التزامات المكري بعد إنتهاء التسيير الحر
مجموعة دروس في التسيير الحر للأصل التجاري في القانون المغربي
-التزامات المكري تجاه المسير الحر قد يخلف إنتهاء عقد التسيير الحر بالنسبة للمكري في علاقته مع المسير الحر مشاكل على ضوء إلتزامات الطرفين المتبادلة، منها ما يتعلق بتسلمه للأصل التجاري أو بمصيرالكفالة التي قد يكون سبق له أن تسلمها لدى بداية عقد التسيير الحر كضمان لتنفيد المسير الحر لإلتزاماته، وسنرى كل أثر على حدة.
-أولا: إلتزام المكري بتسلم الأصل التجاري.
من أهم الإلتزامات المسلم بها والتي تخضع للقواعد العامة لعقد كراء المنقول إلتزام المكري بتسلم الأصل التجاري المكترى في المكان والزمان المحددين بمقتضى العقد.
ويدخل في مفهوم الإلتزام بتسلم الأصل التجاري بجميع عناصره، القيام بجميع الإجراءات القانونية التي تمكن المسير الحر من التحلل من إلتزاماته سواء كان هذا التسلم فعليا أو حكميا.
وتكون عملية التسلم لعناصر الأصل التجاري حسب طبيعة كل عنصر من عناصر الأصل مع مطابقته للعناصر المسلمة له طبقا لمقتضيات العقد، وغالب ما يتم تحرير قائمة أوإحصاء من طرف المسير الحر أوالمالك لإثبات الحالة التي سلمت عليها هذه العناصر ومقارنتها بالإحصاء الذي تم عند تسلمها من طرف المسير الحر حتى يمكن للمالك المطالبة بالتعويضات عن الخسائرالتي لحقت بها إن إقتضى الحال، أما إن تأخرالمكري عن تسلم الأصل التجاري سواء كان ذلك ناتجا عن خطئه أوبسبب الحادث الفجائي أوالقوة القاهرة وغيرها من الأسباب الأخرى فإن المسير الحر لا يلتزم بأجرة الكراء ولا يسأل عن الأضرارالتي تلحق الأصل خلال هذه المدة وبالتالي لا يلتزم بالتعويض في هذه الحالة.
ونشيرإلى أن المسير الحر يمكنه المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقته من جراء هذا التأخير وإرجاع المصاريف التي يكون قد أداها محل المالك خلال هذه المدة عن طريق دعوى الإثراء بلا سبب أوالمسؤولية التقصيرية أودعوى الرجوع في حالة آدائه لبعض التكاليف أوالضرائب أوالديون التي يلتزم بها المالك بعد إنتهاء العقد.
-ثانيا: إلتزام المكري بإرجاع مبلغ الكفالة.
إن تنفيذ المسير الحر لإلتزامه بإعادة الأصل التجاري عند إنتهاء عقد التسيير الحر طبقا للمواصفات، وبكافة العناصرالمحددة بمقتضى محضر الإحصاء أوالقائمة المحررة عند تسليمه إليه من طرف المالك يستتبع إلتزام المكري بإرجاع مبلغ الكفالة الذي سبق أن تسلمه من المسير الحر لدى إبرام العقد والذي لايحق له الإحتفاظ به، بدون موجب قانوني أوسبب مشروع ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وقد تكون هذه الكفالة في شكل إعتراف بدين أورهن حيازي لمنقول أومبلغ مالي كما يمكن أن تكون الكفالة مضمونة عن طريق إيقاع رهن رسمي على عقار في ملك المسير الحر، حيث يجب على المالك فك الرهن فورا ورفع اليد على الشيء محل الرهن بمجرد تنفيذ كل منهما لإلتزاماته تجاه الآخر، وإرجاع المكري بعد إنتهاء العلاقة الكرائية مبلغ الضمانة الذي سبق أن تسلمه عن الأضرار الإحتمالية يعد قرينة على أنه إسترجع العين خالية من كل عيب أوضرر.
