الطرق المتبعة في تفسير القرآن

إن طرق التفسير ومصادره تنقسم إلى قسمين: التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي

الطرق المتبعة في تفسير القرآن

إن طرق التفسير ومصادره تنقسم إلى قسمين:

(1) التفسير بالمأثور:  والمراد به تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة وتفسير القرآن بأقوال الصحابة، واختلفوا في تفسير القرآن بأقوال التابعين هل يدخل ضمن التفسير بالمأثور أم لا.

    ✓ فضله ومكانته: إن التفسير بالمأثور أفضل الأنواع؛ لأنه تفسير للقرآن بكلام الله وهو تعالى أعلم بمراده. وتفسير للقرآن بالسنة والرسول صلى الله عليه وسلم هو المبين لكلامه تعالى. وتفسير للقرآن بأقوال الصحابة وهم الذين شاهدوا التنزيل كما هم أهل اللسان وتميزوا عن غيرهم من باقي

الأمة. لكن كل هذا مشروط بصحة السند عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

    ✓ وينبغي العلم على أن التفسير بالمأثور قد دخله الدس والوضع؛ من قبيل ما دسه زنادقة اليهود من الأخبار المحرفة الموجودة في كتبهم. ومن قبيل ما دسته بعض المذاهب الضالة كالرافضة؛ الذين نسبوا الأحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم زورا وبهتاناً وإلى أصحابه أيضاً. كم تم نقل كثير من الأقوال إلى الصحابة دون سند؛ وهو ما جعل الصحيح يختلط بالسقيم. لذا يمكن القول إن التفسير بالمأثور نوعان:

نوع توافرت الأدلة على صحته وقبوله، ونوع لم يصح لسبب من الأسباب المذكورة آنفاً وهذا وجب رده وعدم الاشتغال به إلا للتنبيه على ضلاله حتى يحذر منه الناس.

    ✓ مصادر التفسير بالمأثور: يعتمد التفسير بالمأثور على المصادر التالية:

️القرآن الكريم: وهو أصح الطرق. يقول ابن تيمية رحمه الله: ( أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر).

ومن أمثلة ذلك: تفسير قوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات } بقوله تعالى: { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننمن الخاسرين } و { أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم } ب { حرمت عليكم الميتة

 والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة..}.

السنة النبوية: يقول ابن تيمية رحمه الله: ( فإن أعياك ذلك فعليك

 بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ). وأوجه بيان السنة للقرآن أربعة:

الوجه الأول: بيان المجمل ( الصلاة والزكاة والحج ) وتوضيح المشكل

 كتفسير الخيط الأبيض ببياض النهار والخيط الأسود بسواد الليل. وتخصيص العام ( كتفسير الظلم بالشرك ) وتقييد المطلق ( كتقييد قطع يد السارق باليمين وبأنه إلى مفصل الكف ).

الوجه الثاني: بيان معنى لفظ أو متعلقه؛ كبيان المغضوب عليهم باليهود،

 والضالين بالنصارى.

الوجه الثالث: بيان أحكام زائدة لما جاء في القرآن الكريم؛ كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وميراث الجد، ورجم الزاني المحصن.

الوجه الرابع: بيان التأكيد؛ كتأكيد قوله صلى الله عليه وسلم:[ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه ] لقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }.

تفسير الصحابة رضي الله عنهم: يقول ابن تيمية رحمه الله: ( وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح لاسيما علماؤهم وكبراؤهم ).

تفسير التابعين رحمهم الله تعالى: إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا عن الصحابة رجعت إلى أقوال التابعين؛ كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح. وقد قيل: " إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ".

   ✓ حكمه: يجب الأخذ بالتفسير بالمأثور ولا يجوز العدول عنه.

(2) التفسير بالرأي: وهو عبارة عن تفسير القرآن العظيم بالرأي والاجتهاد. وهو نوعان:

      ١) تفسير بالرأي المحمود؛ وهو من كان صاحبه عالما باللغة العربية ملما بقواعد الشريعة الإسلامية، وكان مستمد تفسيره القرآن والسنة. وحكم هذا النوع الجواز؛ لقوله تعالى:{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }{ أفلا يتدبرون القرآن } ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله:

((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل )). كما أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في تفسير القرآن على وجوه عدة فدل على أنه من اجتهادهم. يقول ابن تيمية رحمه الله:( فأما من تكلم بما يُعلم من ذلك لغة وشرعا

 فلا حرج عليه ).

    ٢) تفسير بالرأي المذموم؛ وهو التفسير بمجرد الهوى. وأغلب أصحاب هذا النوع هم أهل البدع والمذاهب الباطلة؛ يفسرون القرآن على هواهم حتى يوافق معتقداتهم الزائفة الباطلة. كتفسير الرافضة لقوله تعالى:{ بينهما برزخ لا يبغيان} بعلي وفاطمة رضي الله عنهما. وهذا النوع من التفسير حرام لا يجوز؛ لقول الله تعالى:{ ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر

والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا }{ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:(( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار )). ولقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه:[ أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم ] وقد قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر { وفاكهة وأبا } فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال إن هذا لهو التكلف يا عمر. ولقول مسروق: [ اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله ] وقول إبراهيم النخعي: [ كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه ]. هذه بعض الأدلة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين على تحريم التفسير بالرأي والهوى؛ لذلك ينبغي الحذر كل الحذر من الجرأة على القرآن وتفسيره بمجرد الهوى.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0