دعاوى الحيازة في قانون المسطرة المدنية المغربي

مجموعة دروس في قانون المسطرة المدنية للتحضير للمباريات القانونية و السداسية السادسة شعبة القانون والاسنعانة بها في البجوث والعروض والمقالات

دعاوى الحيازة في قانون المسطرة المدنية المغربي
خصص المشرع المغربي في الفصول من 166- 170 من قانون المسطرة المدنية لدعاوى الحيازة، لكن رغم ذلك لم يشر بشكل واضح إلى أنواع دعاوى الحيازة مكتفيا بالإشارة إلى الشروط العامة والخاصة المتطلبة لممارستها، وقد أجمع الفقه ومعه القضاء على أن دعاوى حماية الحيازة تنقسم إلى ثلاث أصناف وهذا ما سنتطرق له في هذا المطلب، حيث سنتطرق لدعوى منع التعرض (الفقرة الأولى) ثم نتعرض لدعوى وقف الأعمال ودعوى استرداد الحيازة في (الفقرة الثانية).

-الفقرة الأولى: دعوى منع التعرض- تعتبر دعوى منع التعرض من الدعاوى الحيازية التي يقيمها حائز العقار أو الحق في العقار لمنع غيره من الاعتداء عليه والتعرض له بأي عمل مادي يتضرر منه كحرث الأرض التي في يده مثلا.

والتعرض هو كل عمل مادي مباشر أو غير مباشر أو كل إجراء قانوني يعكر صفو الحيازة أو يعرقلها، ولو لم يترتب عن ذلك أي ضرر للحائز.

ويمكن التمييز في التعرض بين تعرض مادي وتعرض قانوني: فالتعرض المادي يتم بأي فعل مادي يتوافر به الاعتداء على العين فيحرم الحائز من الانتفاع بها كليا أو جزئيا كالقيام بسلب الأرض أوحرثها أو إحداث حفر فيها أو طريق المرور بها أو قطع الأشجار أو غرسها إلى غير ذلك.

.

.

بينما يكون التعرض قانونيا بكل إجراء قانوني يؤدي في الغالب إلى قيام الخصومة أو يمهد لها كالإنذارات والتصرفات في العقار الذي ينطوي على إنكار الحيازة، ويعتبر تنفيذ الحكم إذا تعلق بعقار في حيازة شخص لم يكن طرفا في الحكم ولو كان هذا الشخص يملك الطعن في الحكم بطريق التعرض الخارج عن الخصومة.

والهدف من هذه الدعوى واضح على اعتبار أنها تهدف إلى حماية الحائز حسن النية، وذلك بمنع غيره من التعرض له ماديا أو قانونيا.

وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة توجيه دعوى الاستحقاق ضد الحائز يجب على المحكمة عدم قبول دعوى منع التعرض، لأن دعوى الاستحقاق لا تعتبر تعرضا قانونيا.

غير أنه يطرح التساؤل حول مدى أحقية رفع دعوى منع التعرض من طرف كل من صاحب حق الانتفاع وصاحب حق الارتفاق والمرتهن برهن حيازي؟ يجيبنا على هذا التساؤل الأستاذ مصطفى مجدي هرجة باعتبار هؤلاء جميعا حائزون عرضيون بالنسبة إلى حق الملكية، لذلك لا يجوز لهم رفع دعوى منع التعرض وذلك راجعلأنهم يحوزون هذا الحق لحساب غيرهم وهو الذي يعتبر حائز لحق الملكية لحساب نفسه ويباشر السيطرة المادية على العقار بواسطة هؤلاء، وإنما يجوز لكل صاحب حق الانتفاع وصاحب حق الارتفاق والمرتهن رهن حيازي، وللمستأجر أن يرفع دعوى منع التعرض إذا وقع التعرض على الحق الذي يباشر استعماله لحساب نفسه فهو أصل في حيازته ويحوزه لحساب نفسه لا لحساب المالك.

وتجدر الإشارة إلى أنه إذا ثبت وضع اليد على العقار المدعى فيه لأحد الأطراف بحكم أو غيره فإن ذلك يرتب أثره القانوني في الدعوى، حتى ولو كانت حيازته غير هادئة أو مكسبة للملك، وعليه إذا ثبت للمحكمة أن المتعرض على مطلب التحفيظ هو واضع اليد على العقار المطلوب تحفيظه وجب عليها مناقشة حجة طالب التحفيظ وترتب أثر ذلك على الدعوى سلبا أو إيجابا.

وبالتالي فدعوى منع التعرض ما هي إلا ضمانة من الضمانات التي أعطاها المشرع لكل حائز حسن النية لحماية حقوقه من الضياع إضافة إلى الدعاوى الأخرى التي سنتعرض لها.

-الفقرة الثانية: دعوى وقف الأعمال الجديدة ودعوى استرداد الحيازة- سنتعرض في هذه الفقرة لدعوى وقف الأعمال الجديدة (أولا) ثم لدعوى استرداد الحيازة (ثانيا).

