الغرامة التهديدية في قانون المسطرة المدنية المغربي

مجموعة دروس في قانون المسطرة المدنية للتحضير للمباريات القانونية و السداسية السادسة شعبة القانون والاسنعانة بها في البجوث والعروض والمقالات

الغرامة التهديدية في قانون المسطرة المدنية المغربي
إن الحديث عن الغرامة التهديدية يقتضي التعريف بها وتمييزها عن بعض المؤسسات المشابهة لها، وتحديد نطاقها ، و شروط الحكم بها.

وذلك على النحو التالي : أ - الغرامة التهديدية : تعريفها و تمييزها عن بعض المؤسسات المشابهة لها سنتولى التعريف بالغرامة التهديدية أولا ، ثم نميزها عن بعض المؤسسات المشابهة لها ثانيا ، و ذلك على النحو التالي: 1- تعريف الغرامة التهديدية لم يعرف المشرع المغربي الغرامة التهديدية ، و إنما اكتفى بالإشارة إليها في فصول متفرقة من قانون المسطرة المدنية وغيرها.

إلا أن هناك من الفقه من عرفها بكونها " وسيلة تهديد و إجبار ، منحها المشرع للدائن ، عن طريق القضاء للتغلب على تعنت المدين المحكوم عليه و إخضاعه لتنفيذ التزام يقتضي تدخلا شخصيا – سلبيا أو إيجابيا- من طرف المدين ".

و في هذا الإطار جاء في أحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض ما يلي: " الغاية من الغرامة التهديدية هي إجبار المحكوم عليه ليقوم بتنفيذ ما يقتضي تدخله شخصيا من القيام بعمل أو بالامتناع عن عمل و هو ما يقتضي أن يكون العمل المطلوب منه يدخل في دائرة الإمكان.

لهذا لا يمكن الحكم بتصفية هذه الغرامة كتعويض إلا إذا كان امتناعه عن التنفيذ ليس له ما يبرره.

" كما جاء في أحد القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ما يلي : " الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين لإجباره على تنفيذ التزامه ، و القاضي الذي يقوم بتصفية الغرامة التهديدية يتأكد أولا مما إذا كان التنفيذ ممكنا و ما إذا كان تدخل المدين ضروريا.

" 2- تمييز الغرامة التهديدية عن بعض المؤسسات المشابهة لها سنتولى هنا تمييز الغرامة التهديدية عن التعويض و عن الشرط الجزائي ، و ذلك كالتالي: 2-1 - تمييز الغرامة التهديدية عن التعويض يقصد بالتعويض المبلغ الذي يحكم به لفائدة المتضرر مقابل الضرر الذي أصابه من جراء عمل المتسبب فيه أو عمل من هو مسؤول عنه.

و أوجه الاختلاف بين التعويض و الغرامة التهديدية واضحة ، يمكن إجمالها في ما يلي : - التعويض يعطى جبرا للضرر الحاصل، بينما تفرض الغرامة التهديدية لغاية تنفيذ الحكم، وهو اختلاف في الهدف.

- التعويض ينظر في تقديره إلى مقدار الضرر و علاقته بالفعل أو القول الذي أحدثه ، بينما لا ينظر عند تقدير الغرامة التهديدية إلا إلى أمور ثلاثة هي: يسر المدين، و مقدار عناده ، و ما يصيب المحكوم له من ضرر من جراء التأخير في التنفيذ.

-حكم الغرامة التهديدية الذي يحددها لا يحوز قوة الشيء المحكوم به.

بحيث يجوز للقاضي أن يزيد في مقدارها بطلب من الدائن إذا تبين أن المبلغ الذي حددت فيه غير كاف لجبر المدين و إرغامه على التنفيذ.

-تستطيع المحكمة التي يرفع إليها طلب تصفية الغرامة التهديدية ، أن تخفض من قيمتها أو تلغيها نهائيا إذا تبين لها أن المحكوم عليه لم يكن متعنتا في الامتناع من تنفيذ الحكم.

