شروط تقديم الأجير للاستقالة في القانون المغربي
الكيفية و الاجراءات اللازمة لاستقالة الاجير حسب مدونة الشغل المغربية و الشروط اللازمة لقبول الاستقالة في القانون المغربي
أولا - الإخطار المسبق
يعرف الإخطار بأنه التزام يقع على الطرف الذي يريد إنهاء عقد الشغل محدد المدة سواء كان مشغلا أو أجيرا أو هو المدة التي يستمر فيها الأجير في العمل مع تقاضيه الأجر من
طرف المشغل رغم وجود إنهاء مبلغ منه للمشغل، أو بعبارة مغايرة، أجل الإخطار هو الفترة الواجب احترامها بين تاريخ الإشعار والإنهاء الفعلي للعقد.
إن الأجير الذي يرغب في إنهاء عقد شغله عن طريق الاستقالة، ملزم بأن يخطر مشغله بعزمه على هذا الانهاء، فالفقرة الثانية من المادة 34 تنص على أنه " يمكن إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بإرادة الأجير عن طريق الاستقالة المصادق على صحة إمضائها من طرف الجهة المختصة، ولا يلزمه في ذلك الا احترام الأحكام الواردة في الفرع الثالث أدناه بشأن أجل الإخطار. "
والهدف من أجل الإخطار هو منع وقوع المفاجأة على الطرف الآخر، وتمكينه خلال مهلة الإخطار من تهييئ نفسه للوضع الجديد الذي سيوجد عليه بعد إنهاء العقد، فعند انهاء الأجير لعقد شغله قام المشغل بالبحث عن أجير آخر، فهو إذن يخول فترة معينة للمشغل قصد إيجاد الخلف. وهذا ما أكده قرار المجلس الأعلى، الذي جاء فيه: " إن الغاية من منح الأجير مشغله مهلة إخطار، المنصوص عليها قانونا هي تمكينه من البحث عن أجير يتولى منصب الأجير الذي أنهى عقده حفاظا على سير العمل بالمؤسسة ".
ونظرا لأهمية الإخطار، يطرح التساؤل حول مدى تعلقه بالنظام العام، بالرجوع الى الفقرة الثالثة والرابعة من المادة 43 من مدونة الشغل، نجدها تنص على أنه: " يكون باطلا بقوة القانون كل شرط في عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي أو في العرف يحدد أجل الإخطار في مدة تقل عما هو محدد في النصوص التشريعية والتنظيمية.
يكون باطلا في جميع الأحوال كل يشرط يحدد أجل الإخطار في أقل من ثمانية أيام" وبالتالي يتبين أن احترام أجل الإخطار في التشريع المغربي من النظام العام، بمعنى أنه لا يجوز التنازل عنه أو إعفاء الطرف الملزم به، وقد جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالقنيطرة: حيث يستنتج من المواد أعلاه أن المشرع جعل مدة الإخطار المنصوص عليها في النصوص التشريعية أو التنظيمية كحد أدنى وجعل منه قاعدة من النظام العام لا يجوز ن منطلق الارادة، وفي المقابل لم يحدد له مدة أقصى لأن هذا الأجل هو ضمانة وضعت لصالح الطرفين قصد البحث عن طرف جديد ولهذا فإنه لا ضرر في التمديد في أجله.
وقد حدد المشرع أجل الإخطار، بمقتضى المرسوم رقم 2.04.469، الصادر في 10 ذي القعدة 1425 الموافق ل 29 دجنبر 2004 ، المتعلق بأجل الإخطار لإنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بإرادة منفردة، والذي جاء في مادته الأولى ما يلي: "يحدد أجل الإخطار لإنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بإرادة منفردة، المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة43 من القانون المشار اليه أعلاه رقة 99.65 كما يلي:
. بالنسبة للأطر ومن شابههم :
أقل من سنة . شهر واحد.
من سنة إلى 5 سنوات شهران
أكثر من 5 سنوات . ثلاثة أشهر.
. بالنسبة للمستخدمين والعمال، حسب أقدميتهم
أقل من سنة . ثمانية أيام.
