مسطرة البيع بالمزاد في القانون المغربي

إن مرحلة  التسويق أو المناداة ببيع العقار تسبقها مرحلة مهمة، وهي المرحلة التي تتم فيها مجموعة من الإجراءات القانونية التي لابد وأن تعكف جميع المحاكم المغربية على احترامها،ذلك أنه بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية،نجد أن المقنن المغربي ينص في الفصل :259 على ما يلي:

مسطرة البيع بالمزاد في القانون المغربي

مسطرة البيع بالمزاد في القانون المغربي.

إن مرحلة  التسويق أو المناداة ببيع العقار تسبقها مرحلة مهمة، وهي المرحلة التي تتم فيها مجموعة من الإجراءات القانونية التي لابد وأن تعكف جميع المحاكم المغربية على احترامها،ذلك أنه بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية،نجد أن المقنن المغربي ينص في الفصل :259 على ما يلي:

"تأمر المحكمة إذا كان موضوع القسمة غير قابل لها ولا انتفع كل بحصته ببيعه جملة أو تفصيلا بالمزاد العلني،مع تحديد الثمن الأساسي للبيع".

        فمتى أمرت المحكمة بالبيع فإنه يتم بالمزاد العلني مع تحديد الثمن الأساسي للبيع،ومعلوم أن تحديد الثمن يتم عن طريق الخبير الذي عين لهذا الغرض.

        كما نص الفصل:260 من ق.م.م.على أنه:"يجري البيع وفقا لمقتضيات الفصول المتعلقة ببيع عقار القاصر".

        وعلى ضوء هذه النصوص يمكن تبيان الكيفية التي يتم بها بيع العقار المشترك بالمزاد العلني،  فإذا ما تبين للمحكمة أن العقار الشائع تستحيل قسمته عينا  أو لأن القسمة العينية ممكنة لكن قد ينتج عن إجرائها ضرر،أصدرت حكما يقضي ببيعه ولو لم يطلب الشركاء  ذلك.وتأكيدا لهذا أصدر المجلس الأعلى قرارا يقضي،بما يلي:

"إذا طلب المدعي إنهاء الشيوع وتبين للمحكمة أن الشيء غير قابل للقسمة العينية التجأت تلقائيا إلى إنهاء حالة الشياع عن طريق التصفية دون ضرورة تقديم طلب صريح بذلك".([1])

        وجاء في قرار  آخر:

"وعلى المحكمة الابتدائية أن تحكم بالقسمة العينية وإذا تعذرت فيجب أن تقوم الدار".([2])

            وبعد أن تحكم المحكمة ببيع الدار،فإن كتابة الضبط تقوم بتبليغه إلى المدعي وإلى المدعى عليه،ثم يحال على قسم التنفيذ في المحكمة قصد القيام بتنفيذه.

        وعلى قسم التنفيذ قبل قيامه بأي إجراء أن يتحقق من عدم اللجوء إلى استئناف الحكم أو أي تعرض عليه،لأن من طبيعة هذين الطعنين توقيف تنفيذ الحكم.([3])ويتم هذا التحقيق عن طريق تحصيل شهادة من كتابة الضبط تبين أن الحكم لم يستأنف ولم  يتعرض عليه  وأن آجال هذين الطعنين قد سقطا.

        وبعد هذه المسطرة يشرع قسم التنفيذ في إجراء البيع بعد أداء الرسوم القضائية وواجبات الإشهار.

        وإذا تعلق الأمر بتصفية عقار محفظ،فعلى قسم التنفيذ أن يعمل على الحصول على جميع الوثائق المثبتة للملكية سواء كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ أو غير محفظ،حتى يتعرف على وضعية العقار المراد بيعه وتوجيه الاستدعاء إلى جميع الأشخاص الذين يهمهم أمر هذا البيع.وعلى العون المكلف كذلك أن يتوجه إلى عين المكان قصد وضع محضر يثبت فيه كل البيانات المتعلقة بالمدعى فيه،وبصفته وخاصة موقع وحدود العقار،وعقود الكراء المترتبة عليه وحالته إزاء التحفيظ العقاري إن كان محفظا،حتى يكون المتزايد على بينة من الأمر.

        ولابد من أن يشمل المحضر جميع المستندات والوثائق والحجج،اللازمة،كما يجب أن يتضمن الأمر الذي أصدرته المحكمة والقاضي ببيع  العقار الشائع.([4])

            وبعد القيام بهذه الإجراءات يطلب من رئيس المحكمة أو القاضي المكلف بالتنفيذ تعيين خبير لتحديد قيمة العقار إن لم تكن محددة من قبل،ويكون على طالب التنفيذ تسبيق مصاريف الخبرة،وبعد أن تنجز الخبرة توضع بالملف([5]).وهنا يفرق القانون المغربي بين ما إذا كانت قيمة العقار في حدود 2000 درهم أو تفوقها.

        ففي الحالة الأولى: ينص الفصل 209 من ق.م.م.م.على أنه :"إذا كانت قيمة العقار لا تتعدى بتقدير الخبير عند الإقتضاء ألفي درهم تم البيع بالمراضاة". وحسب الطريقة التي يرتضيها الشركاء ،كأن يتم بيعه لأحدهم،أو للغير،دون اللجوء إلى إجراءات المزايدة التي تتطلب كثيرا من الشكليات ومن الجهد والمصاريف.([6])

        أما إذا تجاوزت قيمة العقار 2000 درهم فإن الفصل:209 قد نص على أنه يحدد عند الاقتضاء للعقار المراد بيعه الثمن الأساسي الذي يقدره خبير يعينه القاضي لهذه الغاية،خاصة إذا العقار في ملكية القاصرين.

