باب عشرة النساء

باب عشرة النساء

باب عشرة النساء
ِ وَلَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَسَلَّمَ الزَّوْجَةَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لِيُحْصِنَهَا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ خَرَّجَهُمَا أَبُو بَكْرٍ أَنَّهَا إذَا اسْتَثْنَتْ بَعْضَ مَنْفَعَتِهَا الْمُسْتَحَقَّةِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ فِي الْأَمَةِ التَّسْلِيمَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِذَا اشْتَرَطَ فِي الْأَمَةِ أَنْ تَكُونَ نَهَارًا عِنْدَ السَّيِّدِ وَقُلْنَا: إنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ أَوْ لَمْ نَقُلْ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لِلسَّيِّدِ لَا عَلَيْهِ كَاشْتِرَاطِهَا دَارَهَا وَهُوَ شَرْطٌ لَهُ وَعَلَيْهِ وَلَوْ خَرَجَ هَذَا عَلَى اشْتِرَاطِ دَارِهَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَتْ دَارَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ تِلْكَ الدَّارِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا وَإِذَا كَانَ مُوجِبُ الْعَقْدِ مِنْ التَّقَابُضِ مَرَدَّهُ إلَى الْعُرْفِ فَلَيْسَ الْعُرْفُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَلَّمُ إلَيْهِ صَغِيرَةً وَلَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ. وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَدَنِهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إذْ النَّفَقَةُ تَتْبَعُ الِانْتِفَاعَ. وَتَجِبُ خِدْمَةُ زَوْجِهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ وَيَتَنَوَّعُ ذَلِكَ بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ فَخِدْمَةُ الْبَدْوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الْقَرَوِيَّةِ وَخِدْمَةُ الْقَوِيَّةِ لَيْسَتْ كَخِدْمَةِ الضَّعِيفَةِ وَقَالَهُ الْجُوزَجَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَيَتَخَرَّجُ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ لِحَاجَتِهِ إلَى الْخِدْمَةِ لَا إلَى الِاسْتِمْتَاعِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْإِذْنِ لِلذِّمِّيَّةِ بِالْخُرُوجِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلْمُسْلِمَةِ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي إنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ ذِمِّيَّةً فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْكَنِيسَةِ وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ فَإِذَا نَهَاهَا لَمْ تَخْرُجْ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ شُهُودِ جِنَازَتِهِ فَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَهَلْ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ وَلَمْ يَمْنَعْ كَعَمَلِ الصِّنَاعَةِ أَوْ لَا تَفْعَلَ إلَّا بِإِذْنٍ كَالصِّيَامِ، تَرَدَّدَ فِيهِ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الْقُبْلَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الزَّوْجَةِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَمَا أَرَاهُ صَحِيحًا بَلْ تُجْبَرُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمُبَاحَةِ وَلَوْ تَطَاوَعَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ أَصْحَابُنَا وَعَلَى قِيَاسِهِ الْمُطَاوَعَةُ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ. وَتَهْجُرُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي الْمَضْجَعِ لِحَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَيَنْبَغِي أَنْ تَمْلِكَ النَّفَقَةَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الصَّدَاقِ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْءُ امْرَأَتِهِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا مَا لَمْ يُنْهِكْ بَدَنَهُ أَوْ تَشْغَلْهُ عَنْ مَعِيشَتِهِ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَالْأَمَةِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ كَالنَّفَقَةِ وَكَوَطْئِهِ إذَا زَادَ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّرَ قَسْمُ الِابْتِدَاءِ الْوَاجِبِ كَمَا لَا يَتَقَدَّرُ الْوَطْءُ بَلْ يَكُونُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَوَازُ التَّزَوُّجِ بِأَرْبَعٍ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ يَكُونُ لَهَا حَالَ الِانْفِرَادَ مَا لَهَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ وَعَلَى هَذَا فَتُحْمَلُ قِصَّةُ كَعْبِ بْنِ سَوْرٍ عَلَى أَنَّهُ تَقْدِيرُ شَخْصٍ لَا يُرَاعَى كَمَا لَوْ فَرَضَ النَّفَقَةَ وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَبِيتُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ وَهَذَا الْمَبِيتُ يَتَضَمَّنُ سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْمُجَامَعَةُ فِي الْمَنْزِلِ وَالثَّانِيَةُ فِي الْمَضْجَعِ وقَوْله تَعَالَى {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}[النساء: 34] مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا يَهْجُرُ إلَّا فِي الْمَضْجَعِ» دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ فِي الْمَضْجَعِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَهْجُرُ الْمَنْزِلَ. وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ فِي الْمَضْجَعِ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي النُّشُوزِ إذَا نَشَزَتْ هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَحُصُولُ الضَّرَرِ لِلزَّوْجَةِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ بِقَصْدٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ وَعَجْزِهِ كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى لِلْفَسْخِ بِتَعَذُّرِهِ فِي الْإِيلَاءِ إجْمَاعًا وَعَلَى هَذَا فَالْقَوْلُ فِي امْرَأَةِ الْأَسِيرِ وَالْمَحْبُوسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ تَعَذَّرَ انْتِفَاعُ امْرَأَتِهِ بِهِ إذَا طَلَبَتْ فُرْقَتَهُ كَالْقَوْلِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ وَعِنْدَ الْأَمَةِ لَيْلَةً مِنْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ وَيُتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يَجِبُ لِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ إنَّمَا هُوَ فِي قَسْمِ الِابْتِدَاءِ فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِأَرْبَعِ إمَاءٍ فَهُنَّ فِي غَايَةِ عَدَدِهِ فَتَكُونُ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي قَسْمِ الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا قَسْمُ التَّسْوِيَةِ فَيَخْتَلِفَانِ إذَا جَوَّزْنَا لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ثَلَاثِ حَرَائِرَ وَأَمَةٍ فِي رِوَايَةٍ وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَقْسِمُ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً مِنْ لَيْلَتَيْنِ وَالْأَمَةِ لَيْلَةً مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ. أَنْ يَجْمَعَ عِنْدَهُ أَرْبَعًا عَلَى قَوْلِنَا وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُتَصَوَّرُ. قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ لِلْمَعِيبَةِ كَالْبَرْصَاءِ وَالْجَذْمَاءِ إذَا لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ وَكَذَلِكَ عَلَيْهِمَا تَمْكِينُ الْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَكِنْ إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِذَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا فَلَهَا الْفَسْخُ وَيَكُونُ الْمُثْبِتُ لِلْفَسْخِ هُنَا عَدَمَ وَطْئِهِ فَهَذَا يَقُودُ إلَى وُجُوبِهِ وَيُنْفِقُ عَلَى الْمَجْنُونِ الْمَأْمُونِ وَلِيُّهُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ مَنْ يَمْلِكُ الْوِلَايَةَ عَلَى بَدَنِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْحَضَانَةَ فَاَلَّذِي يَمْلِكُ تَعْلِيمَهُ وَتَأْدِيبَهُ الْأَبُ ثُمَّ الْوَصِيُّ. قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَأْثَمُ إنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَقْتَ قَسْمِهَا وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ مَجِيءِ نَوْبَتِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ لَهُ الطَّلَاقَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَسْمَ إنَّمَا يَجِبُ مَا دَامَتْ زَوْجَةً كَالنَّفَقَةِ وَلَيْسَ هُوَ شَيْءٌ هُوَ مُسْتَقَرٌّ فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتِهِ حَتَّى يُقَالَ هُوَ دَيْنٌ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَقْسِمْ لَهَا حَتَّى خَرَجَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ كَانَ عَاصِيًا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا عَنْ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الشِّتَاءِ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِيِ الصَّيْفِ كَانَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِأَجْلِ تَفَاوُتٍ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي النَّفَقَةِ وَكَلَامُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْكُسْوَةُ. قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ الزَّوْجَةُ عِوَضًا عَنْ حَقِّهَا مِنْ الْمَبِيتِ وَكَذَا الْوَطْءُ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا مِنْ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ الْعِوَضَ عَنْ حَقِّهِ مِنْهَا جَازَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ الْعِوَضَ عَنْ حَقِّهَا مِنْهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَنْفَعَةٌ بَدَنِيَّةٌ. وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَبْذُلَ الْمَرْأَةُ الْعِوَضَ لِيَصِيرَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَلِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَ كَمَا يَسْتَحِقُّ الزَّوْجُ حَبْسَهَا وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الرِّقِّ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ وَقَدْ تُشْبِهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الصُّلْحَ عَنْ الشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَلَوْ سَافَرَ بِإِحْدَاهُنَّ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ قَالَ أَصْحَابُنَا يَأْثَمُ وَيَقْضِي وَالْأَقْوَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. وَإِذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ وَلِيُّهَا أَنَّ الزَّوْجَ يَظْلِمُهَا، وَكَانَ الْحَاكِمُ وَلِيَّهَا وَخَافَ ذَلِكَ، نَصَّبَ الْحَاكِمُ مُشْرِفًا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمَسْأَلَةُ نَصْبِ الْمُشْرِفِ لَمْ يَذْكُرْ الْخِرَقِيِّ وَالْقُدَمَاءُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ إذَا وَقَعَتْ الْعَدَاوَةُ وَخِيفَ الشِّقَاقُ بُعِثَ الْحَكَمَانِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نَصْبِ مُشْرِفٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكَمَاءُ أَجْنَبِيَّيْنِ وَيَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِهِمَا وَوُجُوبُ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِهِمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَهُ كَمَا اشْتَرَطَ الْأَمَانَةَ وَهَذَا أَصَحُّ فَإِنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ وَلِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَخْبَرُ بِالْعِلَلِ الْبَاطِنَةِ وَأَقْرَبُ إلَى الْأَمَانَةِ وَالنَّظَرِ فِي الْمَصْلَحَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ نَظَرٌ فِي الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ وِلَايَةِ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا سِيَّمَا إنْ جَعَلْنَاهُمَا حَاكِمَيْنِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَهَلْ لِلْحَكَمَيْنِ إذَا قُلْنَا هُمَا حَاكِمَانِ لَا وَكِيلَانِ أَنْ يُطَلِّقَا ثَلَاثًا أَوْ يَفْسَخَا كَمَا فِي الْمُوَلَّى قَالُوا هُنَاكَ لَمَّا قَامَ مَقَامَ الزَّوْجِ فِي الطَّلَاقِ مَلَكَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ فَيُتَوَجَّهُ هُنَا كَذَلِكَ إذَا قُلْنَا هُمَا حَاكِمَانِ وَإِنْ قُلْنَا وَكِيلَانِ لَمْ يَمْلِكَا إلَّا مَا وُكِّلَا فِيهِ وَأَمَّا الْفَسْخُ، فَلَا يُتَوَجَّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَاكِمًا أَصْلِيًّا.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0