مسؤولية القادة أو الرؤساء في القانون الدولي الجنائي

رسالة تقدم بها خالد محمد خالد إلــى مجلس كلية القانون في الاكاديمية العربية المفتوحة في الدانمارك وهـي جـزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير فــي القـانون الدولي الجنائي باشراف الاستـاذ الدكتـور مازن ليلو راضي 1429 هـ 2008 م

مسؤولية القادة أو الرؤساء في القانون الدولي الجنائي

المبحث الاول

المسؤولية الجنائية الدولية للفرد

 

درج الفقه والقضاء الدوليين عاى تصنيف الجرائم الدولية الى مجموعتين، الجرائم التي يرتكبها الافراد بأسم الدولة ولمصلحتها، والجرائم التي تقترفها الدولة ([1]) ولم يكن الاعتراف بالمسؤولية الجنائية الدولية للفرد يسيرا او متاحا الابعد تطور فقهي وقانوني استغرق فترة طويلة.

 

 

 

المطلب الاول

السوابق التاريخية في تقرير المسؤولية الجنائية الدولية للفرد

 

لم يتخذ فقه القانون الدولي موقفاً واحداً من امكانية مساءلة الفرد جنائياً على الصعيد الدولي فقد ظهرت اتجاهات فقهيه عدة. ([2])

الاتجاه الاول: ذهب هذا الاتجاه الى ان الدولة وحدها المسؤولية عن الجرائم الدولية، على اعتبار ان المفهوم التقليدي للقانون الدولي يعتبر الدولة الشخص الوحيد للقانون الدولي. وهو مذهب الدفاع في محاكمات نورمبرغ حيث استند في بعض دفوعه الى مسؤولية الدولة عن الجرائم  المرتكبة ,ففي قضية محاكمة مجموعة من المتهمين النازيين حين بدأت المحاكمة، صرح جميع المتهمين بأنهم غير مذنبين، وطالب الدفاع عنهم بعدم مساءلتهم جزائيا، وكان مرتكز دفاعهم، هو أن القانون في الحالة الراهنة، يستند على مبدأ مقرر، هو أن الدولة صاحبة السيادة هي وحدها المسؤلة، أما الفرد فإنه لا يمكن أن يكون مسئولا، حسب قواعد القانون الدولي ([3]) .

 

الاتجاه الثاني: ينادي انصار هذا الاتجاه بالمسؤولية الجنائية المزدوجة لكل من الدولة والفرد لان الدولة والافراد الذين يتصرفون باسمها يتحملون المسؤولية الجنائية عن مخالفات القانون الدولي، والمسؤولية الفردية في ظل القانون الدولي يمكن ان تنشأ نتيجة لارتكاب جريمة بصورة مباشرة أو نتيجة للتحريض على ارتكابها أو لجرائم اقترفها اشخاص خاضعون لسلطة آمره.

الاتجاه الثالث: ذهب هذا الاتجاه الى القول بان الجرائم الدولية لا يمكن ان ترتكب الا من  قبل شخص طبيعي وبالتالي هو المحل الوحيد للمسؤولية الجنائية. وقد كرست المعاهدات الدولية مبدأ مسؤولية الفرد امام القانون الدولي الجنائي. ومن ذلك ما نصت عليه المادة (227) من معاهدة فرساي 1919 م التي جعلت امبراطور المانيا غليوم الثاني بصفته الشخصية مسؤولاً عن الجرائم التي ارتكبتها المانيا ولحسابها في الحرب العالمية الاولى. ([4]) 

وقد استند ممثل الادعاء الأمريكي في محكمة نورمبرغ الى هذا الاتجاه حيث قرر بأن (( المتصور بأن الدولة قد ترتكب جرائم هو من قبيل الوهم أو الخيال، فالجرائم ترتكب دائما من الأشخاص الطبيعيين فقط، بينما الصحيح أن يستخدم الوهم أو الخيال في مسؤولية دولة أو مجتمع في سبيل فرض مسؤولية مشتركة أو جماعية ... وأن أيا من المتهمين المحالين للمحاكمة لا يمكنه أن يحتمي خلف أوامر رؤسائه ولا خلف الفقه الذي يعتبر هذه الجرائم (( أعمال دولة )) وأن الأوامر المتلقاة كانت واضحة عدم المشروعية او الأعمال المرتكبة عليها شنيعة ووحشية وأن المقول بها لا يمكن أن تنشئ حتى ظرفا مخففا )) .

كما رد جانب الاتهام على هذه الدفوع، بلسان النائب العام البريطاني شو كروس في مطالعته الختامية، حين بحث مسئولية المتهمين بصورة إنفرادية، فقال إن المبدأ – مبدأ حصر المسئولية في الدولة وعدم مسؤولية المتهمين الأفراد لم يكن مقبولا في القانون الدولي، وذكر بأن هناك جرائم يسأل عنها الأفراد مباشرة، بحسب هذا القانون، كجرائم القرصنة، وكسر طوق الحصار والتجسس وجرائم الحرب . أما بالنسبة للجرائم الواردة في نظام محكمة نورمبرغ، فقال ( لا يوجد مجال آخر يجب التأكيد فيه بأن حقوق الدول وواجباتها هي حقوق الأفراد وواجباتهم أكثر من مجال القانون الدولي وأن هذه الحقوق اذا لم تلزم الفرد، فإنها لا يمكن أن تلزم أحدا ) ثم رد بعد ذلك على نظرية ( عمل الدولة ) فقال إن الزعم الذي يقول بأن الذين ينفذون أعمال الدولة، هو زعم لا يجوز التفكير بقبوله في نطاق إجرام الحرب ونحن نرى أن كل واحد من هؤلاء المتهمين مسؤل شخصيا عن عدد كبير من هذه الجرائم، لذلك يجب استبعاد هذه النظرية، لأنها لم تعد تمثل إلا فائدة أكاديمية نظرية .

ولم تكتف المحكمة برفض نظرية ( عمل الدولة ) بل إنها ذهبت أبعد من ذلك وهو أن الالتزامات الدولية المفروضة على الأفراد، تلغى واجباتهم في الطاعة تجاه حكوماتهم الوطنية . بموجب وكالة عن دولته مادامت الدولة التي أوكلت إليه القيام بهذا العمل، تجاوزت السلطات التي يخولها لها القانون الدولي([5]) .

كما نصت المادتان ( 8،6) من لائحة محكمة نورمبرغ والمادتين ( 7،5) من لائحة محكمة طوكيو على ان الافراد هم المسؤولون عن الافعال الاجرامية المنصوص عليها في هاتين الاتفاقيتين.

وقد جاء في احكام محكمة نورمبرغ (( ان الاشخاص الطبيعيين وحدهم الذين يرتكبون الجرائم وليس الكائنات النظرية المجردة ولا يمكن كفالة تنفيذ احترام نصوص القانون الدولي الا بعقاب الافراد الطبيعيين المرتكبين لهذه الجرائم )). ([6])ويبدو ان الاتجاه الاخير هو الاتجاه السائد في الوقت الحاضر، فلم يعد للمجتمع الدولي ان يغض الطرف عن الجرائم التي تشكل تهديداً لاهم الاسس والركائز التي يقوم ويؤسس بنيانة عليها فليست الدولة وحدها هي التي تتحمل الواجبات بمقتضى القانون الدولي. فالافراد بدورهم طالما خضعوا للمسؤولية المباشرة عن الجرائم الدولية المتمثلة في القرصنة والعبودية ولو ان مسؤوليتهم عنها بموجب النظم القانونية الوطنية لم تثبت في غياب آليات للمسائله الدولية.

 

وعلى الرغم من الانتقادات الى احكام محكمة نورمبرغ فان قضائها قد رفض هذه الانتقادات واكدت اتجاهها في رفض دفوع بعض المتهمين بان الجرائم المنسوبة اليهم كاتباً باسم الدولة التي ينتمون اليها، ولم ترتكب باسمهم، ولذلك فمسؤولية الدولة جنائياً مقدمة عليهم.

وفي ذلك قالت (( لقد قيل أو أكد بان القانون الدولي يهتم فقط باعمال الدول ذات السيادة، وبالنتجة فإنه لا يفرض عقوبات على الافراد، وبالاضافة الى ذلك عندما يكون ذلك العمل من اعمال السيادة، فإن اولئك الذين يتولون تنفيذه لا يمكن مساءلتهم، وذلك لاحتمائهم تحت نظرية سيادة الدولة، لكن تلك المقولتين في نظر القانون الدولي التزامات بمسؤوليات على عاتق الافراد، كما هي مفروضة على الدول )).( [7])

ومنذ ذلك الوقت اعترف القانون الدولي بمسؤولية الفرد عن الافعال التي يرتكبها وتهدد المصالح العالمية الشاملة وتعرض المجتمع الدولي للخطر، واصبحت المسؤولية الجنائية للفرد عن الجريمة الدولية مستقرة، وتعد مبدأ من مبادئ القانون الدولي المعاصر.

وقد اكدت العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية هذا المبدأ، ومن ذلك ما ورد في المادة (29) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 م والتي نصت على أن (( طرف النزاع الذي يكون تحت سلطته اشخاص محميون مسؤول عن المعاملة التي يلاقونها من ممثلية، بغض النظر عن المسؤولية الشخصية التي من الممكن ان يتعرض لها .

وقد بلغ تطور قواعد المسؤولية الجنائية الفردية في نطاق القانون الدولي الجنائي في العقد الاخير من القرن العشرين حداً كبيراً نتيجة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان وما نجم عنه من ارتكاب جرائم ابادة وضد الانسانية وجرائم الحرب في كل من يوغسلافيا ورواندا، فكانت هناك ضرورة ملحة لتأكيد هذا المبدأ والعمل به، وبالفعل تم النص عليه في النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية ليوغسلافيا لعام 1993م، والمحكمة الدولية لرواندا عام 1994م، حيث اكد النظام الاساسي للمحكمتين المسؤولية الجنائية الفردية للاشخاص الطبيعيين. ([8])

المطلب الثاني

المحكمة الدولية الجنائية و مسؤولية الافراد

أجمع فقهاء القانون الدولي الجنائي على أهمية وجود محكمة دولية جنائية دائمة،لأنها  ستقي المجتمع الدولي من أنواع جسيمة من السلوك حيث أن الدول مع وجود تلك المحكمة لابد من أن تقدر عواقب هذا السلوك قبل الأقدام علية([9]).

