الإعجاز القرآني في منظومة آيات الربا في سورة الروم مع التطبيق على الأزمة المالية العالمية المعاصرة

الإعجاز القرآني في منظومة آيات الربا في سورة الروم مع التطبيق على الأزمة المالية العالمية المعاصرة

يعمل البحث هذا المنهج في التعرف على الإعجاز في آيات الربا في سورة الروم، ويستلزم علم المناسبة اعتبار كل آيات سورة الروم، ولكن مع التسليم بالصحة الكاملة لذلك إلا أنه لمقتضيات حجم بحث ومساحة زمنية له فإنه يقترح معايشة الآيات من 30 إلى 45، وقد اخترت هذه الآيات لأن معايشتها تكشف عن أنها تمثل منظومة كلية متكاملة.

يقول الله عز وجل: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{30} مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{32} وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ{33} لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{34} أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ{35} وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ{36} أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{37} فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{38} وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ{39} اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{40} ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{41} قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ{42} فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ{43} مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ{44} لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{45}.

ذكر الربا في الآية 39 ومعايشة الآيات 38 40 تبين أنها تشتمل على موضوعات تجمعها وحدة وتكون منظومة. والآيات 33-42 تشتمل على موضوعات تجمعها وحدة وتكون منظومة، وكذلك الآيات 30-45 تشتمل على موضوعات تجمعها وحدة واحدة وتكون منظومة. أفصل هذا الإجمالي فيما يلي.

أولاً: الآيات 38-40: المنظومة الأولي

تتحدث الآيات من 38-40 عن ثلاثة موضوعات: الإنفاق التكافلي والتنفير من الربا وأن الله هو الرازق. هذه الموضوعات الثلاثة مرتبطة ومتكاملة، مجتمع التكافل هو المجتمع الذي لا يتعامل بالربا لأنه نوع من الاستغلال وهذا المجتمع بهذه الخاصية يتحرك في حياته كلها وخاصة الاقتصادية على أن الله هو الرازق. وتأسيساً على هذا الفهم لهذه الآيات فإنها تكون منظومة متآلفة في موضوعاتها.

ثانياً: الآيات 33-42: المنظومة الثانية

تتحدث الآيات من 33-42 عن خمسة موضوعات: الموضوعات الثلاثة التي تتحدث عنها الآيات 38-40 وموضوعان جديدان. الموضوع الأول الجديد هو ما تتحدث عنه الآيات 33-37 وهذا الموضوع هو تقلبات أحوال الرزق وأن هذه التقلبات بسبب ما تقدمه أو تقوم به أيدى الناس. وهذا الموضوع يمثل تمهيداً وإعداداً ملائماً للموضوعات الثلاثة التي تتحدث عنها الآيات 38-40. الموضوع الثاني الجديد هو الموضوع الذي تتحدث عنه الآيتان 41-42 وهذا الموضوع هو ظهور الفساد في البر والبحر أي فساد شامل، وهذا الفساد ناتج من سلوك الناس وما يكتسبونه من أعمال سيئة يعاقبون عليها وأن هذا العقاب من الله سبحانه سنة من سننه. هذا الموضوع الجديد الثاني ملائم أن يكون ختاماً للموضوعات الأربعة التي تضمنتها الآيات 33-40 وتأسيساً على هذا الفهم لهذه الآيات فإنها تكون منظومة متآلفة في موضوعاتها.

ثالثاً: الآيات 30-45: المنظومة الثالثة

تتحدث الآيات 30-45 عن سبعة موضوعات؛ الموضوعات الخمسة التي تتحدث عنها الآيات 33-42 وموضوعان جديدان. الموضوع الجديد الأول هو الموضوع الذي تتحدث عنه الآيات 30-32 وهذا الموضوع هو إقامة الوجه لله وأن يصاحب ذلك أعمال تعبدية في الدنيا، هذا الموضوع على هذا النحو يعتبر المدخل الملائم والإعداد الصحيح للحديث عن الموضوعات الخمسة التي تجيء تالية لذلك (الآيات 33-42). والموضوع الجديد الثاني هو الذي تتحدث عنه الآيات 43-45 وهذا الموضوع هو الأمر بإقامة الوجه للدين القيم مع الحديث عن الآخرة وأنها دار جزاء. وهذا الموضوع على هذا النحو هو الختام الملائم للموضوعات الستة السابقة عليه، الآيات: 30-42.

رابعاً: الدلالة التي يحملها ربط الموضوعات السبعة للمنظومة الكلية

أحاول التعرف على الدلالة التي يحملها ربط موضوع الربا بالموضوعات الستة المذكورة في الآيات التي نعايشها. معرفة الدلالة المقصودة يلزم له معرفة المخاطبين بهذه الآيات عند نزولها. سورة الروم مكية، ويكون المخاطبون بهذه الآيات في مكة عند نزولها فريقين: المؤمنين الذين آمنوا برسالة الإسلام والمشركين الذين رفضوها.

