مقال بعنوان الإطار القانوني والمؤسساتي لتدبير الموارد المائية بالمغرب
الإطار القانوني والمؤسساتي لتدبير الموارد المائية بالمغرب

رابط تحميل المقال اسفل التقديم
مقدمة
لا شك أن الماء أصل الحياة وأساسها، وضرورة جوهرية للبقاء والاستمرار فيها ويأتي في مقدمة الموارد الطبيعية التي يستحيل الاستغناء عنها، بل هو شريان الحياة على كوكب الأرض سواء كان مجمدا أو في شكل أمطار أو سحب أو كان في الأنهار والبحيرات والمحيطات، ولأنه عصب الحياة فقد كان محل اهتمام الحضارات الإنسانية المختلفة التي أنشئت منذ القدم بالقرب منه، فنشأت الحضارة البابلية والأشورية على ضفاف دجلة والفرات، والحضارة الفرعونية بالقرب من نهر النيل والحضارة الأوربية على ضفاف الراين والسين والدانوب
ثم إن الأهمية ذاتها أولتها لهذه المادة النفيسة الشرائع السماوية، وعلى رأسها الشريعة الإسلامية قال تعالى: « وجعلنا من الماء كل شيء حي 1
ونظرا للارتباط العضوي للإنسان بالماء، فإنه وإلى عهد قريب، كان ينظر إليه على أنه عنصر طبيعي متوفر بكثافة وبقدر يفوق حاجته، فكان من عواقب هذا الموقف الخاطئ، أنه لم يأخذ في الحسبان النتائج الوخيمة المحتمل نشوؤها من جراء إسرافه وتلويثه بسبب الأنشطة البشرية التي بلغت مستويات مقلقة.
فيات هذا العالم يواجه تحديا كبيرا بسبب سلوكيات الإنسان، فهو مهدد بشكل حقيقي فيما يتعلق یاستدامة المياه وبالندرة والإجهاد، وبتحديات حكامة التدبير والسعى إلى ضمان عدالة مائية، مما يستلزم معه وضع سياسة فعالة لتدبيره من قبل السلطات العمومية.
ثم إن اهتمام الإنسان بالماء، أدى إلى جعله جزءا من العلوم، حيث ظهر علم الماء الذي يعرف بالهيدرولوجيا، ينصب اهتمامه على دراسة الوسط الماني وكل التغييرات التي تطرأ عليه، ودراسة الخصائص الطبيعية والفيزيائية للمياه، ومميزاتها وقياس كمية التساقطات، ومستويات المياه الجوفية
سورة الأنبياء الآية 30
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 5. No Ipp 01-13 Nov 2024
والسطحية، ومنبع العيون والأنهار، ومسار المياه الجارية ومجاريها، وأيضا دراسة سبل تحقيق التوازن الماني في إطار الدورة الطبيعية للماء.
ونظرا لأهمية هذه المادة الحيوية التي بدأت في التراجع في السنوات الأخيرة، سنت تشريعات دولية وأخرى وطنية تهدف إلى تثمينها والحفاظ عليها، بل تزايد الاهتمام به حتى من لدن المجتمع الدولي فظهر القانون الدولي للماء كفرع من فروع القانون الدولي العام، وابتداء من سنة 2005، أصبح يوم 22 مارس من كل سنة مناسبة للاحتفال باليوم العالمي للماء.
في المغرب، ومن أجل معالجة إشكال تراجع الموارد المائية في السنوات الأخيرة، جرى اتخاذ تدابير وخطط في سبيل حسن استغلالها وإدارتها بشكل معقلن، آخذة بعين الاعتبار ضرورة إيجاد صيغ بديلة، لتجديد الموارد المائية المتوفرة والمهددة بالاستنزاف والاندثار، ولم تقتصر هذه الجهود على الجوانب التدبيرية أو التقنية للموارد المائية فحسب بل قامت السلطات المعنية بجهود مماثلة على المستوى القانوني والمؤسسي
ومنه يمكن طرح الإشكالية التالية: ما مدى مساهمة النصوص القانونية والبنيات المؤسساتية الخاصة بتدبير الموارد المائية في تحقيق الأمن الماني بالمغرب ؟
للإجابة عن هذه الإشكالية، ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى فصلين، ففي الفصل الأول تم فيه التطرق إلى أهم النصوص التشريعية ذات الصلة بالماء، بينما في الفصل الثاني تم الحديث عن جل المؤسسات التي أنيطت بها مهمة الإشراف على تدبير الماء إن على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلى.
الفصل الأول: الإطار القانوني لتدبير الموارد المائية بالمغرب
حظي موضوع تدبير الماء بالمغرب منذ فجر الاستقلال وإلى حدود اليوم، بمكانة مركزية في مختلف توجهات البرامج والخطط والسياسات العمومية التنموية التي باشرتها السلطات العمومية، وقد تعزز هذا الاهتمام بالنظر للاختيارات الاقتصادية للمملكة التي أولت أهمية بالغة للفلاحة بشكل عام والفلاحة السقوية بشكل خاص، بحيث شكل توفير المياه شرطا أساسيا لإنجاح البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي ترمي في مجملها إلى إحداث إصلاحات هيكلية، لاسيما على مستوى النهوض بالعالم القروي، والاستجابة لحاجيات المدن والتجمعات السكنية والمنشآت الصناعية والمركبات السياحية من الماء، وفي هذا السياق سنستعرض آليات تدبير الموارد المائية في المغرب على المستويين الدستوري في (
الفقرة الأولى) وعلى المستوى التشريعي في الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التأطير الدستوري لتدبير الماء بالمغرب
أدى تزايد الاهتمام بالماء إلى إدراجه في العديد من الدساتير والتشريعات الوطنية للدول، ووضع ضمانات لحمايته وصون الحقوق والحريات المرتبطة به، ولا يستثنى المغرب من قائمة هذه الدول.
بعد الاستقلال، أضحت النصوص القانونية المتوارثة أقل فعالية، ولا تستجيب لإشكالات التدبير المائي التي تفاقمت مع تزايد الطلب على الماء، فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بجميع مكوناتها فرضت قانونا حديثا يتكيف مع مستجدات العصر ومتطلباته، علما أن المسألة المائية بالمغرب أخذت منذ عقود،
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1Y2VeSG5VceTLBqpNIB5Hd_8FJ_6g2Bhs/view?usp=drivesdk
What's Your Reaction?