كما ستردع كل من تسول له نفسه إرتكاب الجرائم الخطيرة المؤثمة في القانون الدولي الجنائي كما ستدفع السلطات القضائية الوطنية إلى ملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم باعتبار إن هذه السلطات هي المسؤول الأول عن مقاضاة هؤلاء الأشخاص.وستكون المحكمة خطوة كبرى نحو إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب. وقد مرت جهود المجتمع الدولي في انشاء محكمة دولية جنائية  بمراحل متعددة لحين إقرار النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية في مؤتمر روما 1998)).  ففي هذا السبيل حاولت منظمة الامم المتحدة انشاء محكمة دولية جنائية عندما كلفت الجمعية العامة للامم المتحدة في عام 1950 لجنة مؤلفة من 17 عضو لصياغة مشروع ( محكمة دولية جنائية ) ثم عادت الجمعية العامة لتكليف لجنة اخرى لانجاز هذه المهمة بسبب التحفظات التي قدمت على اعمال اللجنة الاولى ولم ينل مشروع اللجنة الثانية الرضا.

فاتخذت الجمعية العامة في عام 1957 م قراراً يتم فيه تأجيل تشكيل المحكمة حتى يتم الاتفاق على تعريف العدوان، وبعد ان تم تعريف العدوان عام 1974 م عادت الجمعية العامة وكفلت لجنة القانون الدولي التابعة للجمعية العامة الى استئناف اعمالها بهدف اعداد مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الانسانية. وفي عام 1989م طلبت الجميعة دراسة تأسيس محكمة دولية جنائية، واشارت اليه في عام 1992م. ([10])

 وقد اكد النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية على تقرير مسؤولية الافراد عن ارتكاب الجريمة الدولية.

وقد نصت على ذلك المادة (25) من النظام الاساسي للمحكمة الدولية الجنائية التى ورد فيها  ( 1- يكون للمحكمة اختصاص على الاشخاص الطبيعيين عملاً بهذا النظام الاساسي.

2- الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولا عنها بصفته الفردية وعرضه للعقاب وفقاً لهذا النظام الاساسي.

3- وفقاً لهذا النظام الاساسي، يسأل الشخص جنائياً ويكون عرضه للعقاب عن اية جريمة في اختصاص المحكمة حال قيام هذا الشخص بما يلي:

أ- ارتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع أخر أو عن طريق شخص آخر. بغض النظر عما اذا كان ذلك الآخر مسؤولاً جنائياً.

ب- الامر أو الاغراء بارتكاب أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها.

ج- تقديم العون أو التحريض أو المساعدة باي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها.

د- المساهمة باي طريقة أخرى في قيام جماعة من الاشخاص، يعملون بقصد مشترك، بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، على ان تكون هذه المساهمة متعمدة وان تقدم:

(1) – اما بهدف تعزيز النشاط الاجرامي أو الغرض الاجرامي للجماعة، اذا كان هذا النشاط أو الغرض منطوياً على ارتكاب الجريمة تدخل لدى هذه الجماعة.

(2) أو مع العلم بنسبة ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة.

هـ - فيما يتعلق بجريمة الاباده الجماعية، التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الاباده الجماعية.

و- الشروع في ارتكاب الجريمة عن طريق اتخاذ إجراء يبدأ به تنفيذ الجريمة بخطوة ملموسة، ولكن لم تقع الجريمة لظروف غير ذات صلة بنوايا الشخص، ومع ذلك فالشخص الذي يكف عن بذل اي جهد لارتكاب الجريمة أو يحول بوسيلة اخرى دون اتمام الجريمة لا يكون عرضه للعقاب بموجب هذا النظام الاساسي على الشروع في ارتكاب الجريمة اذا هو تخلى تماماً وبمحض ارادته عن الغرض الاجرامي.

4- لا يؤثر أي حكم في هذا النظام الاساسي يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية في مسؤولية الدولة بموجب القانون الدولي).

ونرى ان من المهم التطرق الى بيان الطبيعة القانونية لهذه المحكمة وتنظيمها او تشكيلاتها:

اولا : الطبيعة القانونية للمحكمة الدولية الجنائية

من الجدير بالذكرانه وفقاََ لإتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 ، ان الإتفاق يُعدُّ معاهدة دولية أياََ كانت تسميته ، ذلك أن التسمية لا تؤدي دوراََ مهماَََ في هذا الخصوص:فقد يسمى إتفاقاََ او معاهدة أو بروتوكولاََ أو ميثاقاََ او عهداََ أو صكاََ أو نظاماََ أساسياََ ويترتب على نظام روما الأساسي بكونه معاهدة دولية ان الدول ليست ملزمة بالإرتباط به رغماََ عنها . كما أن نظام روما الأساسي وكما أسلفنا هو وليد مفاوضات جرت بشأنه إلى أن ظهر إلى حيز الوجود الفعلي في القانون الدولي الجنائي .

  بالاضافة الى ان نظام روما الأساسي للـمحكمة الدولية الجنائية تسري عليه كل القواعد التي تطبق على المعاهدات ، كتلك الخاصة بالتفسير ، والتطبيق المكاني والزماني ، والآثار المترتبة على التصديق ، وغيرها ، مالم ينص النظام على خلاف ذلك .

  وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة (120) من النظام الاساسي للمحكمة  على أن((يفتح باب الإنضمام إلى هذا النظام الأساسي أمام جميع الدول،وتودع صكوك الإنضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة)).

  ومن ثم فأن هذا النظام يعد من المعاهدات الجماعية الشارعة تهدف إلى

تقنين قواعد القانون الجنائي الدولي وتعميم تطبيقها لغرض توفير الحماية الجنائية لأفرادالجنس البشري ومِن ثمَّ لايجوز مخالفتها حتى لاتكون التحفظات أداة تفسد الهدف من الإتفاقية . ([11])

  أما مسألة تسوية المنازعات الخاصة بنظام روما الأساسي ، فلا شك أنّ أية معاهدة دولية يمكن أن تثير بعض المنازعات بين أطرافها ، بخصوص تطبيقها أو تفسيرها ، ومن هنا تبنى نظام روما الأساسي طريقتين لتسوية المنازعات التي تنشأ عن تطبيقه أو تفسيره :-

  الاولى بخصوص المنازعات المتعلقة بالوظائف القضائية ،إذ تتولى الأخيرة حلها بقرار يصدرعنها . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (119) على أن : (( يسوّى أي نزاع يتعلق بالوظائف القضائية للمحكمة بقرار من المحكمة )) . اما الثانية فتتعلق بشأن المنازعات المتعلقة بتطبيق أو تفسير أحكام نظام روما الأساسي، والتي قد تنشب بين دولتين أو أكثر .

  فقد نصت الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أنه : ((يحال إلى جمعية الدول الأطراف أي نزاع آخر بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسير أو تطبيق هذا النظام الأساسي لايسّوى عن طريق المفاوضات في غضون ثلاثة أشهر من بدايته . ويجوز للجمعية أن تسعى هي ذاتها إلى تسوية النزاع أو أن تتخذ توصيات بشأن أية وسائل أخرى لتسوية النزاع ، بما في ذلك إحالته إلى محكمة العدل الدولية وفقاََ للنظام الأساسي لتلك المحكمة )) .

أما الالتزامات المترتبة عن إبرام إتفاقية إنشاء المحكمة الدولية الجنائية  فمن المعروف أنّ إبرام إتفاقية دولية يعّد من الأمور الخطيرة التي تترتب عليها آثار مهمة بالنسبة الى الدول . إذ تنشيء الإتفاقية فيما بين الدول المتعاقدة حقوقاََ وتفرض عليها إلتزامات . وهذه الحقوق والإلتزامات تترتب لأطراف المعاهدة بوصفهم دولاََ لها الشخصية الدولية .

وقد يتطلب الأمر أن تتخذ الدول إجراءات داخلية لتكفل الوفاء بإلتزاماتها الدولية طبقاََ لأحكام الإتفاقية وإلا تحملت تبعة المسؤولية . ومن أهم الإلتزامات المترتبة على إبرام الإتفاقية الدولية ذات الطابع الجزائي هو إلتزام الدول الأطراف بإعمال نصوص الأتفاقية  وتنفيذها في المجال الداخلي([12]) . وتأسيساََ على ذلك فإن الإلتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق الدول الأطراف بإعمال نصوص الإتفاقية في نظام روما الأساسي هو إعمال نصوص هذا النظام بإعتباره إتفاقية دولية جزائية أنشئت بموجبها المحكمة الدولية الجنائية  .

  إذ إن أهم الأهداف التي تتوخاها تلك الأتفاقية الدولية هي توحيد القواعد الجنائية التي تضمنتها بين الدول الأطراف ووضع الجزاءات على مخالفة أحكامها ، وذلك لن يتأتى غالباََ إلاّ من خلال القوانين الوطنية لتلك الدول.