  1. الموضوعات الستة تخاطب الفريقين، المسلم وغير المسلم وفي مجتمع ليس فيه للإسلام دولة أو سلطة سياسية. وهذه ملاءمة في موضوعات الخطاب.

  2. الموضوعات الستة تخاطب المجتمع المكي بفريقيه بموضوعات من طبيعتها أن يستجيب لها المخاطبون بفريقيهم، إنها تشمل التكافل الذي لا تتوسط فيه سلطة سياسية (الدولة)، وتقلبات الرزق، وأنها بيد الله والتخويف من الفساد في الأرض. وهذه ملاءمة في موضوعات الخطاب.

  3. الموضوعات الستة تخاطب الفطرة عند الفريقين، وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهذه ملاءمة في موضوعات الخطاب.

  4. يمكن القول إن الموضوعات الستة استوعبت العناصر المشتركة لمجتمع فيه مسلم وغير مسلم والتي تكون فاعلة ومؤثرة في خطاب هذا المجتمع عن موضوع الربا، وهذه ملاءمة.

  5. الموضوعات الستة تخاطب الفرد سواء مسلماً أو غير مسلم بما يقنعه عقلياً بأن الربا له أضراره ويكون الخير في اجتنابه.

  6. يمكن القول إن خطاب المجتمع المكي بفريقيه المسلم والمشرك بهذه الموضوعات الستة هو النموذج الأمثل في الخطاب. وهذا النموذج له أمثليته في خطاب أي مجتمع في أي زمان وفي أي مكان يكون مثل المجتمع المكي عند نزول آيات الربا في سورة الروم وهذا ينطبق على المجتمع العالمي المعاصر الآن.

خامساً: الإعجاز في آيات موضوع الربا - سورة الروم

أحاول اكتشف الإعجاز في الآيات التي عشنا فيها تأسيساً على المناقشة السابقة. هذه الآيات بالموضوعات التي تكلمت عنها تشكل منظومة، وهذه المنظومة بالموضوعات التي تكلمت عنها وبترتيب هذه الموضوعات وبالارتباطات القائمة بين هذه الموضوعات يعجز الإنسان أن يأتي بمثلها.

أعرض هذه المنظومة في لوحات بيانية وذلك لتجليتها بموضوعاتها وبترتيبها والارتباطات القائمة بينها وبيان عملها على موضوع الربا.

اللوحة البيانية (1) تعرض موضوعات منظومة آيات الربا في سورة الروم وترتيبها. الحديث عن الربا سبقه حديث عن ثلاثة موضوعات، وهذه الموضوعات الثلاث تجعل متلقي التنفير من الربا يقبله قبولاً مطلقاً ويتبين هذا من التحليل الآتي: الموضوع الأول يتضمن إقامة الوجه للدين باعتباره فطرة الله، والموضوع الثاني يتضمن الحديث عن تقلبات أحوال الرزق التي تصيب الإنسان بسبب ما يكتسبه بيده، أما الموضوع الثالث فيتحدث عن مجتمع التكافل. فهم الموضوعات الثلاث على هذا النحو يبين أن الإعداد اللازم والملائم لتلقي التنفير من الربا قد تم على أكفأ ما يكون. بعد التنفير من الربا تجيء ثلاثة موضوعات تكمل المتابعة للتنفير من الربا وتعالج المجتمع من آثاره، وهذه الموضوعات الثلاثة هي: الأول الإيمان بأن الله هو الخالص الرازق وهو لهذا عليم بما يصلح خلقه وهو لهذا له وحده حق التشريع، والثاني ظهور الفساد العام المسبب عما يكتسبه الناس بأيديهم وأن هذه الأمر مضطرد في جميع الأمم، أما الأمر الثالث والأخير فهو إقامة الوجه للدين مع بيان الجزاء في الآخرة. وعلى هذا النحو تستكمل المتابعة للتنفير من الربا.

اللوحة البيانية (2) تعرض ارتباطات من نوع جديد بين موضوعات منظومة آيات الربا في سوم الروم. هذه الارتباطات على النحو الآتي: الموضوع الأول يرتبط بالموضوع السابع ويتكامل معه؛ إن كلا منهما يتكلم عن إقامة الوجه للدين ويختص الأول بالإشارة إلى الأعمال التعبدية في الدنيا ويختص السابع بالإشارة إلى الجزاء في الآخرة.

