مسالة فيمن ادرك اخر جماعة وبعد هذه الجماعة جماعة اخرى

مسالة فيمن ادرك اخر جماعة وبعد هذه الجماعة جماعة اخرى

مسالة فيمن ادرك اخر جماعة وبعد هذه الجماعة جماعة اخرى
234 - 150 -

مسالة:

في رجل ادرك اخر جماعة، وبعد هذه الجماعة جماعة اخرى، فهل يستحب له متابعة هولاء في اخر الصلاة؟ او ينتظر الجماعة الاخرى؟ .

الجواب::

اما اذا ادرك اقل من ركعة، فهذا مبني على انه هل يكون مدركا للجماعة باقل من ركعة، ام لا بد من ادراك الركعة؟ فمذهب ابي حنيفة، انه يكون مدركا، وطرد قياسه في ذلك حتى قال في الجمعة: يكون مدركا لها بادراك القعدة فيتمها جمعة.

ومذهب مالك: انه لا يكون مدركا الا بادراك ركعة، وطرد المسالة في ذلك حتى فيمن ادرك في اخر الوقت.

فان المواضع التي تذكر فيها هذه المسالة انواع: احدها: الجمعة.

والثاني: فضل الجماعة.

والثالث: ادراك المسافر من صلاة المقيم.

والرابع: ادراك بعض الصلاة قبل خروج الوقت، كادراك بعض الفجر قبل طلوع الشمس.

والخامس: ادراك اخر الوقت، كالحايض تطهر، والمجنون يفيق، والكافر يسلم في اخر الوقت.

والسادس: ادراك ذلك من اول الوقت عند من يقول: ان الوجوب بذلك، فان في هذا الاصل السادس نزاعا.

واما مذهب الشافعي واحمد فقالا في الجمعة بقول مالك، لاتفاق الصحابة على ذلك.

فانهم قالوا فيمن ادرك من الجمعة ركعة يصلي اليها اخرى، ومن ادركهم في التشهد صلى اربعا.

واما ساير المسايل ففيها نزاع في مذهب الشافعي واحمد، وهما قولان للشافعي، وروايتان عن احمد، وكثير من اصحابهما يرجح قول ابي حنيفة.

والاظهر هو مذهب مالك، كما ذكره الخرقي في بعض الصور، وذلك انه قد ثبت في الصحيح عن ابي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة» فهذا نص عام في جميع صور ادراك ركعة من الصلاة، سواء كان ادراك جماعة او ادراك الوقت.

وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «من ادرك ركعة من الفجر قبل ان تطلع الشمس فقد ادرك الفجر، ومن ادرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد ادرك العصر» .

وهذا نص في ركعة في الوقت.

وقد عارض هذا بعضهم بان في بعض الطرق: «من ادرك سجدة» وظنوا ان هذا يتناول ما اذا ادرك السجدة الاولى، وهذا باطل فان المراد بالسجدة الركعة، كما في حديث «ابن عمر: حفظت عن رسول الله سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعدها وسجدتين بعد المغرب» الى اخره.

وفي اللفظ المشهور " ركعتين " وكما روي: «انه كان يصلي بعد الوتر سجدتين» وهما ركعتان، كما جاء ذلك مفسرا في الحديث الصحيح.

ومن سجد الوتر سجدتين مجردتين عملا بهذا فهو غالط باتفاق الايمة.

وايضا فان الحكم عندهم ليس متعلقا بادراك سجدة من السجدتين، فعلم انهم لم يقولوا بالحديث.

فعلى هذا اذا كان المدرك اقل من ركعة وكان بعدها جماعة اخرى فصلى معهم في جماعة صلاة تامة فهذا افضل، فان هذا يكون مصليا في جماعة؛ بخلاف الاول، وان كان المدرك ركعة او كان اقل من ركعة، وقلنا: انه يكون به مدركا للجماعة، فهنا قد تعارض ادراكه لهذه الجماعة، وادراكه للثانية من اولها، فان ادراك الجماعة من اولها افضل.

كما جاء في ادراكها بحدها، فان كانت الجماعتان سواء فالثانية افضل، وان تميزت الاولى بكمال الفضيلة، او كثرة الجمع، او فضل الامام، او كونها الراتبة، فهي في هذه الجهة افضل، وتلك من جهة ادراكها بحدها افضل، وقد يترجح هذا تارة وهذا تارة.

واما ان قدر ان الثانية اكمل افعالا، واماما، او جماعة، فهنا قد ترجحت من وجه اخر.

ومثل هذه المسالة لم تكن تعرف في السلف الا اذا كان مدركا لمسجد اخر، فانه لم يكن يصلي في المسجد الواحد امامان راتبان، وكانت الجماعة تتوفر مع الامام الراتب، ولا ريب ان صلاته مع الامام الراتب في المسجد جماعة ولو ركعة خير من صلاته في بيته ولو كان جماعة، والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0