التزامات مالك الأصل التجاري الخاصة لعقد التسيير الحر

مجموعة دروس في التسيير الحر للأصل التجاري في القانون المغربي

التزامات مالك الأصل التجاري الخاصة لعقد التسيير الحر
نظرا لطبيعة عقد التسيير الحر وكذا طبيعة الأصل التجاري فإنه يترتب على مكري الأصل التجاري إلتزامات أخرى غير تلك المحددة في القواعد العامة، والتي منها، إلتزامه بعدم منافسة المسير الحر "أولا" ثم طلب شطب أوتغيير تقييده الشخصي " ثانيا " وأخيرا إلتزامه بتجديد إيجار العقار " ثالثا".

-أولا: إلتزام المالك بعدم منافسة المسير الحر.

تعتبر المنافسة أساس الحياة التجارية، وهي الضابط الحقيقي في التوزيع وتوفير السلع والخدمات للمستهلكين، وللمنافسة وسائل شتى، لكن ليست كل الوسائل مسموح بها، فالقضاء يدين تلك المنافية للشرف المهني، ومما تجب الإشارة إليه أن شرط عدم المنافسة "clause de non concurrence ou non rétablissement " نجد له تطبيقا شائعا في الحياة العملية، ومن أمثلة ذلك أن يدرج الطرفان في عقد بيع الأصل التجاري بندا يتضمن شرطا يقضي بمنع البائع من ممارسة نشاط تجاري أوصناعي أوحرفي مماثل لذلك المزاول في إستغلال الأصل التجاري المبيع.

وذلك لكي لاتتم منافسة المشتري عن طريق إستقطاب زبائن هذا الأصل وحرمانه من التعامل معهم، كما نجد تطبيقا آخر لهذا الشرط في مجال علاقة رب العمل بمستخدميه، حيث تجيز الفقرة الثانية من الفصل 109 من ق.

ل.

ع أن يلتزم العامل أوالمستخدم إزاء رب العمل بعدم منافسته بعد إنتهاء عقد العمل سواء عن طريق الإشتغال لدى رب عمل منافس أو عن طريق إنشاء مقاولة يكون الهدف منها منافسة رب العمل كان يشتغل عنده.

فإن عدم إحترام مقتضيات الحماية القانونية تستوجب الجزاء المدني، وإذا كان إلتزام المالك بعدم منافسة المسير الحر وفقا للقواعد العامة بقصد حماية المكتري من تعدي المالك على حقوقه إذا منعه هذا الأخير من التمتع بمزايا الشيء المؤجر وألحق به ضررا محققا يستوجب التعويض في إطار المسؤولية المدنية ، فإن عقد التسيير الحر غالبا ما ينص على هذه الحماية، فإذا لم يتعرض العقد لشرط عدم المنافسة يظل المؤجر ملتزما بعدم المنافسة قانونا أما في الحالة التي يؤكد فيها العقد حظر عدم المنافسة إتجاه المسير الحر، فإن مالك الأصل التجاري يلتزم بعدم المنافسة وإستغلال لأي نشاط تجاري أوصناعي أوحرفي مماثل لما هومستغل في الأصل التجاري المؤجر.

كما لا حق له بمقتضى هذا الإلتزام أن يرخص للغير بإنشاء أصل تجاري مماثل بجوار الأصل المؤجر، ويتحمل المؤجر أيضا عبء عدم إعانة التاجر الذي يزاول تجارته بجوار المسير الحر.

ونشير إلى أن مالك الأصل التجاري له بطبيعة الحال أن يمارس تجارة أخرى وفق لمبدأ الحرية التجارية شريطة ألا يشكل هذا النشاط منافسة مباشرة أوغير مباشرة لتجارة الأصل موضوع التسيير، إلا أن شرط عدم المنافسة يخضع لبعض الإستثناءات؛ فلا يجوز حصر هذا الشرط إطلاقا من حيث الزمان والمكان ونوعية التجارة تحت طائلة البطلان بل يجب تحديد مدة صلاحية الشرط وإلا فإن إلتزام المالك بعدم المنافسة ينقضي بإنتهاء مدة العقد على الأكثر ، هذا عن عنصر الزمان أما فيما يتعلق بعنصر المكان فلابد من تحديد مساحته في دائرة جغرافية معقولة.

