مسطـــرة العـــرض و الإيـــداع في قانون المسطرة المدنية المغربي
مجموعة دروس في قانون المسطرة المدنية للتحضير للمباريات القانونية و السداسية السادسة شعبة القانون والاسنعانة بها في البجوث والعروض والمقالات
وعليه سنتطرق في مرحلة أولى إلى طلب العرض الحقيقي و الإيداع ، و مسطرة البت فيه ، ثم في مرحلة ثانية إلى الأمر بالعرض الحقيقي و الإيداع ، وتنفيذه.
- أ- طلب العرض الحقيقي و الإيداع ومسطرة البت فيه- تفتتح مسطرة العرض والإيداع بطلب يتقدم به المدين أو نائبه إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة ، فكيف يتم ذلك؟، وهل فرض المشرع شكلا معينا لهذا الطلب؟ ، وكيف يتم البت فيه؟ .
أسئلة وأخرى ينبغي الجواب عنها على النحو التالي : 1- طلب العرض الحقيقي و الإيداع لم يفرض المشرع المغربي شكلا معينا لطلب العرض العيني و الإيداع ، وإنما اكتفى بالنص في الفصل 171 من قانون المسطرة المدنية على أنه :" إذا رفض الدائن قبول الشيء الذي عرض مدينه أو من يتصرف باسمه أن يقدمه تنفيذا لالتزام حال فإن المدين ينذره ضمن الشروط المقررة في الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية" و ينص الفصل 148 المذكور على ما يلي : "يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار.
.
.
".
و لما كان إنذار الدائن بقبول الوفاء يتم عن طريق سلوك مسطرة العرض و الإيداع في حقه، فإنه يتعين على المدين الراغب في سلوك هذه المسطرة أن يتقدم استنادا إلى الفصلين المذكورين بمقال إلى رئيس المحكمة الابتدائية قصد استصدار أمر بذلك ، غير أن هذين الفصلين لم يبينا شكليات هذا المقال، مما تبقى معه القواعد العامة المعمول بها في هذا الإطار هي الواجبة التطبيق.
وعليه يمكن للمدين استنادا إلى مقتضيات الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية، أن يرفع طلب العرض والإيداع بمقتضى مقال مكتوب موقع عليه من طرفه أو وكيله أو بتصريح شفوي يدلي به المدين شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدين أو يشار في المحضر إلى أنه لا يمكن له التوقيع .
و يجب أن يكون الطلب مشتملا على مجموعة من البيانات التي تتعلق بصفة عامة بأطراف الطلب وموضوعه و الوقائع المتعلقة به وأن يتم إرفاقه بالوثائق الضرورية للاستجابة إليه، و ذلك عملا بمقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.
وغني عن البيان أنه من الشروط المتطلبة قانونا أيضا في الطلب المذكور تأدية الرسوم القضائية عنه وفق ما يقتضيه القانون.
و إذا كانت هذه هي شكليات طلب العرض والإيداع؛ فماذا عن مسطرة البت فيه؟ 2-مسطرة البت في طلب العرض الحقيقي و الإيداع تخضع مسطرة البت في الطلب الرامي إلى العرض الحقيقي و الإيداع إلى المسطرة المنصوص عليها في مقتضيات الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، إذ يتم البت في هذه الطلبات في غيبة الأطراف ، ودون حضور كاتب الضبط.
ذلك أنه إذا كان مبدأ التواجهية يفرض وجوده كأساس تقوم عليه كافة الإجراءات في الدعاوى العادية و الاستعجالية على حد سواء ، فإنه على مستوى الأوامر المبنية على طلب استبعد المشرع هذا المبدأ وعوضه بمبدأ آخر لا يقل أهمية عنه هو مبدأ الفعالية.
لذلك وتحقيقا للفعالية المتوخاة من مسطرة العرض و الإيداع ، أحال المشرع على مقتضيات الفصل 148 من ق.
م.
م ، وجعلها كأساس قانوني يتعين الاعتماد عليه في سبيل الحصول على أوامر تأذن للمدين بالعرض و الإيداع.
.
-ب-الأمر بالعرض الحقيقي و الإيداع وتنفيذه- يصدر رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه بعد البت في الطلب بالموافقة ، أمرا بالعرض الذي يفتح الطريق أمام إجراءات التنفيذ .
1- الأمر بالعرض الحقيقي و الإيداع لما كان الأمر بالعرض و الإيداع يندرج ضمن الأوامر المبنية على طلب التي يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت فيها ، كان من البديهي أن يتسم هذا الأمر بطبيعة ولائية ، ويترتب عن ذلك ما يلي : - أنه لا يكتسب أية حجية ويمكن العدول عنه ، فالأوامر المبنية على طلب تنعدم لديها الحجة في الجوهر و هي تتجه لطابع الوقت الذي يميزها وإن كان يسلم لها بحجية نسبية مؤقتة.
- أنه يصدر في غيبة الأطراف ، وبدون حضور كاتب الضبط استنادا إلى الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية.
- أنه غير قابل لأي طعن حتى في حالة الرفض استنادا إلى الفصل 148 المذكور الذي جاء فيه :" يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للاستئناف داخل خمسة عشر يوما من يوم النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار.
" - أنه لا يشترط فيه أن يكون معللا .
