إبرام عقد الشغل الخاص بالعمال المنزليين

مواضيع في القانون المدني

إبرام عقد الشغل الخاص بالعمال المنزليين

عنوان : إبرام عقد الشغل الخاص بالعمال المنزليين.


 المطلب الأول: إبرام عقد الشغل الخاص بالعمال المنزليين.

الفقرة الأولى: إبرام عقد الشغل.

تتميز مرحلة إبرام عقد العمل المنزلي بمميزات ألزم المشرع أن تكون موجودة ليصح العقد، و هو ما سنأتي بذكره في الآتي:

أولا: كتابة عقد الشغل.

جاءت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 12-19 بما يلي " يتم تشغيل العاملة أوالعامل المنزلي بمقتضى عقد عمل محدد أو غير محدد المدة يعده المشغل وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي." وهو ما يبين أن هذ العقد من عقود الإذعان، إذ أعطى المشرع صلاحية إعداده للمشغل، وهو بطبيعة الحال ما سيستغله لصالحه و تضمين ما يخدم مصلحته في ذلك العقد، وللعامل المنزلي سوى الإنضمام للعقد. يبدو من قراءة المادة الثالثة أن المشرع خرج عن مبدأ الرضائية التي تميز عقود الشغل كافتها (المواد 15 و 18 من مدونة الشغل)، و اعتماد الشكلية في عقود العمل المنزلي خصوصا منه االعقود النموذجية "les contrats types"، خاصة وأن المشرع في الفقرة الثالثة ألزم بتحري رالعق دفي تلاث نظائر وهو ما يبين تركيزه على الشكلية و الكتابة في عقود العمل المنزلي.

لكن سرعان ما تراجع المشرع عن مبدأ الشكلية حيث نص في الماد ةالتاسعة على م ايلي "يمكن إثبات عقد شغل العاملة أو العامل المنزلي بجميع وسائل الإثبات."  و هو ما يعتبر إقرارا من طرف المشرع على إمكاني ةإبرام عقو دالشغل بشكل شفوي ،وإتباثه بجميع وسائل الإتباث كشهادة الشهود والقرائن الأخرى[1].و هوما كان على المشرع تضمينه في نفس المادة لتفاذي الإزدواجية و تشتيت النصوص التي هي في نفس السياق,

أما فيما يخص العمال المنزليين الأجانب، فقد نصت الفقرة 4 من المادة 3 بما يلي " إذا تعلق الأمر بعاملات أم عمال منزليين أجانب، تطبق أحكام البابين الخامس والسادس من الكتاب الرابع من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، والتي تهم تشغيل الأجراء الأجانب ". وبالتالي فالمشرع المغربي قد أحال إلى تطبيق أحكام مدونة الشغل إذا تعلق الأمر بالعمال الأجانب، أي إستعمال العقد النموذجي[2] المعمول به في باقي القطاعات، فضلا عن تضمن العقد النموذجي لبيانات لا يمكن أن يتوفر عليها العامل أو العاملة المنزلية حاليا مثل رقم الإنخراط في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، وإسم شركة التأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية رغم أن القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ينص على إستفادة عمال المنازل من إلزامية المشغل بتسجيل العمل في نظام الضمان الإجتماعي[3].

ثانيا: شكليات عقد الشغل.

من شكليات عقد العمل المنزلي كما تصت عليه المادة 5 من نفس القانون وجوب العامل أو العاملة بتقديم نسخة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية أوما يقوم مقامها للمشغل، و كذا توفير جميع البيانات و الوثائق التي يطلبها المشغل، خصوصا تلك المتعلق بهوية العامل المنزلي من قبيل عنوانه و تاريخ و مكان ازدياده و حالته العائلية، و كذلك الشواهد المدرسية و المهنية إذا كان يتوفر عليها.

كذلك يجب على العامل المنزلي إخبار مشغله بأي تغيير يطرأ على المعلومات السابقة. و قد أضافة نفس المادة في فقرتها 3 على إمكانية توفير شهادة طبية من لدن العامل إذا طلبها مشغله و لكن نفقتها يتحملها المشغل. مع وجوب تصريح العامل أو العاملة مسبقا بكل الأمراض التي يعاني منها خصوصا إذا كانت مزمنة.و حتى الأمراض التي يعاني منه عائلته تحسبا و إحتياطا من الأمراض المعدية. و تقدم هذه المعلومات بالموازات مع إبرام عقد الشغل.

الفقرة الثانية: شروط صحة عقد الشغل.

