فصل شهادة الاخرس
فصل شهادة الاخرس
فَصْلٌ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ مَنْ كَانَ أَخْرَسَ فَهُوَ أَصَمُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَتَبَهَا قَالَ لَمْ يَبْلُغُنِي فِي هَذَا شَيْءٌ وَاخْتَارَ
الْجَدُّ قَبُولَ الْكِتَابَةِ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَوْلُ أَحْمَدَ فَهُوَ أَصَمُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ سَمْعِهِ فَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَا رَآهُ قَالَ الْأَصْحَابُ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الْمَسْمُوعَاتِ وَفِي مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ إذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إلَّا بِعَيْنِهِ فَوَجْهَانِ.
وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ إذَا تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ بِهِ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ حَبْسٍ يَشْهَدُ الْبَصِيرُ عَلَى حِلِّيَّتِهِ إذْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَعَذَّرَتْ الرُّؤْيَةُ مِنْ الشَّاهِدِ فَأَمَّا الشَّاهِدُ نَفْسُهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ رَآهُ وَكَتَبَ صِفَتَهُ أَوْ ضَبَطَهَا ثُمَّ رَأَى شَخْصًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ هَذَا أَبْعَدُ وَهُوَ شَبِيهٌ بِخَطِّهِ إذَا رَآهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ.
قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ قَالَ الْأَعْمَى أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى هَذَا شَيْئًا وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ أَوْ شَهِدَ الْبَصِيرُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَلَمْ يَدْرِ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لَمْ يَصِحَّ وَذِكْرُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ صَوْتَهُ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ أَدَاءً كَمَا تَصِحُّ تَحَمُّلًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حِينَ التَّحَمُّلِ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا إذَا سَمَّاهُ وَنَسَبَهُ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ وَعَلَى هَذَا فَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عَلَى مَنْ سَمِعَ صَوْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ
وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهِ إذَا سَمِعَ صَوْتَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظَةُ أَشْهَدُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَحْمَدَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَقُولُ عَلَى أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ، وَلَا أَشْهَدُ فَقَالَ أَحْمَدُ: مَتَى قُلْت، فَقَدْ شَهِدْت وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ لِأَحْمَدَ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالشَّهَادَةِ فِي أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ لَا.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ قَالَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعِلْمُ شَهَادَةٌ وَزَادَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف: 86] وَقَالَ وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بِمَا عَلِمْنَا، وَقَالَ الْمَرْوَزِيِّ أَظُنُّ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ هَذَا جَهْلٌ أَقُولُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَشْهَدُ أَنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَلَا أَعْلَمُ نَصًّا يُخَالِفُ هَذَا وَلَا يُعْرَفُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبْقُ الْحَقِّ إجْمَاعًا، وَيَعْرِضُ فِي الشَّهَادَةِ إذَا خَافَ الشَّاهِدُ مِنْ إظْهَارِ الْبَاطِنِ ظُلْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ التَّعْرِيضُ فِي
الْحُكْمِ إذَا خَافَ الْحَاكِمُ مِنْ إظْهَارِ الْأَمْرِ وُقُوعَ الظُّلْمِ، وَكَذَلِكَ التَّعْرِيضُ فِي الْفَتْوَى، وَالرِّوَايَةُ كَالْيَمِينِ وَأَوْلَى إذْ الْيَمِينُ خَبَرٌ وَزِيَادَةٌ