الوجه التاسع والستون كان الباري عالما بالعلم الواحد بجملة المعلومات غير المتناهية

الوجه التاسع والستون كان الباري عالما بالعلم الواحد بجملة المعلومات غير المتناهية

الوجه التاسع والستون كان الباري عالما بالعلم 
الواحد بجملة المعلومات غير المتناهية
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ: أَنْ يُقَالَ هُوَ قَالَ إذَا كَانَ الْبَارِي عَالِمًا بِالْعِلْمِ الْوَاحِدِ بِجُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخْبِرًا بِالْخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ الْمُخْبَرَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَاتِ. فَيُقَالُ لَهُ: هَبْ أَنَّ هَذَا ثَبَتَ فِي كَوْنِ الْخَبَرِ وَاحِدًا فَلِمَ قُلْت إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ عَنْ الْمُخْبَرَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ هُوَ بِعَيْنِهِ الْأَمْرُ بِالْمَأْمُورَاتِ وَالتَّكْوِينِ لِلْمُكَوِّنَاتِ غَيْرِ الْمُتَنَاهِيَةِ، فَهَبْ أَنَّ الْخَبَرَ يُقَاسُ بِالْعِلْمِ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ هُوَ نَفْسَ الْأَمْرِ؟ . الْوَجْهُ السَّبْعُونَ: إنَّ الْأَصْلَ الَّذِي يُقَاسُ عَلَيْهِ وَشَبَّهَ بِهِ مَنْ الْإِمْكَانِ، وَهُوَ الْعِلْمُ أَصْلٌ غَيْرُ مَدْلُولٍ عَلَيْهِ، فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ لَيْسَ لَهُ إلَّا عِلْمٌ وَاحِدٌ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَعَدَّدُ، وَهَذَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا قَالَهُ إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِإِجْمَاعٍ وَلَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ}[البقرة: 255] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُحَاطُ بِبَعْضِ عِلْمِهِ لَا بِكُلِّهِ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}[آل عمران: 61] . وَقَدْ احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فَجَعَلُوهُ بَعْضَ عِلْمِ اللَّهِ فَمَنْ الَّذِي يَقُولُ إنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُ بَعْضٌ وَلَا جُزْءٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ عُمْدَةٌ إلَّا مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ إمَامُ الْقَوْمِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ، فَإِنَّهُ اعْتَمَدَ فِيهَا إجْمَاعًا ادَّعَاهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَدَّعِي إجْمَاعَاتٍ لَا حَقِيقَةَ لَهَا كَدَعْوَاهُ إجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ بِكَوْنِهِمْ لَمْ يَأْمُرُوا الظَّلَمَةَ بِالْإِعَادَةِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ اُسْتُفْتُوا فِي إعَادَةِ الظَّلَمَةِ مَا صَلَّوْهُ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ فَأَفْتَوْهُمْ بِإِجْزَاءِ الصَّلَاةِ، لَكِنْ أَهْلُ الْكَلَامِ كَثِيرُو الِاحْتِجَاجِ مِنْ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ بِالْحُجَجِ الدَّاحِضَةِ، وَلِهَذَا كَثُرَ ذَمُّ السَّلَفِ لَهُمْ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى وَحْدَةِ عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ. فَقَالَ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي وَحْدَةِ عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ نَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الشَّامِلِ عَنْ أَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيِّ مِنَّا أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِعُلُومٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِعِلْمٍ وَاحِدٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ وَاحِدَةٍ مَرِيدٌ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ عَوَّلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ فَقَالَ الْقَائِلُ قَائِلَانِ، قَائِلٌ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْعِلْمِ قَادِرٌ بِالْقُدْرَةِ، وَقَائِلٌ يَقُولُ لَيْسَ اللَّهُ عَالِمًا بِالْعِلْمِ وَلَا قَادِرًا بِالْقُدْرَةِ، وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ إنَّهُ عَالِمٌ بِعِلْمٍ وَاحِدٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِعِلْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا ثَالِثًا خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ. قَالَ وَأَمَّا الصُّعْلُوكِيُّ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِهَذَا الْإِجْمَاعِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ، قُلْت هَذَا الْإِجْمَاعُ مُرَكَّبٌ مِنْ جِنْسِ الْإِجْمَاعِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الرَّازِيّ عَلَى قِدَمِ الْمَعْنَى الَّذِي ادَّعَوْهُ أَنَّهُ هُوَ الْكَلَامُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إجْمَاعٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا هُوَ إجْمَاعُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ لَوْ صَحَّ فَكَيْفَ وَقَدْ حَكَى أَبُو حَاتِمٍ التَّوْحِيدِيُّ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ يُثْبِتُ عُلُومًا لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالسَّلَفُ الَّذِينَ أَثْبَتُوا عِلْمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ لَيْسَ مَقْصُودُهُمْ بِذَلِكَ مَا يَقْصِدُهُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَعْضَ لَهُ، بَلْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُعْلَمُ بَعْضُ عِلْمِ اللَّهِ وَلَا يُعْلَمُ بَعْضُهُ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ مِنْ نَفْيِ التَّبْعِيضِ الَّذِي اخْتَصُّوا بِنَفْيِهِ كَاَلَّذِينَ خَالَفُوهُمْ مِنْ الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ إمَامُ الطَّائِفَةِ وَلِسَانُهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ وَحْدَةِ الْعِلْمِ إلَّا بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي ادَّعَاهُ يُبَيِّنُ لَك أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يَمْنَعُ تَعَدُّدَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَكَلَامِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ، وَكَذَلِكَ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَبُو الْمَعَالِي وَالرَّازِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حُذَّاقِ الْقَوْمِ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ فُورَكٍ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعَقْلَ يُوجِبُ اتِّحَادَ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ ذَلِكَ. الْوَجْهُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: أَنَّ إمَامَهُمْ الْمُتَأَخِّرَ وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ اعْتَرَفَ فِي أَجَلِّ كُتُبِهِ أَنَّ الْقَوْلَ بِكَوْنِ الطَّلَبِ هُوَ الْخَبَرَ هُوَ بَاطِلٌ عَلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِ الْحَالِ، وَنَفْيُ الْحَالِ هُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ وَتَحْقِيقُهُمْ وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَبُو الْمَعَالِي فِي آخِرِ عُمْرِهِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْحَالِ فَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِإِمْكَانِهِ وَلَا امْتِنَاعِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ لَفْظِهِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي قَالُوهُ مُمْتَنِعُ الْعَقْلِ عِنْدَ مُحَقِّقِيهِمْ وَهُمْ نُفَاةُ الْحَالِ. وَأَمَّا عِنْدَ مُثْبِتِي الْحَالِ عِنْدَهُمْ فَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ مُمْكِنٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا نَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ فَتَبَيَّنَ أَنْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ عَلَى إمْكَانِ صِحَّةِ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَعْنًى وَاحِدٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاقِعَ إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا أَمْكَنَ فِي الذِّهْنِ كَانَ هُوَ الْوَاقِعَ فَإِنَّهُ إذَا جَازَ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ صِفَةً وَاحِدَةً وَجَازَ أَنْ يَكُونَ صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةً فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يُبَيِّنُ ثُبُوتَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَكَيْفَ إذَا قَالَ النَّاسُ لَهُمْ إنَّهُ مُمْتَنِعٌ لَمْ يَذْكُرُوا دَلِيلًا عَلَى إمْكَانِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: إنَّا نُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْحَالِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِهِ فَإِنَّ الرَّازِيَّ إنَّمَا تَوَقَّفَ لِأَنَّهُ قَالَ، وَأَمَّا إنْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَالِ فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي الْحَقَائِقِ الْكَثِيرَةِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَتَّصِفَ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً إلَّا بَطَلَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ، قَالَ وَأَنَا إلَى الْآنَ لَمْ يَتَّضِحْ لِي فِيهِ دَلِيلٌ لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، فَيُقَالُ لِهَذَا هَذِهِ أُغْلُوطَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ هَبْ أَنَّ وُجُودَ كُلِّ شَيْءٍ زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ فِي الْخَارِجِ وَهَبْ أَنَّا سَلَّمْنَا لَهُ مَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ اتِّصَافُ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ فَهَذَا لَا يُثْبِتُ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ أَنْ تَكُونَ الْحَقَائِقُ الْمُخْتَلِفَةُ لَهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَكُونُ الْحَقَائِقُ الْمُخْتَلِفَةُ مَوْصُوفَةً بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ الْحَالُ الَّتِي هِيَ الْوُجُودُ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ الْحَقَائِقُ الْمُخْتَلِفَةُ شَيْئًا وَاحِدًا، وَأَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ فِي نَفْسِهَا حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك ضَعْفُ قَوْلِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ اتِّصَافِ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً وَإِلَّا بَطَلَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ اتِّصَافَ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَلِفَةِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ غَيْرُ كَوْنِ الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ هِيَ فِي نَفْسِهَا حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا صِفَةً لِحَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ وَبَيْنَ كَوْنِهَا فِي نَفْسِهَا حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةً أَمْرٌ وَاضِحٌ بَيِّنٌ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَهُ مَا قَالَ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ تَتَّصِفُ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْوُجُودَ الْوَاحِدَ الثَّابِتَ فِي الْخَارِجِ هُوَ فِي نَفْسِهِ حَقَائِقُ مُخْتَلِفَةٌ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إنَّ نَفْسَ الطَّلَبِ هُوَ نَفْسُ الْخَبَرِ فَيَجْعَلُونَ الْحَقِيقَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ شَيْئًا وَاحِدًا، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ. وَإِنْ قِيلَ إنَّ لَهُمَا وُجُودًا وَاحِدًا زَائِدًا عَلَى حَقِيقَتِهِمَا فَإِنَّ فَسَادَ كَوْنِ الْحَقِيقَتَيْنِ شَيْئًا وَاحِدًا مَعْلُومٌ بِالْبَدِيهَةِ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ الْحَقَائِقَ الْمُخْتَلِفَةَ كَالْأَعْرَاضِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّ وُجُودَهَا زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهَا وَاحِدًا فَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا وَاحِدَةٌ

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0