كما أن البيع الذي يقع بالمزاد العلني يتم بواسطة عون من كتابة ضبط القاضي ،حيث  يقوم هذا العون بالإشهار القانوني الذي يحدد القاضي شروطه باعتبار قيمة العقار وأهميته ونوع الإشهار بالجرائد  أو الإذاعة أو الإشهار في أماكن متعددة،أو بهذه الأنواع كلها،ويؤمر طالب التنفيذ بوضع مصاريف الإشهار بصندوق المحكمة،الذي يستمر لمدة شهرين حسب ما يقضي به الفصل 209 من ق.م.م..

ويبين في إعلان المزاد العلني تاريخ ومكان افتتاحه ويعلق في باب العقار وبالأسواق المجاورة وباللوائح المخصصة للإعلانات بالمحكمة الابتدائية التي يوجد العقار بدائرتها وبمكاتب السلطة الإدارية المحلية وينشر إن اقتضى الحال في صحيفة يومية كثيرة الرواج،وفي الجريدة الرسمية.

ويبلغ عون كتابة الضبط للمتقاسمين إجراء الإشهار التي تم القيام بها،ويخطرهم بضرورة الحضور في اليوم المحدد لإجراء السمسرة.([7])التي تقع في محل كتابة الضبط بعد ثلاثين يوما من تبليغ محضر الحجز المنصوص عليه في الفصل 475 من ق.م.م.ويمكن أن يمدد هذا الأجل بأمر معلل من طرف رئيس المحكمة حسب الظروف لمدة لا يمكن أن تتجاوز في الكل تسعين يوما بإضافة الثلاثين يوما الأولى إليها([8]).

وإذا حل اليوم والساعة المحددان لإجراء السمسرة يقوم عون التنفيذ بفتح إجراءات المزايدة ويرسو المزاد على من قدم العرض الأعلى الذي يكون ملزما بأن يؤدي الثمن داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ وقوع السمسرة وإلا لم يسلم إليه العقار،ويجب عليه علاوة على ذلك أن يؤدي صوائر إجراءات السمسرة حسب ما هو منصوص عليه في الفصل 210 من ق.م.م.

وإذا لم ينفذ من رسا عليه المزاد بشروط السمسرة أنذر بتنفيذها فإن لم يستجب لهذا الإنذار داخل أجل ثمانية أيام بيع العقار ضمن الشروط المنصوص عليها في الفصل 209 من ق.م.م.م.،ولا يمكن في هذه الحالة للمشتري المتخلف أن يسترجع العربون الذي قد يكون دفعه وتنحصر إجراءات السمسرة الجديدة في إشهار  يتم خلال شهرين ويتضمن هذا الإشهار الثمن الذي رسا عليه المزاد الأول وتاريخ السمسرة الجديدة.

ويلزم المشتري المتخلف بأداء الفرق بين الثمن الذي رسا عليه المزاد وثمن البيع الثاني دون أن يكون له الحق في المطالبة بما قد ينتج من زيادة وإذا تمت هذه الإجراءات جميعها وتم تبليغ الأطراف،فإنه لا يقبل أي تعرض خارج عن الخصومة يكون الهدف منه هو إبطال البيع،على أساس أن المتعرضين لم يكونوا على علم،بالبيع.([9])

وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف بالرباط في  قرار لها من أنه "يجب  رفض تعرض الغير الخارج عن الخصومة الرامي إلى إبطال عمليات المزاد التي أجريت في غيبة المعترضين الخارجين عن الخصومة إذا تبين من عناصر الملف أن جميع الشكليات المنصوص عليها في ظهير المسطرة المدنية والظهير العقاري قد نفذت"([10]).

 


 

[1] -المجلس الأعلى :القرار عدد:53 الصادر بتاريخ04/01/1984 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد:17 غشت 1981،ص:73.

[2] -قرار محكمة الاستئناف بوجدة الصادر بتاريخ:14/12/1977،قرار شرعي تحت عدد:1654(غير منشور)ذكره الدكتور محمد كشبور في مؤلفه"القسمة القضائية"ص:211.

[3] - القسمة القضائية،د: كشبور،ص:211-يرجع  كلك إلى الفصل:132 من قانون المسطرة المدنية المغربي وكذا الفصل:134 الفقرة الأخيرة منه.

[4] - يرجع إلى الفصول:203 و208و469 من ق.م.م.م-يُرجع كذلك إلى:"القسمة القضائية،ص:212 –و"تنفيذ الأحكام العقارية"ذ،ابراهيم بحماني ص:130.

[5] -تنفيذ الأحكام العقارية"ذ،ابراهيم بحماني ص:131.

[6]- القسمة القضائية،ص:212.

[7]-القسمة القضائية،،ص: 213-يرجع كذلك إلى:"شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي"لعبد العزيز توفيق،ج:1ص:386

وما بعدها-التنفيذ العقاري،ذ:ابراهيم بحماني ص:131.

[8] -الفقرة الأولى من الفصل 476 من ق.م.م.-يُرجع كذلك إلى:" التنفيذ العقاري،ذ:ابراهيم بحماني ص:133.

[9] -القسمة القضائية ،ص:213(بتصرف).

[10] -قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط تحت عدد:2520 بتاريخ 20 يوليوز 1943،منشور بقرارات محكمة الاستئناف بالرباط [1928-1930*1942-1944]تعريب المرحوم محمد العربي المجبود ط:1980-ص:477.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0