اليمين في قانون المسطرة المدنية المغربي
مجموعة دروس في قانون المسطرة المدنية للتحضير للمباريات القانونية و السداسية السادسة شعبة القانون والاسنعانة بها في البجوث والعروض والمقالات
ويقصد بها كذلك، ذلك القسم الذي يؤديه أحد المتخاصمين، إما لحسم نزاع قضائي بصفة نهائية، وهي ما تسمى باليمين الحاسمة، أو باعتبارها مجرد وسيلة مكملة للحجج الأخرى المدلى بها، وتسمى في هذه الحالة باليمين المكملة.
كما عرفها بعض الفقه على أنها:" ذلك القسم أو الحلف، إما يمين حاسمة أو يمين مكملة، وتؤدى بعبارة " أقسم بالله العلي العظيم".
وفي هذا الصدد عبر بعض الفقه كذلك، أنه إذا كان المقصود باليمين هو ذلك الحلف الذي يصدر من أحد الخصمين على صحة ما يدعيه، أو عدم صحة ما يدعيه الخصم الآخر، فإن هذه اليمين إما أن تكون قضائية أو غير قضائية.
.
.
".
معلوم أن اليمين القانونية تنقسم الى قسمين: اليمين الحاسمة واليمين المكملة، وهذا ما سنحاول التطرق اليه في النقطة الموالية.
-ثانيا: أنواع اليمين- تطرق قانون المسطرة المدنية إلى نوعين من اليمين في مجال إجراءات التحقيق، وتتمثل في اليمين الحاسمة (1)، والمكملة (2).
1- اليمين الحاسمة- يقصد باليمين الحاسمة، تلك اليمين التي يؤديها أحد أطراف النزاع بناء على طلب الطرف الآخر من أجل إثبات حق أو نفيه، أو بتعريف أحد الباحثين فالمقصود باليمين الحاسمة " هي تلك اليمين التي يوجهها الخصم إلى خصمه حسما للنزاع، وذلك حينما يعوزه دليل آخر للإثبات".
ولعل هذا ما ذهب اليه المشرع المغربي عندما قضى في الفقرة الأولى من الفصل 85 من ق.
م.
م، والذي جاء فيه ما يلي:" إذا وجه أحد الأطراف اليمين إلى خصمه لإثبات ادعاء أوردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا، فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة بحضور الطرف الآخر أو بعد استدعائه بصفة قانونية".
ورغم أن المشرع المغربي صنف اليمين ضمن إجراءات تحقيق الدعوى، إلا أن بعض الفقه ذهب إلى القول أن اليمين الحاسمة لا تشكل في الحقيقة إجراء من إجراءات التحقيق بل وسيلة من وسائل الإثبات، وتوصف اليمين بالحاسمة عندما يتم أداءها بناء على كلب من أحد طرفي الدعوى، ولا يمكن استعمال هذه الوسيلة من حيث المنطق إلا من قبل الطرف الذي لا يتوفر على وسيلة إثبات أخرى، وهوما أكدته محكمة النقض في قرار لها، والذي جاء فيه ما يلي:" لا يمكن توجيه اليمين الحاسمة إلا للطرف الذي لا يتوفر على حجج كافية".
وهو الأمر الذي أكد عليه القضاء المغربي في العديد من قراراته، ففي قرار لمحكمة النقض بتاريخ 17 يناير 1990، ذهبت هذه الأخيرة إلى أن " اليمين الحاسمة تعتبر وسيلة من وسائل الإثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل.
لا تملك المحكمة الا الاستجابة لطلبها متى تأكدت من توفر شروطها.
لا يجوز للمحكمة رفض توجيه اليمين الحاسمة بعلة أن المديونية مبنية على سند كتابي ولا يجوز إثبات عكس ما جاء فيه إلا بالكتابة".
وفي قرار آخر، ذهبت محكمة النقض بتاريخ 30 ماي 2001، إلى أنه " طبقا للفصل 85 من ق.
م.
م، فإن اليمين الحاسمة لا يحكم بها إلا إذا وجهها أحد الأطراف الى خصمه لإثبات ادعاء أوردها هذا الأخير لحسم النزاع نهائيا".
ويمكن المطالبة بأداء اليمين الحاسمة في أي مرحلة من مراحل الدعوى، كما يمكن المطالبة بها ولو لأول مرة أمام محاكم الاستئناف، غير أنه لا يمكن إثارة هذه الوسيلة أمام محكمة النقض، ويبقى تنفيذ الحكم المشروط بأداء اليمين القانونية، عند الاقتضاء رهينا بأدائها.
