الفاعلون الرئيسيون و الثانويون في إنجاز السياسات العمومية المتعلق بالصحة
مجموعة مواضيع في القانون العام منتقات للتحضير للبحوث و المقالات و المباريات القانونية
ورقة بحثية بعنوان :
السياسات العمومية المتعلقة بمجال الصحة
الفاعلون الرئيسيون و الثانويون في إنجاز السياسات العمومية المتعلق بالصحة
-
يعتبر تنزيل السياسة العامة للدولة في مجال الصحة مجال يتدخل فيه مجموعة من الفاعلين الأساسيين و الثانويين، حيث اعتبر الكاتب العام لوزارة الصحة أن مشاريع إصلاح المنظومة الصحية تتوقف على انخراط كافة القطاعات الحكومية، و الجماعات الترابية و المجتمع المدني و القطاع الخاص[1]، و بالتالي يمكن تحديد هؤلاء المتدخلون في:
الفاعلون الرئيسيون:
- الحكومة:
تعتبر الحكومة التي هي السلطة التنفيذية، فاعل الأساسي في صنع السياسات العمومية كما نص عليه الفصل 92 من الدستور المغربي الذي حدد اختصاصات الجهاز التنفيذي، حيث توضع السياسات العمومية لمعالجة المشكلات التي تواجهها عبر وضع استراتيجيات قابلة للتنزيل من طرفها إلى أرض الواقع[2]، و قد وضعت الحكومة في مخططها الحكومي بمجموعة من الأهداف التي تسعى الوصول إليها في مجال الصحة و التي سبق ذكرناها.
- البرلمان:
فللسلطة التشريعية قيمتها في صنع السياسات وفهمها، فالهيئات التشريعية لها دور مركزي في رسم السياسات التي يتم إنشاؤها من قبل الحكومات[3]، فباعتبارها مؤسسة تجسد سيادة الأمة، فقد نص الفصل 70 من دستور المملكة على أن البرلمان يصوت على القوانين و يراقب عمل الحكومة و يقيم السياسات العمومية[4].
فللسلطة التشريعية قيمتها في صنع السياسات وفهمها، فالهيئات التشريعية لها دور مركزي في رسم السياسات التي يتم إنشاؤها من قبل الحكومات، و تحدد السياسات العامة
يعتبر البرلمان بمثابة المراقب على الحكومة و الأعمال التي تنجزها، فهو سلطة تشريعية يختص في التشريع في مجموعة من المجالات حددها الفصل 71 من الدستور، على رأسها التشريع في مبادئ و قواعد المنظومة الصحية، كما أن للبرلمان إضافة إلى صلاحياته في الفصل 71، صلاحية التصويت على القوانين التي تضع إطار للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية و الثقافية[5].
و قد قدم البرلمان 4 مشاريع قوانين تهم المنظومة الصحية من أصل 23 مشروع قانون في هذا الإطار، كما يمارس البرلمان رقابته على الجهاز التنفيذي عبر المسائلة في جلسات البرلمان، عبر توجبه أسئلة تمس السياسة العامة للوزارات و مدى تقدمهم في تنزيلها، فمثلا وصلت أسئلة البرلمان في الغرفة الأولى و التي تهم قطاع الصحة إلى 3813 سؤال تؤطر أعمال الحكومة في هذا القطاع و تشكل رقابة عليهم[6].
يمكن إبراز دور هذه الأسئلة باستحضار بعض الأمثلة كالتالي:
في مداولات مجلس النواب لدورة ابريل 2022، تقدم النائب السيد إدريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي، و طرح سؤال له علاقة بالميزانية التي تخصصها الوزارة لقطاع الصحة، و تسائل عن كيف ستحصل الدولة على ميزانية 51 مليار لتنزيل ورش الحماية الإجنماعية، فرد رئيس الحكومة أن الدولة ستخصص 5 في المئة من ناتجها المحلي الخام[7].
قام مجلس النواب أيضا في بتكليف لجنة بدراسة إشكالية أتمنة الأدوية، و إنجاز تقرير في هذا الإطار يهم النقط التالية:
- أثمنة الأدوية التي ثمنها مرتفع بشكل غير عادي.
- الشركات التي تتحمل مسؤولية هذا الغلاء.
- المساطر المتبعة لتحديد أثمنة الأدوية، و التعويض عنه من طرف مديرية أنظمة التغطية الصحية.
كما قامة هذه اللجنة بإنجاز مقارنة عن ثمن الأدوية في المغرب و تونس مثلا بزيادة في المغرب بين 30 و 189 في المئة، أما مع فرنسا بلغت الزيادة بين 20 إلى 70 في المئة[8] .
الفاعلون الثانويون:
- المجتمع المدني:
تحرص وزارة الصحة على الإستماع إلى المجتمع المدني في إطار الديموقراطية التشاركية، للتعاون على اكتشاف المشاكل و إيجاد الحلول، و ذلك عبر إبرام اتفاقيات و شراكات مع جمعيات مهتمة بأحد مجالات الصحة للتعاون على إنزال السياسة العامة المتعلقة بالصحة.
يلعب المجتمع المدني دورا مهم في إيجاد الحلول للعديد من المشاكل المجتمعية الراهنة، و لاطالما أكد ملك البلاد على إدماج المجتمع المدني في سياسات الدولة، كونه يعبر عن إرادة المجتمع و له علم و دراية بالمشاكر الذي يعاني منها الشعب.