2-2 تمييز الغرامة التهديدية عن الشرط الجزائي قد يعمد المتعاقدان بمحض إرادتهما إلى ترتيب جزاء عن إخلال أحدهما بالتزاماته، فيؤدي الطرف المخل تعويضا نقديا يمنحه للطرف الآخر كجزاء عن هذا الإخلال ، و هو ما يسمى في الاصطلاح القانوني بالشرط الجزائي.

والغرامة التهديدية و إن كانت تتفق مع الشرط الجزائي في أن كل منهما عبارة عن جزاء على عدم تنفيذ التزام أو على التأخر في تنفيذه، لكن هذا لا يمنع من وجود عدة فوارق بينهما من بينها ما يلي : -لا يحكم بالغرامات التهديدية إلا في الالتزامات التي يكون موضوعها القيام بعمل أو الامتناع عنه ، في حين أن الشرط الجزائي يمكن أن يقع الاتفاق على ترتيبه كجزاء عند الإخلال بأي التزام كيفما كان موضوعه.

- الغرامة التهديدية يحكم بها القاضي، أما الشرط الجزائي فيتفق عليه كل من الدائن و المدين.

- الحكم بالغرامة التهديدية حكم وقتي لا يقبل التنفيذ إلا إذا حول من مجرد غرامة تهديدية إلى تعويض نهائي عند تصفيتها .

أما الشرط الجزائي فهو اتفاق نهائي قابل للتنفيذ على حاله.

ب - نطاق تطبيق الغرامة التهديدية انقسم الرأي بخصوص نطاق الغرامة التهديدية إلى فريقين، فريق يضيق من نطاقها و فريق يوسع منه.

1- الفريق المضيق من نطاق الغرامة التهديدية حسب هذا الفريق فإن ميدان تطبيق الغرامة التهديدية ينحصر في الحالتين الواردتين على سبيل الحصر في الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية ، و هما : حالة رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل و حالة مخالفته التزاما بالامتناع عن عمل ، و لا يمكن القياس عليهما أو التوسع في تطبيقهما لأن قواعد الحالات الخاصة أو الاستثنائية تجافي القياس و التوسع .

و في هذا الإطار جاء في أحد أحكام المحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي : " و حيث إن طلب الغرامة التهديدية له ما يبرره مادام الأمر بتعلق بوجوب القيام بعمل من جانب المدعى عليه ، وأنه اعتبارا منها لسلطتها التقديريبة في هذا الباب ، فقد قررت هذه المحكمة تحديدها في مبلغ : 200,00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ .

" 2- الفريق الموسع من نطاق الغرامة التهديدية يرى هذا الفريق أنه و إن كان ميدان تطبيق الغرامات التهديدية هو الالتزامات التي يكون محلها القيام بعمل أو الامتناع عن عمل ، فإن هناك حالات كثيرة من حالات الالتزام ، كالالتزام بنقل ملكية شيء ، أو بتسليمه ، تكون الغرامة التهديدية ناجعة فيها ، و ذلك عندما يكون الشيء المحكوم بنقل ملكيته أو حيازته شيئا منقولا أخفاه المحكوم عليه ، كالحكم على بائع العقار بتسليم رسمه العقاري أو بائع شيء معين بتسليمه للمشتري و يمتنع المحكوم عليه ، فهنا يصبح الملاذ الوحيد للدائن هو طلب الحكم بالغرامة التهديدية ، و التطبيقات القضائية للحكم بالغرامة التهديدية في الالتزامات التي يكون محلها نقل ملكية أو حيازة شيء معين كثيرة جدا.

و من ثم فأن ميدان الغرامة التهديدية ينبغي أن يبقى مقصورا على الالتزامات التي يكون موضوعها أداء عمل أو الامتناع عنه أو تسليم وثيقة أو نقل ملكية شيء ، أو ما جرى مجرى ذلك من الالتزامات التي يتطلب تنفيذها تدخل المدين و يتعذر تنفيذه ضده بوسائل أخرى.

