القاعدة الأجر والضمان لا يجتمعان
القواعد الكلية في المذهب الحنفي

والأصل في هذا أن كل موضع لا يصير ضامناً فالأجر واجب، وفي كل موضع يصير ضامناً، فلا أجر عليه.
وهذه القاعدة تشهد لمذهب الحنفية فقط، وعند غيرهم من الأئمة لا اعتبار لهذه القاعدة، ويجتمع الأجر والضمان، كالغاصب الذي انتفع بالمغصوب وهلك، فإنه يضمنه وعليه الأجرة.
أما عند الحنفية فالضمان يكون بسبب التعدي، والتعدي على مال الغير غصب له، أو كالغصب، ومنافع المغصوب عندهم غير مضمونة، لأن المنافع معدومة، وعند وجودها فهي أعراض غير باقية، وإنما تقوَّم بعقد الإجارة على خلاف القياس لمكان الحاجة الضرورية إليها، وعقد الإجارة لا يبقى مع صيرورة المستأجر ضامناً، بل يرتفع، إذ لا يمكن اعتباره مستأجراً أميناً، وغاصباً ضميناً في آن واحد، لتنافي الحالتين.
التطبيقات إن الصور الممكنة التي تدور عليها القاعدة المذكورة عشر، وذلك لأن التعدي الذي هو سبب الضمان إما أن يكون بعد استيفاء المنفعة المعقود عليها كلها، أو يكون بعد استيفاء بعضها، أو يكون قبل استيفاء شيء من المنفعة، وفي الوجهين الأخيرين إما أن يستوفي بعد التعدي المنفعة المعقود عليها أو لا، وفي الصور الخمس إما أن تسلم العين المأجورة أو تتلف، فتلك عشرة كاملة من ضرب اثنين في خمسة.
ويجب الأجر في كل صورة استوفيت فيها المنفعة المعقود عليها كلها أو بعضها قبل التعدي وسلمت العين المأجورة، ولكن عند استيفاء كلها يجب الأجر كاملاً، وفي استيفاء بعضها يجب بحسابه، ولا يجب الأجر لما بعد التعدي، وأما أجر ما استوفاه من النفعة بعد التعدي وصيرورته ضامناً فإنه ساقط.
وهذه هي الصور العشر، مع تطبيقات أخرى لها: 1 - استأجر دابة، وتعدى إلى مكان آخر، ولم ينتفع مطلقاً، وسلمت الدابة، فلا أجر عليه، لأنه في معرض الضمان كالغاصب.
(الزرقا ص 434، الدعاس ص 75) .
2 - استأجر دابة، وتعدى، ثم انتفع، وسلمت الدابة، فهو في معرض الضمان، ولا أجر عليه، (الزرقا ص 434) لأنه استقرت عليه بالأجر.
3 - استأجر دابة، وانتفع كاملاً، ثم تعدى بتجاوز المكان أو المدة، وسلمت الدابة، يجب الأجر كله (الزرقا ص 434) لأنه استقر في ذمته، مع الإثم للمخالفة.
(الدعاس ص 75) .
4 - استأجر دابة، واستوفى المنفعة كلها، وتعدى في أثنائها.
وسلمت الدابة، فيجب الأجر لما قبل التعدي فقط.
(الزرقا ص 434) .
5 - استأجر دابة، واستوفى بعض المنفعة، ثم تعدى، ولم ينتفع بعد ذلك، وسلمت الدابة فيجب الأجر لما قبل التعدي بحسابه فقط.
(الزرقا ص 434) .
6 - استأجر دابة، وتعدى ولم ينتفع مطلقاً، وتلفت الدابة، فهو ضامن بالفعل لقيمتها، ولا أجر عليه.
(الزرقا ص 434، الدعاس ص 75) .
7 - استأجر دابة، وتعدى، ثم انتفع، وتلفت الدابة.
فهو ضامن، ولا أجر عليه.
(الزرقا ص 434) .
8 - استأجر دابة، وانتفع بها ثم تعدى، وتلفت الدابة.