الموضوع الثاني يرتبط ويتكامل مع الموضوع السادس لأن كلا منهما يتكلم عن تقلبات أحوال الرزق بسبب ما يكتسبه الإنسان بعمله، ولكن الثاني يتضمن إنذاراً بعقوبة وأما السادس فيبين العقوبة.

الموضوع الثالث يرتبط ويتكامل مع الموضوع الخامس، حيث أن الموضوع الثالث يتضمن الأمر بالتكافل أما الموضوع الخامس فيبين أن الله الذي أمر بالتكافل هو الخالق الرازق.

المنظومة التي تبينها اللوحة البيانية (2) بموضوعاتها وبالارتباطات القائمة بينها وبتفعيلها في موضوع التنفير من الربا يعجز الإنسان أن يأتي بمثلها.

اللوحة البيانية (3) هي إعادة للوحة البيانية (2) من حيث بيان موضوعات منظومة آيات الربا في سورة الروم والارتباطات القائمة بينها، وهذه اللوحة تعيد التأكيد على الإعجاز في منظومة آيات الربا في سورة الروم. وأحاول أن أكتشف الإعجاز في هذه المنظومة. الجديد في هذه اللوحة هو إعطاء عناوين للمنظومات الثلاثة. المنظومة الأولى العامة تبدأ وتنتهي بأمر عقيدي بحت والمنظومة الثانية تبدأ وتنتهي بأمر عقيدي اقتصادي بحت أما المنظومة الثالثة فتبدأ وتنتهي بأمر عقيدي اقتصادي.

ملاحظة أساسية

البحث الذي أقدمه عن الربا ولذلك أفهم الموضوعات من هذا المدخل ويستطيع أي إنسان أن يختار موضوعاً آخر بحيث تتشكل المنظومة وتتفاعل على نحو آخر. وهذه الملاحظة ترد على اعتراض قد يرد وهو أني جعلت موضوع الربا هو الموضوع الإرتكازي في الآيات. لقد جعلته كذلك لأنه موضوع بحثي. وأي باحث في موضوع آخر يجعل موضوعه هو الموضوع الارتكازي وفق المنظومة التي يتعامل معها.

سادساً: الربا مربوط إلى السوء الاقتصادي وفساد الحياة:

(محاولة لتفسير الأزمة الاقتصادية العالمية المعاصرة).

  1. قبل الحديث عن موضوع هذا العنوان وهو الربا مربوط إلى السوء الاقتصادي وفساد الحياة أرى ضرورة قول شيء عن كيف نفهم وقائع الحياة التي نعيشها وكيف نفسرها بالاستعانة بالقرآن الكريم. تعبير القرآن الكريم يجيء على نحو يستوعب معان متعددة كما يستوعب أزمانا متفاوتة كما يفسر وقائع متنوعة. نؤمن بالقرآن الكريم الذي هو كتاب الله عز وجل على هذا النحو وبهذا الفهم وتفعيلاً لهذا الفهم فإنه عندما يقع حدث في حياتنا المعاصرة ونجد في القرآن الكريم ما يفسره فلا يعترض علينا بأننا نتكلف في فهم القرآن الكريم أو نحمل آياته فوق ما تحتمل أو ننتظر وقوع حدث ونقول القرآن الكريم سبق بذلك. لقد ثبت أن القرآن الكريم استوعب أحداثاًَ وفسرها بل كان تفسير القرآن الكريم لها هو التفسير الصحيح المقبول بل إن الأمر لا يقف عند هذا الحد وإنما أخبر القرآن الكريم بأمور لم تكن قد حدثت ثم حدثت على نحو ما أخبر به القرآن الكريم. سورة الروم التي نعايش بعضاً من آياتها تضمنت شيئاً عن هذا الموضوع عندما أخبرت بنتيجة لحرب قادمة بين الفرس والروم وذلك قبل وقوعها. هذه الفكرة تُسَكّن في أحد أجه الإعجاز القرآني وهو الإخبار بأمور غيبية، بل إن هذه الفكرة تُسَكّن مع كل ما ثبت الآن من أوجه إعجاز علمي في القرآن الكريم في مجالات علوم الطب وعلوم الأرض وعلوم الفلك وغيرها.

  2. بعد بيان للفكرة التي عرضتها وتوظيفاتها أعود إلى سورة الروم والموضوع الذي أتكلم فيه وهو إعجاز القرآن الكريم في موضوع الربا. اللوحة البيانية رقم (4) تعرض الآية التي تتحدث عن الربا وآيات سابقة عليها وآيات تالية. منهج علم المناسبة الذي أعمله في هذا البحث يستلزم الربط بين موضوعات الآيات التي تتضمنها اللوحة (4). يعني ذلك أن موضوع الآيتين 36-37 وهو السوء الاقتصادي بمعناه العام والواسع مربوط إلى الربا وهذان الاثنان مربوطان إلى فساد الحياة بالمعنى العام وفيها الحياة الاقتصادية، (الآية41) وربطا بالموضوع الذي أتحدث فيه وهو الربا فإن له ارتباطه بالسوء الاقتصادي والفساد الاقتصادي.

