إشكالية نقص الموارد المائية وتهديد استدامتها بالمغرب على ضوء مخرجات النموذج التنموي

إشكالية نقص الموارد المائية وتهديد استدامتها بالمغرب على ضوء مخرجات النموذج التنموي

إشكالية نقص الموارد المائية وتهديد استدامتها بالمغرب على ضوء مخرجات النموذج التنموي

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

المقدمة:

أصبحت الاستدامة في عالم اليوم مفهوما حاسماء فالبشرية جمعاء في صراع مستمر مع تحديات تغير المناخ، واستنزاف الموارد، والتدهور البيني يدور مفهوم الاستدامة في جوهره حول تلبية مطالب واحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، وهي لا تشمل الاهتمامات البيئية فحسب، بل تشمل أيضا الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، وتسعى جاهدة لتحقيق التوازن الذي يضمن رفاهية الناس والكوكب على حد سواء.

يتأكد جليا أن مفهوم الاستدامة موضوعا محوريا في كافة أجندات الفاعلين بالعالم، وخصوصا حينما يرتبط بمفهوم التنمية التي طالما ارتبط المفهومان ارتباطا وثيقا ببعضهما البعض من خلال الغايات والأهداف المتكاملة والتحديات. فالعالم طرح مفهوم التنمية المستدامة لأول مرة في تقرير عام 1987 بعنوان "مستقبلنا المشترك" - الذي تم إعداده للجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية. وقد أدركوا الروابط بين عدم المساواة والفقر والتدهور البيني وكانوا يسعون إلى طريق للمضي قدما من أجل عالم أكثر إنصافاً مع قدر أقل من الضرر الذي يلحق بالبيئة يدعم المجتمعات. أسس مستقبلنا المشترك، أو تقریر برونتلاند . المفهوم التنمية المستدامة الطريق للمضي قدماً نحو مجتمع أكثر عدلاً، يعتني بموارده. وقد عرف التقرير، التنمية المستدامة على أنها التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساس على قدرة الأجبال المقبلة في تلبية حاجاتهم. وهي تحتوي على مفهومين أساسيين:

مفهوم الحاجات وخصوصا الحاجات الأساسية الفقراء العالم، والتي ينبغي أن تعطى الأولوية المطلقة.

فكرة القيود التي تفرضها حالة التكنولوجيا والتنظيم الاجتماعي على قدرة البيئة للاستجابة لحاجات الحاضر والمستقبل. "

وإذا كانت الاستدامة تقوم على خدمة وتوفير حاجيات فقراء العالم بدون المساس بحقوق الأفراد في المستقبل، فالفكرة الأساسية لها تكمن على ديمومة الموارد ومصادر الحاجيات في الزمنين الحاضر والمستقبل، لذا عملت كل الدول على الانخراط في تنزيل سياسات وبرامج تتوافق وفلسفة هذا المفهوم وتزداد أهمية مطلب الاستدامة وراهنيتها حينما يتعلق الأمر بأحد أهم الموارد المرتبطة بحياة وعيش الإنسان، ألا وهي الماء أو الموارد المائية. حيث أن بوجودها توجد الحياة وفي غيابها أو نقصانها تصعب شروط العيش وقد تصل لانعدامها، حيث أن جميع الكائنات الحية، تحتاج إلى الماء للبقاء على قيد الحياة على الأرض، كما أنه يمكن للناس أن يعيشوا أسابيع بدون طعام، لكنهم لا يستطيعون العيش إلا لبضعة أيام بدون ماء .

أضحى الماء، مع تطور المنظومة القانونية العالمية، حقا من الحقوق الأساسية التي يجب توفرها للأفراد لضمان شروط عيش بكرامة، ومن الإنجازات الهامة التي تحققت مؤخرا اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الإنسان في الحصول على المياه الكافية لتلبية الاحتياجات الشخصية والمنزلية في هذا الإطار ويحسب المعطيات والاحصائيات الرقمية التي توفرها هيئة الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي) ويشمل ذلك ما بين 50 و 100 لتر للشخص الواحد في اليوم، وضمان أن يكون مأموناً ومبسور التكلفة بحيث لا تتجاوز تكلفته 3% من إجمالي دخل الأسرة)، وأن يكون الوصول إليه سهلاً - على بعد 1000 متر من المنزل ويمكن الوصول إليه في مدة لا تزيد عن 30 دقيقة. إلا أنه بالرغم من كل ذلك تعاني الموارد المائية، اليوم عدة تحديات ومشاكل في العديد من مناطق العالم والمغرب نموذجا لهذه المناطق.

ظهرت في السنوات الأخيرة بالمغرب، ارتباطا بتحديات الموارد المائية، وما عرفته البلاد من تغيرات مناخية، نتج عنها جفاف السنوات متوالية وتصحر .... ظهرت مؤشرات وأرقام تعود المؤسسات وفاعلين رسميين تنذر بالوضع الخطير الذي تعرفه الوضعية المتعلقة بالموارد المائية بالمغرب، مما يهدد الأمن المائي للبلاد وما يرتبط به من أمن غنائي وزراعي وأمني... كل هذا سيجعل أعلى سلطة في البلاد، متمثلة في ملك البلاد مؤخرا، تدق ناقوس الخطر، بصريح العبارة، على أن هذا الأمر، أضحى مشكلا حقيقيا وجب التصدي له، كما أنه يصنف مشكل الماء ضمن أهم ... التحديات التي تواجه البلاد، والتي تحتاج إلى المزيد من الجهد والبقطة، وإبداع الحلول والحكامة في التدبير ... وكل هذه المداخل المرتبطة بمشكل الماء بالمغرب. وبالنظر لارتباطها الوثيق بميادين التنمية بصفة مباشرة، سيكون لها وقع وأثر على الإصلاح التنموي بالمغرب ولاسيما فيما يتعلق بالتنمية المستدامة على وجه الخصوص

التقرير صادر عن لجنة بروتتلاند في سنة 1987، عرف سابقا باسم اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية، هذه اللجنة تم تكليفها بتوحيد الدول لتتبع التنمية المستدامة، وقد كانت غرو هارلم برونتلاند رئيسة اللجنة ركزت اللجنة على إنشاء شبكات لتعزيز الإشراف البيني، مثل مجلس بيل كلينتون للتنمية المستدامة تم تعريف مصطلح "التنمية المستدامة" من خلال تقرير هذه اللجنة، والذي حقق نجاحا كبيرا في تشكيل العلاقات الدولية بين الحكومات والشركات متعددة الجنسيات.

تقرير مستقبلنا المشترك اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، ترجمة محمد كامل عارف سلسلة كتب ثقافية صادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت عالم المعرفة يناير 1978، ص: 69

يقارب العلماء والخبراء المختصين ماهية ومكوناته على أنه مادة عديمة اللون والرائحة توجد في كل أنحاء الأرض، ويتكون الماء من مليارات الجزيئات، ويتكون كل جزيء من ذرة أكسجين وذرتين من الهيدرو وجين مترا ابطتين مغابروا ابط تساهمية قوية. وتوجد هذه المادة الحيوية (الماء) على الأرض بثلاثة أشكال مختلفة - الغاز والصلب والسائل، ويتدفق الماء على الأرض كسائل في الأنهار والجداول والمحيطات، وهو صلب مثل الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، وهو غاز (بخار) في الغلاف الجوي. يوجد الماء أيضا تحت الأرض وداخل النباتات والحيوانات. ويتكون

يراجع في هذا الصددة للاستزادة مقال بعنوان ? What is water منشور بتاريخ 4 شتنبر 2019 على الرابط 2024 أطلع عليه بتاريخ : 20 يوليوز ،/https://4hinet.extension.org/what-is-water :التالي نص الخطاب الملكي الذي ألقاء جلالة الملك بتاريخ الإثنين 29 يوليوز 2024، بمناسبة عيد العرش الذي يصادف الذكرى الخامسة والعشرين