  ومع تحديد إتفاقية إنشاء المحكمة الدولية الجنائية للجرائم الدولية مناط إختصاصها وتقريرها للعقوبات التي سوف تطبقها على الشخص المدان بإرتكاب جريمة في إطار المادة

الخامسة منه ،  فأنها أوردت في المادة الثمانين من نظام روما الأساسي حكماََ مفاده ((أنه ليس هناك في الإتفاقية مايمنع الدول من توقيع العقوبات المنصوص عليها في قوانينها الوطنية أو يحول دون تطبيق قوانين الدول التي لاتنص على العقوبات  المحددة في الباب السابع من النظام الأساسي))وفي ذلك توجهاََ من واضعي نظام روما الأساسي لأحترام مبدأ السيادة الوطنية ، فمن اهم مظاهر السيادة  هو إنزال الدولة العقوبات الواردة في قانونها الجنائي الوطني على مايرتكبه رعاياها من جرائم او ما يقع على اقليمها من جرائم . ([13])

 

ثانيا : الهيكل التنظيمي للمحكمة الدولية الجنائية :

 

تمثل المحكمة الدولية الجنائية الدائمة التي اقر نظامها الأساسي في 17 تموز وتم التصديق عليها من قبل الدول حتى وصل إلى العدد المطلوب لنفاذ النظام الأساسي بمصادقة (60) دولة في 11/4/2004 ودخل حيز النفاذ من الناحية القانونية في 1/7/2002 أهم تطور في مجال القانون الدولي الجنائي إذا جاءت لترسيخ دعائم نظام قانوني دولي دائم وجديد للمسؤولية الدولية الجنائية للأفراد عن انتهاكاتهم للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وتتكون المحكمة من أربعة أجهزة هي :هيئة الرئاسة . الشُعب - وهي ثلاثة الشعبة التمهيدية والشعبة الابتدائية وشعبة الاستئناف-مكتب المدعي العام. قلم المحكمة .

 اولا :هيئة الرئاسة :

  تعّد هيئة الرئاسة في المحكمة الدوليه الجنائية  أعلى هيئة قضائية في��ا وتتشكل من رئيس ونائبين له ، يتم إنتخابهم بالأغلبية المطلقة للقضاة ، وتكون مدة ولايتهم ثلاث سنوات أو لحين إنتهاء مدة خدمتهم كقضاة في المحكمة أيهما أقرب ، ويجوز إعادة إنتخابهم لهيئة الرئاسة مرة واحدة فقط. وللنائب الأول للرئيس الحق في القيام بأعمال الرئيس في حالة غيابه أو تنحيته. ويقوم النائب الثاني للرئيس بالعمل بدلاََ من الرئيس في حالة غياب كل من الرئيس والنائب الأول او تنحيتهما. ويناط بهيئة الرئاسة أمران : الأول الإدارة السليمة للمحكمة الدوليه الجنائية  بتشكيلاتها واجهزتها كافة القضائية والإدارية ، بإستثناء مكتب المدعي العام ، والثاني المهام الأخرى الموكولة إليها ، ووفقاََ لنظام روما الأساسي. هي الهيئة المسؤولة عن الإدارة السليمة الواجبة للمحكمة باستثناء مكتب المدعي العام ، إذ تقوم بالتنسيق معه في إدارة المحكمة وتأخذ موافقته بشان جميع المسائل ذات الاهتمام المشترك وتتكون هيئة الرئاسة من الرئيس ونائبين اثنين([14]).

 

ثانيا :  الشعبة التمهيدية :

  وتتألف من عدد لا يقل عن ستة قضاة من ذوي الخبرة في المحاكمات الجنائية([15] ). وبموجب المادة (57) تمارس الشعبة التمهيدية إصدار الأوامر والقرارات ، حيث تأذن للمدعي العام بأجراء التحقيقات ، إذ رأت أن هناك أساسا معقولاً للشروع في إجراء التحقيق وان الدعوى تقع ضمن اختصاص المحكمة([16]).

 

ثالثا:  الشعبة الابتدائية :

  وتتألف من عدد لا يقل عن ستة قضاة ذوي خبرة في المحاكمات الجنائية،وهي المسؤولة عن سير الإجراءات اللاحقة لاعتماد لائحة الحكم من قبل الشعبة التمهيدية وتشكل من قبل هيئة الرئاسة ، ويجوز للشعبة الابتدائية أن تمارس أي وظيفة من وظائف الشعبة التمهيدية ، فضلاً عن أن الشعبة التمهيدية تضمن أن تكون المحاكمة عادلة وسريعة ومراعاة حقوق المتهم وحقوق المجني عليهم والشهود([17] ).

 

رابعا : شعبة الاستئناف :

 والشعبة الإستئنافية هي جهة طعن في العديد من القرارات التي تصدرها الشعب الإبتدائية والشعب التمهيدية وتقوم هيئة الرئاسة بتشكيل شعبة الإستئناف على وفق ماتقضي به لائحة المحكمة في أقرب وقت ممكن بعد كل إنتخاب لقضاة المحكمة

  وتتألف من الرئيس وأربعة قضاة ، ولهذه الشعبة جميع سلطات الشعبة الابتدائية([18] ). ولهذا إذا تبين لها أن الإجراءات المستأنفة كانت مجحفة على نحو يمس بصحة القرار أو حكم العقوبة أو كان مشاباً جوهرياً بغلط في الوقائع أو القانون أو الإجراءات ، جاز لها أن تلغي أو تعدل القرار أو الحكم أو أن تأمر بمحاكمة جديدة أمام شعبة ابتدائية مختلفة ، كما تفصل شعبة الاستئناف في أي تساؤل يتعلق بتنحية المدعي العام أو نوابه([19]).

 

خامسا:  مكتب المدعي العام :

يتم انتخاب المدعي العام ونائب المدعي العام عن طريق أغلبية الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة لا عن طريق هيئة القضاء ، كما تم تأكيد ضرورة عدم جواز تلقي المدعي العام أي تعليمات من قبل أي حكومة كوسيلة يعمل فعلاً كممثل للمجتمع الدولي بأسره ويشترط في من يعين في منصب المدعي العام أو نائبه أن يكون من ذوي الأخلاق العالية والكفاءة الرفيعة ، وأن تتوافر لديه الخبرة الواسعة في مجال الإدعاء العام أوالقضاء الجنائي

وأنْ يكون ذا معرفة ممتازة وطلاقة في لغة واحدة على الأقل من لغتي العمل  بالمحكمة  ، وهما اللغة الإنكليزية و الفرنسية ([20]) .

 

  ويتكون الجهاز الادعائي أو هيئة الادعاء من مكتب المدعي العام الذي يتألف من المدعي العام ونائبٍ أو نوابٍ له وما يلزم من الموظفين المؤهلين.

  ومكتب المدعي العام جهاز منفصل من أجهزة المحكمة ويكون مسؤولاً عن تلقي الإحالات  أو أي معلومات موثقة عن جرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة لدراستها بقصد الاضطلاع بمهام التحقيق([21]).

  ويتمتع المدعي العام بسلطة كاملة في تنظيم وإدارة المكتب ، ويكون المدعي العام ونائبه أو نوابه من جنسيات مختلفة يعملون على أساس التفرغ([22]). وينتخب المدعي العام بالاقتراع السري وبالأغلبية المطلقة لجمعية الدول الأطراف([23]).

  وللمدعي العام من تلقاء نفسه أو بناء على شكوى مرفوعة إليه أو إحالة أن يباشر التحقيق على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة ، حيث يحلل جدية المعلومات ويجوز له التماس معلومات إضافية من الدول أو منظمة الامم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية أو أية مصادر موثوق بها .

سادسا : قلم المحكمة :

    يتكون قلم المحكمة الدولية الجنائية  من المسجل " رئيساََ " ومجموعة من الموظفين يعينهم المسجّل بعد موافقة هيئة الرئاسة استناداً إلى المادة (44) التي نصت على: (لكل من المدعي العام والمسجل تعيين الموظفين المؤهلين  اللازمين لمكتبتهما مع مراعاة معايير الكفاءة والنظم القانونية والتوزيع الجغرافي العادل).

. ويتم تعيين المسجّل بالأغلبية المطلقة للقضاة أعضاء المحكمة الدولية الجنائية بطريقة الأقتراع السري ويجب أن يؤخذ في الإعتبار أية توصية تقدم في هذا الصدد من جمعية الدول الأطراف . ويشغل المسجّل منصبه لمدة خمس سنوات ، ويجوز إعادة إنتخابه مرة واحدة  فقط ، ويعمل على أساس التفرغ للعمل في المحكمة . ويعد المسجّل المسؤول الإداري الأعلى للمحكمة الدولية الجنائية  . وينبغي أن يكون المسجّل ونائبه من الأشخاص ذوي الأخلاق الرفيعة والكفاءة العالية ، وأن يكونا على معرفة ممتازة وطلاقة في لغة واحدة على الأقل من لغات العمل في المحكمة الدولية الجنائية  .

 والمسجل مسؤول عن الجوانب غير القضائية من إدارة المحكمة وتزويدها بالخدمات دون المساس بسلطات المدعي العام ويرأس المسجل رئاسة قلم المحكمة وهو المسؤول الإداري  لها ويمارس مهامه تحت سلطة رئيس المحكمة([24]) .

 

 

 

 

 

 

المطلب الثالث

تبعات تقرير المسؤولية الجنائية الدولية للافراد

 

تثير مسألة تقرير المسؤولية الجنائية الدولية الدولية للافراد التسأول حول مسؤولية الدولة التي يتبعها الفرد الذي تقررت مسؤوليتة عن انتهاك او جريمة دولية. هل ان تحمل الفرد الطبيعي للمسؤولية الجنائية عن الجرائم في القانون الدولي الجنائي يعني اعفاء الدولة من المسؤولية عنها ؟

ذهب البعض الى ان ادخال الافراد الى دائرة المساءلة الدولية الجنائية جاءت بسبب جسامة تلك الافعال الموجهه ضد النظام القانون الدولي وما تحدثه تلك الافعال من اهدار للقيم العليا وانتهاك للمصالح الانسانية الجديرة بالحماية الجنائية. ومن ثم فان المسؤولية الدولية تظل بجانب المسؤولية الجنائية للافراد. ([25])

وهو ما اكده مشروع الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب قرارها  ( A /Res /56 /83)  في 12/1/2001م، والذي قرر مسؤولية الدولة عن كل التصرفات الصادرة عن اجهزتها او الاشخاص الذين يتصرفون باسمها ولحسابها، ومن ذلك مسؤولية الدولة عن الجرائم التي يرتكبها الافراد في جهاز القوات المسلحة.

