رسالة ماستر بعنوان دور المجلس الأعلى للحسابات في حماية المال العام ومكافحة الفساد

يعتبر المال العام عماد النشاط الاقتصادي للدولة الحديثة، فالأموال العمومية هي الوسيلة الرئيسية لإنجاز برامج الدولة في مختلف المجالات، إذ لا يمكن أن تتصور دولة بدون أموال عمومية، الشيء الذي يستدعي اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير من أجل حمايتها من الفساد والتبذير وسوء الاستغلال.

رسالة ماستر بعنوان دور المجلس الأعلى للحسابات في  حماية المال العام ومكافحة الفساد

رابط التحميل اسفل التقديم

_______________________

تقديم

يعتبر المال العام عماد النشاط الاقتصادي للدولة الحديثة، فالأموال العمومية هي الوسيلة الرئيسية لإنجاز برامج الدولة في مختلف المجالات، إذ لا يمكن أن تتصور دولة بدون أموال عمومية، الشيء الذي يستدعي اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير من أجل حمايتها من الفساد والتبذير وسوء الاستغلال.

ولأجل حماية المال العام من كل سوء تدبير، فكرت الدول منذ القدم في اعتماد الرقابة عليه، ذلك أن الرقابة المالية ليست حديثة العهد وإنما عرفتها مختلف الحضارات القديمة المتعاقبة كالحضارة الإغريقية والرومانية والمصرية، كما أن الحضارة العربية والإسلامية عرفت هي الأخرى مبدأ الرقابة المالية منذ النشأة الأولى لها وذلك من

خلال إحداث العديد من الأجهزة الرقابية. "

إن إشكالية حماية المال العام وعقلنة تدبيره وترشيد إنفاقه والعناية بالأجهزة المختصة بمراقبته، أصبحت من

الاهتمامات والانشغالات الأساسية بالنسبة للرأي العام والحكومات والخبراء والمهتمين من كافة أنحاء العالم، وقد عرفت منظومة الرقابة العليا على الأموال العمومية مجموعة من التراكمات التي أدت إلى تحديثها، إذ عملت كل الدول المتقدمة على إحداث أجهزة مؤسساتية تعهد إليها مهمة الرقابة العليا على المال العام، الشيء الذي أنتج لنا أنظمة قانونية متعددة يصعب تقسيمها وترتيبها وفق معايير محددة، إلا أنها تشترك في مجموعة من الخصائص التي تمكننا من تقسيمها إلى نموذجين رئيسيين وهما: النموذج الأنجلوساكسوني والذي يتخذ شكل جهاز أعلى للحسابات ملحق بالهيئة التشريعية ويمارس رقابة إدارية، ويطبق أساسا في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. أما النموذج الثاني فهو الذي تطبقه فرنسا وبعض الدول المجاورة لها، حيث يمارس الرقابة العليا جهاز

قضائي مستقل في تنظيمه وتسييره . 3

بالنسبة للمغرب فإنه اعتمد نظام الرقابة المالية قبل الاستعمار، وهو نظام يستمد أحكامه وقواعده من الشريعة الإسلامية ويتمثل في ولاية الحسبة وولاية المظالم. كما أن السلطان الحسن الأول قام بإصلاحات مالية حول بموجبها أمين الأمناء إلى وزير المالية وجعله المسؤول عن بيت المال ومصاريف الموظفين، بحيث يقدم هذا

الأخير لائحة إلى أمين السر الذي يقوم بالصرف وعمل السلطان كذلك على الزيادة في أجور المسؤولين عن المالية من أجل إعانتهم على التعفف عن الرشوة التي كانت تنخر جهاز الإدارة آنذاك . .

لكن المغرب لم يعرف نظام الرقابة على المال العام بشكله الحديث إلا مع الاستعمار الفرنسي الذي أدخل تقنيات المراقبة المالية الحديثة والمعاصرة من خلال إحداث المستعمر اللجنة المحلية المغربية للحسابات سنة 1932 والتي اقتصرت في مراقبة بعض الحسابات الثانوية، فيما تتولى محكمة الحسابات الفرنسية البت في الحسابات

الرئيسية . 2

وغداة الاستقلال السياسي للمغرب اختار الاستفادة من الموروث الفرنسي فيما يتعلق بالخطوط الكبرى للنظام المالي والمحاسبي طاويا بذلك صفحة تعدد الأمناء والصناديق العمومية التي كان جاريا بها العمل في النظام

المالي القديم ...

وقد قام المغرب بتأسيس نظام قانوني للرقابة المالية من خلال ظهير 14 فبراير 1960 القاضي بإحداث اللجنة الوطنية للحسابات والتي أناط بها المشرع مهمة مراقبة حسابات المحاسبين العموميين فيما يتعلق بالنفقات العمومية، ودعمها بإصدار المرسوم الملكي 21 أبريل 1967 المتعلق بسن نظام عام للمحاسبة. غير أن هذه اللجنة أبانت عن محدوديتها وما لبثت أن فشلت الاعتبارات متعددة أهمها محدودية إطارها القانوني، وضعف الوسائل المادية والبشرية فضلا عن تبعتها المباشرة لوزارة المالية مما حد من دورها وفعاليتها في القيام بالمهام التي

حددت لها.