التريم جلالة الملك على العرش

79

ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°4,pp 77-86 Nov 2024

من خلال ما سبق، ولأجل تسليط الضوء علميا على هذا التحدي المرتبط بالماء ومشكل استدامته بالمغرب والإصلاحات المرتبطة، يمكن

طرح الإشكالية التالية:

إلى أي حد يعتبر نقص الموارد المائية بالمغرب، مشكلا حقيقيا يهدد البلاد على عدة مستويات ولاسيما على مستوى التنمية المستدامة، وإي إصلاح نهجته الدولة في هذا الإطار، خصوصا في ظلمخرجات النموذج التنموي المغربي على مستوى قضية الماء، باعتبارها أحد المواضيع المرتبطة والمؤثرة في مجالات التنمية ؟

ستحاول مقاربة هذا الإشكال، عبر التعريج على التحديات المرتبطة بالموارد المائية بالنظر لطبيعتها وخصوصيتها والكيفية التي تفاعلت معها لجنة النموذج التنموي، لتبسط أهمية هذا الموضوع بالنسبة للتنمية بصفة شاملة والتنمية المستدامة على وجه الخصوص من جهة والتوصيات المطروحة على مستوى النموذج التنموي في هذا الجانب من جهة أخرى، ولأجل هذا، ستعتمد الخطة التالية:

المحور الأول: الموارد المائية بالمغرب بين إشكالية الندرة ومطلب الاستدامة

المحور الثاني: مقاربة النموذج التنموي الإشكالية نقص الموارد المائية بالمغرب

المحور الأول: الموارد المائية بالمغرب بين إشكالية الندرة ومطلب الاستدامة

تعتبر الاستدامة البيئية جزء لا يتجزأ من التنمية، فالبيئة جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية ولهذا الحرص على استدامتها مسؤولية الجميع. ولاسيما على المستوى المحلي، فدور الأسرة والمحيط الصغير الذي يعيش فيه الفرد كخلية أساسية" مهما الإدارة التدبير البيني والحفاظ على الموارد المحلية بمعنى أن استخدام القليل جدا لا يلبي احتياجات الإنسان، كما أن الاستخدام المفرط يؤدي إلى آثار بيئية سلبية.

في هذا الإطار، يبقى من الضروري إجراء تقييمات متكررة لتحديد ما إذا كانت البلدان نتجه نحو الاستدامة البيئية أو تبتعد عنها، وارتباطا بهذا، ثم تطوير مؤشر الاستدامة البيئية الذي يتكون من 6 وكاتر الحياه والصرف الصحي، واستدامة الطاقة وتغير المناخ، والحد من مخاطر الكوارث. وإدارة النفايات والبصمة المادية والتنوع البيولوجي، والحياة البحرية والأراضي الاستدامة، وانطلاقا منه، ويتباين أداء البلدان في كل ركيزة على نطاق واسع.... وبشكل عام تعتبر الدول العربية أقل استدامة بينيا من الدول الأخرى نتيجة لندرة المياه والتهديدات التي يشكلها فقدان التنوع البيولوجي المندرة المياه كنتيجة، تعتبر مشكلة حقيقية، يترتب عنها معضلات حقيقية، تطرح عدة تهديدات لسكان المعمورة.

ادت الزيادة المستمرة في عدد السكان إلى ارتفاع استهلاك المياه الصالحة للشرب والفلاحة، وهو ما ينذر بنقص في الموارد المائية مستقبلاء وتشير التوقعات إلى أن الحروب المستقبلية ستدور حول الصراعات على المياه ومصادرها التوترات التي تعرفها العلاقة بين كل من مصر والسودان واثيوبيا نموذجا لهذا الطرح فالزيادة المتوقعة لعدد السكان والمتركزة بالأساس في كل من قارتي آسيا وافريقيا، والتي تعاني من مشاكل بينية كثيرة ومتنوعة. أخطرها غياب الكميات الكافية من متطلبات الموارد المائية للعيش والزراعة والرعي .... يبرز أهمية هذا المشكل الأساسي التي يتربع على رأس أولويات الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية.

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1v75aOnq9crM3uA5ppJdn_TQUizbCcN9u/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0