جاء المشرع بالباب الثاني من القانون قيد الدراسة لتبيان شروط تشغيل العمال و العاملات المنزليين، حيث خصص لهذا الموضوع عشر مواد تبتدأ من المادة 3 إلى المادة 12، حيث تطرقت هذه المواد إلى كيفية إبرام عقد العمل المنزلي، و شروط إبرام الإلتزامات في هذا العقد، و التي سنحاول تفصيلها فيما يأتي ، و البدأ بالشروط العامة لصحة العقد (أولا)، و نتبعها بالشروط الخاصة (ثانيا).

أولا :الشروط العامة الصحة عقد الشغل.

تدخل الشروط العامة للعقود في إطار ما هو منصوص عليه في الفصال الثاني من قانون الإلتزامات و العقود من سبب و أهلية و محل و رضى[4]. و عقد العمل المنزلي يخضع بدوره لهذه الشروط كما جاءت الفقرة الأولى من المادة 3 بقولها: " ويوقع هذا العقد من قبل المشغل والعاملة أو العامل المنزلي، شريطة أن تراعى، عند التوقيع، الشروط المتعلقة بتراضي الطرفين وبأهليتهما للتعاقد وبمحل العقد وبسببه كما حددها قانون الالتزامات والعقود."، و هي ما سنفصل فيها:

الرضى: لا يقوم التراضي إلا بتطابق إرادة كل المتعاقدين، هذا التطابق الذي يتم عادة بإيجاب منجانب أحد المتعاقدين و قبول مطابق له من جانب الطرف الآخر ليتم ذلكالإقتران و التوافق بين الإرادتين و ينعقد بذلك العقد[5]. أما في إطار هذا القانون قيد الدراسة، الذي أعطى إمكانية تشغيل القاصر و الذي يعني أنه غير مؤهل للأخذ برضاه، ما يلزم توفر رضى ولي أمره الذي يكون هو الطرف في العقد.

الأهلية: و يقصد بأهلية المتعاقدين هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق و تحمل الواجبات (أهلية الوجوب)، و هي ببساطة الشخصية القانونية التي تتبث لكل إنسان في كل مراحل عمره، كما تطلق على صلاحية الشخص للقيام بالأعمال و التصرفات القانونية التي تستلزم التعبير عن إرادة يعتد بها القانون دون الأعمال المادية التي يترتب أثارها دون الإعتداد بإرادة الشخص (أهلية الأداء)[6] . و هذه الأخير التي تهمنا هنا، و التي تكون بإتمام الشخص لثماني عشر سنة شمسية كاملة[7]، و الذي وضع لها المشرع استثناءا بإمكانية تشغيل الأطفال بين السادس عشر و الثماني عشر سنة بموافقة ولي أمره.

المحل: فهو ذلك الأداء(préstation) الملقى على عاتق الملتزم الذي هو إعطاء شيء أو القيام بعمل أو خدمة أو الإمتناع عن القيام بهما[8]. و المحل في ظل عقد العمل المنزلي مميز بالإلتزام بقيام بعمل ذو طبيعة منزلية، سواء داخل المنزل أو بمناسبة أشغال منزلية، و هذا للتفريق بينه و بين عقد الشغل و العقود الأخري ذات الصبغة التقنية. و بطبيعة الحال يجب أن يكون محل العقد العمل المنزلي قائم على عمل مشروع لا يخالف الأخلاق و النظام العام.

السبب: و هو الغاية من وراء التعاقد و الذي يكون في العقد موضوعنا هو قيام العامل بعمل مشروع قصد تلقي أجر على عمله.

ثانيا :الشروط الخاصة لصحة عقد الشغل.

و من الشروط الخاصة لإبرام عقد العمل المنزلي هو ما جاءت به المادة من نفس القانون بقولها "غير أنه يمكن، خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات (5) تبتدئ من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، تشغيل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 سنة بصفتهم عاملات أو عمالا منزليين، شريطة أن يكونوا حاصلين من أولياء أمورهم على إذن مكتوب مصادق على صحة إمضائه، قصد توقيع عقد الشغل المتعلق بهم.

تعرض العاملات والعمال المنزليين المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و18 سنة وجوبا على فحص طبي كل ستة أشهر على نفقة المشغل.

ويمنع تشغيل العاملات والعمال المنزليين المشار إليهم في الفقرة السابقة ليلا، كما يمنع تشغيلهم في الأماكن المرتفعة غير الآمنة، وفي حمل الأجسام الثقيلة، وفي استعمال التجهيزات والأدوات والمواد الخطرة، وفي كل الأشغال التي تشكل خطرا بينا على صحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالآداب العامة".

