باب الوديعة
باب الوديعة
ِ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُودَعُ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ وَالْمُودَعُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ إنْ جَهِلَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَكَذَا الْمُرْتَهَنُ مِنْهُ وَهُوَ وَجْهٌ فِي
الْمَذْهَبِ، وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِيهَا الْمَيِّتُ وَقَالَ هِيَ لِفُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَتُهُ بَلْ هِيَ لَهُ وَلَيْسَتْ لِفُلَانٍ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمَيِّتِ وَلَا عَلَى الْإِيدَاعِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَفْتَيْت أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْيَدُ، وَإِذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ فَلِلْمُودِعِ قَبْضُ الْبَدَلِ لِأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ قَبْضَ الْعَيْنِ يَمْلِكُ قَبْضَ الْبَدَلِ كَالْوَكِيلِ وَأَوْلَى.
فَصْلٌ وَتَحْرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَةِ وَهِيَ الَّتِي اعْتَدَتْ خَمْسِينَ ذِرَاعًا وَلَوْ تُرِكَ جَمْدًا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى ذَابَ وَتَقَاطَرَ مَاؤُهُ فَقَصَدَ إنْسَانٌ إلَى ذَلِكَ الْقَطْرِ وَاسْتَلْقَاهُ فِي إنَاءٍ وَجَمَعَهُ وَشَرِبَهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ تَرَكَهُ لَضَاعَ ذِكْرُهُ أَوْ طَالَبَ فِي الِانْتِصَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَمَنْ اسْتَنْقَذَ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَهْلَكَةِ وَرَدَّهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا اسْتَنْقَذَ فَرَسًا لِلْعِيرِ وَمَرِضَ الْفَرَسُ بِحَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ فَيَجُوزُ بَلْ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَبِيعَهُ الَّذِي اسْتَنْقَذَهُ وَيَحْفَظَ الثَّمَنَ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلَهُ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
وَنَظَائِرِهَا.