مبحث الخلع طلاق بائن لا فسخ والفرق بين الفسخ والطلاق

كتاب الطلاق

مبحث الخلع طلاق بائن لا فسخ والفرق بين الفسخ والطلاق
-قد عرفت من تفصيل المذاهب المتقدم أن ألفاظ الخلع تنقسم إلى قسمين: منها ما هو خلعت رجلك بكذا، ونوى الطلاق فإنه يكون طلاقاً فتطلق كما تقدم إيضاحه في التعريف.

رابعها: أن لا يعلقه على شرط، فإذا قال لها: إن بذلت لي كذا فقد خلعتك فإن الخلع لا يصح ولو بذلت له ما سماه بخلاف الطلاق فإنه يصح تعليقه.

فإذا قال لزوجته: إن أعطيتني هذا الجمل فأنت طالق، فأعطته إياه طلقت، ولو وجده معيباً لا يصح له رده أما إن يظهر أنه مغصوب فلا يقع الطلاق، والمراد بإعطائه أن تخلي بينه وبين الجمل ليملكه، وبعضهم يقول: لا بد من أن تقول له: ملكتك هذا الجمل، لأن فعلها غير كاف في التمليك، وهل يصح الخلع مع الشرط أو لا؟ والجواب: نعم يصح ويلزم العوض، فإذا قال لها: خلعتك بكذا على أن يكون لي الحق في الرجعة، وقبلت فإن الخلع يصح ويبطل الشرط.

فلا يكون له الحق في الرجعة، ومثل ذلك ما إذا شرط الخيار، كما إذا قال لها: خالعتك بكذا على أن يكون لي الخيار أو لك الخيار ثلاثة أيام أو أقل أو أكثر، فإن الخلع يصح والخيار يبطل، فيقع الخلع فوراً وله الحق في العوض.

ويصح الخلع مع البيع، فإذا قالت لزوجها: بعني هذا الجمل، وطلقني بمائة، فإنه يصح إذا قال لها: قبلت في المجلس، ويكون ذلك بيعاً، وخلعاً.

لأن كلاً منهما يصح مفرداً فصحا مجتمعين، ثم ينظر إلى المبلغ بالنسبة لصداقها المسمى في عقد الزواج، فإن كان خمسين جعل عوض الخلع خمسين وثمن الجمل خمسين، فإذا وجدت بالجمل عيباً وردته به رجعت بالخمسين التي خصته.

وإن كان مهرها أكثر نقص بقدر ذلك من ثمن الجمل، وعلى هذا القياس، ولا بد من مطابقة القبول للإيجاب فيما يوافق غرض الموجب، فإذا قالت له: اخلعني بألف، فقال طلقتك لم يستحق الألف لأنه أوقع طلاقاً لم تطلبه، فلم يتحقق الخلع الذي بذلت فيه العوض، وهذا بخلاف ما إذا قالت له: طلقني واحدة بألف أو على ألف، ونحو ذلك فطلقها ثنتين، أو ثلاثاً فإنه يستحق الألف، لأنه أتى بغرضها وزيادة وإذا قالت له: طلقني واحدة بألف، فقال: أنت طالق وطالق، وطالق، فإنها تبين بالأولى، لأنها في مقابلة عوض فلم يلحقها ما بعدها، فإن قال أنت طالق.

وطالق بألف وقعت الأولى رجعية فتلحقها الثانية، لأن البائن يلحق الرجعي ولغت الثالثة، أما إن ذكر - بألف - عقب الثالثة فقط، فإنها تطلق ثلاثاً.

وإذا قالت له: طلقني ثلاثاً بألف فقال: قبلت واحدة أو اثنتين، فإنه لا يستحق شيئاً ووقعت رجعية، وإن قال لها: أنت طالق ثلاثاً بألف، فقالت: قبلت واحدة بألف وقع الثلاث أما إذا قالت قبلت واحدة بخمسمائة، أو قبلت الثلاث بخمسمائة فإنه لم يقع شيء، لأن الشرط لم يوجد) .

صريح منها ما هو كناية، فالصريح يقع به طلاق بائن بدون نية، والكناية يقع بها طلاق بائن بالنية، على ما هو موضح في كناية الطلاق في المذاهب ثم إذا نوى به الطلاق الثلاث، فإنها تلزمه، وكذا إذا نوى به طلقتين فإنهما يلزمانه، وعلى كل حال فالخلع يترتب عليه طلاق يحسب من عدد الطلقات الثلاث التي يملكها، فليس هو مجرد فسخ ، وذلك لأن الفرقة بين الزوجين تارة تكون طلاقاً.

وتارة تكون فسخاً، فالفرقة بالطلاق هي حل عصمة الزوجية بلفظ الطلاق الصريح.

أو الكناية، ومنها الخلع، وهو إن كان بلفظ الخلع كان طلاقاً صريحاً.

وكذا إذا كان بلفظ الطلاق على مال، وإلا كان كناية، كما تقدم إيضاحه، ومنها فرقة الإيلاء، فإذا حلف الرجل أن لا يقرب زوجته ينتظر لها أربعة أشهر، فإذا لم يحنث ويقربها يؤمر بقربانها من القاضي، فإن لم يفعل طلقت منه على التفصيل الآتي في بابه، ومنها غير ذلك مما هو مفصل في المذاهب .