وفي هذا الصدد من الفقه من ذهب إلى أن توجيه اليمين الحاسمة هي بمثابة تصرف قانوني بإرادة منفردة، يريد به من يوجه اليمين أن يحكم الى ذمة خصمه، ويتحمل بما يترتب على ذلك من آثار قانونية، لذلك فهي تعتبر بمثابة ملك أطراف النزاع وليس ملك للمحكمة.
وتأكيدا لهذا التوجه، ذهبت محكمة النقض المغربية في قرار لها صدر بتاريخ 25 فبراير 2009 إلى أن:" اليمين الحاسمة هي ملك أطراف النزاع لا ملك المحكمة، فللخصوم وحدهم الحق في توجيهها لحسم النزاع، إذا وجه خصم اليمين الحاسمة لخصمه، وأداها هذا الأخير، خرجت تلك الواقعة أو التصرف عن دائرة الإثبات، وامتنع على من وجهها الاستدلال بوسيلة إثبات أخرى لنفي مضمونها".
إضافة إلى ما أشرنا إليه أعلاه سنحاول أن نتطرق في بضعة أسطر إلى مسألة أداء اليمين الحاسمة وكيفية أدائها، على أن نختم هذه النقطة بالتعرف على آثار أداء هذا الاجراء وآثار النكول عنه.
طبقا للفصل 85 من ق.
م.
م المشار إليه أعلاه، تؤدى هذه اليمين بالجلسة بحضور الطرف الذي وجهها، أو بعد استدعائه بصفة قانونية، دون ضرورة لإصدار حكم بشأنها، خلافا لليمين المتممة، وتؤدى بصيغة" أقسم بالله العظيم".
ونظرا لكون اليمين تستمد قيمتها من الالتزام الديني لدى الحالف، ولكون توجيهها اليه هو احتكامه لضميره لإرغامه على كشف حقيقة الوقائع التي يخفيها، فإن افتقاد هذا العنصر لا يحصل معه الاطمئنان والاقتناع بصدقه، لذلك نجد الفصل 88 من ق.
م.
م، الحاحا منه على مراعاة الصيغة الدينية والاعتقادية في اليمين، أجاز إمكانية تعديل صيغتها الإسلامية الواردة في الفصل 85 من نفس القانون، فقال:" يمكن للمحكمة أن تأمر، بعد اتفاق الأطراف، بأداء اليمين طبقا للشروط التي تلزم دينيا ضمير من يؤديها"، ولا شك أن هذه الشروط لا تتعلق فقط بصيغة اليمين، وإنما تتناول أيضا مكان وزمان أدائها.
ومما لا شك فيه أن أداء اليمين الحاسمة تترتب عنها مجموعة من الآثار القانونية، والتي تتلخص في كون أن مصطلح " اليمين الحاسمة" لم يأتي عبثا وإنما هي صيغة مستخلصة من العبارة التي استعملها المشرع المغربي في الفصل 85 من ق.
م.
م، وهي تذل على حسم النزاع، وهو أول أثر يترتب على أداء هذه اليمين، أي وضع نهاية له بثبوت الحق لأحد الطرفين والحكم لفائدة الحالف أو ضد الناكل، ولا يسمح لمن ثبت عليه الحق على هذا النحو، بالتمسك بوسائل إثبات أخرى، بيد أنه يمكنه في جميع الأحوال إثبات كذب اليمين.
وبناء على ما سبق لا يجب أن يفهم من عبارة " لحسم النزاع نهائيا" الواردة في الفصل 85 من ق.
م.
م، أن الحكم الصادر اعتمادا على هذه اليمين هو حكم نهائي لا يقبل أي طعن، فاليمين لا أثر لها على وصف الحكم، والظاهر أن عبارة "نهائيا" الواردة في الفصل أعلاه، لم يكن لسياقها ضرورة ما دامت عبارة " لحسم النزاع" كافية في الدلالة على حجية هذه اليمين، وأثرها في ثبوت الحق لأحد الطرفين، وهو الأمر المطلوب الحسم فيه.
وفي هذا السياق قضت محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، في قرار لها بعدم قبول طلب النقض، بناء على أن القرار المطعون فيه أثبت في تعليلاته، تبريرا لما قضى به، كون الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة للمطلوب، احتكاما لضميره، فأداها هذا الأخير في جلسة البحث.
.
.
