مسالة الصلاة خلف من ياكل الحشيشة

مسالة الصلاة خلف من ياكل الحشيشة

مسالة الصلاة خلف من ياكل الحشيشة
246 - 162 -

مسالة:

في رجل استفاض عنه انه ياكل الحشيشة، وهو امام فقال رجل: لا تجوز الصلاة خلفه، فانكر عليه رجل وقال: تجوز، واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تجوز الصلاة خلف البر والفاجر» فهذا الذي انكر مصيب ام مخطي؟ وهل يجوز لاكل الحشيشة ان يوم بالناس؟ واذا كان المنكر مصيبا، فما يجب على الذي قام عليه؟ وهل يجوز للناظر في المكان ان يعزله ام لا؟

الجواب::

لا يجوز ان يولى في الامامة بالناس من ياكل الحشيشة، او يفعل من المنكرات المحرمة، مع امكان تولية من هو خير منه.

كيف وفي الحديث: «من قلد رجلا عملا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة من هو ارضى لله، فقد خان الله، وخان رسوله، وخان المومنين» .

وفي حديث اخر «اجعلوا ايمتكم خياركم، فانهم وفدكم فيما بينكم وبين الله» .

وفي حديث اخر: «اذا ام الرجل القوم.

وفيهم من هو خير منه، لم يزالوا في سفال» وقد ثبت في الصحيح ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم القوم اقراهم لكتاب الله، فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة، فان كانوا في السنة سواء فاقدمهم هجرة، فان كانوا في الهجرة سواء فاقدمهم سنا» فامر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقديم الافضل بالعلم بالكتاب، ثم بالسنة، ثم الاسبق الى العمل الصالح بنفسه، ثم بفعل الله تعالى.

وفي سنن ابي داود وغيره: «ان رجلا من الانصار كان يصلي بقوم اماما فبصق في القبلة فامرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ان يعزلوه عن الامامة، ولا يصلوا خلفه، فجاء الى النبي - صلى الله عليه وسلم - فساله هل امرهم بعزله؟ فقال: نعم انك اذيت الله ورسوله» .

فاذا كان المرء يعزل لاجل اساءته في الصلاة، وبصاقه في القبلة، فكيف المصر على اكل الحشيشة، لا سيما ان كان مستحلا للمسكر منها، كما عليه طايفة من الناس، فان مثل هذا ينبغي ان يستتاب، فان تاب والا قتل، اذ السكر منها حرام بالاجماع، واستحلال ذلك كفر بلا نزاع.

واما احتجاج المعارض بقوله: «تجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر» فهذا غلط منه لوجوه: احدها: ان هذا الحديث لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل في سنن ابن ماجه عنه: «لا يومن فاجر مومنا الا ان يقهره بسوط او بعصا» .

وفي اسناد الاخر مقال ايضا.

الثاني: " انه يجوز للماموم ان يصلي خلف من ولي، وان كان تولية ذلك المولى لا تجوز، فليس للناس ان يولوا عليهم الفاسق، وان كان قد ينفذ حكمه، او تصح الصلاة خلفه.

الثالث: ان الايمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها: فقيل: لا تصح.

كقول مالك، واحمد في احدى الروايتين عنهما.

وقيل: بل تصح، كقول ابي حنيفة، والشافعي، والرواية الاخرى عنهما، ولم يتنازعوا انه لا ينبغي توليته.

الرابع: انه لا خلاف بين المسلمين في وجوب الانكار على هولاء الفساق، الذين يسكرون من الحشيشة؛ بل الذي عليه جمهور الايمة ان قليلها وكثيرها حرام، بل الصواب ان اكلها يحد، وانها نجسة، فاذا كان اكلها لم يغسل منها فمه كانت صلاته باطلة، ولو غسل فمه منها ايضا فهي خمر، وفي الحديث: «من شرب الخمر لم تقبل منه صلاة اربعين يوما، فان تاب تاب الله عليه، فان عاد فشربها لم تقبل له صلاة اربعين يوما، فان تاب تاب الله عليه، فان عاد فشربها في - الثالثة او الرابعة - كان حقا على الله ان يسقيه من طينة الخبال: قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال قال: عصارة اهل النار» .

واذا كانت صلاته تارة باطلة وتارة غير مقبولة، فانه يجب الانكار عليه باتفاق المسلمين، فمن لم ينكر عليه كان عاصيا لله ورسوله.

ومن منع المنكر عليه فقد حاد الله ورسوله، ففي سنن ابي داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في امره؛ ومن قال: في مومن ما ليس فيه، حبس في ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع» فالمخاصمون[عنه مخاصمون] في باطل، وهم في سخط الله، والحايلون ذلك الانكار عليه مضادون لله في امره، وكل من علم ولم ينكر عليه بحسب قدرته فهو عاص لله ورسوله، والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0