن حقوق والتزامات الزوجين فيما بينهما سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية أو في فترة انفصامها.
د- لمحاربة وضع اجتماعي سلبي ظل سائدا ردحا من الزمن إلى غاية دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ والذي من خلاله كان الأطفال يعيشون رفقة أمهاتهم حالة تشرد عندما يقوم الأب بطرد مطلقته من بيت الزوجية لسبب أو لآخر، وما لذلك من آثار سلبية على وضعية الأطفال داخل المجتمع.
.
.
" وتجدر الإشارة إلى أن استقلالية السكن في التقدير لا تكون إلا عندما تتولى الحضانة الاستئثار بالحضانة لانتهاء الزوجية، أما عندما تكون الزوجية قائمة فإن السكن لا يخضع للتقدير المستقل، وإنما يفرض جملة واحدة مع باقي عناصر النفقة.
لكن الإشكال يثور بالنسبة للأبناء الذين حصل الطلاق أو التطليق بين والديهما قبل صدور مدونة الأسرة، هل يستفيدون من هذا التقدير أم أن المبالغ المفروضة لهم شاملة للسكنى؟.
جاء في حكم لابتدائية مراكش بخصوص هذه النقطة: " وحيث إنه فيما يخص طلب أجرة المسكن فإنه من المبادئ الراسخة قانونا أن .
.
.
القوانين تسري بأثر فوري وليس لها أثر رجعي، أي أن القانون الجديد يسري على الوقائع التي حدثت بعد نفاذه .
.
.
ولا يمكنه بأي حال .
.
.
أن يمس بالمراكز القانونية المكتسبة في ظل القانون القديم .
.
.
ولذلك .
.
.
فالطلاق الذي نشأ عنه التزام المطالب بسكنى المحضونين قد وقع في 1998، وأن مدونة الأسرة لم تدخل حيز التطبيق إلا في 2004، فإنه لا يمكن أن يحكم هذه الحالة لأن من شأن تطبيقه زعزعة الأوضاع القائمة .
.
.
وهذا كله رد وتبرير لرفض الطلب .
.
.
".
وهو نفس الاتجاه الذي سلكته ابتدائية العرائش، إذ جاء في حكم لها : " .
.
.
وحيث إنه وطبقا لمقتضيات المادة 119 من مدونة الأحوال الشخصية فإن النفقة كانت تشمل واجب السكنى لذلك يبقى طلب المدعية الرامي إلى الحكم على المدعى عليه بواجب سكنى المحضونة عرضة للرفض".
إلا أننا لا نتفق مع ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي في هذه النقطة، فسريان القانون الجديد – مدونة الأسرة - على آثار مراكز قانونية كان يحكمها قانون سابق – مدونة الأحوال الشخصية – ليس فيه أي تطبيق للقواعد القانونية بأثر رجعي وما يؤكد وجهة نظرنا هاته، ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية بسطات، إذ جاء في حكم لها : " وحيث لئن كانت القاعدة تقضي بأن التشريع يسري من لحظة نفاذه ويظل كذلك إلى أن يتم إلغاؤها وأنه لا يملك إعادة النظر فيما تم في ظل القانون القديم، في حين أن ما ترتب منها بعد نفاذ القانون الجديد يسري عليها هذا الأخير لأثره المباشر، فالطلاق مثلا كما هو الشأن في نازلة الحال تترتب عنه بعض الآثار المستمرة زمنيا كالنفقة والحضانة وغيرها .
.
.
فإذا صدر قانون جديد يعدل من هذه الآثار فلا تأثير له على ما استحق فعلا، إنما يسري القانون الجديد على النفقة والحضانة – كأثر من آثار الطلاق – ابتداء من وقت نفاذه وليس في هذا السريان أي أثر رجعي لأن القانون الجديد لا يعيد النظر فيما تم في الماضي من طلاق وإنما ينسحب فقط إلى ما يترتب على الطلاق من آثار، الشيء الذي يتبين معه والحال ما ذكر أن الدفع المثار من قبل المدعى عليه غير مبرر قانونا ويتعين رده".
و المشرع المغربي أوجب على الأب إما أن يقوم بتهيئ محل لسكنى المحضون على أن يكون مناسبا للمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأب وصغيره، ولا يشترط فيه أن يكون مراعيا لمستوى الحاضنة المادي يسرا أو فقرا، لأن هذا المسكن جزءا من نفقة الأب على والده ولا اعتبار فيه لحال الحاضنة، أو أن يؤدي لهم مقابل بدل الكراء الذي توافق عليه المحكمة إن رأته منصفا أو تعيد تقديره في إطار سلطتها التقديرية.
جاء في قرار للمجلس الأعلى: " إذا كانت المادة 168 من مدونة الأسرة تعتبر تكاليف السكنى الخاصة بالمحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما، فإنه لا يجوز الحكم بمقابل كراء مسكن إذا تم تهيئ مسكن خاص للمحضون.
تأكيد الطالب بأنه خصص لولديه المسكن بمدينة العيون التي كان يسكن فيها مع المطلوبة قبل الطلاق وإقرار هذه الأخيرة بذلك ضمنيا في جلسة البحث لما صرحت بأنها ترفض السكنى في المدينة التي يوجد بها المسكن، ومع ذلك لم تناقش المحكمة هذا الدفع على الرغم مما له من تأثير على قضائها يجعل قرارها ناقص التعليل ومعرضا للنقض".
وجاء في حكم لابتدائية فاس ما يلي : " وحيث يجب على الأب أن يهيئ لأولاده محلا لسكناهم أو أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه مراعية في ذلك أحكام المادة 191 من المدونة .
.
مما يتعين معه الاستجابة لطلب المدعية .
.
.
بعد إعمال السلطة التقديرية للمحكمة مع مراعاة حال الطرفين ومستوى الأسعار أو توفير سكن لائق للمحضون المذكور".
وزيادة في كفالة حق المحضون في السكن وضمانه منع المشرع المغربي في الفقرة الثالثة من المادة 168 إفراغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكن المحضون، بل أكثر من ذلك ألزم المشرع المحكمة بتحديد الإجراءات الكفيلة بضمان الاستمرار في تنفيذ هذا الحكم من طرف الأب المحكوم عليه، وذلك في صلب الحكم نفسه ولهذا يتعين على المحكمة أن تتحرى كل ما من شأنه أن يمكنها من ذلك، وهكذا يمكنها فرض غرامة تهديدية أو حجز واجبات السكن من المنبع إذا كان الأب موظفا أو مستخدما أو عاملا.
والحكم القاضي على الأب بالسكنى أو بمقابل السكنى يبقى ساري المفعول إلى أن يصدر حكم آخر يحل محله أو يسقط حق المحضونين في النفقة.
وطبقا للفقرة الأخيرة من المادة 175 من مدونة الأسرة فإن زواج الأم الحاضنة يعفي الأب من تكاليف سكنى المحضون وأجرة الحضانة وتبقى نفقة المحضون هي الواجبة على الأب فقط.