وليس هذا محل أي نعي من الطاعن، ومن تم يعتبر النزاع بين الطرفين قد انتهى بصفة لا رجعة فيها، ولا يحق الطعن في الحكم المبني على ذلك، إلا بشأن خلل في إجراءات أداء اليمين.
.
.
".
وإذا كان لأداء اليمين الحاسمة مجموعة من الآثار، فالنكول عن أدائها يترتب عليها كذلك آثار من أهمها، أنه إذا كانت اليمين الحاسمة وسيلة إثبات، يترتب عن أدائها ثبوت الحق المتنازع عليه، على النحو المقدم، فإن النكول عنها لم ينل حظا من العناية بالتفسير وتقصي آثاره، والاشارة الوحيدة إليه، وردت في الفصل 404 من ق.
ل.
ع، الذي تحدث عن وسائل الإثبات، وجعل من بينها النكول.
بمعنى أنه رتب عن نكول من وجهت اليه اليمين، ثبوت الحق في ذمته لفائدة خصمه، أو عدم ثبوت الحق، تبعا لصفة الناكل في الدعوى.
ويرى الأستاذ عبد الرزاق السنهوري، أن النكول عن اليمين الحاسمة، هو إقرار ضمني بصحة الدعوى، يوجب الحكم بمقتضاه.
على أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد، يتجلى فيما مدى حجية اليمين الحاسمة أمام القضاء؟ وهل تمتد سلطة القاضي في تقدير وتقيم قيمة هذا الاجراء كغيره من الوسائل الأخرى؟ جوابا على هذا التساؤل يمكن القول إن أداء هذه اليمين، غايته اقناع القاضي بصدق الحالف فيما يدعيه، فلا شط أن هذا الاقناع لا يتم إلا بالتحقق من قوة الالتزام الديني لدى الحالف، إذ بانتفاء هذا الالتزام، ينتفي الالتزام الى صدقه.
والظاهر من خلال الطبيعة الدينية والقانونية لليمين، يمكن القول أنه إذا كانت محكمة الموضوع تحتفظ لنفسها بسلطة مراقبة الحجج والأدلة المعروضة عليها، وتقييم قوتها في الإثبات، فإن اليمين بالنظر الى طبيعتها كما هو مشار إليه أعلاه تتملص من هذه الرقابة، ومرد ذلك أن المحكمة تكون مقيدة بالآثار التي رتبها القانون على اليمين، وهي ثبوت الواقعة المراد إثباتها، دون إرهاقها بالبحث عن صدق هذا اليمين أو كذبها، اللهم إلا إذا توفر لديها من وقائع أخرى، ما يفيد بدون ريب كذب اليمين.
ورغم ذلك فالشريعة الإسلامية قبل القانون الوضعي أعطت لليمين مكانة مرموقة وعالية وسامقة في نظام الإثبات، وأحاطتها في نفس الوقت بضمانات إجرائية، تناسب الخيانة التي تجسمها اليمين الكاذبة، فقد ورد في الحديث الشريف" من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار".
وهو ما نص عليه المشرع المغربي في الفصل 377 من مجموعة القانون الجنائي، حيث جرم اليمين الكاذبة، واعتبر الحالف مسؤولا جنائيا عن يمينه التي استعملها لتضليل القضاء، والاستحواذ على حقوق خصمه.
2- اليمين المتممة أو المكملة على عكس اليمين التي لا يمكن توجيهها إلا بناء على طلب الأطراف، فإن اليمين المتممة هي التي يتم توجيهها من طرف المحكمة تلقائيا، ولا تتوفر هذه اليمين على نفس القوة الثبوتية لباقي وسائل الإثبات فهي تقوم فقط بتكملة ودعم وسيلة أخرى أو قرينة.
وهو ما يوضح لنا أن المحكمة إذا لاحظت أن وسيلة الإثبات المعروضة عليها غير كافية في اقتناعها واطمئنانها، فإن لها أن تزكيها بيمين يحلفها صاحب الحجة الناقصة، وهذا نص عليه الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية.
وهذا ما أقرته محكمة النقض في قرار لها، والذي جاء فيه :" إذا لم تكن الحجج المدلى بها من طرف المدعي كافية، فإن اليمين المكملة لا يمكن توجيهها للمدعى عليه قصد تكملة تلك الحجج، إذ لا يمكن اللجوء إلى هذه الوسيلة إلا في الحالة التي تكون فيها الحجة المدلى بها هي شهادة الشهود التي لا تستجيب للنصاب القانوني".
