مسالة ان الله تعالى بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله

مسالة ان الله تعالى بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله

مسالة ان الله تعالى بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله
1046 - 22 وقال شيخ الاسلام قدس روحه: اعلم ان الله تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، واكمل لامته الدين، واتم عليهم النعمة، وجعله على شريعة من الامر، وامره ان يتبعها ولا يتبع سبيل الذين لا يعلمون، وجعل كتابه مهيمنا على ما بين يديه من الكتب، ومصدقا لها، وجعل له شرعة ومنهاجا، وشرع لامته سنن الهدى؛ ولن يقوم الدين الا بالكتاب والميزان والحديد.

كتاب يهدى به، وحديد ينصره، كما قال تعالى: {لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس}[الحديد: 25] فالكتاب به يقوم العلم والدين.

والميزان به تقوم الحقوق في العقود المالكية والقبوض.

والحديد به تقوم الحدود على الكافرين والمنافقين.

ولهذا كان في الازمان المتاخرة الكتاب للعلماء والعباد.

والميزان للوزراء والكتاب، واهل الديوان.

والحديد للامراء والاجناد.

والكتاب له الصلاة؛ والحديد له الجهاد؛ ولهذا كان اكثر الايات والاحاديث النبوية في الصلاة والجهاد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في عيادة المريض: «اللهم اشف عبدك يشهد لك صلاة؛ وينكا لك عدوا» .

وقال - عليه السلام - «راس الامر الاسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» .

ولهذا جمع بينهما في مواضع من القران؛ كقوله تعالى: {انما المومنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله}[الحجرات: 15] .

والصلاة اول اعمال الاسلام؛ واصل اعمال الايمان؛ ولهذا سماها ايمانا في قوله: {وما كان الله ليضيع ايمانكم}[البقرة: 143] اي صلاتكم الى بيت المقدس.

هكذا نقل عن السلف، وقال تعالى: {اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله}[التوبة: 19] وقال: {فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المومنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لايم}[المايدة: 54] فوصفهم بالمحبة التي هي حقيقة الصلاة كما قال: {محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا}[الفتح: 29] فوصفهم بالشدة على الكفار والضلال.

وفي الصحيح: «ان النبي - صلى الله عليه وسلم - سيل: اي العمل افضل؟ قال: ايمان بالله، وجهاد في سبيله فقيل: ثم ماذا؟ قال: ثم حج مبرور» .

مع قوله في الحديث الصحيح: لما ساله ابن مسعود: «اي العمل افضل؟ قال الصلاة في وقتها قال ثم ماذا؟ قال: بر الوالدين قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله» .

فان قوله " ايمان بالله " دخل في الصلاة؛ ولم يذكر في الاول بر الوالدين؛ اذ ليس لكل احد والدان.

فالاول مطلق والثاني مقيد بمن له ولدان.

ولهذا كانت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وساير خلفايه الراشدين ومن سلك سبيلهم من ولاة الامور - في الدولة الاموية والعباسية - ان الامام يكون اماما في هذين الاصلين جميعا: الصلاة، والجهاد.

فالذي يومهم في الصلاة يومهم في الجهاد، وامر الجهاد والصلاة واحد في المقام والسفر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - اذا استعمل رجلا على بلد: مثل عتاب بن اسيد على مكة، وعثمان بن ابي العاص على الطايف، وغيرهما: كان هو الذي يصلي بهم، ويقيم الحدود، وكذلك اذا استعمل رجلا على مثل غزوة؛ كاستعماله زيد بن حارثة، وابنه اسامة؛ وعمرو بن العاص، وغيرهم: كان امير الحرب هو الذي يصلي بالناس؛ ولهذا استدل المسلمون بتقديمه ابا بكر في الصلاة على انه قدمه في الامامة العامة.

وكذلك كان امراء " الصديق " - كيزيد بن ابي سفيان، وخالد بن الوليد، وشرحبيل بن حسنة.

وعمرو بن العاص وغيرهم - امير الحرب هو امام الصلاة.

وكان نواب " عمر بن الخطاب " كاستعماله على الكوفة عمار بن ياسر على الحرب والصلاة، وابن مسعود على القضاء وبيت المال، وعثمان بن حنيف على الخراج.

ومن هنا اخذ الناس ولاية الحرب، وولاية الخراج، وولاية القضاء، فان عمر بن الخطاب هو امير المومنين، فلما انتشر المومنون وغلبوا الكافرين على البلاد، وفتحوها، واحتاجوا الى زيادة في الترتيب: وضع لهم " الديوان " ديوان الخراج للمال المستخرج، وديوان العطاء والنفقات للمال المصروف، ومصر لهم الامصار: فمصر الكوفة والبصرة، ومصر الفسطاط؛ فانه لم يوثر ان يكون بينه وبين جند المسلمين نهر عظيم كدجلة والفرات والنيل؛ فجعل هذه الامصار مما يليه.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0