الحجز لدى الغير في قانون المسطرة المدنية المغربي
مجموعة دروس في قانون المسطرة المدنية للتحضير للمباريات القانونية و السداسية السادسة شعبة القانون والاسنعانة بها في البجوث والعروض والمقالات
كما هو واضح من خلال التعريف فلقيام الحجز لدى الغير لابد من توافر عدة شروط ولا مناص من اتباع بعض الاجراءات(المطلب الأول) وذلك حتى تنظر فيه الجهة المختصة بالبت فيه في وضعية سليمة وقانونية، وحتى يرتب آثاره ونتائجه في مواجهة أطرافه والغير(المطلب الثاني).
-المطلب الأول : شروط وإجراءات الحجز لدى الغير- الفقرة الأولى: شروط الحجز لدى الغير- تطرق الفصلان 488 و491 من قانون المسطرة المدنية لشروط الحجز لدى الغير، إذ نص الأول في الفقرة الأولى على أنه "يمكن لكل دائن ذاتي أو إعتباري يتوفر على دين ثابت إجراء حجز بين يدي الغير بإذن من القاضي على مبالغ ومستندات لمدينه والتعرض على تسليمها له .
.
.
".
ونص الثاني على أنه : " يتم حجز ما للمدين لدى الغير بناء على سند تنفيذي أو بأمر يصدره رئيس المحكمة الابتدائية بناء على طلب بشرط الرجوع إليه عند وجود صعوبة".
-أولا : أن يتعلق الأمر بدين ثابت أو بسند تنفيذي - فما المقصود بالدين الثابت نظرا لكون المشرع لم يعطينا المقصود منه، يرى الدكتور عبد الكريم الطالب أن: "ثبوت الدين يعني خلو الدين من النزاع وحلوله واستحقاقه".
-ثانيا : أن يأذن القاضي أو يأمر الرئيس بالحجز لدى الغير - توافر الدين الثابت غير كافي لسلوك مسطرة الحجز لدى الغير، بل يتعين على الدائن أن يحصل إضافة إلى ذلك على إذن من القاضي بإجراء المسطرة المذكورة.
وهنا يتضح الفرق بين السند التنفيذي والدين الثابت حيث متى كان الدائن يتوفر على سند تنفيذي، لم يستوجب المشرع ضرورة الحصول على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية، وإنما استعمل لفظة (أو) في الفصل 491 الذي يفيد التخيير لا العطف، وذلك على عكس الفصل 488 الذي أوقف سلوك الحجز لدى الغير على إذن القاضي بذلك.
-الفقرة الثانية : إجراءات الحجز لدى الغير- أولا : تبليغ الحجز لدى الغير - يتضح من خلال الفصل 492 من قانون المسطرة المدنية الأهمية التي اعطاها المشرع للتبليغ إذ حاول تبيين إجراءاته، حيث يقوم به أحد أعوان كتابة الضبط بتبليغ الحجز إلى المدين وكذلك إلى المحجوز لديه.
-ثانيا : اتفاق الأطراف والتصريح بما في الذمة- بعدما يتم تبليغ أطراف الحجز واستدعائهم من طرف الرئيس، يقوم هذا الأخير بمحاولة من أجل اتفاقهم على توزيع المبالغ المحجوزة لدى الغير، ولا يخرج الأمر عن حالتين، إما أن يتفقوا على توزيع هذه المبالغ، وفي هذه الحالة يحرر محضر بذلك وتسلم فورا قوائم التوزيع، وإما أن يختلفوا وهنا لابد من سلوك إجراءات نص عليها الفصل 494.
-المطلب الثاني : الجهة المختصة بالبت في الحجز لدى الغير وإثاره- الفقرة الأولى: الجهة المختصة بالبت في الحجز لدى الغير - بالرجوع للفصل 488 نجد أن المشرع أوكل النظر في الحجز للقاضي دون تخصيص إذ لم يبين المراد هل هو قاضي الموضوع أو قاضي المستعجلات و الأوامر، أو قاضي مختص في الحجوزات، أما إذا عدنا غلى الفصل 491 والفصل 494 فإن الجهة المختصة في البت في هذا النوع من الحجوز، هي رئيس المحكمة الابتدائية رغم أن الفصل 494 تحدث عن الرئيس تحدث عن الرئيس دون نعت.
-أولا : اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية- إن الجهة المختصة بالبت في الحجز لدى الغير هي رئيس المحكمة الابتدائية وبصفته الولائية لا الاستعجالية، انطلاقا من الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية.