(الحنفية - قالوا: إذا نوى بالخلع ثلاثاً فإنه يلزم به، أما إذا نوى به ثنتين فلا يلزمه إلا واحدة، وقد تقدم تعليل ذلك في مبحث الكناية فارجع إليه) .

(الحنابلة - قالوا: إن الخلع فسخ لا طلاق، فلا ينقص به عدد الطلقات ما لم يكن بلفظ الطلاق.

أو ينوي به الطلاق، كما تقدم إيضاحه في مذهبهم، وقالوا أيضاً: إن الإيلاء منوط بالحاكم فإن شاء طلق وإن شاء فسخ) .

(الحنفية - قالوا: بين الزوجين تارة تكون فسخاً.

وتارة تكون طلاقاً، فتكون فسخاً في مواضع: منها تباين الدار حقيقة وحكماً، ومعنى ذلك أن يترك أحد الزوجين الحربيين دار الحرب إلى دار الإسلام مسلماً أو ذمياً، فإذا فعل ذلك بانت منه امرأته أما المستأمن، وهو الذي يدخل دار الإسلام بأمان لتجارة ونحوها بنية العودة إلى بلاده، فإن امرأته لا تبين منه، وقد تقدم بيان ذلك في صحيفة 196، ومنها فساد العقد بسبب من الأسباب كما إذا تزوجها بغير شهود.

أو إلى مدة معينة.

أو نحو ذلك، مما تقدم تفصيله في النكاح الفاسد ففي هذه الحالة تجب الفرقة بينهما وتكون فسخاً لا طلاقاً، ومنها أن يفعل ما يوجب حرمة المصاهرة بأصول المرأة الاناث وفروعها، كأن يقبل بنت زوجته بشهوة.

أو أمها.

أو نحو ذلك، مما هو مفصل في مبحث ما يوجب حرمة المصاهرة، صحيفة 62 وما بعدها، وكذا إذا فعلت الزوجة ما يوجب حرمة المصاهرة مع أصوله، أو فروعه الذكور، كتقبيل ابن زوجها البالغ بشهوة، ونحوه، ومنها إسلام أحد الزوجين الكافرين في دار الحرب، فإذا أسلمت الزوجة وهي في دار الحرب تبين من زوجها الكافر بعد ثلاث حيض كما تقدم في صحيفة 194 وما بعدها، ومنها أن ترضع الزوجة ضرتها الصغيرة، فإنها تصبح أمها في الرضاع، فتبين منه هي ومن أرضعتها وهذه البينونة فسخ لا طلاق لأنهما يحرمان عليه مؤبداً.

ومنها أن يرتد أحد الزوجين، فإنه إذا وقع ذلك بانت منه امرأته فسخاً لا طلاقاً كما تقدم بيانه في صحيفة 199، أم الفرقة بالطلاق فهي في مواضع الطلاق بالجب.

والعنة، وقد تقدم بيانه في مبحث العيوب.

ثانيها: الفرقة بالإيلاء.

ثالثها: الفرقة باللعان.

رابعها: بصريح الطلاق وكنايته على ما تقدم إيضاحه.

الشافعية - قالوا: تنقسم فرقة النكاح في الحياة إلى قسمين: طلاق.

وفسخ، فالطلاق أربعة أنواع: الأول: ألفاظ الطلاق صريحة.

وكناية.

الثاني: الخلع.

الثالث: فرقة الإيلاء.

الرابع: فرقة الحكمين، فإذا وكل الزوج حكمين في تطليق امرأته أو وكلتهما الزوجة في طلاقها بعوض مالي ففعلا، فإنه يكون طلاقاً لا فسخاً.

أما الفرقة بالفسخ فهي أمور: منها الفرقة بسبب إعسار الزوج عن دفع الصداق أو النفقة والكسوة والمسكن بعد إمهاله ثلاثة أيام وقد عرفت أن الفسخ بسبب الإعسار من المهر إنما يكون قبل الوطء، كما تقدم بيانه في صحيفة 148، ومنها فرقة اللعان الآتي بيانه، ومنها فرقة العيب المتقدم تفصيله في بابه، ومنها فرقة الوطء بشبهة، وقد تقدم بيانه في صحيفة 112 مبحث الوطء بشبهة، ومنها الفرقة بسبي أحد الزوجين، وقد تقدم بيانه في صحيفة 197، ومنها فرقة إسلام أحد الزوجين الكافرين، وتقدم إيضاحها في صحيفة 193 ومنها ردة منه أو منها وتقدم في صحيفة 207، ومنها إذا أسلم الكافر وتحته أختان، وتقدم في صفحة 192، ومنها فرقة عدم الكفاءة وتقدمت في مبحث الكفاءة، ومنها فرقة الانتقال من دين لآخر، كالانتقال من اليهودية للنصرانية وبالعكس ومنها فرقة الرضاع بشروطه المتقدمة.

