الكبيرة التاسعة عشرة الغلول في الحرب
كتاب الحدود

فمن كان في الذنوب التي حرمها الله تعالى، لأن الله تعالى أمر عباده بعبادته أولاً، ثم أمرهم بعد عبادته بالإحسان إلى الوالدين وبرهما، وطاعتهما.
فقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً} وقال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً} فكما أن الشرك بالله تعالى وترك عبادته من أكبر الكبائر، كذلك ما قرن به وهو الإحسان إلى الوالدين فرض.
وعقوقهما من أكبر الكبائر التي نهى الله تعالى عنها، بل إن الرسول صلوات الله وسلامه عليه ذكر أن من أكبر الكبائر الشرك بالله، ثم أردفه بعقوق الوالدين، وقدمه على جميع الكبائر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس، واليمين الغموس" رواه الإمام البخاري في صحيحه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه" رواه البخاري ومسلم وروي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً، وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل، وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد" وقال صلوات الله وسلامه عليه: "الجنة تحت أقدام الأمهات" بل إن الله تعالى حرم دخول الجنة على عاق والديه، أو أحدهما، ثم مات قبل التوبة.
أو مات والده وهما عليه غير راضيين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر" بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على العاق لوالديه بالبعد عن رحمة الله.
فقد روي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احضروا المنبر، فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين فلما نزل قلنا: يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه؟ قال: إن جبريل عليه السلام عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، قلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال: بعد من أدرك أبويه الكبر عنده، أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، قلت: آمين" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
روي عن أنس رضي الله عنه قال: "ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، فقال: الشرك بالله، وعقوق الوالدين".
- ميدان القتال، وغنم من الأعداء شيئاً، أخفاه عمن معه، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر .
(الغلول هو إخفاء بعض غنائم الحرب، وهو من الذنوب الكبائر، روي أن المسلمين فقدوا قطيفة حمراء يوم بدر فقال بعض الناس: لعل رسول الله أخذها.
فأنزل الله تبارك وتعالى: {ما كان لنبي أن يغل، ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} قال ابن عباس: وما يبغي لنبي أن يخون ويخص نفسه بشيء، ثم قال تعالى: {ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} وهو تهديد شديد، ووعيد أكيد، وقد وردت السنة بالنهي عن هذه الكبيرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء، ينادي: يا محمد يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملاً له رغاء، يقول: يا محمد، يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة، يحمل فرساً له حمحمة، يناديك يا محمد، يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً، قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قسماً من أدم ينادي: يا محمد، يا محمد، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد بلغتك) .
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الوبرة من ظهر البعير من المغنم، ثم يقول: (ما لي فيه إلا مثل ما لأحدكم، إياكم والغلول، فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة، أدوا الخيط والمخيط، وما فوق ذلك، وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد في الحضر، والسفر، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، إنه لينجي الله به من الهم والغم، وأقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم) .
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ردوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار، ونار، ونار على أهله يوم القيامة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الحجر يرمى في جهنم فيهوي سبعين خريفاً ما يبلغ يوم القيامة) .
الحنفية والمالكية والشافعية قالوا: عقوبة الغال، الذي وجد مال من الغنائم في متاعه يعزره الإمام.
الحنابلة قالوا: عقوبة الغال أن يخرج رحله فيحرق بما فيه، ويجلد دون حد المملوك، ويحرم نصيبه من الغنائم، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من وجدتم في متاعه غلولاً فأحرقوه قال: وأحسبه قال: واضربوه) .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لما كان يوم خيبر اقبل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد، حتى أتوا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا إني رأيته في النار في بردة غلها، أو عباءة") .
What's Your Reaction?






