مقدار النفقة خلال فترة العدة

إذا طلق الزوج زوجته طلاقا رجعيا ، فقد اتفق الفقهاء على أن نفقتها تجب لها كاملة على مطلقها مدة العدة، سواء كانت حاملا، أو غير حامل لقيام الزوجية بينهما حكما كما قال ابن رشد المالكي : " اتفقوا على أن للمعتدة الرجعية النفقة والسكن وكذا الحامل" .

مقدار النفقة خلال فترة العدة

-أولا : حالات الاستحقاق.

إذا طلق الزوج زوجته طلاقا رجعيا ، فقد اتفق الفقهاء على أن نفقتها تجب لها كاملة على مطلقها مدة العدة، سواء كانت حاملا، أو غير حامل لقيام الزوجية بينهما حكما كما قال ابن رشد المالكي : " اتفقوا على أن للمعتدة الرجعية النفقة والسكن وكذا الحامل" .

فإذا كانت نفقة المعتدة من طلاق رجعي لا تثير أي إشكال فإن نفقة المعتدة من طلاق بائن تثير خلافا فقهيا .

إن القول ، بأن نفقة العدة بالنسبة للمطلقة طلاقا بائنا هي محل خلاف فقهي فهذا معناه هل تجب نفقة العدة للمبانة؟ .

لقد حاول الفقه الإسلامي الإجابة عن هذا السؤال معتمدا في ذلك على القرآن الكريم والسنة النبوية ، حيث قال عز وجل في محكم تنزيله : يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، وقوله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن .

ومن السنة النبوية عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثا قال : " ليس لها سكنى ولا نفقة " رواه أحمد ومسلم في رواية عنها قال : " طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة " رواه الجماعة إلا البخاري وفي رواية عنها ايضا قال : " طلقني زوجي ثلاثا، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعتدفي أهلي " رواه مسلم .

بيد أن اختلاف الفقهاء في فهم الآيتين السابقتين من سورة الطلاق ، تولد عنه انقسام في الآراء ، يمكن إجمالها في ثلاثة آراء أساسية : -الرأي الأول : المطلقة المبانة لها السكنى والنفقة وهو رأي تزعمه عمر بن الخطاب وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما وسايرهما الأحناف .

-الرأي الثاني : أنه لا سكنى لها ولا نفقة وهو رأي الحنابلة والظاهرية.

-الرأي الثالث : أن المطلقة المبانة لها السكنى ولا نفقة لها وهو رأي مالك والشافعي وجماعة .

وعموما إذا كان مرد الخلاف حول نفقة عدة المبانة، عدم ثبوت الحديث، والتباين في تفسير القرآن وفهمه، فإن مدونة الأسرة أخذت برأي مالك والشافعي وذلك في فقرتها الثانية من المادة 196 " المطلقة طلاقا بائنا إذا كانت حاملا تستمر نفقتها إلى أن تضع حملها ، وإذا لم تكن حاملا يستمر حقها في السكنى فقط إلى أن تنتهي عدتها".

وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 196 نجد أن المطلقة رجعيا تستفيد من حقها في السكنى والنفقة ما لم تعتريها حالات السقوط.

-ثانيا : حالات السقوط .

إذا كانت القاعدة تقضي باستحقاق المطلقة لنفقة العدة طيلة فترة العدة فإنه هناك حالات تسقط فيها هذه النفقة.

-أ – مغادرة بيت العدة : لقد أسلفت سابقا بأن المطلقة طلاقا رجعيا يستمر حقها في النفقة ما دامت كذلك أما المطلقة طلاقا بائنا فإنها تبقى محتفظة بالحق في السكنى إلى حين انتهاء عدتها وسيأتي الحديث عن هذا الحق لاحقا.

غير أن هذا الحق مقيد ببقاء الزوجة في البيت الذي تعتد فيه إلى حين انتهاء عدتها وذلك مصداقا لقوله تعالى :  يأيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة .

أما إذا خرجت منه وانتقلت إلى غيره بدون مبرر شرعي فإن نفقتها تسقط عن زوجها فلا يبقى مطالبا بالنفقة كلها في الطلاق الرجعي ، ولا بأجرة المسكن في الطلاق البائن ذلك أن بقاء الزوجة في بيت الزوجية أثناء العدة حق لله، ولذلك لا يجوز للزوجين أن يتفقا على أن تعتد الزوجة في غير بيت الزوجية إلا إذا كان هناك مبرر يقبله الشرع إلا أن مدونة الأسرة حادت عن هذا الموقف وأقرت للمطلقة النفقة وأسقطت عنها الحق في السكنى فقط بالرغم من إجماع الفقه الإسلامي بكل مذاهبه أن الزوجة الناشز تسقط نفقتها، وأخذت بموقف ابن حزم الظاهري الذي يرى بأن نفقة الناشر لا تسقط عن زوجها لعموم قوله تعالى :  وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف  ، وبهذا تكون مدونة الأسرة قد أخذت بالرأي الشاذ في مادتها 196.

-ب – وفاة الزوج : المتوفى عنها زوجها حسبما ذهب إليه المالكية، لا تستحق نفقة العدة إذا توفي الزوج وهي في عصمته سواء كانت حاملا أو غير حامل ، ولكن لها السكنى ، إذا كانت في منزل مملوك للمتوفى ومثلها المطلقة رجعيا إذا مات عنها وهي في العدة، أما المطلقة طلاقا بائنا حاملا كانت أو غير حامل ، فإنه إذا مات عنها وهي في العدة فإن لها حق السكنى مطلقا سواء كانت في ملكه أو في منزل مستأجر .

-ج – تسقط النفقة إذا كانت عوضا في الخلع : لأن كل ما صح الالتزام به شرعا صلح أن يكون بدلا في الخلع دون تعسف ولا مغالاة ، إذ يعتبر هذا نوعا من أنواع الإبراء ومن حق الزوجة أن تبرئ ذمة زوجها من نفقتها لكن شريطة أن تكون متمتعة بأهلية التبرع.

وتجدر الإشارة إلى أن مدونة الأسرة لم تخصص فصلا ، أو مادة للحديث عن مسقطات النفقة بل اكتفت بالتنصيص على الحالة الأولى فقط ضمن الفقرة الأولى من المادة 196 والمتعلقة بمغادرة بيت الزوجية أو بيت العدة.

حتى إذا تحقق القاضي من استحقاق المطلقة للنفقة شرع في تقديرها .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0