مقال بعنوان أثار ممارسة الحق في الإضراب على عقد الشغل
أثار ممارسة الحق في الإضراب على عقد الشغل
رابط تحميل المقال اسفل التقديم
مقدمة:
الأكيد، أن ممارسة أي حق ترتب آثارا قانونية، والإضراب بدوره لا يخرج عن هذه القاعدة، فينتج عن ممارسته آثارا مباشرة على عقود الشغل الخاصة بالأجراء المضربين، وما يستتبعها ذلك من أجر وضمانات قانونية، كما يؤثر بصفة غير مباشرة على الأجراء غير المضربين الذين يجدون أنفسهم في وضعية قانونية لا تساعدهم على القيام بعملهم وتنفيذ التزاماتهم التعاقدية.
فممارسة الإضراب تقتضي توقف الأجراء توقفا كاملا ومديرا، قصد ممارسة الضغط على المشغل لأجل تلبية مطالبهم المهنية موضوع الإضراب، وبالتالي وقف سريان بعض الآثار التي يرتبها عقد الشغل الأمر الذي طرح مجموعة من الإشكالات المتعددة، في ظل عدم تدخل المشرع لأجل تنظيم هذه الآثار بالشكل الذي سيحقق نوعا من التوازن بين مصلحة المقاولة، باعتبارها كيانا اقتصاديا من جهة، ومصلحة الأجراء في ممارسة حقهم في الإضراب من جهة أخرى، علما أن الفقرة الثانية من الفصل 29 من الدستور، نصت على أنه سيصدر
نص تنظيمي ينظم حق الإضراب.
هذا ما سنحاول مناقشته في هذا الموضوع على ضوء ما جاءت به مدونة الشغل وما جاء به مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
فكما هو معلوم، فإن الصلة التي تربط الأجير المضرب والمشغل تكون إما علاقة عقدية، أو علاقة تنظيمية تحكمها مجموعة من الشروط والالتزامات المتبادلة بين الطرفين فعند التزام المضرب بالشروط الموجودة في العقد، أو الشروط التنظيمية، حينها نكون أمام إضراب مشروع تنبثق عنه مجموعة من الآثار، منها عدم تأثر الصلة بين الطرفين لأي اهتزاز أي تبقى العلاقة كما هي بالرغم من قيام الإضراب، في حين تنحصر آثار ممارسة الإضراب على عناصر عقد الشغل.
187
مجلة الأبحاث والدراسات القانونية - العدد 2024/30 مؤلف جماعي مختبر الأمن القانوني والتنمية كلية الحقوق تطوان
لكن، في مقابل ذلك يمكن للمشغل أن يقوم فصل الأجير من شغله جراء ممارسته لحقه في الإضراب إذا تبين له أنه قد أتى أو ارتكب أحد الأفعال التي تدخل ضمن الأفعال الجسيمة المبررة للفصل والمنصوص عليها في مدونة الشغل، وفي هذه الفقرة سنحاول الوقوف على أهم
هذه الآثار.
وأمام هذا التضارب بين الطرفين فقد جعل المشرع المغربي مسألة تكييف الخطأ أنه يدخل ضمن خانة الأخطاء الجسيمة أم لا للسلطة التقديرية للقاضي الذي يستشف ذلك بناء على حيثيات ووقائع كل نازلة على حدا، وهذا ما سنحاول معالجته في الفقرة الثانية من هذا المقال.
الفقرة الأولى: أثر ممارسة الإضراب على علاقة التبعية والسلطة التأديبية للمشغل
ينتج عن ممارسة الإضراب توقف عقد الشغل (أولا) وتوقف السلطة التأديبية للمشغل (ثانيا). أولا: أثر ممارسة الإضراب على علاقة التبعية
تعتبر التبعية من العناصر الأساسية المكونة لعقد الشغل، وهذا العنصر هو ما يميز عقد الشغل عن باقي العقود الأخرى المشابهة، وتجد التبعية أساسها القانوني من خلال المادة 21 من مدونة الشغل، حيث جاء فيها: " يمتثل الأجير الأوامر المشغل في نطاق المقتضيات القانونية أو التنظيمية، أو عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي.
ويمنثل الأجير أيضا للنصوص المنظمة الأخلاق المهنة.
حيث جاء في حيثيات قرار المحكمة النقض من خلال تحليلها للمادة السادسة من مدونة الشغل، غير أنه وإن كانت المادة السادسة من مدونة الشغل تنص على أنه يعد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني، تحت تبعية مشغل واحد، أو عدة مشغلين لقاء أجر .....
مما يعني أن الأمر في هذا الصدد يتعلق بعناصر ثلاثة أجر، نشاط مهني، وعلاقة تبعية، وبناء على هذه المادة، ومن خلال الشروحات والعمل القضائي، فإن علاقة التبعية هي عصب عقد العمل وعنصرها المميز، إذ بغيابها يغيب هذا العقد، كما أنها نوع من السلطة المخولة للمشغل قصد توجيه الأجير ومراقبته أثناء قيامه بعمله والإشراف عليه، مع التزام الأجير بالامتثال والطاعة لهذا التوجه والمراقبة وتنفيذ تعليمات العمل 2810.
وما دامت علاقة التبعية مرتبطة أساسا بالقيام بالمهام الموكولة للأجير، فإن السؤال الذي يطرح في الحالة التي يتوقف فيها الأجير عن تنفيذ عقد الشغل بسبب ممارسته لحقه في الإضراب. بخصوص هذه النقطة، فإن المشرع المغربي ذهب من خلال مدونة الشغل بالنص
قرار محكمة النقض عدد : 552 المؤرخ في 2013/04/04، ملف اجتماعي عدد: 2012/2/5/1077، منشور بقضاء محكمة النقض في مدونة الشغل الجزء الرابع، 2015، ص 31
188
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/16wQvKfwVuOLtsdJiR7BTd8z6ALsZsxXu/view?usp=drivesdk