فكيف يتم تنفيذ الأمر بالعرض أو الإيداع؟ 2- تنفيذ الأمر بالعرض الحقيقي و الإيداع أوكل المشرع المغربي مهمة تنفيذ الأمر بالعرض الحقيقي و الإيداع إلى الجهتين التاليتين : المفوض القضائي : فطبقا للمادة 15 من قانون 81.
03 المتعلق بمهنة المفوض القضائي " يختص المفوض القضائي بصفته هاته مع مراعاة الفقرة الرابعة من هذه المادة بالقيام بعمليات التبليغ و بإجراءات تنفيذ الأوامر" .
وعليه فإن من اختصاصات المفوض القضائي قيامه بتنفيذ أوامر العرض و الإيداع ، على أن يقوم بذلك شخصيا باعتبار أن الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة أجازت للمفوض القضائي أن ينيب عنه تحت مسؤوليته كاتبا محلفا أو أكثر للقيام بعمليات التبليغ فقط وفق أحكام الباب العاشر من هذا القانون دون إجراءات التنفيذ.
وطبقا للمادة 18 من نفس القانون يتعين على المفوض القضائي بعد استكمال الإجراءات أن يقوم بإنجاز محاضر في ثلاثة أصول ، يسلم واحد لطالب الإجراء ، والثاني يودعه بملف المحكمة، بينما يحتفظ بالثالث في مكتبه.
عون كتابة الضبط : ونصت على اختصاصه في تنفيذ الأوامر بالعرض والإيداع المادة 172 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها : "تتم العروض بواسطة أحد أعوان كتابة ضبط المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية ، وعند عدم وجود عون فبواسطة أحد أعوان كتابة ضبط المحكمة المختصة باعتبار موطن أو محل إقامة المعروض عليه أو مكان الوفاء".
هذا و تمر عملية تنفيذ الأمر بالعرض و الإيداع من عدة مراحل، تختلف حسب ما إذا تعلق الأمر بالعرض الحقيقي أو بالإيداع.
بالنسبة للعرض الحقيقي: بعد أن يستصدر المدين أمرا بعرض محل الالتزام على الدائن يتقدم إلى كتابة الضبط بطلب بتنفيذه يعين فيه المفوض القضائي الذي اختاره للقيام بعملية التنفيذ ، وبعد أدائه الرسوم القضائية الواجبة قانونا عن الطلب المذكور ، يتم فتح ملف تنفيذي للأمر بالعرض الحقيقي ، ثم يقوم المفوض القضائي المختار بتسلمه من كتابة ضبط المحكمة ، لينتقل بعد ذلك إلى عنوان الدائن المعروض عليه الوفاء من أجل إنذاره بقبوله.
وبعدها يقوم المفوض القضائي بعرض محل الالتزام على الدائن أو نائبه ، ثم يحرر محضرا للعرض يبين فيه طبقا لمقتضيات الفصل 173 من قانون المسطرة المدنية جواب الدائن بالرفض أو القبول، كما يبين فيه إن كان وقع أو رفض التوقيع أو صرح بأنه لا يمكنه ذلك أو يجهله ، و يشار في المحضر في حالة الرفض علاوة على ذلك إلى أن الدائن استدعي لحضور عملية الإيداع ، كما يحدد بدقة مكان و يوم وساعة وجوب إجرائها.
بالنسبة للإيداع : في حالة ما إذا كان جواب الدائن المعروض عليه بالرفض أو حالة تعذر الإيداع لسبب من الأسباب الجدية التي سبق تبيانها سلفا ، يتعين على المدين أن يقوم بإيداع محل الالتزام لصالح الدائن .
و خلافا للعرض الحقيقي الذي يجب أن يقوم به مفوضا قضائيا أو عونا من أعوان كتابة الضبط ، فإن الإيداع يقوم به المدين بشكل مباشر حسب ما يستفاد من الفصلين 174 و 175 من قانون المسطرة المدنية ، حيث نص الأول أنه : " يمكن للمدين أن يودع المبلغ أو الشيء المعروض قصد إبراء ذمته – بعد رفض الدائن له- دون أن تكون هناك ضرورة لتصحيح الإيداع مادام القاضي قد أذن له في ذلك" ، كما جاء في الثاني : " يتم الإيداع من طرف المدين قصد إبراء ذمته في كتابة ضبط المحكمة المختصة محليا و ذلك بعد رفض الدائن للعروض" .
غير أنه لا يوجد ما يمنع المفوض القضائي من القيام بهذا الإجراء لفائدة المدين مادام أنه لا يوجد مقتضى قانوني يمنعه من ذلك، ولاسيما أن تنفيذ الأوامر يدخل ضمن اختصاصاته طبقا لمقتضيات الفصل 15 من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين المشار إلى نصه أعلاه.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بعد قيام المدين بإجراءات العرض و الإيداع ، يمكن للدائن أن يرفض قبولهما ، وفي هذه الحالة خول المشرع المدين وسيلة لإبراء ذمته بشكل نهائي اتجاه هذا الأخير ، تتمثل في اللجوء إلى القضاء عن طريق دعوى تصحيح العرض الحقيقي و الإيداع ، كما يمكن للدائن مقابل ذلك الطعن في إجراءات العرض و الإيداع عن طريق دعوى بطلانهما.
و في هذا الصدد نص الفصل 176 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي : " تقدم الدعوى التي يمكن رفعها لطلب الحكم بتصحيح أو بطلان العرض و الإيداع طبقا للقواعد الخاصة بالطلبات الأصلية وإن كانت دعوى عارضة ضمت إلى الجوهر.
"