-ثانيا: اختصاص محكمة الموضوع- يمكن القاول ان البت في الحجز لدى الغير من اختصاص كل من رئيس المحكمة الابتدائية وقضاء الموضوع، إذ يكون الأول مختصا متى تعلق الأمر بتقديم طلب يرمي إلى إيقاع الحجز، ويكون الثاني صاحب الصلاحية عندما ينتهي دور الرئيس بفشله في الوصول إلى التوفيق بين الأطراف، إي عندما يصبح الأمر متعلقا بالنظر في موضوع الحجز وذلك بالفصل في صحته أو بطلانه أو رفعه.
-الفقرة الثانية: آثار الحجز لدى الغير - يرتب الحجز لدى الغير عدة آثار منها ما يلحق الدين ومنها ما يلحق بالأطراف .
-أولا : بالنسبة للدين موضوع الحجز - أما بالنسبة للآثار التي تلحق بالدين، يمكن تلخيصها في قطع التقادم، وإن كان هذا الأثر يطال المدين المحجوز عليه كذلك لأن الانقطاع يمسه هو ويلحق بحقوقه، وبراءة الذمة، الذي يرتبط من بعض الجوانب بالمحجوز لديه بحيث تبرأ ذمته من الدين الذي له في مواجهة المدين المحجوز عليه.
بالنسبة لقطع التقادم لم ينص عليه المشرع المغربي كآثر لحجز ما لدى الغير من خلال قانةن المسطرة المدنية، وإن كانت القاواعد العامة توصلة إلى هذه النتيجة، فقد ورد في الفصل 381 من قانون الالتزامات والعقود بأن : "ينقطع التقادم : بكل مطالبة قضائية أو غير قضائية يكون لها تاريخ ثابت ومن شأنها أن تجعل المدين في حالة مطل لتنفيذ التزامه،ولو رفعت أمام قاضي غير مختص، أو قاضى ببطلانها لعيب في الشكل.
.
.
.
بكل إجراء تحفظي أو تنفيذي يباشر على أموال المدين أو بكل طلب يقدم للحصول على الإذن في مباشرة هذه الإجراءات.
" ويتبين من خلال هذا الفصل أن التقادم ينقطع بالنسبة للدين الذي تمت المطالبة به أو تم اتخاذ إجراء تحفظي أو تنفيذي عليه.
أما بالنسبة لبراءة الذمة فإن إقاع الحجز لدى الغير في حد ذاته لا يؤدي إليها كأثر، وإنما لايصبح كذلك إلا بعد المصادقة عليه من طرف محكمة الموضوع.
وقد نظم المشرع في الفصليين 495 و496 من قانون المسطرة المدنية براءة الذمة كأثر يلحق بالدين الواقع على المحجوز لديه، وعليه تبرءأ ذمة المحجوز لديه في الحالات الثلاث الآتية: الحالة الأولى : كفاية المبلغ الموجود لدى المحجوز لديه، أي إذا كان المبلغ الموجود بين يدي المحجوز لديه كافيا لتغطية كل المبالغ التي تم الاتفاق على توزيعها .
الحالة الثانية : عدم كفاية المبلغ الموجود بين يدي المحجوز لديه، تبرأ ذمة المحجوز لديه في هذه الحالة بإداعه المبلغ المذكور في كتابة الضيط، ولا يبقى أمام المتعرضين إلا سلوك مسطرة التوزيع بالمحاصة.
الحالة الثالثة : تنفيذ الأمر الاستعجالي القاضي بتسليم مبالغ المحجوز عليه .
-ثانيا : بالنسبة لأطراف الحجز لدى الغير- يتبين من خلال الفصل 489 من قانون المسطرة المدنية أن للحجز لدى الغير أثرين على المحجوز عليه أولهما إيجابي والثاني سلبي.
فأما الاثر الإيجابي، فيتمثل في إمكانية تسلم المدين المحجوز عليه للجزء غير القابل للحجز إما من أجره أو راتبه، ضمانا للطابع المعيشي وتطبيقا لما نص عليه القانون بخصوص عدم قابلية جزء من الأجر أو الراتب للحجز.
أما الأثر السلبي فيكمن في أن الأجزاء أو الجزء القابل للحجز لدى الغير يصبح محبوسا بين يدي المحجوز لديه ولا يمكنه التصرف فيه ولا تسلمه.
وبالمقابل فإن الحجز لدى الغير يلحق بعض الآثار بالنسبة للمحجوز لديه يمكن إجمالها في براءة الذمة، وفي أن أي وفاي يقوم به المحجوز لديه إزاء الغير خارج ما يسمح به القانون -أي خارج الجزء غير القابل للحجز- يعد باطلا، ويتحمل المحجوز لديه المسؤولية في حالة عدم الإلتزام بهذه الأحكام.