ومن الجدير بالذكر ان المادة السابعة من المشروع وسعت من نطاق مسؤولية الدولة عن اعمال قواتها المسلحة بصورة اكبر مما ورد في المادة 91 من البروتكول الاضافي الاول لعام 1977م الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949م والذي كان يعتبر ان طرف النزاع (.. يكون مسؤولاً عن كافة الاعمال التي اقترفها الاشخاص الذين يشكلون جزء من قواتها المسلحة ). فقد جاء في المادة (7) من مشروع مسؤولية الدولة عن الاعمال غير الشرعية ( ان سلوك أي جهاز لدولة ما.. يمكن اعتباره عملاً من اعمال الدولة بموجب القانون الدولي اذا كان الجهاز او الشخص.. يتصرف بهذه الصفة، حتى اذا تجاوز سلطته أو خالف التعليمات ).

ويبدو من هذا النص ان الدولة تكون مسؤولة عن جميع الافعال التي يرتكبها افراد قواتها المسلحة حتى بصفتهم الشخصية مثل السرقة أو الاعتداءات الجنسية التي يمارسها أي جندي في ارض محتلة اثناء فترة الاجازة، وتبرير المسؤولية المطلقة يستند الى ان الجنود فئة خاصة من فئات اجهزة الدولة تمارس عليها سيطرة اكبر مما تمارسه على الموظفين الاخرين، كما انهم يتصرفون باسم الدولة وتحت توجيهاتها، وانهم بصفتهم الشخصية لم يكن بامكانهم قط الاحتكاك برعايا العدو أو العمل على ارضه. ([26])

اما طبيعة مسؤولية الدولة عن الجرائم الدولية، فانها مسؤولية مزدوجة، فهناك المسؤولية المدنية حيث تتحمل الدولة تبعة العمل غير المشروع. وفقاً لقواعد المشؤولية الدولية، فتتحمل مسؤولية الضرر عن الفعل الاجرامي، في حين ان المسؤولية لجنائية يتحمل تبعتها الفرد الطبيعي الذي قام بارتكاب الفعل الجرمي. ([27])  ومن جانب آخر لابد من القول بأن، النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد اكد هو الاخر على مسؤولية الدولة عن الجرائم الدولية، فقد ورد في المادة (25/4) من النظام الاساسي للمحكمة ( - لا يؤثر أي حكم في النظام الاساسي يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية في مسؤولية الدولة بموجب القانون الدولي. )

غير ان هذا النص لا يعني بشكل من الاشكال امكان مسائلة الدولة جنائياً، فلا تعدو مسائلها أن تكون مدنية عن طريق دفع التعويضات كوسيلة لجبر الضرر المترتب على الجريمة الدولية التي ارتكبها الشخص الذي ينتمي اليها والذي حكم عليه جنائياً عن هذه الجريمة.

ومن ثم فان نظام روما الاساسي الخاص بتشكيل المحكمة الجنائية الدولية تبنى المسؤولية الجنائية للافراد – دون الدول – في نطاق القانون الجنائي الدولي، حيث تنحصر مسؤولية الدولة في دفع التعويضات عن الجرائم التي تسند الى الاشخاص المنتمين اليها بجنسيتهم، اعمالاً لقواعد القانون الدولي.

فلم تنص الاتفاقية صراحة على مبدأ المسؤولية الجنائية للدول، وهو ما كان ينادي به البعض خلال محاكمات الحرب العالمية الثانية، فقد انتصر الرأي الذي نادى بعدم المسؤولية العقابية للدول لاعتبارات قانونية وعملية، وتقرر حصر هذه المسؤولية في نطاق الاشخاص الطبيعيين باشخاصهم وصفاتهم، مع ضرورة عدم منحهم حصانات تؤدي الى الافلات من الجرائم المنسوبة اليهم وهو ما سنتطرق اليه لاحقاً.

 

 

 

 

 

المبحث الثاني

تقرير مسؤولية القادة أو الرؤساء

 

بينا ان الدولة تكون مسؤولة على صعيد القانون الدولي الجنائي عن الافعال التي قد يرتكبها الاشخاص الطبيعيين التابعين لها والعاملين باسمها ولحسابها وتكون مسؤوليتها في هذه الحالة مسؤولية مدنية لا تتعدى جبر الضرر المترتب عن فعل الاشخاص الطبيعيين، الذين يخضعون بدورهم الى المسائلة الجنائية أو العقابية.

ومن الجدير بالذكر ان المسؤولية الجنائية للافراد قي القانون الدولي غالباً ما تقرر في موجهة القادة أو الرؤساء، وهم أولائك الذين يتخذون القرارات والاوامر بصفتهم زعماء الدولة أو العاملين في اداء خدماتها الاساسية، فيترتب على اوامرهم تلك جرائم دولية أو انتهاكات لحقوق الانسان وحرياته.

ومما لاشك فيه ان اثارة مسؤولية هؤلاء القادة أو الزعماء لا يمكن ان تتحقق في الغالب الا من خلال الدول المنتصرة التي تلاحق مرتكبي الجرائم منهم وتوجه التهم الازمة اليهم، فليس لضحايا العدوان ان يباشرو هذه الملاحقة بصورة مؤثرة.

وقد كانت المآسي التي تعترضت لها البشرية على مر العصور هي السبب في التفكير بمحاكمة القادة والزعماء المسؤولين عن المجازر التي يتعرض لها الابرياء غالباً.

ومن السوابق التاريخية في هذا الخصوص هو ما سعت الى تحقيقة الدول المنتصرة على نابليون في مؤتمر فينا عام 1815م حيث اصدر الحلفاء بعد فرار نابليون من جزيرة البا الى اصدار تصريح بتاريخ 13 مارس 1815م يعتبرون فيه نابليون شخصاً طريداً أي محروماً من حماية القانون لانه رفض العيش في سلام وطمانينة ولما تسبب به من دمار وخراب وحروب اشعلها خلال اربعة عشر سنة، ومن ثم اصبح خارج العلاقات المدنية والاجتماعية وعدواً للعالم يجب القصاص منه.

غير انه وبعد هزيمة نابليون الاخيرة لم تلجأ الدول المنتصرة الى محاكمته وانما اكتفت بتكليف اتكلترا بسجنه في جزيرة سانت هيلانه.

ومن السوابق التي تذكر في شأن محاكمة مجرمي الحرب ما حدث في بداية القرن العشرين عندما نشبت الحرب التركية الايطالية عام 1912م وارتكب الطرابلسيين جريمة الاجهاز على الجرحى من الجنود الايطاليين فتقرر اعدامهم.

اما على الصعيد الفقهي فان اول فكرة لانشاء قضاء دولي للمعاقبة على الجرائم التي ترتكب ضد قانون الشعوب كانت من قبل الفقيه السويسري مونيه  Moynier  عام 1872م حيث نادى بأنشاء محكمة تتألف من خمسة اعضاء اثنان منهم يعينان بمعرفة المتحاربين ويعين الثلاثة الباقون من قبل الدول المحايدة، الا ان هذا الاقتراح اصطدم بمعارضة لتجاهل الاختصاص القضائي الوطني وعاده مونية عام 1895م بفكرة اخرى الى معهد القانون الدولي في دورته في كامبروج واقترح ان تختص المحكمة الدولية بمهمة التحقيق والاستجواب الى جانب المحاكمة الا ان اقتراحه لم يلق نجاحاً ايضاً. ([28] )

ويمكن اعتبار اتفاقية لاهاي الثانية عشر عام 1907م اول من مهد للمحاكم الدولية حيث نصت على انشاء محكمة دولية تختص في النظر بالشؤون الخاصة بأسر سفينة من قبل سفينة اخرى تابعة لدولة غير دولة السفينة الاولى، الا ان هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح.

وفي عام 1919م وعقب الحرب العالميه الاولى اقترحت بالاكثرية لجنة المسؤوليات التي شكلها المؤتمر التمهيدي للسلام، محاكمة مجرمي الحرب بواسطة قضاء جنائي دولي لكن لمعارضة الوفد الامريكي اهمل الاقتراح، وحل محلها محكمة اخرى ثم تشكيلها من الحلفاء لمقاضاة غليوم الثاني امبراطور المانيا في ذلك الوقت. وهي المحكمة التي اشارت اليها المادة ( 227)  الا انه لم يتم تسليم المتهم أستناداً الى ان التهمة الموجهة اليه تشكل اعتداء صارخ ضد الاخلاق الدولية. ولم يكن منصوصاً على ذلك في معاهدة تسليم المجرمين.

و بتاريخ 16 نومبر 1937م تم توقيع اتفاقيتين في جنيف الاولى بشأن الارهاب والثانية بشأن محكمة الجنيات الدولية التي اريد منها محاكمة مرتكبي الجريمة الارهابية التي اودت بحياة الكسندر الاول ملك يوغسلافيا ومسيو بارثر وزير خارجية فرنسا، لكن هاتين الاتفاقيتين لم تجدا حيز التنفيذ لعدم تصديق الدول الموقعة عليهما. ([29])

غير انه وبسبب الفضائع التي ارتكبت اثناء الحرب العالمية الثانية والتي بلغ عدد الضحايا فيها اوربا وحدها 14 مليونا من القتلى و الجرحى والاسرى وعدة ملايين من المشوهين والمشردين، تم الاتفاق على محاكمة مجرمي الحرب .

وبعد اندحار المانيا النازية وانهيارها جرت عدة مشاورات بين الدول المنتصرة لبحث الاجراءات الواجب اتخاذها حيال مجرمي الحرب، وقد انتهت هذه المشاورت الى عقد اتفاقية دولية هي اتفاقية لندن المؤرخة في 8/8/1945 الخاصة بانشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب. وتنفيذا للاتفاق الموقع من قبل الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية وحكومات الولايات الأمريكية والمملكة المتحدة ( لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية ) واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية تم إنشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة ومعاقبة كبار مجرمي الحرب في بلاد المحور الأوربية.