ت- شروط الحكم بالغرامة التهديدية يقتضي الحكم بالغرامة التهديدية توافر الشروط التالية : 1- أن يكون هناك التزام امتنع المدين عن تنفيذه مع أن تنفيذه العيني لا يزال ممكنا : لابد أن يكون هناك التزام امتنع المدين عن تنفيذه و أن يكون تنفيذه عينا لا يزال ممكنا.

أما إذا أصبح تنفيذه العيني مستحيلا، كأن هلك الشيء المطلوب تسليمه أو أتى المدين العمل الذي التزم بالامتناع عنه و لم يعد في الاستطاعة الرجوع في ذلك، فلا محل للالتجاء إلى الغرامة التهديدية ، لأن الالتجاء إلى هذا الطريق إنما هو تهديد للمدين حتى يقوم بالتنفيذ، و قد أصبح هذا التنفيذ مستحيلا ، و من ثم أصبح التهديد المالي غير ذي موضوع .

و في هذا السياق جاء في أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي: " وحيث ينص الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية أنه إذا رفض المنفذ عليه التزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل ، أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره ، و أخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية ما لم يكن سبق الحكم بها .

وحيث إن معنى ذلك أن الغرامة التهديدية وسيلة قانونية منحها المشرع للدائن قصد تمكينه من الحصول على التنفيذ العيني متى كان الأمر يتعلق بعمل أو الامتناع عنه بشخص المنفذ عليه ، ممكن وجائز قانونا ، وتلزم إرادته في تنفيذه ، و لا تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري .

وحيث إن شرط الإمكان و الجواز في تنفيذ المدعى عليه في ملف النازلة لالتزامه الوارد بمنطوق الحكم موضوع التنفيذ أعلاه يعتبر منتفيا ومتخلفا في هذه الدعوى ، على اعتبار أن العقار المدعى فيه قد خرج من ملكية المدعى عليه قبل صدور الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا و هذا مفاده أن تدخل المدعى عليه شخصيا في التنفيذ العيني لمنطوق الحكم المذكور أصبح غير ممكن و غير جائز من الناحية القانونية طالما أن ملكية العقار انتقلت إلى المشتري الجديد حسب عقد البيع المؤرخ في 09/06/1992، وبالتالي فلا مجال للمطالبة بتصفية الغرامة التهديدية المحددة من طرف رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش في مبلغ 500,00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، بدليل أن تحقق الحيازة المادية و القانونية للمالك الجديد للعقار محل النزاع بمقتضى عقــد الشراء المستـدل بــه في النــازلة تعتبر في حد ذاتها عائقا ومانعا يحول دون تنفيذ المدعى عليه للحكم الصادر ضده ، الشيء الذي يبقى معه طلب المدعي غير ذي أساس ، و يكون بالتالي حريا بالتصريح برفضه تماشيا مع قرار المجلس الأعلى عدد 531 بتاريخ : 22/02/1989 ، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 42-93 ص 35 الذي جاء فيه ما يلي :" الغاية من الغرامة التهديدية هي إجبار المحكوم عليه لتنفيذ ما يقتضي تدخله شخصيا من القيام بعمل أو الامتناع عن عمل ، و هو ما يقتضي أن يكون العمل المطلوب منه يدخل في دائرة الإمكان ، لذلك لا يمكن الحكم بتصفية هذه الغرامة ، إلا إذا كان امتناعه عن التنفيذ ليس له ما يبرره "" .

2- أن يقتضي تنفيذ الالتزام التدخل الشخصي للمدين : يتضح أن الهدف من الحكم بالغرامة التهديدية هو إجبار المدين على تنفيذ التزامه و التغلب على تعنته – عن طريق القضاء – و ذلك عند امتناعه عن التنفيذ الذي يتطلب منه تدخلا شخصيا، و مثال ذلك أن يتفق شخص مع شخص آخر على رسم لوحة زيتية ذات مواصفات خاصة ، ويمتنع هذا الأخير عن تنفيذ ما التزم به لفائدة الأول ، رغم توفر هذا الأخير على ما يعزز دعواه.

