القاعدة المواعيد بصورة التعاليق تكون لازمة

القواعد الكلية في المذهب الحنفي

القاعدة المواعيد بصورة التعاليق تكون لازمة
التوضيح الأصل في الوعد أنه لا يُلزم صاحبه قضاء، وإنما كان الوفاء به مطلوباً ديانة، فلو وعد شخص آخر بقرض أو ببيع أو بهبةإلخ، فليس للموعود أن يجبر الواعد على تنفيذ وعده بقوة القضاء.

غير أن الفقهاء لحظوا أن الوعد إذا صدر معلقاً على شرط فإنه يخرج عن معنى الوعد المجرد، ويكتسي ثوب الالتزام والتعهد، فيصبح عندئذ ملزماً لصاحبه، وذلك فيما يظهر اجتناباً لتغرير الموعود بعدما خرج الوعد مخرج التعهد، ولذلك قال ابن نجيم: "لا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقاً".

فالمواعيد تصدر من الإنسان فيما يمكن ويصح الالتزام له شرعاً، فإذا صدرت منه بصورة التعليق أي بأن كانت مصحوبة بادوات التعليق الدالة على الحمل أو المنع، تكون لازمة، لحاجة الناس إليها.

وهذه القاعدة فرع عن قاعدة "المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط " (م/ 82) .

وإذا صدرت بغير صورة التعليق لا تكون لازمة لعدم وجود ما يدل على الحمل والمنع، بل تكون مجرد وعد، وهو لا يجب الوفاء به قضاء.

ولا فرق في لزوم الوعد المعلق المذكور بين أن يصدر في مجلس العقد المذكور أو بعده.

التطبيقات 1 - لو قال شخص لآخر: بع هذا الشيء لفلان، وإن لم يعطك ثمنه، فأنا أعطيه لك، فباعه منه، ثم طالبه بالثمن فلم يعط المشتري للبائع بعد المطالبة له، بأن امتنع من الدفع، أو لم يمتنع، ولكن أخذ في المماطلة، لزم على القاثل أداء الثمن المذكور للبائع، بناء على وعده المعلق، أما قبل المطالبة فلا يلزم القائلَ شيء، والظاهر أن تقدم قوله: بيع هذا الشيء لفلان، وما أشبهه، ليس بشرط لصحة الالتزام، فلو قال: إن لم يعطك فلان مطلوبك فأنا أعطيك كان كفيلاً (م/623) .

ولم يشترط فيه أن يقول؛ أقرضه مثلاً.

(الزرقا ص 425، الدعاس ص 70) .

2 - لو قال كفيل النفس: إن لم أوافك بمدينك فلان غداً فأنا أدفع لك دينه، فلم يوافه به لزمه الدين، إلا إذا عجز عن الموافاة بغير موت المدين أو جنونه، أما لو عجز بأحدهما عن الموافاة به فالكفالة لازمة له.

(الزرقا ص 426) .

3 - لو قال للمعير أو المودِع (بالكسر) : إن أضاع أو استهلك المستعير أو الوديع العارية أو الوديعة، فأنا أؤدي ضمانها، فأضاعها أو استهلكها لزمه الضمان، بناء على وعده المعلق.

(الزرقا ص 426) .

4 - لو باع العقار بغبن فاحش، ثم وعد المشتري البائع بأنه إن أوفى له مثل الثمن يفسخ معه البيع، صح ولزم الوفاء بالوعد.

(الزرقا ص 426) .

المستثنى 1 - إذا كان الوعد "فيما يمكن ويصح التزامه له شرعاً بصورة التعليق " يكون لازماً، وخرج ما لا يصح التزامه شرعاً، كضمان الخُسران، كما إذا قال: اشتر هذا المال، وإن خسرت فيه، فأنا أؤدي لك ما تخسره، فاشتراه وخسر، فإنه لا يرجع عليه بشيء.

(الزرقا ص 426) .

2 - لو تبايعا بثمن المثل بيعاً باتاً، ثم بعد ذلك أشهد المشتري أنه، أي البائع، إن دفع له نظير الثمن بعد مدة كذا يكن بيعه مردوداً عليه ومُقالاً منه، فإن الإشهاد المذكور وعد من المشتري فلا يجبر عليه حيث كان البيع بثمن المثل، مع أنه كما ترى معلق بالشرط.

وذلك لأن ظاهر هذه القاعدة أنها مطلقة عامة في كل وعد أتى بصورة التعليق.

والظاهر خلافه، فإنهم لم يفرعوا عليها غير مسألتي البيع والكفالة المتقدمتين، ولم يظهر بعد التتبع ثالث لهما.

(الزرقا ص 426) .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0