فيضمن قيمتها، ولا أجر عليه (الزرقا ص 434) لأن ضمان المنافع بالأجرة، اندمج في ضمان الأصل الدعاس ص 75) .
9 - استأجر دابة، واستوفى المنفعة كلها، وتعدى في أثنائها، وتلفت الدابة، يضمن قيمتها، ولا أجر عليه.
(الزرقا ص 434) .
15 - أستأجر دابة، واستوفى بعض المنفعة، ثم تعدى، ولم ينتفع بعد ذلك، وتلفت الدابة، يضمن قيمتها، ولا أجر.
(الزرقا ص 434) .
11 - استأجر دابة لركوب، فركبها وأردف وراءه آخر ليستمسك بنفسه، وكانت الدابة لا تطيق حمل الاثنين، ضمن كل قيمتها، ولا أجر عليه، لصيرورته غاصباً.
(الزرقا ص 413) .
12 - استأجره من الكوفة إلى البصرة ذاهباً وجائياً، فجاوز به البصرة، وعاد سليماً إلى الكوفة فعليه نصف الأجر المسمى عند أبي حنيفة وأبي يوسف، إذ غصب بالمجاوزة، فلا يبرأ إلا بالرد.
(الزرقا ص 432) ، لأن الفتوى على أن المستأجر لا يبرأ بالعود إلى الوفاق بعد التعدي، وإذا لم يبرأ فلا أجر عليه كما بعد التعدي.
(الزرقا ص 432) .
13 - استأجر دابة إلى مكان ذاهباً وجائياً على أن يرجع في يومه، ورجع في الغد، فعليه نصف الأجر للذهاب، لا للرجوع، إذ خالف فيه.
(الزرقا ص 432 - 433) .
فإن هلكت العين المأجورة بعد التعدي فإنه لا أجر عليه لما قبل التعدي، ولا لما بعده.
(الزرقا ص 433) .
14 - وكذا إذا استأجره قروي ليحمل عليه بُرًّا إلى المدينة، ففعل، ووضع عليه في الرجوع إلى بيته قفيز ملح بلا إذن، فمرض، فمات، ضمن، لغصبه ولا أجر، إذ لا يجتمعان، ولو سلم الحمار فله أجر ما عى فقط، إذ لا أجر للغصب.
(الزرقا ص 433) .
15 - استأجر حماراً لحمل متاعه في طريق معين، فحمله في طريق آخر مخوف، أو ليحمله على دابة معينة، فحمله في البحر فتلف، فإنه يضمنه، وإن أوصله سليماً وجب كل الأجر.
(الزرقا ص 433) ، لأن المعقود عليه إيصال المستأجَر (بفتح الجيم) مال المستأجِر (بكسر الجيم) وقد حصل، ولكن مع المخالفة في كيفية الإيصال المشروطة، ولا عبرة بالخلاف عند حصول المقصود.
(الزرقا ص 433) .
16 - إذا استأجر دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم بُرّ مثلاً، فحمل عليها أكثر دفعة واحدة، فتلفت، وكانت لا تطيق ما حملها، ضمن كل قيمتها، ولا أجر عليه، لصيرورته غاصباً.
(الزرقا ص 431) .
المستثنى 1 - لو استأجر دابة لركوبه، فركبها، وأردف وراءه آخر ليستمسك بنفسه، وكانت الدابة تطيق حمل الاثنين، فعطبت بعد بلوغ المقصد، فعليه كل الأجر، ويضمن نصف قيمتها، وذلك لعدم اتحاد جهة الأجر، وجهة الضمان.
(الزرقا ص 431) .
2 - استأجر حماراً ليحمل عليه اثنى عشر وقراً من التراب إلى أرضه بدرهم، وله في أرضه لَبِن، فصار كلما عاد يحمل عليه اللبن، فإذا سلم الحمار في هذه الصورة يجب عليه كل الأجر، ولا مانع من وجوب الأجر مع المخالفة، وهذا خلاف ما عليه الفتوى.
(الزرقا ص 434) .
What's Your Reaction?