كما يلعب المجتمع المدني دورا مهما في النهوض بمجال الصحة، فقد أكدت ديباجة القانون 22-06 المتعلق بالمنظومة الصحية على أن هذه الأخيرة تعتبر من مسؤوليات المجتمع المدني: كما اعتبرت المادة 4 من نفس القانون أن المجتمع المدني يجب أن يشارك في تنفيذ سياسات الدولة المتعلقة بالوقاية من الأوبئة و الأمراض و غيرها من الأخطار الصحية، كما أكدت المادة 5 من نفس القانون ضرورة إشراك المجتمع المدني تحقيق الأهداف التي جاء بها القانون 22-06 بالإضافة إلى الفاعلين الآخرين، و بالتالي فإن المجتمع المدني جزء لا يتجأ من المنظومة الصحية المغربية.
- الشراكة مع القطاعات الوزارية الأخرى:
في إطار تنزيلها للسياسة العامة في مجال الصحة، تسعى وزارة الصحة إلى التعاون مع الوزارات الأخرة في إطار المقاربة التشاركية و التعاون بين القطاعات، من أجل التنزيل الفعال لهذه السياسة، في هذا الإطار تتعاون وزارة الصحة مع القطاعات الوزارية الأخرى على التالي:
وزارة الداخلية: تعزبز المقاربة الأمنية لمواجهة الأوبئة والمخاطر الصحية، و تنسيق عملية مراقبة انتشار و بيع المواد المهددة للصحة العمومية.
وزارة الإقتصاد و المالية: توفير التمويلات و الإعتمادات المالية الكافية.
وزارة الصناعة و التجارة: مراقبة تصنيع و تسويق المواد الصناعية، و المساهمة في تعزيز التصنيع الوطني للمنتجات و التجهيزات الطبية.
وزارة العدل: التدخل في الأخطاء الطبية وتفعيل المنظومة القانونية المتعلقة بها[9].
و في إطار تنزيل ورش الحماية الإجتماعية، تم تكليفعدة لجان في إطار إرساء قواعدالحكامة و دعم إصلاح منظومة الحماية الإجتماعية بالمغرب، من بين هذه اللجان، لجنة موضوعاتية دائمة للمساعدة الإجتماعية للمساعدة الإجتماعية تتألف من[10]:
- رئاسة الحكومة.
- وزارة الاقتصاد والمالية.
- وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، وتشرف على إنجاز ما يلي: برنامج دعم الأرامل، برامج صندوق دعم التماسك الاجتماعي الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة، إصلاح منظومة مؤسسات الرعاية الاجتماعية، برامج دعم المشاريع الاجتماعية للقرب بشراكة مع المجتمع المدني وورش هيكلة وتنظيم مهن العمل الاجتماعي.
- وزارة الداخلية، تتدخل في مجال المساعدة الاجتماعية من خلال الإشراف على برامج المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خاصة برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشة، برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب وبرنامج الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
- وزارة الصحة، التي تشرف على برنامج المساعدة الطبية «راميد».
- وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي (القطاعات الأربع) من خلال الإشراف على: برنامج «تيسير»، برنامج مليون محفظة، الداخليات والمطاعم المدرسية والنقل ومنح التعليم العالي والتكوين المهني.
- وزارة العدل من خلال إشرافها على صندوق التكافل العائلي.
- وزارة الشغل والإدماج المهني.
- الأحزاب السياسية:
تؤثر الأحزاب السياسية في صناعة السياسات العامة سواء كانت داخل السلطة أو خارجها، ففي الحالة الأولى تعمل على رسم السياسة العامة طبقا للتوجهات الفكرية و الفلسفية التي تؤمن بها ، و في الحالة الثانية تعمل على تبني المطالبة الشعبية و تقديم البدائل و الحلول الملبية لها من أجل كسب التأييدالجماهيري و الرفع من حظوظها في الوصول إلى السلطة في الأنتخابات المقبلة[11].
أصبح الأحزاب السياسية في المغرب بمقتضى دستور 2011 تضطلع بمهام تدبير الشأن العام و المساهمة عن التعبير عن إرادة الناخبين و المشاركة في ممارسة السلطة ، على اساس التعددية و التناوب، بالوسائل الديموقراطية، و في نطاق المؤسسات الدستورية[12].
[1] الأمن الصحي كمدخل لتعزيز مقومات السيادة الوطنية، تقرير موضوعاتي، المجموعة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالأمن الصحي، مجلس المستشارين، يوليوز 2022، ص 95.
[2] تفرح بوكرين، صناعة السياسة العمومية بالمغرب: الفاعلون و المؤثرون، مجلة القانون الدستوري و العلوم الإدارية، العدد التاسع، ماي 2023، ص 200.
[3] حسن عبد الله الدعجه، صنع السياسات العمومية، الناشر وزارة الثقافة، عمان الأردن، 2020، ص 153.
[4] مولاي هشام المراني، المتدخلون في صنع السياسات العامة في المغرب، مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، المجلد الرابع، العدد الثامن، ماي 2020، ص 275.
[5] نفس المرجع السابق، ص 207.
[6] عصام ازمي، م.
س، ص 65.
[7] مداولات مجلس النواب، دورة ابريل 2022، ص 8.
[8] نفس المرجع السابق، ص 65.
[9] الأمن الصحي كمدخل لتعزيز مقومات السيادة الوطنية، م.
س، ص 29- 30.
[10] أنظر /التنمية-الاجتماعية/السياسة-العمومية-للحماية-الاجتماعية/https://social.
gov.
ma،تم الإطلاع عليه بتاريخ 20/11/2023 على الساعة 23:00.
[11] مولاي هشام المراني، المتدخلون في صنع السياسات العامة في المغرب، مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، المجلد الرابع، العدد الثامن، ماي 2020، ص 281.
[12] نفس المرجع السابق.