مسالة الكلب هل هو طاهر ام نجس

مسالة الكلب هل هو طاهر ام نجس

مسالة الكلب هل هو 
طاهر ام نجس
32 - 16 -

مسالة:

في الكلب هل هو طاهر ام نجس؟ وما قول العلماء فيه؟

الجواب::

اما الكلب فللعلماء فيه ثلاثة اقوال معروفة.

احدهما: انه نجس كله حتى شعره، كقول الشافعي، واحمد في احدى الروايتين عنه والثاني: انه طاهر حتى ريقه، كقول مالك في المشهور عنه.

والثالث: ان ريقه نجس وان شعره طاهر؛ وهذا مذهب ابي حنيفة المشهور عنه، وهو الرواية الاخرى عن احمد؛ وله في الشعور النابتة على محل نجس ثلاث روايات: احداها: ان جميعها طاهر حتى شعر الكلب والخنزير؛ وهو اختيار ابي بكر عبد العزيز، والثانية: ان جميعها نجس كقول الشافعي، والثالثة: ان شعر الميتة ان كانت طاهرة في الحياة طاهرة كالشاة والفارة، وشعر ما هو نجس في حال الحياة نجس كالكلب والخنزير، وهي المنصورة عند اكثر اصحابه.

والقول الراجح هو: طهارة الشعور كلها: الكلب، والخنزير، وغيرهما بخلاف الريق، وعلى هذا فاذا كان شعر الكلب رطبا، واصاب ثوب الانسان، فلا شيء عليه، كما هو مذهب جمهور الفقهاء ابي حنيفة، ومالك، واحمد في احدى الروايتين عنه؛ وذلك؛ لان الاصل في الاعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه الا بدليل، كما قال تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه}[الانعام: 119] ، وقال تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}[التوبة: 115] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ان من اعظم المسلمين جرما من سال عن شيء لم يحرم فحرم من اجل مسالته» .

وفي السنن: عن سلمان الفارسي مرفوعا؛ ومنهم من يجعله موقوفا: انه قال: «الحلال ما احل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه» .

واذا كان كذلك، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طهور اناء احدكم اذا ولغ فيه الكلب ان يغسله سبعا اولاهن بالتراب» ، وفي الحديث الاخر «اذا ولغ الكلب» .

فاحاديثه كلها ليس فيها الا ذكر الولوغ؛ لم يذكر ساير الاجزاء، فتنجيسها انما هو بالقياس.

فاذا قيل: ان البول اعظم من الريق، كان هذا متوجها.

واما الحاق الشعر بالريق فلا يمكن؛ لان الريق متحلل من باطن الكلب، بخلاف الشعر، فانه نابت على ظهره، والفقهاء كلهم يفرقون بين هذا وهذا؛ فان جمهورهم يقولون: ان شعر الميتة طاهر بخلاف ريقها، والشافعي واكثرهم يقولون: ان الزرع النابت في الارض النجسة طاهر، فغاية شعر الكلب ان يكون نابتا في منبت نجس: كالزرع النابت في الارض النجسة، فاذا كان الزرع طاهرا، فالشعر اولى بالطهارة؛ لان الزرع فيه اثر النجاسة، بخلاف الشعر فان فيه من اليبوسة والجمود ما يمنع ظهور ذلك.

فمن قال من اصحاب احمد: كابن عقيل، وغيره: ان الزرع طاهر، فالشعر اولى، ومن قال: ان الزرع نجس، فان الفرق بينهما ما ذكره.

فان الزرع يلحق بالجلالة التي تاكل النجاسة فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها، فاذا حبست حتى تطيب كانت حلالا: باتفاق المسلمين؛ لانها قبل ذلك يظهر اثر النجاسة في لبنها، وبيضها، وعرقها، فيظهر نتن النجاسة وخبثها، فاذا زال ذلك عادت طاهرة، فان الحكم اذا ثبت بعلة زال بزوالها، والشعر لا يظهر فيه شيء من اثار النجاسة اصلا، فلم يكن لتنجيسه معنى، وهذا يتبين بالكلام في شعور الميتة، كما سنذكره ان شاء الله تعالى.

وكل حيوان قيل بنجاسته، فالكلام في شعره وريشه كالكلام في شعر الكلب، فاذا قيل بنجاسة كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، الا الهر وما دونها في الخلقة كما هو مذهب كثير من العلماء: علماء اهل العراق، وهو اشهر الروايتين عن احمد، فان الكلام في ريش ذلك وشعره فيه هذا النزاع، هل هو نجس؟ على روايتين عن احمد.

احداهما: انه طاهر، وهو مذهب الجمهور: كابي حنيفة، والشافعي ومالك.

والرواية الثانية: انه نجس، كما هو اختيار كثير من متاخري اصحاب احمد، والقول بطهارة ذلك هو الصواب كما تقدم.

وايضا «فان النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في اقتناء كلب الصيد، والماشية، والحرث» ، ولا بد لمن اقتناها ان يصيبه رطوبة شعورها، كما يصيبهم رطوبة البغل، والحمار، وغير ذلك، فالقول بنجاسة شعورها، والحال هذه من الحرج المرفوع عن الامة، وايضا فان لعاب الكلب اذا اصاب الصيد لم يجب غسله في اظهر قولي العلماء، وهو احد الروايتين عن احمد؛ لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يامر احدا بغسل ذلك، فقد عفا عن الكلب في موضع الحاجة، وامر بغسله في غير موضع الحاجة، فدل على ان الشارع راعى مصلحة الخلق وحاجتهم ، والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0