وأمام هذا الوضعتم التفكير في إحداث محكمة خاصة كفيلة بحماية الأموال العمومية من كل اختلاس أو سوء تدبير وتمتيعها بالاستقلالية وبصلاحيات هامة غير تلك التي كانت تتمتع بها الأجهزة السابقة، هكذا تم بمقتضى ظهير 14 شتنبر 71979 إصدار القانون 12.79 القاضي بإحداث المجلس الأعلى للحسابات ..

..

إشكالية البحث:

المعالجة هذا الموضوع صغنا الإشكالية المركزية التالية: ما مدى نجاعة رقابة المجلس الأعلى للحسابات في

حماية المال العام ومكافحة الفساد؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الإشكاليات الفرعية التالية:

ما مدى تلاؤم نظام الرقابة العليا على الأموال العمومية بالمغرب مع الأنظمة الكبرى للرقابة المالية العليا؟

ما هي الطبيعة القانونية لنظام الرقابة العليا على الأموال العمومية بالمغرب؟

كيف تساهم الهيئات الرئيسية بالمجلس في حماية المال العام؟

ما هي الآليات التي يتدخل عبرها المجلس التحقيق دوره في حماية المال العام ومكافحة الفساد؟

إلى أي حد نجح المجلس الأعلى للحسابات في تحقيق مهامه وأهدافه؟ وما هي مساهمته في تحقيق رقابة فعلية على المال العام؟

ما هي الإكراهات والعراقيل التي تعترض عمل المجلس وتحد من فعاليته وكيف يمكن تجاوزها ؟

منهجية البحث:

من أجل الإجابة عن الإشكالية الرئيسة السالفة الذكر والإشكاليات المتفرعة عنها، لن يكون بالإمكان اعتماد منهج واحد وذلك لتعدد مداخل هذا الموضوع، وبذلك سنحاول اعتماد جميع المناهج التي ستحتاجها هذه الدراسة وسنعتمد على الخصوص على المنهج المقارن من أجل مقارنة الأنظمة الرئيسية للرقابة العليا على المال العام وقياسها مع النموذج المغربي، كما سنستعين بالمنهج الوظيفي الذي يسمح لنا برصد آليات تدخل المجلس الأعلى للحسابات، إضافة إلى اعتماد المنهج التحليلي القانوني في تحليل النصوص القانونية المنظمة لعمل المجلس

واعتماد المنهج الإحصائي في تقييم حصيلة عمل المجلس الأعلى للحسابات.

خطة البحث:

للإحاطة بالموضوع والإجابة عن الإشكاليات التي يطرحها اعتمدنا منطق التدرج من العام إلى الخاص حيث خصصنا الفصل الأول من هذه الدراسة إلى الإطار العام للمجلس الأعلى للحسابات إذ تناولنا فيه أنظمة الرقابة العليا على المال العام، وحاولنا استعراض النماذج الرائدة في كل من النموذج الأنجلوساكسوني واللاتيني من أجلا ستخراج خصائص كل نظام، كما بحثنا في الطبيعة القانونية للمجلس هل هو مؤسسة إدارية أم قضائية؟ كما عملنا في نفس الفصل على تحليل الهيئات الرئيسية في المجلس والوقوف عند أدوارها في حماية المال العام، ثم انتقلنا

دور المجلس الأعلى للحسابات في حماية المال العام ومكافحة الفساد

إلى مناقشة الآليات التي يتدخل بواسطتها المجلس من أجل حماية المال العام والتي تنقسم إلى آليات إدارية وأخرى قضائية.

بينما خصصنا الفصل الثاني لقياس مدى فعالية الرقابة الممارسة من طرف المجلس سواء تلك الرقابة القضائية أو الإدارية وذلك من خلال تحليل حصيلة عمله خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2018 معتمدين في ذلك على مجموعة من التقارير التي أصدرها المجلس خلال هذه الفترة، كما حاولنا أيضا الوقوف عند أهم الإكراهات والعراقيل التي تقف عقبة في طريق أدائه لوظائفه والتي تنقسم بدورها إلى قسمين: إكراهات داخلية وأخرى خارجية.

أما خاتمة الموضوع فقد حاولنا أن تخصصها لعصارة الموضوع من خلال عرض أهم النتائج التي توصلنا إليها وتقديم بعض المقترحات التي نعتقد أنها يمكن أن تساهم في تجاوز هذه الإشكالات التي يعاني منها المجلس الأعلى للحسابات وتدعم جهوده في حماية المال العام ومكافحة الفساد.

ويتوزع هذا البحث إلى فصلين على الشكل التالي:

الفصل الأول: الإطار العام للمجلس الأعلى للحسابات

الفصل الثاني: مدى فعالية آليات المجلس الأعلى للحسابات في حماية المال العام.

_____________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1MEFyDD3YecQNhL_zbGnBZLy-v6Cdlw6H/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0