أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام تحت موضوع مشاركة المرأة في الحياة السياسية المغربية
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام تحت موضوع مشاركة المرأة في الحياة السياسية المغربية
رابط تحميل الأطروحة اسفل التقديم
مقدمة عامة
تعد المشاركة السياسية من أهم مؤشرات التنمية ودلالاتها في أي مجتمع، إذ لا يمكن الحديث عن التنمية بمفهومها الشامل من دون التطرق إلى موضوع المشاركة السياسية في الوقت الذي لا يمكن الحديث عن التنمية من دون التعرض الدور المرأة في هذه الأخيرة، وتسعيها من أجل التأثير في الخطط والمشاريع من خلال قنوات المشاركة السياسية، وعليه فإن درجة مشاركتها وفاعليتها تنعكس إيجابا في السياسات التنموية، مع ضرورة تأكيد أن أية محاولة لفهم التغير الاجتماعي ودرسه لا يمكن عزلها عن دور المرأة باعتبارها تمثل أكثر من نصف المجتمع.
فقضية تمكين المرأة تعتبر قضية مجتمعية تخص الرجال والنساء، لأنها تسعى إلى إقامة التوازن المجتمعي المبني على القيم الإنسانية الخلاقة، وعليها يتمحور كل مشروع مجتمعي يسعى إلى التنمية الشاملة والمستدامة التي لا تقام الأعلى قاعدة المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين.
أن إشكالية وصول النساء إلى مراكز القرار، تمثل إحدى الرهانات الرئيسية لأي نظام يسعى للوصول إلى الديمقراطية والحداثة، ففي جل الدول التي تمكنت فيها النساء من اقتحام مجالات مهنية كثيرة، كانت تعتبر حكرا على الرجال، والتي حققن فيها نجاحا ملحوظا، إلا أن النساء اللواتي اقتحمن عالم السياسة يشكلن أقلية، بمعنى أن التحولات التي عرفها واقع النساء تسير بوتيرة سريعة على المستوى الاقتصادي والسوسيو مهني، مقارنة مع التحولات الطارئة على المستوى السياسي والقانوني.
وفي الأونة الأخيرة بات مؤكدا أن مركز المرأة في العصر الحديث قد تغير تغيرا كبيرا نتيجة تقرير مبدأ المساواة والاعتراف لها بالعديد من الحقوق في جميع المجالات، ولعل هذا الاهتمام المتزايد بها أخذ
صباح المراني المرأة والمشاركة السياسية بالمغرب، الطبعة الأولى 2018 من : 8
ة أسماء بتعادة المرأة والسياسة دراسة سوسيولوجية القطاعات النسائية العربية منشورات المعهد الجامعي البحث الحي سلسلة الشروحات الطبعة الأولى 2007، من 3
2
قضية المشاركة السياسية للنساء تطرح نفسها بالحاج شديد من خلال العديد من المؤتمرات والاتفاقيات والمعاهدات والندوات والمغرب بذلك لا يشكل استثناء حيث شهد المشهد السياسي الوطني العديد من المتغيرات في مجال حقوق المرأة بصفة عامة والمشاركة السياسية لها بصفة خاصة.
ان جميع الأبحاث العلمية التي أنجزت عن المجتمع المغربي المعاصر، منذ الاستقلال إلى الآن من طرف باحثين مختلفين في طليعتهم عبد الله العروي، بول باسكون، عبد الكبير الخطيبي، أندريه آدام وجلز وكلبو فرود كيتر إلخ.... تتفق على أن المجتمع المغربي المعاصر شديد التركيب والتعقيد بسبب كونه لية في تفاعلها بالبنيات محصلة للبيانات التقليدية الله
رحلة الاستقلال من جهة الاجتماعية من جهة، والبنية
....
الخصوص المرأة بالمغرب حيث الاختلاف على مستوى العقليات حسب المناطق، الفئات الاجتماعية المختلفة، الأجبال وحتى على مستوى الفرد الواحد نفسه.
ولقد انطلق المغرب منذ الاستقلال في مسيرة النضال البناء دولة القانون وترسيخ الممارسة الديمقراطية، وقد تبلورت هذه الممارسة منذ أول دستور سنة 1962، لتتوج هذه المسيرة بسنة دساتير كان آخرها دستور 2011، التي اعترفت جلها بالحقوق السياسية للمرأة على قدم المساواة مع الرجل، لكن بالرجوع إلى التطبيق والممارسة نجد أن الحقوق السياسية المخولة لها اختزلت في حق واحد هو حق التصويت لانعدام تمثيليتها في أجهزة البرلمان والحكومة منذ الاستقلال إلى حدود التسعينيات، حيث ستتمكن من الولوج إلى المؤسسة البرلمانية سنة 1993 من خلال ناتبتين بنسبة 0.6%، فيما ظل حضورها ضمن مراكز القرار بمختلف الأحزاب السياسية ضعيفا، وقد حافظت المرأة على نفس نسبة تمثيليتها داخل مجلس النواب على إثر الانتخابات التشريعية لسنة 1997 ممثلة بناتبتين، رغم ارتفاع عدد المرشحات من 36 مرشحة سنة 1993 إلى 87 مرشحة سنة 1997.
ومع بداية الألفية الثالثة، بدأت تتبلور إرادة سياسية تريد تفعيل قانوني للمشاركة السياسية للمرأة والتجاوب مع مطالب التنظيمات النسوية وتبني مقاربة شمولية لقضاياها باتساع نشاط المجتمع المدني في مجال النهوض بأوضاعها، فجاءت الانتخابات التشريعية لسنة 2002 والتي أدت إلى تحول نوعي في تمثيلية النساء، بعد تبني أسلوب الاقتراع باللائحة ونظام الكوطا، فتمكنت من حصد ثلاثين مقعدا بفضل اللائحة الوطنية، فيما فازت خمس مرشحات في اللوائح المحلية، ليصبح العدد الإجمالي 35 مقعدا بنسبة 10.8%، وهو ما مكن المغرب من احتلال الرتبة 71 على الصعيد العالمي من حيث تمثيلية النساء في
A. Khatibi: Pour une pensée de la différence Lamalt N° 85. Janvier 1999, p. 29-30 (sur l'être
marocain) ظهير شريف رقم 1:11.91 صادر 27 شعبان 1432 (29) يوليوز 2011) بتعيد نص الدستور الجريدة الرسمية عند 19964 مكرر بتاريخ 3600 30 يوتيوز 2011 الصفحة
4
البرلمان، في حين أن الانتخابات التشريعية لسنة 2007 فازت فيها بـ 34 مقعدا مسجلة بذلك تراجعا طفيفا مقارنة بالانتخابات الترشيعية التي سبقتها.
وخلال الانتخابات التشريعية لسنة 2011، عرفت تمثيلية النساء داخل مجلس النواب تطورا مهما حيث وصلت إلى نسبة 16.7% مما جعل هذا الأخير يحتل المرتبة الخامسة عربيا من حيث تمثيليتين داخل البرلمان، وبخصوص الانتخابات الأخيرة لسنة 2016 فقد ارتفعت هذه التمثيلية إلى 20.51