فصل المال الذي تجب فيه الزكاة
فصل المال الذي تجب فيه الزكاة
فَصْلٌ وَمَا سَمَّاهُ النَّاسُ دِرْهَمًا وَتَعَامَلُوا بِهِ تَكُونُ أَحْكَامُهُ أَحْكَامَ الدِّرْهَمِ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا يَبْلُغُ مِائَتَيْنِ مِنْهُ وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ ثَلَاثَةِ
دَرَاهِمَ مِنْهُ إلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ، قَلَّ مَا فِيهِ الْفِضَّةُ أَوْ كَثُرَ.
وَكَذَلِكَ مَا سُمِّيَ دِينَارًا وَنُقِلَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ: زَكَاةُ الْحُلِيِّ عَارِيَّتُهُ وَلِهَذَا تَنَازَعَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ هَلْ عَلَيْهَا أَنْ تُعِيرَهُ لِمَنْ يَسْتَعِيرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إذَا لَمْ تُخْرِجْ الزَّكَاةَ عَنْهُ أَنْ تُعِيرَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُكْرِيهِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَكِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْحِيَاضَةِ وَالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ مَكْرُوهَةٌ وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ لِعَدَمِ الْعُدُولِ عَنْ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ أَوْ زَرْعَهُ فَهُنَا إخْرَاجُ عُشْرِ الدَّرَاهِمِ يُجْزِئُهُ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَشْتَرِيَ تَمْرًا أَوْ حِنْطَةً فَإِنَّهُ قَدْ سَاوَى الْفَقِيرَ بِنَفْسِهِ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَمِثْلُ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي الْإِبِلِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَاةٌ فَإِخْرَاجُ الْقِيمَةِ كَافٍ وَلَا يُكَلَّفُ السَّفَرَ لِشِرَاءِ شَاةٍ أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّونَ طَلَبُوا الْقِيمَةَ لِكَوْنِهَا أَنْفَعَ لَهُمْ فَهَذَا جَائِزٌ، أَمَّا الْفُلُوسُ فَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا عَنْ النَّقْدَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهَا وَلَوْ كَانَتْ نَافِقَةً فَلَيْسَتْ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالدَّرَاهِمِ فِي الْعَادَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكْسُدُ
وَيَحْرُمُ الْمُعَامَلَةُ بِهَا وَلِأَنَّهَا أَنْقَصُ سِعْرًا.
وَلِهَذَا يَكُونُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ دُونَ الْبَيْعِ بِقِيمَتِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَغَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْكَسِرَةِ مَعَ الصِّحَاحِ وَالْبَهْرَجَةِ مَعَ الْخَالِصَةِ فَإِنَّ تِلْكَ إلَى النُّحَاسِ أَقْرَبُ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَخْرَجَ الْفُلُوسَ وَأَخْرَجَ التَّفَاوُتَ جَازَ عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ التَّفَاوُتِ فِيمَا بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمُنْكَسِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جُبْرَانَ الصِّفَاتِ كَجُبْرَانِ الْمِقْدَارِ لَكِنْ يُقَالُ
الْمُنْكَسِرَةُ مِنْ الْجِنْسِ وَالْفُلُوسِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيَنْتَفِي فِيهَا الْمَأْخَذُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَّا وَجْهَانِ إلَّا إذَا خَرَجَتْ بِقِيمَتِهَا فِضَّةٌ لَا بِسِعْرِهَا فِي الْعِوَضِ.