دعوى النفقة في القانون المغربي
تتصف دعوى النفقة في القانون المغربي بمجموعة من الخصوصيات التي تميزها عن غيرها من الدعاوى المرتبطة بالنزاعات الأسرية، فمن جهة تعتبر هذه الدعوى من بين الدعاوى التي استثناها المشرع من الخضوع لأحكام المسطرة الكتابية، وبالتالي فتطبق بخصوصها قواعد المسطرة الشفوية في الإجراءات وفي المرافعات.
خصوصيات دعوى النفقة
تتصف دعوى النفقة في القانون المغربي بمجموعة من الخصوصيات التي تميزها عن غيرها من الدعاوى المرتبطة بالنزاعات الأسرية، فمن جهة تعتبر هذه الدعوى من بين الدعاوى التي استثناها المشرع من الخضوع لأحكام المسطرة الكتابية، وبالتالي فتطبق بخصوصها قواعد المسطرة الشفوية في الإجراءات وفي المرافعات.
كما أن طلبات النفقة معفاة من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون بحكم الطابع الاجتماعي الذي يكتسيها بموجب قانون المالية لسنة 1984 المتعلق بتطبيق المصاريف القضائية، إضافة إلى أنها معفاة من إلزامية تنصيب محام وهو استثناء تم التنصيص عليه في قانون المحاماة .
ونجد أن الفصل الرابع من التنظيم القضائي الحالي للمملكة جعل الاختصاص في دعاوى النفقة ينعقد للقضاء الفردي، مع الإشارة انه كلما ارتبط طلب النفقة لأحد الطلبات الإضافية أو المقابلة التي ينعقد فيها الاختصاص إلى القضاء الجماعي، فان القاضي ملزم برفع يده عن القضية بموجب أمر ولائي قصد إحالتها على القضاء الجماعي .
ومن بين خصوصيات دعوى النفقة أيضا كون المشرع حدد لها أجلا يتعين على المحكمة البت فيها داخل أجل أقصاه شهر واحد .
ومن البديهي أن مدة الشهر هي عبارة عن اجل تحفيزي القصد منه الإسراع بإصدار حكم النفقة نظرا لطابعها المعيشي، حيث يستحيل عمليا احترام ذلك الأجل في كافة الظروف والأحوال لاعتبارات إجرائية وموضوعية في مقدمتها اكتظاظ المحاكم بالملفات وتأخيرها الأسباب غالبا ما تكون وجيهة، ومن ذلك التغيبات .
وكذلك الحكم الصادر في دعوى النفقة لا يستنفذ أثره كله بمجرد تنفيذه، وإنما يستمر في ترتيب ذلك الأثر في المستقبل بالنسبة للنفقات التي لم تكن محل طلب، وهو ما يستفاد من الفقرة الأخيرة من المادة 191 من مدونة الأسرة وتنص على انه " الحكم الصادر بتقدير النفقة يبقى ساري المفعول إلى أن يصدر حكم آخر يحل محله، أو يسقك حق المحكوم له في النفقة ".
والظاهر ان هذه القاعدة الأخيرة، إنما هي في واقع الأمر ردة فعل منطقية ضد المتاعب الكبرى التي كانت تتعرض لها الزوجة أو ا المطلقة، بسبب . أن الحكم القضائي كان تنفيذه قاصرا على مضمونه وحده والمرتبط بفترة زمنية سابقة على الحكم أو على الأقل مرتبطة بوقت صدوره. وهو مما كان يغرق الزوجة في دعاوى النفقة.
ومن خصوصيات الأحكام الصادرة في قضايا الأسرة أنها تكون مشمولة بالتنفيذ المعجل وذلك طبقا للفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية : " يبت في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن ".
وهكذا، وحسب هذا المقتضى، فالتنفيذ المعجل للأحكام والأوامر المتعلقة بالنفقة مقرر بقوة القانون لا يحتاج إلى أن يقدم بشأنه طلب، ولا إلى النص عليه في صلب الحكم، وليس لمحكمة الاستئناف أن توقفه.
وفي هذا الصدد، جاء في قرار للمجلس الأعلى : " ... الأوامر الصادرة في طلبات النفقة تنفذ بقوة القانون الأمر الذي يجرد محكمة الاستيناف من سلطة البت في طلب إيقاف التنفيذ قبل البت في موضوع الاستيناف المرفوع إليها ..". وهذا الموقف هو بكل بساطة تطبيق لمقتضيات الفصل 179 مكرر من ق.م.م.
أما بخصوص المعايير التي تستند إليها المحكمة لتحديد مبلغ النفقة المحكوم بها، فقد أشارت إليها صراحة المادة 189 من مدونة الأسرة وهي التي سنتطرق إليها في الفقرة التالية المعنونة بسلطة القاضي في تقدير النفقة.