3- أن يكون تدخل المدين ضروري و إلا كان التنفيذ غير ممكنا أو غير ملائم : يجب أن يكون تدخل المدين الشخصي ضروريا لتنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا ، أي يقتضي القيام بعمل أو الامتناع عن عمل ، بحيث إن هذا التنفيذ يصبح من غير تدخل المدين غير ممكن أو غير ملائم و مثال ذلك : الحكم على رب العمل بإرجاع العامل إلى عمله ، أو التزام الشركاء في العين بترك كل واحد منهم يسقي أرضه مدة زمنية معينة ، أو الالتزام بعدم الإضرار بالغير أو بعدم المنافسة… إلخ .

4 - أن يلتجئ الدائن إلى المطالبة بالغرامة التهديدية : عملا بمقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه : " يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف .

.

.

"، يجب أن يطلب الدائن الغرامة التهديدية ، فلا يجوز للقاضي أن يحكم بها تلقائيا كلما توافرت باقي شروطها .

5 - عدم وجود وسيلة تنفيذ بديلة للغرامة التهديدية: يشترط لطلب الغرامة التهديدية أن تكون هي الوسيلة الوحيدة للتنفيذ.

و هو ما قرره القضاء في عدة مناسبات، من ذلك على سبيل المثال ما ورد في أحد قرارات محكمة الاستئناف بمراكش الذي جاء فيه ما يلي : "حيث إن الحكم الابتدائي القاضي بالإفراغ يمكن تنفيذه جبرا على المحكوم عليها بواسطة القوة العمومية في حالة الامتناع ، و بالتالي فلا موجب للحكم بالغرامة التهديدية مما يكون ما تمسك به المستأنف فرعيا من اعتبار الغرامة التهديدية وسيلة لإجبار المكترية على الإفراغ غير جدير بالاعتبار و الحكم المستأنف القاضي برفض الطلب المتعلق بها واقعا في محله مما يتعين بالتالي تأييده.

" و كذا ما ورد في الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط ، الذي جاء فيه : " حيث إن سلطتنا في تحديد الغرامة التهديدية تكون عندما يتعلق الأمر بتنفيذ عيني يستحيل تنفيذه بدون مبادرة شخصية من المحكوم عليه و لا توجد وسائل جبرية لتنفيذه و إكراه المحكوم عليه على الرضوخ للحكم.

و حيث إنه بالنسبة للنازلة الحالية ، فإن إجراء الإفراغ يمكن أن يتأتى بواسطة القوة العمومية ، و هذا هو الإجراء المتخذ في الملف ، و بالتالي فإننا لا نرى أي موجب لتحديد الغرامة التهديدية ، و إن كان طالب التنفيذ الحالي قد يتضرر من هذا التأخير فإن له أن يلجأ إلى الحصول على تعويض عن الضرر في نطاق القواعد العامة.

" إلا أن هناك من يرى أنه لا يشترط للحكم بالغرامة التهديدية أن تكون هي الوسيلة الوحيدة بيد الدائن للوصول إلى حقه ؛ فإذا كانت الغرامة التهديدية قد وجدت لمقاومة تعنت المدين لإرغامه على التنفيذ كلما كان تدخله لحصول التنفيذ أمرا لازما ، و كان الإنصاف يقتضي أن لا تفرض إلا إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة للضغط على المدين بقصد التنفيذ، فإنه يجب التمييز بين كون الغرامة التهديدية هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحق و كونها الوسيلة الوحيدة للتنفيذ ، فإذا كان شرطا أن لا يؤمر بالغرامة التهديدية إلا إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لإعانة الدائن على تنفيذ السند الذي بيده ، فإن من التعسف بحق الدائن طالب التنفيذ أن لا يستجيب لطلب الحكم بالغرامة التهديدية أو لطلب تصفيتها بحجة أن أمامه طريقا آخر للوصول إلى حقه .

فالدائن ليس مرغما على ترك الحكم الذي بيده و التماس دعوى أو وسيلة أخرى للوصول إلى التنفيذ.