ويبقى في جميع الأحوال للمسير الحر أوالمالك اللجوء إلى قاضي المستعجلات عند وجود أية صعوبة قصد تعيين حارس قضائي لإجراء عملية إقتطاع الأموال اللازمة من مبلغ الكفالة، ومما تجدرالإشارة إليه هو أن الإنتهاء إذا كان ناتجا عن فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، فإن الأجل بالنسبة للأموال موضوع عقد جار يوم فتح المسطرة يسري إبتداءا من تاريخ فسخ هذا العقد أوإنتهاءه، طبقا للمادة 668 من مدونة التجارة، ويعفى صاحب المال من إثبات حقه كمالك، إذا سبق له شهر العقد موضوع هذا المال.
-التزامات المكري تجاه الغير بعد إنتهاء العقد- سنحاول التركيز في هذه الإلتزامات بالخصوص على إلتزامات المالك بالنسبة للعقود الجارية المبرمة من طرف المسير الحر، وكذا إلتزاماته بالتسجيل والنشر بعد إنتهاء العقد.
-أولا: إلتزامات المكري بالنسبة للعقود الجارية.
إن العقود الجارية المبرمة من طرف المسير الحر لا تنتقل بقوة القانون إلى مكري الأصل التجاري بإنتهاء عقد التسييرالحر، وذلك لأن المبدأ أن الإلتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا فيها، ومع ذلك يمكن أن تنفذ هذه العقود من طرف المكري إذا وافق على ذلك،لأجل ذلك جعل المشرع إنتهاء عقد التسيير الحر سبب للحلول الفوري لأجل الديون المبرمة من طرف المسير الحر والمتعلقة بإستغلال الأصل التجاري.
ويرد على هذا المبدأ إستثناء يتعلق بعقود الشغل لما لها من آثار وخيمة على الأجراء ويتعين هذا التمييز بشأنها بين عقود الشغل التي كانت قائمة قبل إبرام عقد التسيير الحر وتلك المبرمة من طرف المسير الحر، إذ ليس هناك أدنى شك في أن صاحب الأصل التجاري ملزم بمواصلة تنفيذ العقود السابقة للتسيير الحر لأنها مبرمة من طرفه.
أما تلك العقود المبرمة من طرف المسير الحر فالأصل أن تكون مؤقتة تنتهي بإنتهاء عقد التسيير الحر بل يجب على المسير الحر أن يبرم جميع العقود في حدود مدة عقد التسيير الحر لكن هل يلتزم المكري بعقود الشغل إذا تجاوزت مدتها مدة التسيير الحر بالرغم من كونه لم يكن طرفا فيها؟ برجوعنا للفقرة السابقة من الفصل 754 من ق.
ل.
ع نجد أنه « إذا طرأ تغيير في المركز القانوني لرب العمل، وعلى الأخص بسبب الإرث أوالبيع أوالإدماج أوتحويل المشروع، أوتقديمه حصة في شركة فإن جميع عقود العمل الجارية في يوم حصول هذا التغيير تستمر بين المالك الجديد للمشروع وبين عماله وخدمه ومستخدميه» وقد أكدت المادة 19 من مدونة الشغل هذه المقتضيات بنصها في فقرتها الأولى على أنه «إذا طرأ تغيير على الوضعية القانونية للمشغل.
.
.
فإن جميع العقود التي كانت سارية المفعول حتى تاريخ التغيير تظل قائمة بين الأجراء وبين المشغل الجديد يخلف المشغل السابق في الإلتزامات الواجبة للأجراء.
.
.
.
.
»، وعلى الرغم من أن المشرع لم يذكر عقد التسيير الحر ضمن أسباب تغيير المركز القانوني لرب العمل فيما ذكرمن التصرفات إلا أن النصوص المذكورة إستعملت عبارة عامة وهي « إذا طرأ تغيير في المركز القانوني لرب العمل» «أو على الطبيعة القانونية للمقاولة» وذكربعض الأشكال القانونية التي يحصل بها هذا التغيير على سبيل المثال لا الحصر، مما يجعل هذين النصين يطبقان على عقد التسيير الحر خصوصا وأن العامل يرتبط بالمشروع أوبالأصل التجاري وليس بالشخص المتعاقد معه، بل إن القضاء إعتبر أن هذه القاعدة من النظام العام ولايجوز مخالفتها ، وبالتالي فإن عقود الشغل إذا كانت محددة المدة فإنها تستمر إلى حين إنتهاء مدتها ولوكانت سارية يوم إنقضاء عقد التسيير الحر، لأن الإنقضاء هنا لا يؤثرعلى عقود الشغل ما لم يتم الإتفاق على مخالفة ذلك.