نشير إلى أنه لايمكن أن يعتد بشرط عدم المنافسة إذا قام المسير الحر بممارسة نشاط آخر غير الذي كان يمارسه مكري الأصل لحظة إبرام عقد التسيير الحر دون موافقة المكري، أما في حالة ثبوت مخالفة المكري لشرط عدم المنافسة فإن للمسير الحر الخيار حسب الحالات بين الحلول التالية: • توقيف أداء أجرة الكراء.

• رفع دعوى ضد المكري للمطالبة بالتعويض.

• طلب تخفيف أجرة الكراء.

• طلب فسخ عقد التسيير الحر.

• طلب إغلاق الأصل التجاري المستغل بالمخالفة لشرط عدم المنافسة.

-ثانيا: إلتزام المالك بطلب شطب أو تغيير تقييده الشخصي في السجل التجاري.

برجوعنا إلى المادة 153 من مدونة التجارة نجد أن مالك الأصل التجاري عند إبرامه لعقد التسيير الحر، أن يطالب إما بشطب إسمه من السجل التجاري، وهو ما نصت عليه المادة 52 من نفس القانون، أوأن يلجأ إلى تغيير تقييده الشخصي بالتنصيص صراحة على وضع الأصل التجاري في عقد التسيير، والهدف من ذلك هو إخبار الأغيار والدائنين من أجل حمايتهم وعدم وقوعهم في لبس حول وضعية الأصل التجاري ويترتب عن هذا الوضع فقدان مالك الأصل لصفة تاجر بالنسبة للأصل التجاري موضوع عقد التسيير الحر، أما الحالة التي لايقوم بها المالك بهذه الإجراءات السابقة الذكر فإنه بمقتضى المادة 60 من مدونة التجارة يكون مسؤولا على وجه التضامن عن ديون المسير، ولابد لطرفي العقد من القيام بنشر عقد التسيير الحر في أجل خمسة عشر يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشرالإعلانات القانونية.

نشير أن هذه الإلتزامات تقع على مالك الأصل التجاري بقوة القانون وبمجرد إبرام عقد التسيير الحر، وأن الإخلال بها يعرضه للعقوبات المالية المحددة في مدونة التجارة أوالعقوبات الحبسية إن إقتضى الحال، وتوافرت أركان الجرائم المنصوص عليها في هذا الشأن، وعليه يبقى مالك الأصل في حالة مخالفته لهذه الإلتزامات مسؤولا مسؤولية مدنية عقدية تجاه المسير الحر عن الأضرار المادية والمعنوية التي تحصل له ولتجارته من جراء هذا الإخلال وإن عبء إثبات ذلك يقع على المسير الحر بمختلف وسائل الإثبات.

-ثالثا: إلتزام المالك بتجديد إيجار العقار.

إن إلتزام مالك الأصل التجاري بتجديد إيجار العقار الذي يستغل في الأصل التجاري محل التسيير الحر، يرتبط إرتباطا وثيقا بحياة هذا الأصل ، فعدم تجديد أوتمديد إيجار العقار يعني إختفاء الأصل التجاري، وبالتالي إنقضاء عقد التسيير الحر، ويستمد أساسه من كون حق الكراء يعتبر من أهم عناصر الأصل التجاري، وأن عدم تجديده يعني إنعدام الأصل التجاري ليصبح بالتالي عقد التسيير الحر بدون محل.

ومادام القانون يمنح لمالك الأصل التجاري حماية قانونية لإستمرار عقد الكراء بتجديده، وإذا إمتنع المالك عن تجديد عقد كراء العقار الذي يستغل فيه الأصل التجاري فإنه يعتبر مسؤولا عن الإخلال بهذا الإلتزام إذ يحق للمسير المطالبة بالتعويض عن باقي المدة المحددة في عقد التسيير الحر، خاصة إذا كان السبب يرجع لخطأ المالك أوأحد تابعيه، لكن إذا تعلق الأمر بقوة قاهرة، أوحادث فجائي أو عمل السلطة العمومية فإن مالك الأصل التجاري يعفى من هذا الإلتزام، وبالتالي لايستحق المسير الحر أي تعويض وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في ق.

ل.

ع المتعلقة بالكراء والبيع.

What's Your Reaction?

like
1
dislike
0
love
1
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0