و لذلك يكون من حق الدائن الحصول على غرامة تهديدية متى كانت هي السبيل الوحيد لإرغام مدينه على التنفيذ ، و ذلك حتى و لو كان بوسعه سلوك مسطرة أخرى أو استصدار حكم من نوع آخر ضد مدينه .

إذ الشرط أن تكون الغرامة التهديدية هي الوسيلة الوحيدة للتنفيذ و لا يهم بعد ذلك أن يكون بيد الدائن طريق آخر للوصول إلى حقه .

يؤيد هذا الاتجاه ، أن الفصل448 من قانون المسطرة المدنية لا يشترط للحكم بالغرامة التهديدية إلا كون موضوع الحكم هو الامتناع عنه ، و كون المحكوم عليه ممتنعا من التنفيذ دون أي شرط آخر.

ث - تصفية الغرامة التهديدية عندما لا يحقق الحكم القاضي بتحديد الغرامة التهديدية غايته المتمثلة في دفع المدين إلى تنفيذ التزامه يتعين على الدائن أن يتقدم إلى المحكمة بطلب آخر يرمي إلى تصفية هذه الغرامة.

إلا أن تصفية الغرامة التهديدية لا يتم بضرب عدد أيام امتناع المدين من تنفيذ الحكم في مبلغ الذعيرة اليومية ، و إنما تأخذ صبغة تعويض عن الضرر الذي لحق الدائن من جراء تعنت مدينه ؛ فبانتفاء هذا الضرر لا يبقى محل لتصفية الغرامة التهديدية.

و في هذا الإطار جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف بمراكش ما يلي : " .

.

لكن بغض النظر عن أن الغرامة التهديدية تحدد طبقا لمقتضيات الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية في حالة رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل، بينما الغرامة المطلوب تصفيتها حددت لإلزام المحكوم عليهما بأداء مبلغ مالي فقط ، بغض النظر عن ذلك فإن الغرامة التهديدية القانونية تصفى في شكل تعويض عن الضرر الحاصل للمحكوم له من جراء الامتناع عن التنفيذ ، فإنه في نازلة الحال ينتفي هذا الضرر بالنسبة للمحكوم لها - المستأنف عليها - ما دام أنه محكوم لها بالفوائد القانونية أصلا ، و على هذا الأساس لا مبرر لتصفية الغرامة التهديدية مما يناسب إلغاء الحكم المستأنف و الحكم من جديد برفض الطلب.

و المحكمة وهي بصدد تصفية الغرامة التهديدية المحكوم بها تراعي بشأن ذلك ظروف وملابسات كل قضية على حدة ، و خاصة مدة امتناع المحكوم عليه في تنفيذ الحكم الصادر في مواجهته ، و حجم الضرر العالق بالمحكوم لفائدته نتيجة ذلك.

و في هذا السياق جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف بمراكش ما يلي : " لكن وحيث تبين للمحكمة من خلال إطلاعها على وثائق الملف و مستنداته و كذا محضر الامتناع عن التنفيذ و خاصة المدة المصفاة عنها الغرامة التهديدية و هي أقل من شهرين أن المبلغ المحدد من طرف قاضي الدرجة الأولى جد مناسب خاصة و أن المستأنف لم يدل بما يثبت اضطراره إلى الانتقال من سكناه لذا وجب تأييد الحكم المستأنف.

" كما جاء في أحد قراراتها أيضا ما يلي : " حيث إن المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف ثبت لها أن ما قضى به الحكم المستأنف من تعويضات تصفية للغرامة التهديدية عن المدة من 09/08/2010 إلى غاية 14/03/2011 مناسب و مرمم للضرر بالنظر للمدة التي تم تصفية غرامتها التهديدية و طبيعة الضرر المتمثل في الامتناع عن إزالة البناء المقام على ملك المستأنف مما حرمه من استغلاله على الوجه الذي ترتضيه و يقره القانون و تعين بالنتيجة رد الاستئناف و تأييد الحكم الابتدائي.

" كما ورد في أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي : " وحيث يراعى في تصفية الغرامة التهديدية مدى تعنت المدعي وحجم الضرر الذي يلحق الدائن جراء الامتناع عن التنفيذ .