أما إذا كانت هذه العقود غيرمحددة المدة، وتجاوزت مدة عقد التسيير الحر فإنها تكون هي الأخرى سارية المفعول تجاه المالك، ولوبعد إنقضاء عقد التسيير الحر إذا إسترجع الأصل التجاري لإستغلاله شخصيا أوتكون سارية تجاه المسير الحر الجديد وأن إنتهاءها أوفسخها يخضع لقانون الشغل شريطة أن تظل المنشأة أوالمقاولة تمارس نفس النشاط الذي كان في عهد المالك القديم.
وتجدرالإشارة إلى أن المشرع المغربي قد أعطى نوعا من الحماية لعقود الشغل حتى في حالة فتح مسطرة التسوية أوالتصفية القضائية، حيث ألزم المحكمة بتطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل، إذا كانت القرارات المصاحبة لإستمرارية المقاولة أوالتاجر تؤدي إلى فسخ عقود الشغل .
-ثانيا: إلتزام المالك بالقيام بإجراءات الشهر بعد إنتهاء العقد.
نظرا لأهمية إجراءات الشهر في حماية حقوق الطرفين والأغيار، نجد أن المشرع قد حرص على إلتزام الطرفين بالقيام بها سواء عند إنشاء عقد التسيير الحر أوبعد إنقضاءه، وهذا الإلتزام يتضمن تعديل تسجيل المكري في الأصل التجاري ونشرمستخرج من إنتهاء العقد، وهي نفس الإلتزامات التي تقع على عاتق المسير الحر، إلا أنه بالنسبة للإلتزام بنشر إنتهاء عقد التسيير في الجريدة الرسمية وإحدى الجرائد الخاصة بالإعلانات القانونية، فإن قيام أحدهما بهذا الإجراء يؤدي إلى سقوطه عن الآخر على خلاف التسجيل في السجل التجاري التي يتعين على كل منهما القيام به بصفة مستقلة ولا يغني قيام أحدهما به عن الآخر مع الأخذ بعين الإعتبار المركز القانوني السابق لكل منهما بالنسبة للأصل التجاري وكذا صفتهم قبل إنتهاء عقد التسيير، حيث يقوم المسير الحر بالتشطيب على إسمه من السجل التجاري وفي المقابل يقوم المكري بإجراء التعديل الذي يخصه بنفس السجل بصفته مسترجعا لأصله،ما لم يسلمه لمسير آخر.
وتجدرالإشارة إلى أنه لايعني بتاتا أن مجرد التسجيل أوعدم التشطيب سيصبح الأصل خاصا بالمسجل أوفي ملكه إذ أن الأصل التجاري بإعتباره مالا منقولا معنويا يستبعد تطبيق أحكام مقتضيات الفصول 454 و457 و458 من ق.
ل.
ع التي تنظم حيازة المنقول وما يترتب عليها من حق الملكية علاوة على أن ملكية الأصل التجاري لا تكتسب بالتقادم،وبذلك فإن قاعدة « الحيازة في المنقول سند الملكية» لا تطبق على الأصل التجاري، لكون هذه القاعدة تسري إلا في حالة الإحتجاج بالحقوق العينية و في المنقولات المادية التي تقبل الحيازة و التداول من يد إلى يد دون إتخاد أي إجراء شكلي في حين أن الأصل التجاري من قبيل المنقولات المعنوية، ولهذا فإن عدم التسجيل أوالتشطيب أوالشهر لا يمس حق الملكية، وإنما ينتج عنه فقط بعض الحقوق الشخصية للغير، يترتب عن إهمالها الإلتزام بالمسؤولية التضامنية أوالشخصية عن الإلتزامات التي يقوم بها المسير الحر بعد إنتهاء العقد لصالح الغير الذي يتعامل معه بحسن نية ولا يمكنه الإحتجاج بإنتهاء العقد أوعدم إنتهاءه حسب مصلحته وإنما يبقى الخيار للغير للتمسك بالحالة التي تساير مصلحته في هذا الصدد.