وقد تمت التفرقة بين طائفتين من مرتكبي الجرائم.

الاولى: طائفة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا افعالاً أو جرائم في دول بعينها، وقد تم الاتفاق على ضرورة اعادة هؤلاء المجرمين الى الدول التي ارتكبوا فيها جرائمهم لكي تتم محاكمتهم وتوقيع العقاب عليهم وفقاً لقوانين تلك الدول.

اما الثانية: طائفة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا جرائم ليس لها مكان جغرافي محدد. وقد تمت محاكمة هؤلاء امام محكمتين دوليتين الاولى في اوربا ( محكمة نورمبرغ )، والثانية في طوكيو، وقد اختصت الاولى بالجرائم التي تم ارتكابها في اوربا، اما الثانية، فقد اختصت بالجرائم التي ارتكبت في الشرق الادنى.

 

وتم تقديم كبار مجرمي الحرب الألمان لهذه المحكمة واستمرت من 20 نوفمبر 1945 وانتهت في 1 أكتوبر 1946 أي مدة أحد عشر شهرا وعشرين يوما وأصدرت أحكاماها بعقوبات متفاوتة وصلت إلى حد الإعدام .

 

وقد مثل امام محكمة نورمبرغ 21 متهماً حكمت على اثني عشر منهم بالاعدام، وعلى سبعة بالسجن لمدد مختلفة، وبرأت اثنين  ([30]) .

وقد اختصت محكمة نورمبرغ بمحاكمة كبار مجرمي الحرب اللذين ليس لجرائمهم محل جغرافي معين و التزم الاعضاء الاطراف في اتفاقية لندن باحضار مجرمي الحرب امام المحكمة واختصت المحكمتين وفقاً الاحكام المادة (6) من النظام الاساس لمحكمة نورمبرغ بمعاقبة مجرمي الحرب اكبار في بلاد المحور الاوربي بمعاقبة كل الاشخاص الذين ارتكبوا، لحساب الدول المحور، بصفتهم الفردية أو بصفتهم اعضاء في منظمات, احدى الجرائم المنصوص عليها ادناه، علماً ان الافعال الاتي ذكرها أو أي فعل منها تكون جرائم خاضعة لاختصاص المحكمة وتترتب عليه المسؤولية الفردية:

  • الجرئم ضد السلام: أي ادارة او تحضير أو اشعال أو متابعة حرب عدوانية أو حرب مخالفة للمعاهدات أو الضمانات او الاتفاقيات الدولية أو المساهمة في خطة مدبرة او مؤامرة من اجل ارتكاب احد الافعال السابقة.
  • جرائم الحرب: أي انتهاك قوانين الحرب وعادتها ويشمل هذا الانتهاك على سبيل المثال لا الحصر: اغتيال الاهالي المدنيين في الاقاليم المحتلة، سواء معاملتهم، ابعادهم من اجل العمل الاجباري أو لاي غرض آخر، اغتيال أو اعدام الرهائن، نهب الاموال العامة او الخاصة، تخريب المدن او القرى بدون سبب أو القيام بالتدمير الذي لا تبرره المقتضيات الحربية.

ج- الجرائم ضد الانسانية: أي الاغتيالات، الابادة، الاسترقاق، الابعاد وكل فعل آخر لا انساني ارتكب ضد السكان المدنيين قبل الحرب وخلالها، وكذلك الاضطهادات لاسباب سياسية أو جنسية أو دينية سواء كانت هذه الافعال والاضطهادات تكون أو لا تكون خرقاً للقانون الداخلي في الاقطار التي ارتكبت فيها متى كانت مرتبطة مع هذه الجريمة.

كما شمل نص هذا المادة المدبرين والمنظمين والمحرضين من اجل ارتكاب اية جريمة من الجرائم المحدوده آنفاً بالمسؤولية عن كل الافعال المرتكبة من أي شخص تنفيذاً لهذه الخطة.

 

المبحث الثالث

حصانة الرؤساء من المسؤولية

 

لا توجد اتفاقية دولية تنظم موضوع حصانة الرؤساء والحكام من المسؤولية، غير ان هناك عرف دولي يمنح الرؤساء اثناء قيامهم بوظائفهم حصانه من المسؤولية وتوسع الامر ليشمل مسؤولين أخرين يمثلون الدولة التي يتبعونها احتراماً لسيادة تلك الدولة. وتطبيقاً لذلك رفضت محكمة العدل الدولية رفع الحصانة عن وزير الخارجية الكونغولي في قرارها في القضية المرفوعة من الكونغو ضد بلجيكا بتاريخ 14/2/2002م.

وكذلك رفضت فرنسا وبلجيكا الطلبات التي تقدمت بها المنظمات الحقوقية عام 1998م لمحاكمة لوران كابلا رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية اثناء زيارته لتلك الدولتين. ([31])

غير ان الدفع بالحصانة وان كان يمكن الاحتجاج به في نطاق القانون الجنائي الداخلي حتى الان، فان الوضع بدأ يختلف عندما يتعلق بجريمة دولية خاضعة لاحكام القانون الدولي الجنائي، فقد بات من المستقر انه لا يعتد بالحصانة ولا يمكن ان تكون وسيلة للأفلات من العقاب.

وفي ذلك يذكر الدكتور ((شريف بسيوني)): إن الحصانة التي تؤدي الى افلات الشخص من المساءلة القانونية هو نتاج للتعارض بين السياسات والممارسات المادية والعملية التي تسعى الدول من خلالها الوصول الى تحقيق مصالحها الخاصة، وبين متطلبات العدالة الدولية التي تعني اقرار المسؤولية الجنائية والتي تهدف الى تحقيق غرض عقابي ووقائي في ذات الوقت – ويضيف الدكتور – ان الانجاز الحقيقي يتمثل في تجاوز الحصانة التي كانت تشكل ستاراً حديداً مفروضاً حول فكرة العدالة الجنائية الدولية. ([32])

وقد تم التأكيد على مبدأ عدم الاعتداء بالحصانة كسبب للافلات من المسائله عن الجرائم الدولية في مختلف المواثيق الدولية. ولعل المبادئ التي اسستها محكمة نورمبرغ كانت الاولى في هذا الصدد.

 

 

المطلب الاول

تقرير مبدأ عدم الاعتداء بالحصانة

 

  نصت المادة السابعة من النظام الاساس لمحكمة نورمبرغ (( ان المركز الرسمي للمتهمين سواء بصفة رؤساء دول أو بصفة موظفين كبار لن يؤخذ بنظر الاعتبار كعذر او كسبب مخفف للعقوبة)).([33])

الاان هذا الاتجاه لم يكن مجمعاً عليه لدى الفقهاء فقد ذهب بعض الكتاب الى ضرورة عدم محاكمة رؤساء الدول بواسطة محكمة اجنبية وانما يجب ان يتقرر مصيرهم بمقتضى قرار ذي صفة سياسية يتخذ باتفاق الدول المنتصرة. الا ان أخرون قد عارضوا هذا الاتجاه ومنهم البرفسور  Sh.Glueck  الاستاذ في جامعة هارفرد  الذي ذهب الى ان هذا الرأي سيؤدي الى نتائج وخيمة جداً، كما انه يتعارض مع روح الامم المتحدة التي اعتبرت رؤساء دول المحور خاضعين لنفس الاعتبارات التي يخضع لها رعاياهم السابقين أي لعدالة المحكمة الدولية.([34] )

وفي ذلك صرح جاكسون المدعي العام الامريكي في المحكمة بان من رأية يجب ان يستخدم القانون ليس في معاقبة سلوك الناس البسطاء فقط وانما سلوك الملوك ايضاً.

وقد تم تأكيد هذا المبدأ في ميثاق المحكمة وكذلك في الاحكام الصادرة منها، والتي صاغتها فيما بعد لجنة القانون الدولي ضمن سبعة مبادئ هي:

1- أي شخص يرتكب فعلاً يشكل جريمة وفقاً للقانون الدولي يكون مسؤولاً عنها ومعرضاً للعقاب عليها.

2- لا يعفي عدم وجود عقوبة، في القانون الداخلي عن الفعل الذي يعد جريمة وفقاً للقانون الدولي، الشخص الذي ارتكب الفعل من المسؤولية طبقاً للقانون الدولي.

3- لا يعفى الشخص الذي ارتكب جريمة وفقاً للقانون الدولي كونه قد تصرف بوصفه رئيساً للدولة أو مسؤولاً حكومياً، من المسؤولية بالتطبيق للقانون الدولي.

4- لا يعفى الشخص الذي ارتكب الفعل بناء على امر من حكومته أو رئيسه الاعلى من المسؤولية وفقاً للقانون الدولي، بشرط وجود خيار معنوي كان متاحاً له.

5- لكل شخص متهم بجريمة وفقاً للقانون الدولي الحق في محاكمة عادلة بخصوص الوقائع والقانون.

6- يعد من الجرائم المعاقب عليها الجرائم التالية:

أ- الجرائم ضد السلام

  ب- جرائم الحرب.

  ج- الجرائم ضد الانسانية.

7- يعتبر جريمة وفقاً للقانون الدولي الاشتراك في ارتكاب جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الانسانية.([35])

 

ومن الجدير بالذكر ان لجنة القانون الدولي عندما صاغت مبدأ عدم الاعتداء بالحصانة كسبب يمنع من المسائلة عن الجرائم الدولية ضمن مبادئ نورمبرغ على النحو السابق أثارت بعض الجدل، فاذا كان وصف رئيس الدولة واضح الدلالة، فان بعض الجدل، فان مصطلح المسؤول الحكومي يثير التسأول حول المقصود فيه، فهل المقصود به عضو الحكومة حصراً ام عضواً سابقاً في الحكومة، ام هو موظف من رتبة عالية جداً في احدى السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية.([36])

ذهب الدكتور محي الدين عوض انه يعتبر حاكما كل شخص ليس له رئيس اعلى في سلمه الدرجات، بينما يذهب رأي اخر الى ان مبدأ عدم التذرع بالحصانة يجب ان يؤخذ على اطلاقه، فلا يضيف أو يقيد بشخص رئيس الدولة والحاكم الذي ليس له رئيس اعلى منه في سلم الدرجات، لان هذا القول يسمح بالتهرب من المسؤولية عن الجرائم الدولية. ([37])

وقد درجت المحاكم الجنائية الدولية في كل من يوغسلافيا وراوندا على تقرير هذا المبدأ في النظام الاساسي لكل منها، فقد ورد في المادة (28) من النظام الاساسي لمحكمة يوغسلافيا عام 1993م على انه ( لا يعفى المنصب الرسمي للمتهم سواء اكان رئيس دولة أو حكومة أو مسؤولاً حكومياً، هذا الشخص من المسؤولية الجنائية أو يخفف من العقوبة ). وبالفعل تمت مسائلة الرئيس اليوغسلافي السابق ( سلوبدان ميلو سوفيتش ) امام هذه المحكمة. كما اكدت محكمة راوندا لعام 1994م المبدأ ذاته في المادة (27) من تظامها الاساسي.

ومن الجدير بالذكر ان هاتين المحكمتين قد تضمنتا مفاهيم واضحة لمسؤولية القادة عن وحشية الجنود تحت امرتهم، وقد ضربت محكمة يوغسلافيا الامثلة للقضاء الوطني في كيفية التعمل مع المتهمين بارتكاب جرائم القتل الجماعي والتطهير العرقي، وعدم تركهم يظهرون بمظهر (( الابطال القوميين )). حتى بدأت المحاكم الصربية والكرواتية اعتباراً من عام 2005م بمحاكمة مواطنيها الضالعين في جرائم حرب. ([38]) 

واذا لم يتسنى للمحكمة الدوليه الجنائية تطبيق هذه المبادئ فقد تم تطبيقها في وقائع تاريخيه عده منها:

 

 1- محاكمة الرئيس " دونتز " :

عقب هزيمة ألمانيا ودول المحور في الحرب العالمية الثانية وانتحار المستشار " هتلر " تولي الأدميرال " دونتز " رئاسة الدول الألمانية في هذه الظروف ، وقد تم القبض عليه مع مجموعة من القادة الألمان لمحاكمتهم .

وفي 8 أغسطس عام 1945 عُقدت في لندن اتفاقية محاكمة كبار مُجرمي الحرب في أوروبا . وقد قررت هذه الاتفاقية إقامة محكمة عسكرية دولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب الذين ليس لجرائمهم محل جغرافي معين سواء لاتهامهم فيما بصفتهم الشخصية أو بصفتهم أعضاء في منظمات أو هيئات أو بالصفتين معا . وعلى إثر ذلك شكلت محكمتان لمحاكمة كبار مجرمي الحرب إحداهما في مدينة نورمبرج الألمانية والأخرى في مدينة طوكيو اليابانية ([39]) .

وقد جاء تحديد اختصاص المحكمة بموجب نص المادة 6 من ميثاق المحكمة حيث نصت هذه المادة على أن المحكمة تختص بمحاكمة وعقاب كل الأشخاص الذين ارتكبوا بصفتهم الشخصية أو بصفتهم أعضاء في منظمة تعمل لحساب دول المحور فعلا يدخل في نطاق إحدى الجرائم التالية :

  • الجرائم ضد السلام ..
  • جرائم الحرب ..
  • الجرائم ضد الإنسانية ..

 

ويعتبر المدبرون والمنظمون والمحرضون والشركاء الذين ساهموا في وضع أو تنفيذ مخطط أو مؤامرة لارتكاب أحدٍ الأفعال التي تدخل في الجرائم السابقة مسئولين عن كل فعل تم ارتكابه تنفيذا لهذا المخطط ضد أي شخص ([40]) .

وقد أكدت لائحة محكمة نورمبرج مبدأ مسؤولية رئيس الدولة وكبار موظفي الحكومة عن الجرائم الدولية ، فقررت في المادة السابعة " أن المركز الرسمي للمتهمين سواءً كانت جرائم حرب أو جرائم ضد السلام على أساس أنه ليس من المنطق أو العدل أن يعاقب المرءوسون الذين ينفذون أوامر غير مشروعية يصدرها رئيس الدولة أو أعوانه ويعفي الرئيس الذي دبر وأمر بارتكاب هذه الجرائم  ([41] ) .

وقد رأت اللجنة القانونية المُشكلة لصياغة مبادئ نورمبرج الأخذ بمبدأ مسئولية رئيس الدولة ونصت على ذلك في المبدأ الثالث منها بقولها " إن مقترف الجريمة يُسأل عنها ولو كان وقت ارتكابها يتصرف بوصفه رئيساً للدولة أو حاكما " .

وقد تمت محاكمة الرئيس الألماني " دونتز " أمام محكمة نورمبرج وحكمت عليه المحكمة بعقوبة السجن لارتكابه جرائم حرب  ([42]) ، وقررت استبعاد حصانة رئيس الدولة وعد الأخذ بالدفع الذي قد يبديه استناداً إلى تلك الحصانة بقولها " إن قواعد القانون الدولي التي تحمي ممثلي الدولة في ظروف معينة لا يمكن أن تنطبق على الأفعال التي تعتبر جناية في القانون الدولي ، ولا يستطيع مرتكبو هذ الأفعال التمسك بصفتهم الرسمية لتجنب المحاكمة والعقاب . فمن يخالف قوانين الحرب لا يستطيع في سبيل تبرير هذه المخالفة أن يحتج بتفويضه من جانب الدولة لأن الدولة في الوقت الذي تمنحه فيه مثل هذا التفويض تكون متجاوزة حدود السلطات المعترف بها من القانون الدولي " ([43])

 

2- محاكمة الرئيس " ميلوسوفيتش "

أصدر مجلس الأمن في أكتوبر عام 1992 القرار رقم 780 بإنشاء لجنة خبراء خاصة عنيت بالتحقيق وجمع الأدلة حول المخالفات الجسيمة لمعاهدات جنيف والانتهاكات الأخرى للقانون الدولي الإنساني في الصراع الدائر آنذاك بيوغسلافيا السابقة . وبمطالعة تاريخ اللجنة وأعمالها ، يتبين بوضوح أنها كانت مفعمة بتأثير إنساني وقانوني ، حيث طلب مجلس الأمن من الأمين العام وبصفة عاجلة تشكيل لجنة محايدة من الخبراء ، تكون مهمتها تقييم وتحليل المعلومات المقدمة على أثر القرار 771 لسنة 1992، وللجنة الخبراء تنفيذاً للقرار 771 لسنة 1992 جمع معلومات أخرى من خلال تحرياتها أو غيرها من الأشخاص عن الانتهاكات الجسيمة لمعاهدات جنيف والانتهاكات الأخرى للقانون الدولي الإنساني والتي ارتكبت في أراضي يوغسلافيا السابقة " ([44]) .

وبنهاية عمل اللجنة ، توافرت أدلة دامغة على أن الجرائم التي ارتكبت ما كان يتسنى لها أن تتم بدون ضلوع بعض القيادات السياسة والعسكرية فيها ، وعلى رأسهم الرئيس " سلوبودان ميلوسوفيتش " و " كاراديتش " رئيس جمهورية بوسنا الصربية ، و " مالديتش " قائد القوات الصربية في البوسنة ، الأمر الذي بدت من خلاله أعمال اللجنة وكأنها تهديد للمفاوضات السياسية حيث إنه من الممكن تجاهل الاتهامات الواردة بالتقارير الإعلامية حيال مسئولية مرتكبي جرائم " التطهير العرقي " و " الاغتصاب المنظم " وغيرهما من الانتهاكات المنظمة للقانون الإنساني الدولي ، إلا أن أن إقامة الدليل على تلك الاتهامات كان هو الخطر السياسي الحقيقي ، مما أدى إلى ضرورة انهاء أعمال تلك اللجنة مع محاولة تفادي النتائج .

وبعد عامين من التحقيقات وجمع الأدلة ، أعدت اللجنة تقريراً ختامياً بلغ عدد صفحاته ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة ، أرفق بها خمسة وستون ألف مستند ، بالإضافة إلى ثلاثمائة ساعة تصوير فيديو ، وثلاثة آلاف صورة فوتوغرافية ، مما جعله الأطوال في تاريخ مجلس الأمن .

ووفقاً لتقرير اللجنة ، فإنه ضمن قائمة اتهامات مطولة ، فإن " ميلوسوفيتش " منسوب إليه أنه أمر بارتكاب القتل والتعذيب والنقل الجبري للسكان كجرائم ضد الإنسانية وبالمخالفة لقوانين وأعراف الحرب ، وقد تم ارتكاب الجرائم السابقة في إطار سياسة مدروسة بدقة وموضوعية سلفاً قام بالتخطيط لها والعمل على تنفيذها الرئيس المذكور فيما يُطلق عليه سياسة التطهير العرقي . فضلا عن الاغتصاب المنظم في جميع أنحاء البوسنة وكرواتيا خلال فترة زمنية تجاوزت العام ونصف العام في كرواتيا بينما قاربت على العامين ونصف العام في البوسنة ، في أكثر من ثلاثة آلاف مدينة وقرية . وقد تم تسليم كل هذه المعلومات والأدلة إلى المدعي العام للمحاكمة في أغسطس 1994 .

 

وبناءً على ذلك التقرير ، وعملاً بتوصية لجنة الخبراء ، أصدر مجلس الأمن في 22 فبراير 1993 قراراه رقم 808 بإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في أراضي يوغوسلافيا السابقة منذ عام 1991 ، وقد تطلب القرار 808 أن يُعِد الأمين العام تقريراً حول إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة خلال ستين يوماً . وتنفيذاً لذلك القرار قدم الأمين العام تقريراً تضمن مشروع النظام الأساسي للمحكمة وتعليقات على مواد النظام الأساسي .

