القاعدة الحقيقة تترك بدلالة العادة
القواعد الفقهية الأساسية

- تخصيص العموم بالعرف.
- يخص العموم بالعادة.
التوضيح إن الأصل في الكلام الحقيقة، والمجاز خلف عنه، وعند عدم القرينة ينصرف اللفظ إلى معناه الحقيقي، إلا إذا تعذر إرادة المعنى الحقيقي، أو كان مهجوراً عادة وعرفاً فيأخذ حكم المتعذر، فتترك الحقيقة ويصار إلى العرف والعادة.
والحقيقة اللغوية تترك بدلالة العادة والعرف؛ لأن الاستعمال والتعارف يجعل إطلاق اللفظ على ما تعورف استعماله فيه حقيقة بالنسبة إلى المستعملين، ويجعل إطلاقه على معناه الوضعي الأصلي في نظرهم مجازاً.
ومن المعلوم أن الأمر إذا دار بين الحقيقة والمجاز تترجح الحقيقة، وهي هنا العرف والعادة، ويترك المجاز، وهو المعنى الوضعي الأصلي، لقولهم: "مطلق الكلام محمول على المعتاد".
وفائدة هذه القاعدة، بعد قاعدة " العادة محكمة" (م/ 36) وقاعدة "استعمال الناس حجّة يجب العمل بها" (م/37) دفع ما عساه يتوهم من أن تحكيم العادة.
والعمل باستعمال الناس إنما يكونان حيث لم تعارضهما الحقيقة، وذلك بأن لم يكن بإزائهما حقيقة أصلاً، كمسألة التقاط الثمار الساقطة، المتقدمة تحت قاعدة "استعمال الناس حجة "، أو كان بإزائهما حقيقة، ولكنها كانت موافقة لهما، وأما إذا كانت مصادمة لهما فلا يكونان معتبرين، فنبه العلماء بهذه القاعدة على أن تحكيم العادة والعمل باستعمال الناس لا تقوى الحقيقة اللغوية على معارضتها، بل يعمل بهما دونها، وذلك كمسألة وضع القدم، ومسألة ما لو حلف لا يأكل رأساً، ولا يركب دابة، الواردتين في قاعدة "استعمال الناس حجة".
فظهر بهذا أن المراد بالحقيقة المذكورة في لفظ هذه القاعدة الحقيقة المهجورة، وإلا فإن الحقيقة المستعملة هي المعتبرة عند الإمام أبي حنيفة دون المجاز، وإن كان استعماله أكثر من استعمالها، ورأيه هو الراجح، ولذلك تعتبر هذه القاعدة مكملة لقاعدة "استعمال الناس حجّة " (م/ 37) .
التطبيقات 1 - حلف لا يأكل من هذه الشجرة، فينصرف إلى ثمرها إن كان لها ثمر، وإلا فلثمنها، صوناً لكلام العاقل عن الإلغاء؛ لأنه يتعذر إرادة المعنى الحقيقي (الدعاس ص 38) .
2 - لو حلف ألاَّ يضع قدمه في دار فلان، فينصرف إلى الدخول بأي وجه كان، راكباً، أو ماشياً، أو حافياً أو منتعلاً؛ لأنه هو المتعارف لا المعنى الحقيقي، وهو مباشرة القدم، دخل أم لم يدخل؛ لأنه مهجور عرفاً، والعرف قاضٍ على الوضع حتى لو تكلف ووضع قدمه ولم يدخل لا يُعدّ شيئاً، ولا يحنث؛ لأنه لم يتعذر المعنى الحقيقي هنا، لكنه مهجور عرفاً وعادة، فيأخذ حكم المتعذر، وتترك الحقيقة، ويصار إلى العرف والعادة.
(الدعاس ص 38) .
3 - كتبت شخص على قرطاس بخطه أن الدين الذي لي على فلان أبرأته منه، فيقبل ويسقط الدين؛ لأن الإقرار بالكتابة كالإقرار باللسان (م/ 1606) .