من سنة إلى 5 سنوات. شهر واحد.
من خمس سنوات فأكثر ---- شهران . "
يبدأ سريان أجل الإخطار من اليوم الموالي لتبليغ قرار إنهاء العقد، حسب المادة 44 من مدونة الشغل .ويمكن أن يوقف أجل الإخطار في حالتين نصت عليهما المادة 45 من المدونة المذكورة
في حالة عجز الأجير مؤقتا عن الشغل نتيجة تعرضه لحادثة شغل، أو مرض مهني. في حالة وضع الحامل لمولودها، أو ما بعده.
وقد نصت المادة 47 من مدونة الشغل على أنه يجب على المشغل والأجير، خلال أجل الإخطار احترام جميع التزاماتهم المتبادلة 14.
كما يستفيد الأجير أثناء أجل الإخطار من رخص التغيب، قصد البحث عن شغل آخر، على أن يؤدى له عنها الأجر الدي يتقاضاه عن أوقات شغله الفعلي أيا كانت طريقة أدائه 15.
ويترتب على إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة دون إعطاء أجل الإخطار، أو قبل انصرام مدته، أداء الطرف المسؤول عن الإنهاء تعويض عن الإخطار للطرف الآخر .
كما أن قبول المشغل لاستقالة الأجير لا يلغي أحقية المشغل في التعويض عن مهلة الإشعار وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار له، جاء فيه: " تقديم الأجير الاستقالته من العمل وقبول المشغل لهذه الاستقالة لا يمكن إن يحرمها من مهلة الاشعار .17
ثانيا - الكتابة
خلافا لظهير 23 أكتوبر 1948، أصبحت مدونة التجارة تشترط أن تكون الاستقالة الأجير مكتوبة، وهكذا فإنها تصرف شكلي لا يمكن اثباته من جانب المشغل الذي يدعيها بشهادة الشهود أو بالقرائن، بل يجب أن يدلي الأجير باستقالته مكتوبة مصادقا على صحة إمضائها من طرف الجهة المختصة، هذه الكتابة تشكل في آن واحد شرطا لصحتها ووسيلة لإثباتها.
وإذا كان المشرع قد ألزم الأجير بأن تكون استقالته مكتوبة، فإنه لم يلزمه أن تكون الكتابة رسمية، بل تبقى الاستقالة صحيحة ولو كانت عرفية، وهذا ما أكده المجلس الأعلى: "... إن المحكمة لما استبعدت وثيقة الاستقالة المدلى بها بعلة أنها ورقة عرفية وأن مجرد إنكارها كاف لاستبعادها، مع أنه لا يوجد ما يمنع من الأخذ بالورقة العرفية إن كانت صحيحة لإثبات الاستقالة، يكون قرارها فاسد التعليل...
ثالثا - المصادقة على صحة إمضائه
إن الأجير ملزم بالمصادقة على صحة إمضائه لدى الجهة المختصة، ويقصد بالمصادقة على صحة الإمضاء الإشهاد من طرف موظف العمومي المختص على صحة وسلامة الإمضاءات الموضوعة في أسفل المحررات، وهذا الأمر من شأنه أن يحد من السلوك الذي درج عليه بعض المشغلين، من خلال استدراجهم بعض الأجراء لتقديم وثيقة غير مؤرخة تفيد استقالتهم من اللحظة الأولى لتشغيلهم.
وإن كانت المادة 34 توجب المصادقة على توقيع الأجير المضمن بالاستقالة حيث سار العمل القضائي على عدم الاعتداد بها في حالة عدم المصادقة، فيبدو من الواضح أن تنصيص المشرع على هذا المقتضى كان يروم إعطاء الأجير الأمي مدة زمنية كافية للتقصي ومعرفة مضمون الوثيقة التي وقع عليها.
