القاعدة الأصل في العقود جميعها العدل
القواعد الكلية في المذهب الحنبلي

- المعاوضة مبناها على المعادلة والمساواة بين الجانبين.
- الأصل في المعاوضات والمقابلات هو التعادل بين الجانبين.
- المبايعة والمشاركة مبناها على العدل بين الجانبين.
- المشاركة والمعاملة تقتضي العدل من الجانبين.
التوضيح إن الله بعث الرسل وأنزل الكتب لإقامة العدل، فهو جماع الذين والحق والخير كله، وحرم الظلم قليله وكثيره، وحذر منه، لذلك قصد الشارع تحقيق العدل بين المتعاقدين في التعاقد، وفي التعامل بين أطراف المجتمع كله، فلا يبغي أحد على أحد ولا يظلمه، ولا يجعله على خطر في معاملته من حيث تحقق مقصوده وعدمه، ولذلك يجب مراعاة العدل في كل عقد، ويحكم على ما كان متضمناً للظلم بالتحريم، وما خلا عنه فهو حلال، فإن حصل في بعض العقود، هل هي من العدل أم لا؟ فيجب الرجوع إلى هذا الأصل.
والدليل على هذه القاعدة ما ورد من آيات كثيرة تأمر بالعدل، وتحث عليه، وتنهى عن الظلم، وتحرمه، وترهب منه، وكذلك الأحاديث الشريفة، مع قول جرير رضي الله عنه: "بايعت النبى - صلى الله عليه وسلم - على النصح لكل مسلم ".
والنصح يقتضي العدل.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من غشَّ فليس منا ".
لأن الغش ظلم وينافي العدل.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ".
فالصدق والبيان عدل، والكتمان للعيب والكذب ظلم.
وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اهذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله.
اشترى منه عبداً أو أمة، بيع المسلم للمسلم، لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة" فبيان العيب عدل، وكتمانه ظلم، ولأن الشريعة مبناها على جلب المصالح وتكميلها.
ودرء المفاسد وتقليلها، وهذا يحقق العدل.
التطبيقات 1 - إذا ساقاه أو زارعه على أن نتاج جزء معين من الأرض له لم يجز؛ لأن المشاركة تقتضي العدل من الجانبين، فيشتركان في المغنم والمغرم، فإذا اشترط أحدهما زرعاً معيناً احتمل أن ينتج هذا، ولا ينتج هذا، أو العكس، فيحصل لأحدهما ربح دون الآخر، فيكون ظلماً (ابن تيمية، الحصين 2/ 186) .
2 - لو اشترط في المضاربة مالاً معيناً لأحدهما، لم يجز، لأن مبنى المشاركات على العدل بين الشريكين، كالسابق، بخلاف ما إذا كان لكل منهما جزء شائع، فإنهما يشتركان في المغنم وفي المغرم، فإن حصل ربح اشتركا في المغنم، وإن لم يحصل اشتركا في الحرمان (ابن تيمية، الحصين 2/ 186) .
3 - قريب مما سبق في الوقت الحاضر إصدار الأسهم الممتازة، والتي يكون لها أولوية في تحصيل الأرباح، أو ضمان لنسبة معينة من الربح، أو تقديمها على غيرها من الأسهم عند توزيع الأرباح أو عند التصفية، وأفتى مجمع الفقه - الإسلامي بعدم جواز إصدار أسهم ممتازة (ابن تيمية، الحصين 2/ 186) .
4 - يحرم بيع الغرر، وهو مجهول العاقبة، أو ما لا يقدر على تسليمه، سواء كان موجوداً أو معدوماً، لأنه متردد بين أن يحصل مقصوده بالبيع، وبين ألا يحصل، مع أنه يأخذ العوض على التقديرين، فإذا لم يحصل كان قد أكل ماله بالباطل، وكان هذا ظلماً، والعقود مبنية على العدل، فيحرم بيع ما هو غرر، أو ما يكون غرراً ابن تيمية (الحصين 2/ 187) .
5 - موجب العقد المطلق هو السلامة من العيوب، وأن يكون ظاهر المعقود عليه كباطنه، فلا يجوز لأحد المتعاقدين أن يكتم عن الآخر عيباً في السلعة، لو علمه لم يبايعه؛ إذ الأصل في المعاملات العدل، وهذا يقتضي الصدق من الجانبين، وكتمان العيب ليس صدقاً، إذا هو مخالف للظاهر، ولأن سكوته عليه دليل عدم وجود العيب، فكان سكوته كذباً، لا صدقاً، وفيه ظلم، والأصل في العقود العدل.
(ابن تيمية، الحصين 2/ 187) .
6 - إذا امتنع التجار من البيع إلا بثمن يزيد عن ثمن المثل، أو امتنع العمال أو الصُنّاع من العمل والصناعة إلا بأجر يزيد عن أجر المثل، مع حاجة الناس إلى البيع والشراء، والاستئجار والصناعة، أو حاجة الدولة لذلك، فإنه مجب إلزامهم بالبيع والعمل، وإلزامهم بثمن المثل، وهو التسعير، بلا زيادة تضر بالمشتري، ولا نقص يضر بالتاجر، لأن الأصل في العقود العدل، والامتناع عن البيع والشراء، ورفع الثمن على المشتري ظلم، ولا غنى للأمة عن إ أسبيع والشراء، فيجب أن يلزموا بالعدل الذي يتضمن حفظ حقوق كل من البائع والمشتري (ابن تيمية، الحصين 2/ 187) .
7 - إذا تلف المعقود عليه قبل التمكن من قبضه لم يجب على العاقد من مشترٍ أو مستأجر، ونحوهما، دفع الثمن أو الأجرة، وهذا ما يسمى بوضع الجوائح؛ لأن الأصل في العقود العدل من الجانبين، واستلام كل منهما ما عاقد عليه، فإذا يحصل لأحدهما ما عاقد عليه لم يكن للآخر أن يأخذ منه العوض بلا مقابل.
(ابن تيمية، الحصين 2/ 189) .
8 - إذا كان المشتري جاهلاً بقيمة المبيع، فإنه لا يجوز تغريره والتدليس عليه، مثل أن يسام سوماً كثيراً خارجاً عن العادة، ليبذل ما يقارب ذلك، بل يباع البيع المعروف غير المنكر؛ لأن استغلال جهل المشتري بالقيمة الحقيقية بزيادة سعرها عليه ظلم، وهو لا يجوز، بل الأصل في العقود العدل من الجانبين (ابن تيمية، الحصين 2/ 189) .
9 - إذا كان المشتري مضطرأ إلى الشراء، ولا يجد حاجته إلا عند هذا البائع، فإنه لا يجوز للبائع أن يستغل حاجته، بل يجب أن يبيعه بالقيمة المعروفة، وكذلك إذا كان البالع مضطراً إلى البيع.
فلا يجوز للمشتري استغلال هذه الضرورة ببخسه حقه.
وأخذ السلعة منه بدون القيمة المعروفة؛ لأن ذلك كله ظلم، وهو محرم، والواجب العدل بين المتعاقدين (ابن تيمية، الحصين 2/ 190) .
10 - إذا باع شيئاً إلى أجل، فإن الأجل يأخذ قسطاً من الثمن، فليس المبيع حالا كالمبيع المؤجل، بل تختلف قيمة هذا عن قيمة هذا، وهو البيع الموجل، أو البيع بالتقسيط، فيزاد في قيمة السلعة بنسبة معينة مقابل التأخير في سداد الثمن، أو دفعه على أقساط معلومة (ابن تيمية، الحصين 2/ 190) .
What's Your Reaction?