وعلى أثر ذلك ، وإعمالاً لسلطات مجلس المُخولة له بموجب الباب السابع من ميثاق هيئة الأمم الأمم المتحدة , والتي لم يسبق تفسيرها سلفاً وفقاً لذلك المفهوم أصدر المجلس القرار رقم 827 بإنشاء المحكمة مقراً لمشروع الأمين العام بدون تعديل ، ومن ثم دخلت حيز التنفيذ في 25 مايو 1993 بمقرها في لاهاي بهولندا .

وقد نصت المادة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة على أن من سلطاتها محاكمة الأشخاص المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والتي ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة منذ عام 1991 ، بما يتلاءم مع نصوص النظام السياسي الحالي . ومن ثم اختصت المحكمة بنظر الجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة الجنس وجرائم الحرب .

كما نص النظام الأساسي أيضاً على المسؤولية الجنائية الفردية بما في ذلك مسؤولية رئيس الدولة بالنسبة لبعض الانتهاكات المحددة والتي ارتكبت خلال الاختصاص المؤقت للمحكمة . وتلك الجرائم هي الانتهاكات الجسيمة لمعاهدات جنيف عام 1994 ، وانتهاكات قوانين وأعراف الحرب والإبادة الاجماعية والجرائم ضد الإنسانية  ([45]) .

أما من حيث اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ، على خلاف اختصاص محكمتي نورمبرج وطوكيو ، اللتين اقتصر اختصاصهما على بعض مجرمي الحرب ، امتد اختصاص محكمة يوغسلافيا لمعاقبة كل من ينتهك القانون الإنساني الدولي بغض النظر عن انتمائه لأي من أطراف النزاع .

ويبدو أن مكتب الادعاء في محكمة يوغسلافيا قد أجاد في تطبيق نصوص قانون المحكمة في اتهام " ميلوسوفيتش " تمهيداً لمحاكمته . ويُعد قرار الاتهام الصادر ضده هو الأول في تاريخ المحاكم الجنائية ، من حيث اتهام رئيس الدولة – إبان صراع مُسلح دائر- بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني. ويقع على عاتق الادعاء عبء يتمثل في ضرورة إثبات أن الجرائم المتهم بها الرئيس مليوسوفيتش قد تم ارتكابها بناءً على أوامر صادرة منه أو بعلمه ، مما يلزم إثبات التسلسل القيادي بين من أصدر تلك الأوامر وبين الجنود وأفراد الميليشيات المقترفين للجرائم والمنفذين لتلك الأوامر .

وقد وجهت " كار لاديل بونتي " ممثل الادعاء في محكمة جرائم الحرب الدولية الخاصة بيوغسلافيا نداء إلى حلف " الناتو " لاعتقال ميلوسوفيتش  والآخرين وتسليمهم إلى المحكمة . قد رصدت بعض الدول المكافآت لاعتقال الرئيس اليوغسلافي .

ومن الجدير بالذكر ، أن " ميلوسوفيتش " لم يُقَدم إلى المحكمة يوغوسلافيا إلا في وقت متاخر، إذ كان من الضروري الإبقاء عليه لتوقيع اتفاق السلام الذي أبرم في Dayton  واستمر الحال على ما هو عليه حتى أعاد " ميلوسوفيتش " الكرّة مرة أخرى بأن كرر ما فعله في البوسنة في كوسوفا ، بيد أنه اتهم هذه المرة بارتكاب جرائم التطهير العرقي في كوسوفو فقط ، واستمر في الحكم ضارباً بهذا الاتهام عرض الحائط حتى تم تغيير نظام الحكم في صربيا ، وتم تسليمه إلى المحكمة ، وتوفى قبل اتمام محاكمتة ([46]) .

هذا وقد مثلت " بيلينا بلافسيتش " رئيسة البوسنة السابقة – وهي ليست رئيس دول بالمعني الكامل حيث إن جمهورية صرب البوسنة المزعومة لم تكتسب وصف الدولة – أمام محكمة مجرمي الحرب الدولية في لاهاي ، وذلك عقب اعترافها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بمشاركة " ميلوسوفيتش " و " كاردايتش " . وقد أقرت " بلافسيتش " التي كانت نائبة " لكاراديتش " بأن الزعماء السياسيين كانوا لا يرتكبون أي عمل دون استشارة " ميلوسوفيتش " ، ونظراً لتعاون " بلافسيتش " مع المجتمع الدولي واعترافها بكل جرائمها وجرائم كل من " ميلوسوفيتش " وكاراديتش " فقد أدانتها المحكمة وحكمت عليها بعقوبة السجن 11 عاماً في عام 2003 .   

 

3- قضية بونشيه

شهد الواقع الدولي مشكلة تتعلق بمقاضاة احد رؤساء الدول السابقين – حاكم شيلي – والذي طلبت عدة دول اوربية ومنها فرنسا واسبانيا والسويد وسويسرا من انكلترا التي كان يتواجد على اقليمها تسليمه لمحاكمته عن جرائم الابادة والتأمر والاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من الجرائم.

وتتخلص وقائع هذه القضية انه وبتاريخ 16 تشرين 1998م القي القبض على ( بونشيه ) بناءً على طلب القاضي الاسباني ( بالتزار نحاسون ) الى السلطات البريطانية بقصد تسليمه الى السلطات الاسبانية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية ومن ضمنها عمليات تعذيب واخذ رهائن والتآمر الارتكاب هذه الجرائم والتخطيط لها، وجرائم قتل في شيلي للفترة ما بين 1976-1992م عندما كان رئيساً للدولة، واعقب ذلك تم تقديم طلبات تسليم لبونشيه من قبل سويسرا بتهمة خطف وتعذيب وقتل مواطن سويسري، ثم تم تقديم ثماني شكاوى من لاجئين شيليين , دفع ( بونشيه ) عن نفسه بانه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية في ظل القانون البريطاني باعتباره رئيس دولة سابق وان الاعمال المرتكبة منه في تلك الفترة كانت تنفيذاً لمهام عمله الرسمي بوصفه رئيساً للدولة.

احالت السلطات الموضوع الى هيئة الاستئناف في مجلس اللوردات وذلك لتحديد التفسير الملائم ونطاق الحصانة الخاصة برئيس الدولة السابق، من حيث اجراءات التوقيف وإلقاء القبض والتسليم في المملكة المتحدة عن الاعمال المرتكبة في الوقت الذي شغل فيه منصب رئيس دولة سابق.

وبتاريخ 25 تشرين الثاني 1998م وبأغلبية ثلثي عدد اللوردات الذين يشكلون الهيئة الخاصة في دراسة طلبات التسليم تقرر ان ( بونيشه ) لا يتمتع بالحصانة، لانه في الوقت الذي يمكن لرئيس دولة سابق ان يستمر بالتمتع بالحصانة فيما يتعلق بالاعمال المرتكبة اثناء ممارسته لمهام عمله أو اعمال كرئيس دولة، فإن الجرائم ضد الانسانية لا تعتبر من وظائف ( رئيس الدولة) ولا تشكل جزءاً من تلك المهام.([47])

وفي آذار 1998م رفضت اللجنة القضائية لمجلس اللوردات مبدأ الحصانة وقرر وزير الداخلية في نيسان 1999م تسليمه الى السلطات الاسبانية، غير انه ولاسباب صحيه تم اعادة (بونشيه ) الى شيلي لمتابعة قضيته امام القضاء الشيلي – وفي حزيران 2000م قررت محكمة الاستئناف بأغلبية سبعة عشر صوتاً ومعارضة ستة اصوات رفع الحصانة عنه ووافقت المحكمة العليا في شيلي في اب 2000م. على ذلك ليحاكم وهو في التسعين من عمره في قضيه تتعلق بجريمتي قتل في عام 1973م.

 

ومن الجدير بالذكر ان مجمع القانون الدولي ذهب في قراره الصادر في باريس عام 2001م الى ان رئيس الدولة الذي لم يعد في مهامه الرسمية لا يتمتع باي نوع من انواع الحصانات الرئاسية في أي دولة من الدول الاجنبية، واستثناء على ذلك يتمتع الرئيس السابق بحصانات رئيس الدولة اذا تعلقت الدعوى المرفوعة ضده بعمل من الاعمال الرسمية التي قام بها اثناء ممارسة مهامه الوظفية، كما نص القرار على ان الرئيس السابق لا يستفيد باي نوع من انواع حصانات رئيس الدولة ضد التنفيذ.([48])

الا انه من الواضح ان ممارسات الدول تختلف وليس واحدة يشأن هذا الموضوع، ونرى ان الاعتبار الحقيقي في تمتع الرؤساء السابقين بالحصانة من عدمه انما يقوم على مصالح الدول وعلاقاتها السياسية، فاذا وجدت ان إعمال حصانة رئيس الدولة السابق قد يضر بمصالحها مع بلاده أو الدول التي تطلب تسليمه لمحاكمته، فانها تعمد الى تسليمه غالباً. اما اذا وجدت ان منحه الحصانة يتفق مع مصالحها ولا يضر بها نجدها لا تتردد في منح هذه الحصانة.

خاصة وانه ليس في القانون الدولي ما يمنع من تقرير بعض الحصانات والامتيازات الرؤساء الدول السابقين، كما انه ليس في قواعد القانون الدولي ما يلزم الدول على تقرير مثل هذه الامتيازات. ([49])

ومن ذلك ان مصر قد احتفضت بالحصانة لكل من ملك المملكة السعودية الاسبق الملك (( سعود بن عبد العزيز) الذي لجأ اليها عام 1966م وكذلك ملك ليبيا السابق ((ادريس السنوسي)) بعد خلعه عام 1969م وكذلك رئيس السودان  ((جعفر النميري)) الذي لجأ الى مصر بعد الاطاحة به عام 1985م. ([50])

([1]) – د. حميد السعدي – مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي – مطبعة المعارف بغداد 1971 ص 134 .