و ما هو ما يستفاد منه أن المشرع المغربي خرج من قاعدة الأهلية في التعاقد بصفة عامة المحددة في 18 السنة، و بكون أن الحد الأدنى لسن الاستخدام كما حددته الاتفاقية رقم 938 يتمثل في 15 سنة فإن القانون قد جاء أكثر حماية مما ورد بالاتفاقية[9]، و جاء بالإستثتاء من 18 سنة كحد أقصى للتشغيل  في المادة سابقة الذكر بإمكانية تشغيل الأطفال ما بين 16 و 18 سنة بشروط خاصة.

و من هذه الشروط الخاصة وجوب استصدار إذن خاص من أولياء الأطفال القصريين المراد تشغيلهم، و يكون هذا العقد مكتوبا و مصادقا عليه، و يجب أن يكون حاضرا أولا قبل إبرام عقد العمل العمل المنزلي كشرط لإبرامه. أما من شروط صحته بعد إبرامه هو وجوب عرض القاصريين الذين تم تشغيلهم على فحص طبي كل سته أشهر و على نفقة المشغل، و ذلك حماية لهم من بعض الوسائل المستعملو من طرف المشغلين و من الأمراض، و كذلك يمنع تشغيلهم ليلا وفي الأماكن المرتفعة وفي حمل الأجسام الثقيلة، وفي استعمال التجهيزات والأدوات والمواد الخطرة، وفي كل الأشغال التي تشكل خطرا بينا على صحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي أو قد يترتب عنها ما يخل بالآداب العامة.[10]

و قد أنهى المشرع المادة السادسة بإمكانية إصدار نص تنظيمي يحدد فيه قائمة الأشغال التي يمنع أن تكون سببا في إبرام عقد العمل بالنسبة للأطفال، و بالفعل فقد تم إخراج مرسوم في هذا الإطار سنة 2017 و هو المرسوم 356-17-2[11].

 

[1]ذ,حسن هروش: "ملاحضات حول القانون 12- 19 المتعلق بتحديد شروط الشغل و التشغيل المتعلقة بالعمل المنزليين"، مجلة المحامي، المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش، العدد 68، يناير 2017، الصفحة 176.

[2]قرار لوزير التشغيل و التكوين المهني رقم 350.05 صادر في 29 من ذي الحجة 1425( 9 فبراير 2005 )بتحديد نموذج عقد الشغل الخاص بالأجانب، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5300 بتاريخ 17 مارس 2005,

[3] أنوار البريني و محمد امهارش:"الوضعية القانونية لعمال المنازل"، بحت إجازة، كلية متعددة الإختصاصات بالراشيدية، 2016/2017، الصفحة 24.

[4] الفصل 2 من قانون الإلتزامات و العقود "الأركان اللازمة لصحة الإلتزامات الناشئة عن التعبير عن الإرادة هي:

  1. الأهلية للإلتزام
  2. تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للإلتزام
  3. شيئ محقق ييصلح لأن يكون محلا للإلتزام
  4. سبب مشروع للإلتزام"

[5] محمد الشرقاني: "النظرية العامة للإلتزامات ( العقد)"، المطبعة و الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى سحب جديد، 2010/2011، الصفحة 61.

[6] محمد الشرقاني، مرجع سابق، الصفحة 104.

[7] المادة 209 من مدونة الأسرة المغربية.

[8] الدكتور عبد القادر العرعاري: "نظرية العقد"، دار الأمان، الرباط، الطبعة الرابعة لسنة 2014، الصفحة 223.

[9] عدنان بوشان: "قراءة في القانون رقم 91.91 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين."، مجلة قانون و الأعمال، عدد خاص بقانون الشغل ، الغدد 26، فبراير 2020، الصفحة 9.

[10] إلياس بناصر و معاذ الأنصاري: "الحناية القانونية للعاملات و العمال المنزليين"، عرض ماستر بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية السوسي، الرباط، 2017-2018، الصفحة 10.

[11]مرسوم رقم 356.17.2 صادر في 6 محرم 1439(27 سبتمبر 2017 )بتتميم لائحة الاشغال التي یمنعفیھاتشغیل العاملات والعمال المنزلیین المتراوحة أعمارھم ما بین 16 و18 سنة .الجریدةالرسمیة عدد 6609( 2 أكتوبر 2017 )ص: .5541 

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0