باب الدعاوى
باب الدعاوى
وَيَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ فِسْقِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَدَالَتِهِ فَلَيْسَ كُلُّ مُدَّعًى عَلَيْهِ يُرْضَى مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَلَا كُلُّ مُدَّعٍ يُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى
بِهِ إذَا كَانَ كَبِيرَةً وَالْمَطْلُوبُ لَا تُعْلَمُ عَدَالَتُهُ فَمَنْ اسْتَحَلَّ أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَسْرِقَ اسْتَحَلَّ أَنْ يَحْلِفَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ خَوْفِ الْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ وَيُرَجَّحُ بِالْيَدِ الْعُرْفِيَّةِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْخَشْيَةِ أَوْ عَدَمِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَمِنْ شَاهِدِ الْحَالِ مَعَهُ كَانَ ذَلِكَ لَوْنًا فَيَحْكُمُ لَهُ بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى أَوْ اتَّهَبَ مِنْ زَيْدٍ عَبْدَهُ وَادَّعَى آخَرُ وَكَذَلِكَ
أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَأَقَامَ بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ صَحَّحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَإِلَّا تَعَارَضَتَا فَيَتَسَاقَطَانِ أَوْ يَقْتَسِمُ أَوْ يَقْرَعُ عَلَى الْخِلَافِ وَعَنْ أَحْمَدَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعِتْقِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْأَصْوَبُ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمْ يَتَعَارَضَا فَإِنَّهُ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدَانِ لَكِنْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ الْمَرْأَةَ وَجُهِلَ السَّابِقُ فَإِمَّا أَنْ يُقْرَعَ أَوْ يَبْطُلَ الْعَقْدَانِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْوَلِيَّ أَجَّرَ حِصَّتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، وَبَيِّنَةٌ بِنِصْفِهَا أَخَذَ بِأَعْلَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ
أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ صَبِيٍّ أَلْفًا وَشَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الصَّبِيِّ أَلْفًا لَزِمَ الْوَلِيُّ أَنْ يُطَالِبَهُمَا بِالْأَلْفَيْنِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَلْفٍ بِعَيْنِهَا فَيَطْلُبُ الْوَلِيُّ أَلْفًا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْوَاجِبُ أَنْ يُقْرَعَ هُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُضَمَّنًا نَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ فِي عَبْدٍ شَهِدَ لَهُ رَجُلَانِ بِأَنَّ مَوْلَاهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ لِمَوْلَاهُ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ يُعْتِقُ الْعَبْدَ وَيَحْلِفُ لِمَوْلَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِأَلْفٍ قَالَ الْقَاضِي فَقَدْ نَصَّ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي قَدْرِ الْعِوَضِ الَّذِي وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: بَلْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْأَكْبَرِ لِاخْتِلَافِهِمَا كَمَا لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ بِالْقِيمَةِ الْكَثِيرَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمِنْ تَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِالْمَكَانِ عِنْدَ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ بَلْ السُّنَّةُ أَنْ تُغَلَّظَ الْيَمِينُ فِيهَا كَمَا تُغَلَّظَ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ.
وَالتَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَاللَّفْظِ لَا يُسْتَحَبُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَيُسْتَحَبُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ مُطْلَقًا وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ التَّغْلِيظُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ يُسْتَحَبُّ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ مَصْلَحَةً .
وَمَتَى قُلْنَا التَّغْلِيظُ مُسْتَحَبٌّ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ مَصْلَحَةً فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ الْخَصْمُ صَارَ نَاكِلًا وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وِفَاقًا