المالكية - قالوا: الفرقة بين الزوجين تارة تكون طلاقاً، وتارة تكون فسخاً، فتكون طلاقاً فيما يلي: - 1 - في كل عقد فاسد مختلف فساده كنكاح الشغار.

ونكاح السر.

والنكاح بدون ولي ونحو ذلك مما تقدم، فكل عقد فاسد عند المالكية صحيح عند غيرهم فإنه يفسخ بطلاق يحسب من عدد الطلقات، أما إذا كان مجمعاً على فساده فإنه يفسخ بغير طلاق، ومن ذلك العقد على امرأة في عدة الغير، أو العقد على محرمة من المحارم، أو العقد على خامسة وتحته أربعة، أو نحو ذلك من العقود المجمع على فسادها فإنها تفسخ بغير طلاق، وقد تقدم بيان ذلك في ص 17 وما بعدها.

- 2 - فسخ الحاكم بالغيب طلاق بائن، سواء طلق هو أو أمرها بأن تطلق نفسها إلا إذا كان مولياً وطلق عليه، فإن طلاق الحاكم في هذه الحالة يكون رجعياً، ومثله ما إذا طلق عليه الحاكم بسبب الإعسار عن دفع النفقة فإن طلاقه يكون رجعياً، وقد تقدم في صحيفة 167، وما بعدها.

- 3 - الردة طلاق بائن على المشهور، وقد تقدمت في مباحث الردة.

- 4 - الخلع، وهو طلاق صريح، كما تقدم في بابه.

- 5 - الطلاق الصريح، والكناية.

- 6 - الفرقة بسبب الإيلاء طلاق كالفرقة بسبب العيب، فيأمره القاضي بالطلاق أو يطلق عليه القاضي أو جماعة المسلمين.

أو يأمرها به فتطلق نفسها، ويحكم القاضي به أو يثبته طلاقاً على الخلاف المتقدم في الطلاق بالعيب، إلا أنه بائن في العيب ورجعي في الإيلاء إلا إذا طلق هو رجعياً.

- 7 - الفرقة بسبب الإعسار عن دفع الصداق أو دفع النفقة، فإن الحاكم يطلق عليه طلقة واحدة رجعية إن أبى عن تطليقها، أو يأمرها بأن تطلق نفسها ثم يحكم به كما تقدم، وتكون الفرقة فسخاً فيما يلي: أولاً: في العقد الفاسد المجمع على فساده، ومنه نكاح المتعة على المعتمد، لأنه مجمع على فساده بين الأئمة ومن قال بجوازه فقوله شاذ لا يعول عليه، ومن نظر إلى هذا القول قال إنه مختلف فيه، فالفرقة بسببه طلاق لا فسخ.

ثانياً: الفرقة بالرضاع.

فإنها فسخ بلا طلاق.

ثالثاً: الفرقة باللعان، فإنها توجب تأبيد التحريم، فلا يحل له أن يتزوجها بحال، فلا يعتبر ذلك طلاقاً، رابعاً: الفرقة بسبب السبي، فإنها تقطع علاقة الزوجية بين الزوجين، فإذا سبيت المرأة الحربية وهي كافرة وزوجها غير كافر فإنها تصير غير زوجة له فتحل لغيره بمجرد أن تحيض مرة، وقد تقدم توضيحه في صحيفة 196، وكذا إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين، فإن الفرقة بينهما فسخ بغير طلاق، وقد تقدم توضيحه في صحيفة 191.

الحنابلة - قالوا: الفرقة تارة تكون فسخاً.

وتارة تكون طلاقاً، فتكون فسخاً في أمور: منها الخلع إذا كان بغير لفظ الطلاق أو نيته، ومنها ردة أحد الزوجين.

ومنها الفرقة لعيب من العيوب المتقدمة في هذا الباب، ولا يفسخ إلا حاكم.

ومنها الفرقة بسبب إعساره عن دفع الصداق والنفقة ونحوها، ولا يفسخه إلا حاكم أيضاً، ومنها إسلام أحد الزوجين، وينفسخ نكاحهما إذا انقضت عدتها.

أما إذا أسلمت المرأة ثم أسلم زوجها وهي في العدة فإن نكاحهما يبقى، كما هو موضح في صحيفة 193، وما بعدها، أما فرقة الإيلاء فهي منوطة بالحاكم فإذا انقضت المدة، وهي أربعة أشهر ولم يطأ زوجته ولم تعطف عليه وطلبت من الحاكم طلاقها، فإنه يأمره بالطلاق، فإن أبى طلق عليه الحاكم واحدة أو ثلاثاً، أو فسخ العقد بدون طلاق، كما سيأتي إيضاحه في بابه، ومنها الفرقة بسبب اللعان فإن اللعان يوجب التحريم بينهما على التأبيد، ولو لم يحكم به القاضي بحيث لا تحل له بعد ذلك، وأم الفرقة بسبب الطلاق فهي ما كانت بألفاظ الطلاق صريحاً أو كناية، على الوجه المتقدم في مباحث الطلاق) .

# مباحث الرجعة

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0