وتعتبر اليمين المكملة بمثابة إجراء من إجراءات التحقيق عملا بما قضت به محكمة النقض في قرار لها صادر بتاريخ 30/10/1980، والذي جاء فيه ما يلي:" اليمين المكملة هي إجراء من إجراءات تحقيق الدعوى المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية والتي من الممكن أن تكون ضرورية للحسم في النزاع، ويجب القيام بهذا الاجراء قبل صدور الحكم البات في موضوع النزاع، ويتم تحرير محضر بخصوصه".
إذ لا يمكن الأمر بتوجيهها إلا من خلال حكم تمهيدي، كما يتعين أن يحدد الحكم القاضي بها كافة الوقائع التي سينصب عليها أداؤها، وهذا ما أكده القضاء المغربي في العديد من المواقف، ومنها ما قضت به محكمة النقض في قرار لها بتاريخ 29/11/1993، والذي جاء فيه ما يلي:" الحكم الصادر بأداء اليمين يعتبر حكما تمهيديا لا يستأنف إلا بعد البث في الموضوع.
الحكم بإفراغ الطاعن بعد حلف المطلوب دون الأمر بتنفيذ أداء تلك اليمين، يكون قد بث في الموضوع قبل استيفاء الاجراء المسطري، وبذلك يكون معرضا للنقض".
وفي قرار آخر صادر عن محكمة النقض بتاريخ 19/12/1984، والذي ورد فيه:" إن توجيه اليمين المتممة من قبل المحكمة يعد إجراء من إجراءات التحقيق ينبغي أن يصدر بشأنه حكم تمهيدي سابق، لا جزءا من الحكم النهائي في الجوهر.
وأن المحكمة بفصلها في النازلة بحكم معلق على شرط أداء اليمين المتممة التي يعتبر استيفاؤها وسيلة من وسائل الإثبات، تكون قد خرقت القانون".
وهو نفس المقتضى الذي عبرت عنه محكمة النقض في قرار آخر صادر بتاريخ 25 أكتوبر 2000، حيث جاء فيه أن:" الحكم باليمين حكم تمهيدي باعتباره وسيلة من وسائل الإثبات يدخل في إجراءات التحقيق التي تمكن القاضي أن يأمر بها بناء على طلب الأطراف أو تلقائيا قبل البث في جوهر النزاع".
ومن بين القرارات أيضا نشير إلى قرار آخر صادر بتاريخ 29/3/2011، والذي جاء فيه ما يلي:" المحكمة حين اعتبرت أن أحد الأطراف لم يعزز ادعاءاته بالحجة الكافية وارتأت أن توجه إليه اليمين المتممة، كان عليها ان توجه إليه هذه اليمين قبل الفصل في موضوع الدعوى.
.
.
".
وبناء على الفصل 87 من قانون المسطرة المدنية، نتبين أهم الخصائص التي تتميز بها اليمين المتممة، والتي يمكن أن نجملها في النقاط التالية: -أولا: اليمين المتممة، يؤمر بها من أجل تكملة حجة أدلي بها، تراها المحكمة غير كافية في إثبات الوقائع والتصرفات المراد إثباتها، فتكون بذلك وسيلة يلتجأ اليها لإقامة الإثبات.
وإذا كان الفصل 87 أعلاه يتحدث عن اليمين المتممة ارتباطا بأحد الطرفين الذي لم يعزز ادعاءه بالحجة الكافية، فإن هذه الحجة غير الكافية أو الدليل الناقص، قد يكون مجرد قرائن قضائية، تقتنع بها المحكمة اعتمادا على ما يخوله لها الفصل 454 من قانون الالتزامات والعقود، فتؤيدها باليمين حسبما ينص عليه الفصل 455 من نفس القانون.
هذا بالإضافة إلى ما سبق يتبين لنا مدى مساهمة القاضي في الإثبات، أي أن دوره في هذا النوع من اليمين يصبح إيجابيا، وتدخل القاضي في توجيه اليمين المتممة لا يتم إلا إذا تبين له أن الأذلة المقدمة ناقصة وغير كافية لتشكيل قناعته ويريد تكملتها، أو إذا لم يكن هناك أي دليل في القضية المعروضة أمامه.
وعليه يتبين مما سبق أن حرية القاضي في توجيه اليمين المتممة لأي من الخصمين، معلق على شرطين أساسين: الأول أن لا يكون في الدعوى دليل كامل، أما الثاني فيتجلى في عدم توجيه اليمين المتممة إلا في حالة وجود دليل، غير أنه دليل ناقص.