وحيث ارتأت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية ، وبالنظر إلى طبيعة الضرر و طابعه الموسمي تحويل الغرامة التهديدية المحكوم بها إلى تعويض في حدود مبلغ : 25.

000,00 درهم ، يؤديه المدعى عليه للمدعي " .

كما جاء في حكم آخر صادر عن نفس المحكمة المذكورة ما يلي : " وحيث يستفاد من وثائق الملف أن المدعى عليه صدر ضده حكم عن حاكم جماعة تمصلوحت قضى عليه بإزالة المبنى و الزرب من وسط الوادي ، مع تعويض قدره: 200,00 درهم ، وأنه امتنع عن تنفيذ الحكم المذكور بتاريخ : 02/05/2002 ، حسب محضر الامتناع الموجود بالملف ، و أن المدعي قد استصدر أمرا بتحديد الغرامة التهديدية في الملف عقود مختلفة عدد: 4142/7/2003 ، بتاريخ : 09/06/2003 ، ومن ثمة فإن امتناع المدعى عليه عن التنفيذ يجعل المدعي محقا في المطالبة بتصفية الغرامة التهديدية باعتبارها وسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ ؛ و عليه فإن منازعة المدعى عليه في عدم وقوع أي ضرر للمدعي نتيجة عدم تنفيذ الحكم أعلاه لا ترتكز على أي أساس ، على اعتبار أن عدم إزالة البناء و الزرب من وسط الوادي رغم صدور حكم يشكل في حد ذاته ضررا للمدعي يستوجب الحكم بتصفية الغرامة التهديدية المحكوم بها ضد المدعى عليه ، و المحددة في مبلغ : 150,00 درهما عن كل يوم تأخير عن التنفيذ ، و إن المحكمة و بما لها من سلطة تقديرية في هذا المجال ارتأت تحديد التعويض الناتج عن تصفية الغرامة المذكورة في مبلغ :" 36.

500,00 " ستة وثلاثون ألف وخمسمائة درهم ، عن الفترة من : 17/06/2002 إلى 16/06/2003 " .

و إن كانت تصفية الغرامة التهديدية تنطلق من مقدار الضرر الذي لحق المحكوم له من جراء امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ ، فإن تلك التصفية لا تحول دون مطالبة المحكوم له بالتعويض عن الضرر المذكور ، و هو ما نص عليه الفصل 448 – فقرة 2 – صراحة إذ جاء فيه : " يمكن للمستفيد من الحكم أن يطلب علاوة على ذلك التعويض من المحكمة التي أصدرته.

" و في هذا الإطار جاء في أحد قرارات محكمة النقض ما يلي : " إن الفقرة الأخيرة من الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية و المحتج بخرقه ، قد ميزت بين الغرامة التهديدية و التعويض ، و أن القضاء قد درج على اعتبار الغرامة التهديدية أداة لإجبار المدين أو المحكوم عليه على تنفيذ التزامه ، و أنها في الأخير وسيلة غير مباشرة للتنفيذ الجبري و تهديد مالي تحكمي لا يقاس بالضرر ، و أن مقدارها يمكن أن يزيد كلما طالت مدة التأخير في التنفيذ" كما جاء في قرار آخر صادر عن نفس المحكمة ما يلي : " يمكن للمستفيذ من الحكم علاوة على طلب التعويض تصفية الغرامة التهديدية المحكوم بها من جراء امتناع المنفذ عليها من تنفيذ الحكم الصادر في مواجهتها ، و أنه يمكن الجمع بينهما ، والقرار المطعون فيه لما اعتبر أنه لا يمكن التعويض عن نفس الضرر مرتين يكون قد طبق قاعدة عامة في غير محلها.

" و المبلغ المالي الذي تقضي به المحكمة تصفية للغرامة التهديدية ، إما أن ينفذ طواعية من قبل المحكوم عليه ، و إما جبرا عن طريق حجز أمواله في حالة وجودها أو عن طريق الإكراه البدني في الحالة المعاكسة.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0