القاعدة قد يثبت الفرع دون الأصل

القواعد الكلية المتفق عليها

القاعدة قد يثبت الفرع دون الأصل
الألفاظ الأخرى - قد يثبت تبعاً ما لا يثبت مقصوداً.

- الأصل أنه قد يثبت الشيء تبعاً وحكماً وإن كان يبطل قصداً.

- قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل.

التوضيح هذه القاعدة قد تبدو غريبة، غير معقولة في بادئ الأمر، لأنها تنافي السنن الطبيعية، ولكن الأمور الحقيقية تؤثر فيها عوامل تختلف عن العوامل الطبيعية، فهذه القاعدة تعبر عن إثبات الحقوق أمام القضاء ولا تبحث عن نشوئها في الواقع.

فوجود الفرع يستلزم في الواقع وجود الأصل الذي تفرع عنه، ولكن إثبات المسؤوليات الحقوقية قد تُفْقَد وسائله المثبِتة في حق الأصول، وتتوافر في حق الفروع.

فقد يوجد ويبقى الفرع مع عدم وجود الأصل، لأنه لا تلازم بين الأصل والفرع في الوجود، وقد يوجد الأصل بدون وجود الفرع، كالمدين إذا لم يكن له كفيل.

وهذا ظاهر، لأنه ليس كل أصل له فرع، وأما وجود الفرع بدون الأصل فله أمثلة كثيرة، وهي تطبيقات للقاعدة.

وكما لا تلازم بين الأصل والفرع في الوجود فلا تلازم بينهما في السقوط بعد الوجود، لأن عدم سقوط الأصل بسقوط الفرع فذلك أمر ظاهر، إذ لا يلزم من إبراء كفيل المال والنفس مثلاً براءة الأصيل، وأما عدم سقوط الفرع بسقوط الأصل فهو كالفرع المستثنى من القاعدة الأخرى "إذا سقط الأصل، سقط الفرع " (م/ 50) وقاعدة "إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه " (م/52) .

وكما لا تلازم بين الأصل والفرع في الوجود فلا تلازم بينهما في الصلاحية والسلطة، فكثير ما يملك الأصل ما لا يملكه الفرع، وذلك ظاهر، كالموكل يملك ما لا يملكه وكيله، وقد يملك الفرع ما لا يملكه الأصل، كالمريض إذا صار مديناً بما يحيط بماله، إذا باع في مرض موته وحابى فيه، ولو قليلاً، فإن محاباته لا تجوز وإن قلت، بينما يحق للدائن أن يقبل هذه المحاباة من المريض البائع، كما أن المشتري من المريض المدين الذي حاباه إذا لم يجز الدائن المحاباة، له الخيار، بأن يوفي الثمن إلى تمام القيمة، وإن شاء فسخ، وأما وصي المريض المدين بعد موته إذا باع تركته لقضاء ديونه، وحابى قدر ما يتغابن فيه، صح بيعه، ويجعل عفواً، فقد ملك الفرع (الوصي) ما لا يملكه الأصل في هذا.

التطبيقات 1 - لو ادعى شخص على اثنين أن أحدهما استقرض منه مبلغا من المال، وأن الثاني قد كفله، فاعترف الكفيل، وأنكر الآخر، وعجز المدعي عن إثبات القرض عليه، يؤخذ من الكفيل، لأن المرء مؤاخذ بإقراره، فقد ثبت الفرع، ولم يثبت الأصل.

(الزرقا ص 411، الدعاس 66، اللحجي ص 60) .

2 - لو غصب إنسان شيئاً فباعه، ثم تداولته الأيدي بالبيع والشراء، فأجاز المالك أحد العقود، جاز ذلك العقد الذي أجازه خاصة، لا ما قبله، ولا ما بعده.

(الزرقا ص 411) .

3 - لو ادعى الزوج بدل الخلع على المرأة فأنكرت، بانت منه ولا يلزم المال الذي هو الأصل.

(الزرقا ص 411، اللحجي ص 60) .

4 - لو أقامت المرأة البينة على النكاح، والزوج غائب، يقضى بالنفقة لا بالنكاح، كما هو مذهب زفر المفتى به.

(الزرقا ص 412) .

5 - لو أوقع على إحدى زوجتيه طلاقاً مبهماً، ثم ماتت إحداهما قبل البيان تتعين الأخرى للطلاق، فلو قال: كنت عَنيت بالطلاق التي ماتت، لا يعتبر قوله، ولكنه يحرم بسببه الميراث.

(الزرقا ص 412) .

6 - إن الوكيل بقبض العين لو طلبها من ذي اليد فأقام ذو اليد البينة على أنها ملكه بالشراء أو الهبة من موكله، أو أنها رهن عنده منه، تسمع بينته، فتقصر يد الوكيل بدون أن يقضي بالشراء أو الهبة أو الرهن إلا إذا أُحضر الموكِل وأقيمت البينة بمواجهته.

(الزرقا ص 412) .

7 - إن الوكيل بنقل الزوجة أو العبد، إذا أقامت الزوجة أو العبد البينة على الطلاق، أو العتاق، تقصر يد الوكيل، ولا يقضى بأحدهما، فقد قضي بقصر يد الوكيل الذي هو فرع من غير أن يقضى بالمدعى به الذي هو الأصل.

(الزرقا ص 412) .

8 - لو ادعى مجهول النسب على آخر أنه ابنه، وبرهن، فأقام الآخر البينة على أن المدعي هو ابن فلان الآخر، تقبل في دفع بينة المدعي، لا في إثبات نسبه من فلان الآخر.

(الزرقا ص 412) .

9 - لو ولدت الأمة المتزوجة فادعى مولاها نسب ولدها فإنها لا تصح دعواه، بل يثبت النسب من الزوج، لكن يصير الولد حراً، وتصير الأمة أم ولد للمولى.

(الزرقا ص 413) .

10 - لو أقر شخص لأحد مجهول النسب أنه أخوه، فهذا الإقرار يمس حقوق الأب، لأن فيه تحميلاً للنسب على الأب، فإذا أنكر الأب بنوته، ولم يمكن إثباتها بالبينة لا تثبت بنوته للأب، لكن يؤاخذ المقر بإقراره أنه أخوه، فيقاسم ذلك الشخص حصته من ميراث الأب.

(الدعاس ص 66) .

11 - قال: بعت عبدي من زيد، وأعتقه زيد، فأنكر زيد، أو قال: بعته من نفسه، فأنكر العبد، عتق في المسألتين، ولم يثبت العوض.

(اللحجي ص 60 - 61) .

12 - ادَّعت المرأة الإصابة قبل الطلاق، وأنكر، فيجب عليها العدة في الأصح.

(اللحجي ص 61) .

13 - قال لزوجته المجهولة النسب: أنت أختي، وكذبته، انفسخ نكاحها في الأصح.

(اللحجي ص 61) .

14 - الجنين في بطن الذبيحة إذا كان تام الخلق، وخرج ميتاً بعد ذبح أمه، جاز أكله عند الأئمة الأربعة وغيرهم رضي الله عنهم، لتبعيته لأمه في الذبح، لأن ذكاة أمه ذكاة له، مع أنه لا يجوز أكله بدون ذبح لو ولدته حياً، أو أخرج من بطنها بعد ذبحها وهو حي.

(البورنو 2/ 41) .

المستثنى يستثنى من هذه القاعدة جميع الفروع التي تدخل في قاعدة: " إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه " (م/52) .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0