4 - أمر شخص آخر بكتابة سند بدين عليه لفلان بكذا، وأمضاه وختمه، كان ذلك حجة عليه عند الحاكم، لأنه من قبيل الإقرار بالكتابة، والأمر بكتابة الإقرار إقرار حكماً.
(م/ 1607) .
5 - القيود التي هي في دفاتر التجار المعتد بها هي من قبيل الإقرار بالكتابة، فلو كتب التاجر في دفتره أنه مدين لفلان بكذا، فتعتبر كتابته كإقراره الشفاهي (م/ 1608) .
6 - إن سند الدين الذي يكتبه الرجل، أو يستكتبه، ويعطيه لآخر ممضىً بإمضائه أو مختوماً بختمه يعتبر إقراراً بالكتابة، ويكون معتبراً ومرعياً كتقريره الشفاهي (م/ 1609) .
7 - من كتب سنداً، أو استكتبه، وأعطاه ممضى، أو مختوماً، إذا أقر بأنه له، ولكنه أنكر الدين الذي حواه فلا يعتبر إنكاره، ويلزمه أداء ذلك الدين (م/ 1610) .
8 - إذا أعطى إنسان سند دين، ثم توفي، يلزم ورثته قضاء الدين من التركة إذا أقروا بأن السند للمتوفى، لأنه حجة عليه (م/ 1611) .
9 - إذا ظهر في تركة المتوفى كيس مملوء بالنقود، وقد كتب علبه بخط الميت: إن هذا الكيس مال فلان، وهو عندي أمانة، يأخذه ذلك الرجل من التركة، ولا يحتاج إلى الإثبات بوجه آخر (م/ 1612) .
(الزرقا: ص 349) .
10 - الأيمان تنصرف إلى ما يعرفه الخاطب بلغته، وإن كان اللفظ يستعمل في غيره حقيقة أيضاً، كما إذا حلف؛ لا يأكل الرؤوس، فإما أن يراد رؤوس الأنعام، أو رؤوس الغنم، أو الرأس الذي يؤكل في العادة، وكذلك لفظ البيض الذي يعرفونه.
فأما رأس النمل والبراغيث ونحو ذلك فلا يدخل في اللفظ، ولا يدخل بيض السمك، في اليمين (ابن تيمية، الحصين 2/ 131، (ابن رجب 2/ 555، 558) .
11 - إذا تزوج امرأة على ألف دينار، وكانت العادة جارية بتنصيف الصداق، وجعل بعضه معجلاً، وباقيه مؤخراً، فإنه يحمل كلامهم على ما جرت به عادتهم، فيجوز للزوج أن يؤخر نصف الصداق (1) (ابن تيمية، الحصين 2/ 132) .
12 - البيع بعشرة دراهم أو دنانير، ينصرف عند الإطلاق إلى ما يعرفه الناس من مسمى الدرهم، أو الدينار (ابن تيمية، الحصين 2/ 137) .
13 - إذا شرط الواقف للناظر أو غيره ستة، والريع مئة، فإن العادة إذا زاد ريع وإيراد الوقف أن تزيد أجرة الناظر، ويحمل كلامه على ما جرت به عادة الناس.
(ابن تيمية، الحصين 2/ 137) .
14 - إذا وكله بشراء دابة، وكان معروفاً بينهم أنه الفرس، أو ذات الحوافر، لم ينصرف هذا المطلق إلا إلى المتعارف بينهم (ابن تيمية، الحصين 137/2) .
15 - حلف ألا يأكل شواء، اختصت يمينه باللحم المشوي دون البيض وغيره مما يشوى، وكذا لفظ الدابة والسراج والوتد.
(ابن رجب 2/ 555) .
16 - حلف لا يأكل اللحم، فأكل لحم سمك، فلا يحنث.
(ابن رجب 2/ 559) .
17 - حلف لا يتكلم، فقرأ، أو سبح، فالمشهور أنه لا يحنث.
(ابن رجب 2/ 562) 18 - لو استأجر أجيراً يعمل له مدة معينة حمل على ما جرت العادة بالعمل فيه من الزمان دون غيره بلا خلاف.
(ابن رجب 2/ 570) .
What's Your Reaction?