وهذا ما أكد عليه القضاء المغربي في العديد من أحكامه وقراراته، ففي قرار لمحكمة النقض المغربية بتاريخ 23 نونبر 1983، ذهبت فيه إلى:" أن اليمين المتممة كما تدل تسميتها، تكمل أدلة الإثبات وليس بديلا وليس بديلا لها فلا توجه إلا إذا أقام المدعي دليلا اعتبرته المحكمة غير كامل، فلا يمكن أن تكون وحدها أساسا للقضاء بحق وقع انكاره".
-ثانيا: اليمين المتممة تأمر بها المحكمة بمبادرة منها وبإرادتها ولا يوجهها أحد الخصمين إلى الآخر، وهي لذلك، لا تقبل الرد بمعنى أن الخصم الذي وجهت إليه هذه اليمين، ليس له إلا أن يحلفها، ليكمل حجته الناقصة في رأي المحكمة وتقديرها، أو أن ينكل عنها، ولا يحق له أن يقلبها على خصمه، ليؤديها بدلا منه.
-ثالثا: أن تكون الوقائع المراد إثباتها محددة ومعينة بمقتضى حكم تصدره المحكمة، وهذا واضح من نص الفصل 87 من ق.
م.
م.
أما بخصوص الصيغة التي تؤدى بها اليمين المتممة، فتطبق بشأنها نفس الشروط والشكليات التي أشرنا اليها سابقا بخصوص اليمين الحاسمة، طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 85 و 86 و 88 من ق.
م.
م.
ووقوفا على حجية اليمين المتممة، من البديهي وسيرا مع منطق الأمور، أن بنتج عن أداء اليمين المتممة اكتمال الدليل ليصبح تاما، وكافيا في اطمئنان المحكمة، واقناعها بصحة ادعاءات الحالف، فتقضي لصالحه.
إلا أنه وفي غياب قواعد تشريعية توضح حجية هذه اليمين بعد أدائها أو آثار النكول عنها، ومدى سلطة المحكمة إزاء كل ذلك، نرى الفقه، لا يعترف لهذه اليمين بحجية، إلا على قدر ما تمنحه لها المحكمة، التي تحتفظ بكامل سلطتها في تقدير قيمة هذه اليمين وأثرها على ثبوت الحق.
.
.
وإن كان أدائها تزكية وتكملة للدليل الناقص في قيمته الإثباتية، فتقضي لفائدة الحالف، أو تعتبر النكول عنها مؤيدا للخصم الآخر، فتقضي ضد الناكل.
وختاما يمكن القول أن اليمين المتممة تمكن المحكمة التي تنظر في النزاع من وضع حد للشك الذي يحوم حول واقعة معينة، ويمكن توجيه اليمين الحاسمة للطرف الذي لا يتوفر إلا على بداية حجة من الحصول على حكم لصالحه، وفي هذا قضت محكمة النقض المغربية في قرار لها صادر بتاريخ 29/04/1970، بأن:" محكمة الموضوع لم تخرق القانون حينما قررت تحويل اليمين المكملة بسبب عدم كفاية الحجج المدلى بها بالنظر لعدم ثبوت الحق".
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة غير ملزمة بأخذ نتيجة أداء اليمين المكملة بعين الاعتبار، إذ يمكنها على الرغم من توجيهها الحكم في كلا الاتجاهين شريطة تعليل مقررها، وهو ما أكدت عليه محكمة النقض في قرار صادر عنها بتاريخ 29/11/1993، والذي جاء فيه:" لا يمكن لمحاكم الموضوع أن تستند في تعليلها على اليمين المكملة فقط، ولا يمكن الأمر باليمين إلا في حالة عدم كفاية الحجج المدلة بها وليس انعدامها".
وإذا كان الفصل 460 من قانون الالتزامات والعقود نص على ان الاحكام المتعلقة باليمين مقررة ضمن قانون المسطرة المدنية، فغن ذلك لا يعني حصر اليمين كوسيلة إثبات، فيما نصت عليه الفصول 85 إلى 88 من قانون.
م.
م، التي نظمت اليمين الحاسمة والمتممة، فإن قانون الالتزامات والعقود نظم بدوره أنواع أخرى من اليمين، فنص في الفصل 455 على يمين مؤيدة للقرينة القضائية، ثم تحدث في الفصل 910 أيضا عن يمين أخرى، يؤديها الوكيل في حالة خاصة لإثبات براءة ذمته تجاه موكله.