([2]) – د. عبد الواحد الفار – الجرائم الدولية وسلطة العقاب . ص 26

- د. عبد الله علي عبو سلطان – دور القانون الدولي الجنائي – في حماية حقوق الانسان رسالة دكتوراه – جامعة المواصل – 2004 – ص 142 .

([3]) الإجرام الدولي عبد الوهاب حومد ص 168 .

([4]) – د. عبد الفتاح بيومي حجازي – المحكمة الجنائية الدولية – دار الفكر الجامعي – 2005 – ص 94 .

([5])- تسمى هذه القضية بقضية (( الرهائن )) واتهم فيها أحد عشر شخصا من قادة الجيش الألماني بارتكاب جرائم حرب ارتكبت خلال الاحتلال الالماني ليوغسلافيا واليونان، وكان المتهم الرئيسي في هذه القضية هو الفيلد مارشال (( وليام ليست ))، ويمكن تلخيص الاتهامات في هذه القضية في ثلاث نقاط رئيسية هي ما يلي :

 أن المتهمين قاموا بتعذيب وقتل الثوار اليونان واليوغسلاف الذين وقعوا في الأسر بدلا من معاملتهم كأسرى حرب .

 أنهم قاموا بأخذ أعداد كبيرة من بين المواطنين المدنيين في البلقان وقاموا بقتلهم بعد ذلك.

ج- أنهم أنزلوا على المواطنين الأبرياء في المناطق المحتلة إجراءات انتقام غير مقبولة .

 ينظر: حسين عيسى مال الله – المصدر السابق- �� 395 .

([6]) – د. رشيد محمد العنزي – محاكمة مجرمي الحرب في ظل قواعد القانون الدولة – مجلة الحقوق الكويتية . السنة 15 العدد الاول آذار – 1991 – ص 345 . 

([7]) – د. عباس هاشم السعدي – مسؤلية الفرد الجنائية عن الجريمة الدولية – دار المطبوعات الجامعية 2002 ص 209 .

([8]) – د. عبد الله علي عبو سلطان – المصدر السابق – ص 144 .

([9]) انظر د.محمد بهاء الدين باشات،المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي،الاعمال الانتقامية وفكرة العقاب، الهيئة العامة لشؤون المطابع الاميرية،القاهرة،1974 ص363.

([10]) – د. مرشد احمد السيد و احمد غازي الهرمزي – القضاء الدولي الجنائي – دار الثقافة – الاردن  2002 – ص 53 .

(2) ينظر : عادل ماجد - المحكمة الجنائية الوطنية والسيادة الوطنية ، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية-  القاهرة - 2001 - ص 96 .

 

 (1) ينظر :أ.د. حامد سلطان وأ.د عائشة راتب وأ.د صلاح الدين عامر -   القانون الدولي العام- دار النهضة العربية - القاهرة - الطبعة الأولى – 1978- ص 256 .

 

(1) ينظر - عادل ماجد - المصدرالسابق - ص 129 .

 

([14]) انظر : المواد (35-36-38-41) من النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية.

([15]) تتألف المحكمة الدولية الجنائية بأجهزتها القضائية كافة من (18) قاضياََ يجري إنتخابهم بالإقتراع السري من بين مرشحي  الدول الأطراف ، إذ ترشح كل دولة للإنتخاب مرشحاََ واحداََ فقط ولايشترط أن يكون من رعاياها ، ولكن  يجب أن يكون في الأحوال كلها من رعايا إحدى الدول الأطراف الذين يتحلون بالأخلاق الرفيعة والحياد  والنزاهة ، وتتوافر فيهم المؤهّلات المطلوبة للتعيين في بلدانهم في أعلى المناصب القضائية ، فضلاََ عن ذلك يجب أن تتوافر في القاضي الكفاءة والقدرة في مجال القانون الجنائي ، وكفاءة أيضاََ معترف بها في  القانون الدولي . ويشترط لحصول المرشح لتولي وظيفتة القضاء في المحكمة الدولية الجنائية أن يحصل في الإنتخاب في  جمعية الدول الأطراف على أكبر عدد من الأصوات وعلى أغلبية ثلثي أصوات الدول الأطراف الحاضرة كما ينبغي عند إختيار القضاة مراعاة تمثيل النظم القانونية الرئيسة في العالم وكذلك التوزيع الجغرافي  العادل فضلاََ عن وجوب تمثيل عادل للإناث والذكور . تنظر : المادة (36) من نظام روما الأساسي .

([16]) انظر : فقرات المادة (39) من النظام الأساسي.

([17]) انظر المادة (64) من النظام الأساسي .

([18]) انظر المواد (39-81-82-83-84) من النظام الأساسي.

([19]) فقرة (8) مادة (42) من النظام الأساسي.

([20])على انه يجوزلهيئة الرئاسة الأذن باستخدام احدى اللغات الرسمية المذكورة ، في حالة ما اذا كانت اغلبية

اطراف الدعوى تفهم وتتكلم اللغة او طلب ذلك المدعي العام او الدفاع تنظر الماده (50) من النظام الاساسي .

([21]) فقرة (1) مادة (42) من النظام الأساسي.

([22]) فقرة (2) مادة (42) من النظام الأساسي.

([23]) عكس الحالة بالنسبة لمحكمة يوغسلافيا وروندا ، حيث كان تعيينه من قبل مجلس الأمن باقتراح من الأمين العام لأربع سنوات.

([24]) انظر : المواد (43-44) من النظام الأساسي.

([25]) – د. عبد الواحد محمد الفار – الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها – ص 36 .

([26]) ينظر : عبد الله على عبو سلطان – المصدر السابق – ص 146 .

([27]) – د. عبد الواحد محمد الفار – المصدر السابق – ص 37 .

  - د. عبد الفتاح بيومي حجازي – المصدر السابق – ص 105 .

([28]) –  مجلة القانون الدولي والتشريع المقارن – الجزء الرابع 1872 – ص 351

  - اشار اليها – د. حميد السعدي – ص 326 .

([29]) – د. حميد السعدي – المصدر نفسه – ص 326 .

([30]) للمزيد : ينظر

  • حسين الشيخ محمد طه الباليسياني – القضاء الدولي الجنائي – 2004 – ص 246 وما بعدها .
  • شريف عتلم – المصدر السابق – ص 20 .

([31]) – د.هيثم المانع – الحصانة والجرائم الجسيمة - http. www . Al Jazeera . net

) 1 ( M. Cherif Bassiouni , Combating impunity forinternational crimes .

 http// www.lawpac.colorado.Edu/cjielp/bassiouni/2,0,0e / framese 2000 p.409

([33]) كانت المادة السابعة من النظام الاساسي للمحكمة في اصلها تنص على ان صفة الشخص الوظيفية لا تعفي من المسؤولية ولكن قد تكون سبباً مخففاً للعقاب ، ��لا ان الجنة عندما صاغت المبدأ حذفت العبارة الاخيرة وحلت محلها عبارة ( ولن يؤخذ بنظر الاعتبار كعذر أو كسبب مخفف للعقوبة ) .

([34]) – د. حميد السعدي – المصدر السابق – ص 363 .

([35]) – قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 95/1 في 11 ديسمبر 1946م .

([36]) – د. عبد الوهاب حومد – الاجرام الدولي ، جامعة الكويت – ط1 – 1978م – ص 159 .

([37]) – د. محمد محي الدين عوض – دراسات في القانون الدولي – مجلة القانون والاقتصاد – ع 4،3،2،1  ص 250 .

([38]) – د. اليزابيث بوند – محكمة جرائم الحرب يوغسلافيا – خطأ واحد وايجابيات عده . http://www.icaws.org/sit  

([39]) للمزيد انظر : د. محمد محي الدين عوض ، المرجع السابق ، ص 553 وما بعدها .

  د. حسنين عبيد " القضاء الدولي .. " المرجع السابق ، ص 84 وما بعدها .

([40]د. محمد محي الدين عوض ، المرجع السابق ، ص 554 .

([41]د. عبد الواحد محمد الفار ، المرجع السابق ، ص 125 .

  د. محمد محيى الدين عوض ، المرجع السابق ، ص 559 .

([42]د. حامد سلطان " القانون الدولي العام في وقت السلم " المرجع السابق ، ص 155 .

([43]) للمزيد في محكمة نورمبرج انظر :

Alwyn Freeman, War crimes by enemy nationals administering justice in occupied   Territory, AJIL,Vol.41,1947.p.569.

 

([44]) شريف بسيوني " محاكمة الطغاة بيت عدالة القانون واعتبارات السياسة " مجلة وجهات نظر ، ع 32 ، ص 16 .  

([45]) د. محمد عبد المطلب الخشن – الوضع القانوني لرئيس الدولة . دار الجامعة الجديدة -2005-ص327

([46])  Sean D. Murphy , “ Progress and Jurisprudence of the international Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia , AJIL , Vol.93, January 1999, PP.57:97.

  • Kelly D. Askin, “ Sexual Violence in Decisions and indictments of the Yugoslavia and Rwanda , AJIL , Vol.93, January 1999, PP.97 : 124 .

اشار اليهما د. محمد عبد المطلب الخشن –المصدر السابق ص 330

([47]) ينظر :  د. عبد الله علي – المصدر السابق – ص 163 .

د. هيثم المناع – المصدر السابق -  www.aljazeera.net  

([48]) د. محمد عبد المطلب الخشن – الوضع القانون لرئيس الدولة في القانون الدولي –دار الجامعة الجديدة للنشر – الاسكندرية – 2005م – ص 254 .

([49]) – د. احمد ابو الوفا – الوسيط في القانون الدولي العام – دار النهضة العربية القاهرة – 1998م -1999م- ص 339 . 

([50]) د. محمد عبد المطلب الخشن – المصدر السابق – ص 253 .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0