وقد ذهبت محكمة النقض إلى ان التصديق ليس دليلا على معرفة مضمون الاستقالة حيث جاء في قرار لها " و حيث أن طالب النقض أكد أمام محكمة الاستئناف أنه أمي يجهل اللغة الفرنسية التي حررت بها ورقة الاستقالة من طرف المطلوبة في النقض، وأنه لم يسبق أن قدم استقالته إلا أن محكمة الاستئناف من غير البحث في الأمية اعتبرت ذهاب الطاعن للمصالح المختصة للتعريف بإمضائه دليل على معرفته بمحتوى الوثيقة، مع ذلك لا يضفي عليها أثرها القانوني، ما دامت مقتضيات الفصل 427 من ق. ل. ع لم تطبق، مما جعل القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس قانوني خارقا لمقتضيات الفصل المذكور و معرضا لمخالفة".
رابعا - تقديم الاستقالة برضى الأجير:
يجب أن تكون استقالة الأجير، صادرة عن إرادة حرة، وليست معيبة نتيجة إكراه قام به المشغل ناتج عن استعمال وسائل ضغط أحدثت رهبة لدى الأجير، وجعلته يقدم استقالته، سواء كانت وسائل الضغط هاته، مشروعة، أو غير مشروعة، فالمشغل الذي يهدد الأجير بالتبليغ به ومتابعته جنائيا ان هو لم يوقع الاستقالة، وان كانت وسيلته في ممارسة الاكراه مشروعة الابلاغ عنه الا أنه يجعل الأجير مكرها على تقديم استقالته وتكون ارادته فاسدة.
وقد جاء في قرار لمحكمة النقض" لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وبما لها من سلطة لتقدير وتقييم الحجج المعروضة عليها استخلصت أن الأجير المطلوب في النقض لم يغادر العمل من تلقاء نفسه وبمحض اختياره وإنما بسبب اتهامه بارتكاب السرقة داخل الشركة وخوفا من عرض الأمر على الشرطة من قبل الطاعنة المشغلة وعلى هذا الأساس استخلصت المحكمة انعدام التلقائية أو الرغبة في مغادرة العمل من قبل الأجير المطلوب في النقض وإنما أرغم عليها ". وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية عندما اعتبرت أن الأجير الذي يقدم استقالته كتابة بناء على طلب المشغل جراء اكتشافه السرقة، وتحت التهديد بالفصل بسبب الخطأ الجسيم وتقديم شكوى جنائية ضده لا ينهي عقد شغله بحرية تامة.
والإكراه المفسد لرضا الأجير يستوي أن يكون صادرا من المشغل أو من الغير وهو ما أكدته محكمة النقض في قرار لها جاء فيه : " ومن جهة رابعة فقد ثبت المحكمة الموضوع بشهادة الشاهد أن المطلوب قد تعرض لضغط وإكراه لتقديم استقالته ، حيث أكد أن ابن مدير الشركة عرقل سير عمله وأزاح جميع العمال الذين كان يشرف عليهم المطلوب حتى بقي وحده في المصلحة، كما حرمه من سيارة الخدمة ومن توقيع التذاكر المجانية للزبناء وهو ما أكده الشاهد ، كما أن ابن مدير الشركة قام بتوقيف عملية تصفية حسابات مداخيل الشركة ، وكل هذه المعطيات أكدت أن الاستقالة تمت تحت الضغط والإكراه ، وهي بالتالي خالية
من عنصر الرضا 23.
خامسا - عدم التعسف في تقديم الاستقالة:
إن الأجير يكون متعسفا في إنهاء عقد الشغل بإرادته المنفردة، إذا لم يقصد من وراء ذلك إلا الإضرار بالمشغل خاصة عندما يختار توقيتا غير ملائم لتقديمها، وهو ما نص عليه المشرع المغربي صراحة ضمن الفقرة الأولى من المادة 41 وقد نصت على أنه:
يحق للطرف المتضرر في حالة إنهاء الطرف الآخر العقد تعسفيا مطالبته بالتعويض عن الضرر. "
ومن ثم فإن المشغل الذي يتمسك بأن الاستقالة كانت تعسفية، ويطالب تبعا لذلك بالتعويض أو برجوع الأجير إلى عمله، أن يثبت التعسف المدعى به طبقا للقواعد العامة 24.