-أولا: دعوى وقف الأعمال الجديدة- دعوى وقف الأعمال الجديدة يراد بها الدعوى التي ترفع على من شرع في عمل جديد بهدف إيقاف هذه الأعمال التي شرع الغير في القيام بها، أو على وشك الشروع فيها.

وهي دعوى وقائية ترمي إلى منع الاعتداء على الحيازة قبل وقوعها ومثالها البدء في بناء حائط لو اكتمل يؤدي إلى سد مطل الجار فيرفع دعوى وقف ذلك البناء.

والمدعي في دعوى وقف الأعمال الجديدة هو نفسه المدعي في دعوى منع التعرض فهو الحائز للعقار، ويلقى عليه عبء إثبات ما يدعيه أي أن حيازته خالية من العيوب وعلنية و هادئة، كما يجب عليه إثبات أن حيازته أصلية لا عرضية، كما يشترط أن تكون حيازته قد دامت مدة سنة كاملة على الأقل، ولا يشترط في الحائز أن يكون حسن النية.

ويشترط في الأعمال المبررة لرفع دعوى وقف الأعمال الجديدة شرطان وهما أن تكون هذه الأعمال قد بدأت ولكنها لم تنتهي وذلك لأنها لو تمت لوقع التعرض عليها فعلا، ولكان الواجب في هذه الحالة رفع دعوى منع التعرض وليس دعوى وقف الأعمال الجديدة، وأن تكون هذه الأعمال قد بدأها المدعى عليه قد وقعت في عقاره هو لا في عقار المدعي الحائز ولا في عقار الغير، وهذا الشرط يستخلص من طبائع الأشياء، لأن هذه الأعمال لو بدأت في عقار الغير أو المدعي لوجب عليه رفع دعوى منع التعرض وليس دعوى وقف الأعمال الجديدة.

-ثانيا: دعوى استرداد الحيازة- نص المشرع على دعوى استرداد الحيازة في الإطار العام لدعاوى الحيازة، لكن إضافة إلى ذلك أفرد لها فقرة مستقلة إذا كانت منتزعة بالعنف أو الإكراه وذلك في الفقرة الثالثة من الفصل 166 من ق.

م.

م حيث جاء فيها: ".

.

.

غير أنه يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة المنتزعة بالعنف أو الإكراه إذا كانت للمدعي وقت استعمال العنف أو الإكراه حيازة مادية وخالية وهادئة وعلنية.

.

.

".

و سميت بدعوى استرداد الحيازة لأن المدعي يطلب رفع التعدي الواقع عليها وإرجاع الحيازة إليه من المعتدي عليها، وهي التي يرفعها الحائز ضد الغير من أجل استرداد الحيازة التي سلبها منه.

فهذه الدعوى يلجأ إليها الحائز الذي تسلب حيازته بفعل اعتداء إيجابي يحرمه من الانتفاع بها ويكون من شأن ذلك الإخلال بالأمن العام.

وتجدر الإشارة إلى أن المدعي في دعوى استرداد الحيازة ملزما بأن يثبت انه كان حائزا من قبل بالكيفية المنصوص عليها قانونا، وهذا ما أكده المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار صادر عنه، حيث جاء فيه ".

.

.

يجب على من يرفع دعوى استرداد الحيازة أن يثبت أنه كان حائزا من قبل بالكيفية المنصوص عليها فقها وقانونا.

.

.

".

وهو ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية بالحسيمة في حكم لها حيث جاء حيثياته: ".

.

.

الا أن المدعي لم يعزز طلبه بما يثبت حيازته للمدعى فيه والاعتداء على تلك الحيازة فضلا عما تتطلبه دعوى استرداد الحيازة من شروط لهذه الأسباب حكمت المحكمة بجلستها العلنية بعدم قبول الطلب وتحميل المدعي الصائر.

.

.

".

فهذه الدعوى يرفعها كل من كان قصده هو استرجاع الحيازة التي كانت بيده وسلبت منه بالقوة فإذا لم تكن هناك قوة فلا محل لدعوى الحيازة، لأن أساسها حماية الأمن العمومي وردع كل من يحاول أخذ حقه بنفسه وعن طريق العنف.

وقد سار العمل القضائي مع هذا الاتجاه بمعنى أن من بين شروط رفع دعوى الاسترداد أن يتوفر لرافعها ما يفيد وقوع نزع حيازته بطريقة العنف.

وهذا ماء جاء في إحدى قرارات المجلس الأعلى حيث جاء فيه ".

.

.

إن دعوى استرداد الحيازة تستوجب وقوع اعتداء على الشيء المطلوب استرداده، والنازلة المعروضة لا تنطوي عل نوع العنف تجعل منها دعوى استرداد الحيازة.

.

.

".

وانطلاقا من هذا القرار يمكن القول بان دعوى استرداد الحيازة ترفع من الحائز عندما تنزع حيازته للعقار أو الحق العيني كله أو بعضه، وسميت هذه الدعوى بدعوى استرداد الحيازة لأن المدعي يطلب رفع التعدي الواقع عليها،ونعتقد أن كلمة العنف الواردة في حيثيات القرار أعلاه لا يراد بها فقط استعمال القوة بل أيضا مجرد فعل التعدي.

What's Your Reaction?

like
1
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0