  3. السوء الاقتصادي تدخل فيه أمور كثيرة، الفقر سوء اقتصادي، عدم العدالة في توزيع الدخول سوء اقتصادي، تقلبات الأمور الاقتصادية بين اليسر والعسر سوء اقتصادي. هذه أنواع من السوء الاقتصادي ربطها القرآن الكريم بالربا.

  4. فساد البر والبحر يتضمن أموراً اقتصادية، الاعتداء على الناس في أموالهم فساد اقتصادي، بخس الناس حقوقهم فساد اقتصادي، تعطيل الأداء الصحيح للاقتصاد فساد اقتصادي، تعريض الاقتصاد لتقلبات تضر بفئة من الناس فساد اقتصادي، إهمال الأخلاق سوء اقتصادي. هذه صور لفساد اقتصادي ربطها القرآن الكريم بالربا.

  5. مما سبق أتقدم إلى موضوع وأدعو الله مخلصاً أن يقبل الحديث فيه وهو ما يقوله القرآن الكريم عن العلاقة بين الربا والأزمة الاقتصادية العالمية المعاصرة. وما يقال عن ذلك يمكن تعميمه على كل الأزمات الاقتصادية. الأزمة الاقتصادية العالمية المعاصرة فيها كل أنواع السوء الاقتصادي التي ذكرتها وأكثر منها، وفيها كل أنواع الفساد الاقتصادي التي ذكرتها وأكثر منها. تأسيساً على ذلك فإنه يحق أن استنتج أن القرآن الكريم أخبر بأن الربا مربوط إلى الأزمة الاقتصادية التي تحمل كل السوء الاقتصادي الذي ذكر وكل الفساد الاقتصادي الذي ذكر.

  6. أصيغ ما سبق في الوجه الإعجازي التالي: القرآن الكريم أخبر بأن الربا يولد الأزمة الاقتصادية التي فيها سوء اقتصادي وفساد اقتصادي. وينطبق ذلك على الأزمة المالية العالمية المعاصرة ولذلك أقول إن القرآن الكريم أخبر بوقوع الأزمة المالية العالمية المعاصرة التي قام فيها الربا بدور رئيسي.

  7. اللوحة البيانية (5) توضح هذه الوجه الإعجازي للقرآن الكريم وهو الإخبار بوقوع الأزمة المالية العالمية المعاصرة (إخبار بغيب) وأوضح عناصر هذه اللوحة فيما يلي:

سوء المؤسسات المالية: المؤسسات المالية مصطلح يدخل فيه البنوك وشركات التأمين والأسواق المالية. كل الذين تكلموا عن الأزمة اعترفوا بأن هذه المؤسسات تتعامل بالفائدة الربوية وأن هذه الفائدة الربوية هي العامل الفاعل للأزمة.

سوء إدارة الاقتصاد: لكل نظام اقتصادي فلسفته التي تحكم طريقة إدارته للاقتصاد والأزمة المالية العالمية المعاصرة وقعت في بلاد تطبق النظام الرأسمالي. الفائدة الربوية من الآليات التي يدار بها الاقتصاد الرأسمالي.

تقلبات الأسواق بين اليسر والعسر: الأزمة المالية العالمية المعاصرة وقعت في اقتصادات رأسمالية كانت تشكو من التقلبات بين اليسر والعسر، ونظام الفائدة الربوية من حيث إدراته للادخار والاستثمار من العوامل الفاعلة على تقلبات الاقتصاد بين اليسر والعسر.

عدم اعتبار الأخـلاق: الأزمة المالية العالمية المعاصرة أجبرت أنصار الرأسمالية التي وقعت في إطارها الأزمة على الاعتراف بأن من أسباب الأزمة عدم اعتبار الأخلاق في الاقتصاد، وغياب الأخلاق فساد في البر والبحر.

تـــوقف الإنتـــــــاج: ترتب على الأزمة المالية العالمية المعاصرة توقف للإنتاج في قطاعات رئيسية وبالتالي تأثر الإنتاج ككل وهذا فساد اقتصادي.

البطــــــــالـــــــــة: أفقدت الأزمة المالية العالمية المعاصرة ملايين من العاملين وظائفهم وأصبحوا في بطالة مع كل الآثار السلبية التي تنتج عن البطالة وهذا فساد اقتصادي.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0